|
النبي إبراهيم .. تحليل نفسي ورؤية جديدة
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 1306 - 2005 / 9 / 3 - 08:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحليل نفسي وأنثروبولوجي المصادر المتوفرة الوحيدة عن هذه الشخصية الغريبة الأطوار هو العهد القديم ( التوراة )وكتاب المسلمين المقدس ( القرآن ) وبناء أثري قديم يعود للقرن السادس عشر قبل الميلاد هو بيت الله ( الكعبة )، وسنناقش بشكل عقلي ما حيك عنه من أساطير وردت في تلك الكتب المقدسة .. إبراهيم رجل سومري سكن مدينة أور جنوب العراق ( مدينة الناصرية حاليا ) ، عاصر سيطرة الإمبراطورية الحيثية الشمالية على أجزاء واسعة من بلاد بابل بعد انهيار سلالة بابل الأولى عام1595 قبل الميلاد وكان من أبرز ملوكها حمورابي المشرع العظيم ، ولا يعرف لحد الآن أكان إبراهيم سومري الأصل أم من القبائل الآمورية ( الكلدانية ) المهاجرة ؟؟ المهم ترك إبراهيم مدينة أور لكي يهاجر غربا نحو سوريا وهناك التقى مع القبائل الكنعانية ليتزوج منهم ( سارة )تلك السيدة الصعبة المزاج بعد ذلك ، ترك إبراهيم أرض كنعان ليهاجر مع زوجته إلى أرض مصر في عهد فراعنة السلالة الثامنة عشر الحديثة وهناك يدّعي بأن سارة أخته وليست زوجته وتمكث سارة في بيت فرعون لجمالها ، تتعرض أرض مصر لموجة جفاف ومجاعة ويخبر الكهنة فرعون بأن ضيوفه هم السبب ، وبعدها يرجع من مصر مع جارية سمراء أسمها ( هاجر ) وعند طريق العودة يتزوج من هاجر لينجب منها ولده البكر ( إسماعيل )، وعند أرض كنعان تحبل سارة لتنجب منه ولده ( إسحاق )، شبت بعد ذلك الكراهية والعداء بين هاجر وسارة ، طلبت زوجته الأولى منه بأبعاد هاجر وولدها من أرض كنعان كلها، يرحل جنوبا مع زوجته الثانية وولده الرضيع في أعماق صحراء غير مأهولة ألا من قبائل بدوية متناثرة هنا وهناك ، وبعد أن قطع مئات الأميال ترك زوجته وولده ليخبر هاجر بأن الله قد أمره بذلك ، تبقى هاجر مع ولدها دون رفيق بلا أكل ولا ماء ويعود إبراهيم لأحضان زوجته اللعوب سارة وتبقى هاجر مع ولدها وتجد عين ماء بطريق الصدفة لتستقر هي وولدها هناك ، وبعد سنوات يرجع إبراهيم إلى الصحراء باحثا عن زوجته وولده ليجد أن الأمور تغيرت قليلا بعض الخيم لعرب الصحراء تجمعوا حول تلك العين ومعهم هاجر وإسماعيل ، وبعد مدة يبني بيتاً مربع الشكل بطراز مختلف عن ما هو معاصر ويخبرهم بأن الله قد أمره بذلك .. مسألة الولد الذبيح تختلف في ما ورد في العهد القديم الذي يؤكد على أنه إسحاق وما يرويه محمد في قرأنه الذي يقسم فيه أنه إسماعيل وليس إسحاق ، ومن جانب أخر يخبرنا العهد القديم بأن لوط أبن أخ إبراهيم رافقه طوال رحلاته وأنفصل عنه بعد ذلك ليرحل إلى أرض سدوم ليجد هناك ثقافة الشذوذ الجنسي كحضارة .. يركز القرآن على الجوانب الفكرية عند إبراهيم والتي يعكس فيها فلسفة أصيلة وعقلانية نادرة الوجود في ذاك العصر مثلا في الآيات من 76 إلى 79 من سورة الأنعام نقرأ (( فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهديني ربي لأكونن من القوم الظالمين ، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم أني بريء مما تشركون، أنني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين )) تعكس لنا تلك الآيات المستوى الحقيقي لفلسفة إبراهيم في البحث بشكل عقلاني عن خالق للوجود سماه بــ ( الفاطر ) ونجد ما يشبه تلك الأفكار عند فلاسفة يونان عمالقة مثل سقراط وأفلاطون .. من الصعب جدا البحث عن هوية حقيقية لهذا الفيلسوف الكبير في ما ورد من أساطير متناقضة عنه مثلا : - لماذا أدعى في أرض مصر بأن سارة أخته وليست زوجته وتركها في بيت الحريم الخاص بفرعون ؟؟ - تبين لنا تلك الأساطير بأن سارة كانت متحكمة جدا على عقل إبراهيم وكان كاللعبة بيدها ؟؟ - لماذا ترك هاجر وولدها في عمق الصحراء للموت ؟؟ - بناءه لبيت الله بعد زيارته الثانية لهاجر وهذا البيت يشبه في فكرته برج بابل ، بناء صرح يكون مزارا لكل شعوب الأرض ؟؟ تلك التصرفات تتناقض مع شخصية نبي من الدرجة الأولى مثل إبراهيم ، ففي مصر تصرف مثل العاهر ليترك زوجته تنام في حضن فرعون ليسلم على حياته وماله ؟؟!! وعند الصحراء لا يتصرف مثل تصرفه مع هاجر وولده الرضيع فقط بربري متوحش ؟؟!! مع فائق احترامي الشديد للسيد إبراهيم .. وماذا كان يريد من بناء الكعبة ؟؟ هل هي فعلا بيت الله كما كان يدّعي ؟؟هل فكرة برج بابل قد سيطرت على عقله بهذه الدرجة ؟؟ هل أن الله الواحد القهار يريد أن يقضي فترة الشتاء في الصحراء العربية ؟؟!! السيد إسماعيل هو أبو العرب والسيد إسحاق هو أبو اليهود من الناحية الكلاسيكية فأذن نحن أولاد عمومة بيننا صلة قرابة من الدرجة الأولى ، ونحن نعرف جيدا ما معنى القرابة عند القبائل العربية التي تقدسها بشكل كبير فلماذا كل هذا العداء الذي ورد في العهد الجديد وقرآن محمد ؟؟ هناك حلقة مفقودة أليست كذلك ؟؟ نعود مرة أخرى لهذه الشخصية المعقدة التركيب التي قضت معظم أوقاتها بالترحال ، يمتلك هذا النبي رأي الشخصي ميولا شيوعية ولكن بشكل طوباوي ( فوضوي ) ويؤكد لنا القرآن ذلك في الآية الآتية نقرأ (( أن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين )) ما معنى أمة ؟؟وهناك أيضا في الكتاب المقدس دليل أخر مثلا ورد في سفر التكوين الإصحاح 17 في الآية 6 (( ولن يدعى أسمك بعد الآن إبرام بل يكون إبراهيم لأني أجعلك أبا لجمهور من الأمم )) ما مدى ترابط هذا النبي مع مفهوم الجمهورية الذي ورد في العهد القديم ؟؟ نادى إبراهيم في رسالته للبشرية بأسم الكل مثلما نادى توماس مور وماركس وغيرهم .. من هو السيد إبراهيم ؟؟ من الصعب الاعتماد على ما وردفي الكتب المقدسة كدليل للبحث عن هوية حقيقية لشخصية كان لها الأثر الكبير في تاريخ البشرية لكونها أدلة غير علمية وهو موضوع سنتناقش به في مقال أخر ، سنعتمد على الأثر الذي خلفه لنا وهو بناء الكعبة أو بيت الله الحرام ومن خلال ذلك سنحاول التعرف على ملامح بسيطة عن تلك الشخصية بواسطة التحليل النفسي لرموز ذاك البناء وكنت قد أطلعت فيما سبق على مناهج علم النفس المعماري لطلبة الهندسة المعمارية ، والآن رموز بيت الله أو بالأحرى البيت الذي كان يتعبد فيه إبراهيم : البيت بسيط غير متكلف مربع الشكل يحتوي على غرفة واحدة بباب واحد دون وجود أي شباك والسقف أفقي غير محدب أو مقوس بشكل حاد كما هو الحال في دور العبادة المعاصرة آنذاك كمثل الزقورات البابلية والأهرامات المصرية .. تعني تلك الرموز من الناحية النفسية أن صاحب التصميم شخص بسيط غير متكلف يؤمن بالمضمون أكثر من الشكل وكما يؤمن بأن الفطرة الأولى هي طريق الوصول لله ، والشكل المربع يدل عند اختياره على أن الشخص ميال عموما للعاطفية البريئة والشفافية بالتعامل مع الأمور عكس المثلث الذي يعكس حدة في الطباع والمزاج الصعب ، عدم وجود شباك يدل على الأنطوائية والعزلة عن المجتمع ، والسقف الأفقي هو بيت القصيد كما أعتقد ويكمن فيه السر العظيم وراء تلك الشخصية المجهولة فماذا يعني ؟؟ لم يكن السيد إبراهيم يعاني من أي كبت جنسي بشكل كامل ويعيش حياته باستقرار كبير منذ الطفولة وهو شيء نادر على حد ما أعتقد ، شكل الزقورة وشكل الهرم وشكل المساجد الإسلامية الحديثة وحتى الكنائس بشكل قليل كلها محدب بشكل حاد فماذا تشبه كلها ؟ شكل نهد امرأة ، دلالة على كبت جنسي في عمق اللاشعور الجمعي البشري .. أنا أسف جدا على هذا التحليل البسيط للبناء، لكوني لست متخصصا في علم النفس المعماري واعتذاري الشديد واحترامي البالغ للسيد إبراهيم .. إبراهيم الخليل
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسفة نانسي عجرم .. الحتمية تنهض من جديد
-
الشبح ؟؟.. تعريف باراسيكولوجي
-
نحو دين جديد .. أفكار وخواطر لمثقف مرهق
-
عالم ليس لنا .. عالم تسكنه البقر
-
جبرائيل ونبي وهلوسة
-
عن الماركسية العراقية وأشياء أخرى .. تحليل أنثربولوجي بسيط
-
دفاع عن السيد ابليس
-
باراسيكولوجية الحيوانات .. مدخل
-
عن اللاشعور الجمعي العربي/ مواصفات الشخصية العربية
-
رسالة من الأميرة ضبأ إلى جرذان الدين السياسي
-
نيتشه ومختارات من كتاب هكذا تكلم زارادشت
-
رسالة من نزار قباني للمرأة العربية
-
الشرنقة .. ماهو الموت ؟؟؟
-
بحث حول الغريزة
-
يوميات مثقف عراقي .. الجزء الثاني .. المرأة العراقية والوهم
...
-
الأليات الدفاعية النفسية .. مدخل
-
يوميات مثقف عراقي / الحلقة الأولى .. سوريالية أم عراقية
-
السريان .. حكاية حزن لاتنتهي
-
تعريف اللاشعور.. رحلة إلى بلاد العجائب
-
القائمة 169 ومنتخب البرازيل
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
-
حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان
-
دول عربية واسلامية ترحب بتوقف العدوان عن لبنان وتدعو الى توق
...
-
دول عربية واسلامية ترحب بتوقف العدوان على لبنان وتدعو لوقفه
...
-
مستوطنون يهود على حدود مصر يزعمون سماع أصوات تحت الأرض
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|