|
الإعلام المصري : شر البلية ما يبكي
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 15:22
المحور:
حقوق الانسان
نشرت صحيفة اليوم السابع المصرية ، في عددها الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2014 ، خبر القرار الذي اتخذته محكمة النقض ، بتخفيض الغرامة المستحقة على الملياردير المصري أحمد عز ، و ذلك من 100 مليون جنيه ، إلى 10 ملايين جنيه فقط ، و علقت الصحيفة على ذلك الخبر ، أن هذا القرار جاء بعدما قدم محاميي الدفاع عن أحمد عز ، مستندات ووثائق ، تثبت أن الحكم الأول مخالف ل (صحيح القانون ) ؟؟ أي أن الخزينة المصرية حرمت من 90 مليون جنيه وفق (صحيح القانون ) ، من رجل سرق البلاد لسنوات طويلة و ألقي القبض عليه أثناء ثورة يناير محاولا الهرب خارج الوطن ، و بحوزته 90 حقيبة محملة بالذهب و الدولارات ؟؟ و بعد حوالي الأسبوعين تقريبا ، و في نفس الجريدة ، نشر بتاريخ 9 ديسمبر 2014 ، خبر إلقاء أجهزة الأمن ، القبض على مجموعة قوادين للمثلية الجنسية ، و بحوزتهم مبالغ مالية هي على الترتيب ( 2100 جنيه و 300 جنيه و 400 جنيه ) أي مبالغ تترواح بين 30 يورو و 210 يورو ، و اعترف هؤلاء الأشخاص أن هذه المبالغ هي من عملهم في مجال الدعارة و إفساد أخلاق المجتمع ، كما ذكرت أن هذه المبالغ المالية قد تم التحفظ عليها ، و أودعت في مستندات القضية كعنصر اتهام و إدانه لهؤلاء الناس . طبعا يجب أن نشكر أيضا عناصر الأمن ، الذي سهروا من أجل المواطن المصري ، و لحفظ حقوقه و أخلاقه ، و استطاعوا بفضل جهودهم الجبارة كشف أوكار الفساد و التجارة غير النظيفة . و لكي تكتمل القصة ، فقد نشرت صور هؤلاء المجرمين أعداء الشعب و الفضيلة ، و هم شبه عراة إلا ما يستر أعضائهم الحساسة ، و خط أسود باهت جدا على عيونهم يظهر أكثر مما يخفي ، طبعا مع الشكر للإعلامية المصرية منى عراقي التي قامت بمجهود جبار أيضا في الكشف عن هؤلاء الناس. هنا فقط أود أن أطرح بعض الأسئلة : 1ـ المكان الذي ألقي فيه القبض على هؤلاء الناس هو حمام بخاري مرخص من قبل الدولة ، و يمارس عمله بشكل علني و ليس سري ، بدليل أن هناك صحفي استطاع الدخول إليه و مراقبة كل ما يجري بكل سهولة ، و هذا الحمام يقع في وسط مدينة القاهرة العاصمة ، فأين هي مسؤولية رجال الأمن الجنائي أو المراقبة المفترضة من قبل أجهزة الدولة على هذه الأماكن ؟ كيف أصبح مكان علني و مرخص و يقع في وسط العاصمة أن يتحول إلى وكر للدعارة ؟؟ مسؤولية من هذه التي جعلت من هذا المكان مقصد للأجانب و العرب دون أن يدري به أحد من المسؤولين عليه ؟ من كان يشرف على الرقابة الصحية لهذه الحمام و مطابقته للمعايير الصحية ومعرفة ما يجري بداخله ؟ هل الأمن المصري بحاجة لصحفية فضولية كي يعرف ماذا يجري بمكان يقع في وسط العاصمة ؟ ألا تحتاج هذه القضية لو كانوا بالفعل غيورين على (طهارة و عفة ) البلاد محاسبة مديري الأمن و الجهات المختصة ؟ أم أن رجال لأمن و المسؤولين أصحاب الملايين فوق الإتهام ، و من يلقى القبض عليهم هم فقط أصحاب الجنيهات القليلة ؟؟ 2 ـ هؤلاء الناس حولوا إلى القضاء ليقول فيهم كلمته ،فأي قانون بالعالم يسمح بنشر صور و أماكن سكن الناس قبل محاكمتهم ؟ و ليست مجرد صور عادية للوجوه ، بل هي لأجساد عارية دون أي مراعاة لحرمة الإنسان و جسده ، ألستم مدافيعن عن الطهارة و العفة ؟ أمن الطهارة و العفة نشر صور الناس و هم شبه عراة ووضعها على صفحات الجرائد و كيل الإتهامات لهم ؟ 3ـ هل وجود مبالغ مالية مثل 300 أو 400 جنيه تستدعي التحقيق مع الإنسان عن مصادر هذه الأموال و مصادرتها و وضعها في حوزة القضاء ؟ أليس من الطبيعي أن يحوي انسان راشد و عامل لمبلغ 400 جنيه ؟ هل يستدعي هذا المبلغ التحقيق معه ، أم تريدون الشعب كله معدم لتضعوا المزيد من الملايين في أرصدة مصاصي الدماء ؟ مبارك الذي يمتلك 70 مليار دولار حر طليق في قصوره المنتشرة في كل أنحاء العالم ، و من يمتلك 400 جنيه ، يقبع داخل السجون و معرض لكل أشكال الإهانة ؟؟ ثم تسألون بعد ذلك عن سر وجود الإرهاب في بلادنا ؟؟ 4 ـ لماذا نكذب على أنفسنا دائما ، مصر ككل الدول العربية ، مليئة بأماكن الدعارة و ممارسة الجنس ، المثلية و الغيرية ،و لا يكاد يخلو كباريه من أماكن مخصصة لممارسة الجنس مقابل المال ، و في مصر آلاف الكباريهات ، فلماذا محاولة التركيز الإعلامي على هذ المكان لتمتلئ صفحات الجرائد المصرية بهذا الخبر و كأنه استثناء أو حالة غير عادية و خارجة عن تقاليد مجتمعنا ؟؟ كل هذا فقط لأنكم تحتاجون لفرقعة إعلامية ؟ فلم تجدوا سوى هؤلاء المساكين كي تتسلوا بهم في إعلامكم ؟ هل لأنهم فقراء و يملكون في جيوبهم فقط عدة مئات من الجنيهات تتسابقون لملئ صفحات جرئدكم عنهم ؟ كونوا مطمئنين ، فمصاصي دماء الشعب لن يقصدوا هذا المكان ، فهم يفعلون نفس الممارسات لكن في لندن و باريس ، و ربما أيضا في شقق فخمة في المعادي و المهندسين ، و في أماكن لن تتجرؤوا على الإقتراب منها . أسفي على مساكين بلادنا العربية ، لا قانون يحميهم ، و لا منظمات حقوقية تطالب بحقوقهم ، هم معرضين لكل أشكال الإيذاء ، و ما زاد الطين بلة هو التطور الإعلامي ، و تعدد القنوات الفضائية ، و حاجة هذه القنوات الى فرقعات تملئ بها صفحاتها و ساعات بثها ، فلم تجد سوى غلابة و فقراء البلاد كي يتحولوا إلى وقود تشعل بهم ماكينة البث هذه . كنا نقول سابقا أن شر البلية ما يضحك ، لكن حتى الضحك أصبحنا عاجزين عنه ، ففي بلادنا ، شر الأمور أصبح يدمي قلوبنا و عيوننا .
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقوط الإعلام المصري : برنامج المستخبي نموذجا
-
فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة
-
للأسف يا سعد الدين ابراهيم
-
لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث
-
أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
-
المجتمع السوري و التطرف
-
الثورة : نشوة الجسد و التعري
-
نحن جيل الهزيمة
-
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
المزيد.....
-
وزير الخارجية الايراني: لن يتحقق السلام والامن في المنطقة ما
...
-
اللاجئون السودانيون في مصر.. صعوبات تعرقل تسجيل أطفالهم بالم
...
-
لافروف يلتقي غوتيريش على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم
...
-
زعيم هايتي في موقف محرج أثناء محاولته شرب الماء خلال خطابه ف
...
-
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أمام الجمعية العامة
...
-
رئيس الوزراء العراقي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: ايقا
...
-
رئيس الوزراء العراقي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: مجلس
...
-
-لا يمكن لهذا الجنون أن يستمر-.. عباس يحث الأمم المتحدة على
...
-
وزير البيئة اللبناني: أعداد النازحين تتجاوز 250 ألفا
-
أبو مازن أمام الجمعية العامة: إسرائيل لا تستحق العضوية في ال
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|