في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(20)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 18:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقول السيد النمري في مقطع من مقاله المتهافت:"ما الذي استدعى تروتسكي لأن ينظم مظاهرة في لينينغراد في الأول من أيار 1927 ترفع شعار " تسقط قيادة الحزب الشيوعي " !!؟ كيف لشخص ينادي الشعب لإسقاط قيادة الحزب التي هو أحد أعضائها خاصة وأنه يعلم تماماً أن لا أحداً يستطيع إسقاط قيادة الحزب غير المؤتمر العام التالي للحزب . ولما كان تروتسكي يعلم ذلك تمام العلم فإنه يعلم أيضاً أن مظاهرته الشهيرة تلك كانت تدعو الشعوب السوفياتية للإنتفاض ضد الحزب الشيوعي البلشفي ونجاوزه وهو ما ينحط لدرجة الخيانة العظمى ".
اولا:ليس ثمة مظاهرة جرت في آيار1927 وشارك تروتسكي فيها ياسيد نمري!!.فمن اين استقيت خبر تلك المظاهرة المزعومة؟!.حتما واحد من اثنين:خيالك المجنح المضطرب!واحداث وتاريخ مدرسة التزوير التي اجتزت مراحلها بتفوق انت وجوقة الاصوات الكورالية للاتباع الذين تلفت بوصلتهم الفاسدة ولازالوا يصرون على استخدامها!
هناك مظاهرتان فقط شارك فيهما تروتسكي عام1927،ولم تكونا لاضد الحزب!ولاضد الاتحاد السوفييتي!ولم يرفع في اي منهما شعار"تسقط قيادة الحزب الشيوعي"!.فلم خلط الاوراق،والقاء الكلام على عواهنه دون تمحيص للاحداث ياسيد نمري؟!.
لنقرأشيئا عن خلفيات تلك المظاهرتين:كثف ستالين من حملته المسعورة والظالمة ضد المعارضة،فشتت شمل الكثير من قيادييها الى خارج الاتحاد السوفييتي بأعمال دبلوماسية:فبياتاكوف،وبريوبرجنسكي،وكاسيور،انضموا الى راكوفسكي في السفارة السوفييتية في باريس،وعين كامينيف سفيرا في روما الفاشية!وارسل انطونوف-اوفسنكو الى براغ،وسافاروف القيادي الكومسمولي ارسل الى تركيا،واخرون ذهبوا الى المانيا وايران والنمسا وامريكا اللاتينية.هكذا ابعدت المعارضة عن موسكو!كما جرى فصل84قياديا،ونقل اداري متعسف لكوادر معارضة الى مقاطعات قصية وبعيدة عن المركز،وفي القواعد الحزبية تم طرد الآلاف من البلاشفة المناضلين،وارسالهم الى اماكن نائية ومجهولة دون مبرر!.كل هذا اثار سخط واحتجاج المعارضة على نفي وابعاد رفاقهم.ولكن ردة الفعل هذه المشروعة في الدفاع عن النفس،اعتبرتها كتلةستالين-بوخارين الحاكمة،جريمة تستحق القمع والانتقام!فأي رأي او حركة او صوت اعتراض او احتجاج كان يعامل كردة او عصيان،او دعوة للانشقاق وثورة مضادة!اي رفض كان يدخل في خانة التمرد او التخريب او الخروج عن الجوق المطبل للصوت الواحد!.فالستالينيون والبوخاريون كانوا يسعون لتشويه مطالب وآراء واقتراحات المعارضة المشروعة والصائبة،واظهارها بقالب التكتلية المحرمة،وشق وحدة الحزب البابوية!فأدنى حدث كان يدفع التكتل الحاكم الى اشهار سيف القمع،وتكميم الافواه،وسحق المعترضين!!.تلك كانت خلفية المظاهرة الاولى التي جرت في محطة ياروسلاف في موسكو.
ففي حزيران عام1927 تلقى سيملغا امرا بمغادرة موسكو ليتسلم عمله في خاباروفسك على الحدود المنشورية!.والمعروف عن سيملغا البلشفي القديم،وقائد اسطول البلطيق ابان انتفاضة اكتوبر المجيدة،والمفوض السياسي خلال الحرب الاهلية،والخبير الاقتصادي،الذي كان يتمتع بشعبية واحترام كبيران بين البلاشفة والحرس القديم.وفي يوم رحيله،خرج الآلاف من المعارضين الى محطة ياروسلاف لينددوا بالنفي الواضح لرفيقهم البلشفي سيملغا،وكانت الجماهير الحزبية،والقادة البلاشفة متوترة تغلي غضبا على قرار الابعاد.كانت المظاهرة غير مسبوقة،وجرت في مكان عام،وانضم اليها اناس عاديون ومسافرون عابرون،واصغوا للهتافات والشعارات التي كانت تزمجر بها حناجر المتظاهرين،واستمعوا بهدوء لخطابي:تروتسكي،وزينوفييف.وقد جسد وداع سيملغا اول مظاهرة علنية ضد الكتلة البيروقراطية الحاكمة والمسيطرة على الحزب.
كان خطاب تروتسكي متحفظا،ولم يتطرق للنزاعات داخل الحزب،ولا حتى لمبررات المظاهرة،واكتفى بالحديث عن الوضع الدولي وخطر الحرب،وعن الوفاء للحزب الذي يجب ان يتحلى به كل بلشفي صادق.-فأين الهتاف بسقوط الحزب الشيوعي يانمري؟!-.
ومع ذلك فقد اتهم ستالين كل من:تروتسكي،وزينوفييف،بأنهما نقلا الصراع من داخل الحزب الى خارجه!.وطوال الصيف استمرت تداعيات المظاهرة بالتفاعل..
اما المظاهرة الثانية:ففي7اكتوبر1927شاركت المعارضة باحتفالات ذكرى اكتوبر الخالدة،وتم تنظيم تلك المظاهرة بشكل منفصل عن الموكب الرسمي،وسارت بصفوف منتظمة ومنضبطة،ولم تعطي للتكتل الحاكم اي فرصة لاتهامها بالتحريض والعصيان،والخروج عن الحزب.وكانت عنواوين الشعارات واللافتات المرفوعة،هي:"فليسقط الكولاك،والنيبمان،والبيروقراطي"."الموت لللانتهازية"."نريد ان نرى وصية لينين"."فلنحل دون انفجار الحزب"."نعم للحفاظ على وحدة البلاشفة".ولم يكن بينها شعار"يسقط الحزب الشيوعي"!-فأين ذلك الشعار الداعي لاسقاط الحزب يانمري؟!-.
حاول بعض المتظاهرين رفع صور لتروتسكي وزينوفييف،ولكن ستالين كان بالمرصاد،فقد اتخذ اجراءاته لمنع ذلك،فقد شتتت الشرطة السرية القمعية جموع المتظاهرين.كانت الشعارات المرفوعة موجهة للحزب اكثر مما هي نداء للجماهير،وقد عبرت التظاهرة عن انضباط واخلاص المتظاهرين للحزب واكتوبر.ولكن المعارضة باتت حقا خارج الحزب،فقد كان يحال بينها وبين التعبير واللقاء بجماهير الحزب والقاعدة.لذا اطلقت ندائها خارج الحزب،ذلك النداء الذي كان نوعا من الاحتجاج والاعتراض السياسي ضد الزمرة الحاكمة،ولكن ذلك التجمهر لم يكن فعالا ولامجديا.فالتظاهرة كانت تبدو كخرق للانضباط الحزبي اكثر مما هي مناوئة لكتلة ستالين-بوخارين المهيمنة-ذلك السيف المصلت على الرقاب وكل رأي مختلف!-.كان موقف المعارضة مشلولا ومكبلا من جانبين:فمن جانب:كانت مجبرة على الالتزام بالضبط الحزبي.ومن جانب اخر:لم تستطع ان تفعل اكثر مما فعلته.وبلا تردد قمعها ستالين فورا.فكل عمل موجه ضده كان يعتبر عملا تحريضيا ضد الحزب!فقد ماهى ستالين بين الحزب وشخصه!فكلاهما واحد!واصبح هو الحزب!!.وفات اوان التغيير!.
ففي الرابع عشر من تشرين الثاني(اكتوبر)1927فصل تروتسكي من الحزب الشيوعي الروسي من قبل لجنة الرقابة المركزية-المحكمة التأديبية للحزب!-ومن هو مسؤولها؟!انه كوبيشيف المنشفي الاكثر حقارة الذي تبلشف،وصار جلادا لستالين!.-فكيف يقول النمري انه لايمكن اسقاط قيادة الحزب الا من قبل المؤتمر؟!-ان مسألة الشرعية الحزبية وبنود النظام الداخلي،كانت حبرا على ورق،ولعبة سخيفة مارسها ستالين،فقد كان يفعل مايشاء دون الرجوع لا الى المؤتمر ولا الى اللجنة المركزية،وهناك شواهد كثيرة تثبت انه كان يتخذ القرارات منفردا،ثم تضفى عليها المسحة الرسمية فيمابعد،فقد كان ستالين استثناءا وفوق قوانين الحزب والشرعية!!.وحل ليل الاعتقالات والنفي والتنكيل...
كتب يوفي القيادي البلشفي رسالة الى تروتسكي قبل انتحاره احتجاجا على طرد تروتسكي من الحزب يقول فيها:"انني مقتنع تمام الاقتناع ان موتي سيكون موت مناضل يؤمن بصحة الطريق الذي اخترتم ياليو دافيدفيتش..ففي السياسة لقد كنتم دائما على حق،والان اكثر من اي وقت مضى(وقد سمعت بأذني)لينين يعترف بأنه حتى في عام1905 انتم الذين كنتم على حق،وليس هو،والانسان لايكذب قبل الموت،لذلك سأقولها لكم مرة اخرى،الصلابة القصوى،الاستقامة الصارمة،والرفض القاطع للحلول الوسط هي التي تضمن نجاح حقيقتكم،هذا الحدث الصغير مقارنا بطردك-يقصد انتحاره،م.ا-هو بادرة احتجاج ضد اؤلئك الذين حولوا الحزب الى حال لم يعد في وسعه معها ان يرد بوجه ذلك العار،وسيوقظ الحزب ويحول دونه ومواصلة الطريق الى الترميدور..سيكون مماتي اكثر فائدة من حياتي".-ولكن ساعة اليقظة ضاعت الى الابد!-...
حضر جنازة يوفي عددا كبير من البلاشفة،واستمعوا للكلمات التي ابن فيها تروتسكي ،وراكوفسكي،وزينوفييف،وكامينيف ، وبقية من بلاشفة الحرس القديم،الرفيق الفقيد يوفي.وكانت كلمة تروتسكي التي قال فيها:"لقد غادرنا يوفي،ليس لانه لم يكن يريد مواصلة النضال،بل لانه لم يكن يتمتع بالقوة البدنية الضرورية للقيام بذلك،كان يخشى ان يغدو عبئا بالنسبة لاؤلئك الذين كانوا ينخرطون في المعركة،ان حياته لاانتحاره،هي التي ينبغي ان تكون مثالا يحتذيه اؤلئك الذين تركهم خلفه.النضال مستمر..وليبق كل في مركزه،لايغادرن احد ساحة المعركة".
كانت تلك الكلمات هي اخر كلمات يلقيها تروتسكي في الاتحاد السوفييتي،وكان اخر تجمهر علني للمعارضة.وبدأ الجميع بمغادرة ارض المعركة تباعا بين اعدا م وانتحار واستسلام ذليل!!فقد دعا زينوفييف وكامينيف ،واللذان استسلما بخنوع لستالين،تروتسكي:"لقد آن الاوان ياليف دافيدفيتش،والذي علينا ان تكون لدينا شجاعة الاستسلام".فرد تروتسكي عليهما:"اذا كان هذا النوع من الشجاعة،شجاعة الاستسلام،هو كل ماثمة حاجة اليه،كان ينبغي ان تكون الثورة انتصرت قبل وقت طويل في العالم اجمع".واصبح تروتسكي وحيدا!فقد ولى زمن البلاشفة الثوريين وحل عهد الاوغاد!!!...........
في المقال القادم نقرأفقرة اخرى من مقال النمري............
...............................................................
وعلى الاخاء نلتقي

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات