|
معالم الدولة القوية
علي زايد
الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 21:54
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
مما لا شك فيه أن ما شهده الشارع المصرى منذ أحداث ثورة 30 يونيو 2013 من أعمال عنف ، شغب ، قتل ، تخريب للمتلكات العامة والخاصة وتعطيل المواصلات العامة وتعطيل المرور وإحداث حال من الارتباك فى الشارع المصرى وما زال موجودا ولكن بشكل أقل بكثير ، وما تشهده بعض الجامعات المصرية مع بداية العام الدراسى الجديد (2014/2015) من أعمال شغب من فئة قليلة جداً ، فى محاولة احداث حالة من الارتباك داخل الجامعة وتعطيل الدراسة بها ، وغيرها من المشاهد اليومية التى نستيقظ عليها التى تحدث ترويع للآمنين من أبناء هذا الشعب وكذلك تكدير السلم العام وتعريض حياة المواطنين للخطر . كل هذا لهو خير شاهد على أيدى الدولة المرتعشة فى الحسم والفصل فى مثل كل هذه الأمور وتطبيق القانون على كل ما يقوم بالتحريض والمساعدة فى قيام مثل هذه الأعمال التخريبية وانتشار العنف والارهاب ، فدائما ارادة الدولة فوق ارادة الأفراد فى تطبيق القانون تطبيقا صحيحا غير منحرف أو مستبد وغير محققاً لغرضه . فكل ما يشهده الشارع المصرى من ارتباك تسببت فيه جماعة لا تريد أن تدرك أنها أخطأت فى حق الشعب والوطن ، فهى جماعة لا تؤمن لا بالوطن وإنما تؤمن بالتنظيم وأفكاره وهنا ولا أتحدث تأييداً لفريق على آخر أو طائفة على أخرى ولا استخدام القانون وتطبيقه على فئة دون الآخرى ولكن كل ما يخالف أحكام القانون ولا ينصاع لأوامره يتم التعامل معه بشكل سريع وفورى. وقيام الدولة بتطبيق القانون على من يخرب ويحرق ويقتل ويروع ويمارس الارهاب لا يعنى أن الدولة تعتدى على حريات الأفراد فى التعبير عن أرائهم وتوجهاتهم السياسية ، فلكل مواطن الحق فى التعبير والتظاهر بشكل سلمى حضارى وتوضيح وجهات نظرهم تجاه ما تقوم به الدولة من سياسات ولكن كل ذلك مشروط ولابد أن يكون فى إطار من القانون والسلمية . فكل من يقوم بالعنف ويحرض عليه هو بوصف القانون متهم جنائيا لابد من معاقبته على كل هذه الأفعال التى لا تقدم حلول حقيقية للمجتمع وللدولة ، فإذا ما غابت ارادة الدولة حلت محلها ارادة الأفراد وبالتالى يتحول المجتمع إلى ساحات من المعارك والاقتتال الاهلى بين أفرداه ويكون المصير النهائى للدولة هو الانهيار التام بكل مؤسساتها . فكما يقول علماء الاجتماع أن الدولة هى الوحيدة القادرة التى تستطيع أن تمارس العنف تجاه الأفراد وذلك من أجل ضبط سلوكهم فى المجتمع وليس المقصود هنا بالعنف - هو العنف المادى وإنما تغليب ارادة الدولة على ارادة أفرادها لكى ينصاعوا لقوانينها وأوامرها . وما تقوم به الدولة لابد أن يكون له ما يبرره . فالدولة القوية هى التى تظهر شخصيتها فى مثل هذه الظروف الصعبة والمختلفة من تاريخها بما يحقق للمواطنين الآمن والاستقرار العام ويحس الفرد بالطمأنينة والسكينة والتنقل بشكل يحسسه بالراحة ويأمن على أولاده وعلى بيته وعمله. وتتمثل معالم الدولة القوية من وجهة نظرى فى ثلاث أمور هامة ألا وهى : أولا :- تحقيق الامن الداخلى والخارجى للدولة . ثانيا:- تطبيق مبدأ سيادة القانون . ثالثا:- تحقيق العدالة الناجزة . أولا:- إن من الواجبات الأولى للدولة هو تحقيق الامن الداخلى بالدولة والمتمثل فى أكثر من نقطة: - الحد من ارتكاب الجريمة بالمجتمع عن طريق اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لمنع ارتكاب الجريمة ، وفى نفس الوقت سرعة ضبط مرتكبى الجرائم وتقديمهم للمحاكمات الجنائية العاجلة. - القضاء على ظاهرة البلطجة بكافة أشكالها التى استشرت بالمجتمع وعلى الاخص بعد أحداث الثورة الاولى ( 25 يناير 2011) وكذا الثورة الثانية فى (30 يونيو 2013) - القضاء على ظاهرة التعدى على أملاك الدولة والتى منها وأشهرها البناء على الأراضى الزراعية ، إلى أن أصبحت الرقعة الزراعية الآن مهددة بالفناء ، وراح ضحية ذلك العديد من أجود الاراضى الزراعية. - الحد من ارتكاب اعمال العنف والتفجيرات التى يمارسها عدد من الارهابيين والتى راح ضحية ذلك ومازال عدد كبير من الابرياء سواء من المدنيين او أفراد القوات المسلحة والشرطة. - أما عن الشق الثانى من تحقيق الامن ألا وهو تحقيق الدولة للأمن الخارجى وذلك مع دول الجوار وتأمين كافة حدودها وعلى الاخص الحدود الغربية مع دولة ليبيا وكذلك الوضع الحالى فى سيناء . فتتعرض الدولة المصرية من ناحية حدودها الغربية ( مع ليبيا) إلى مخاطر حقيقية وذلك منذ سقوط النظام فى ليبيا من خلال التهريب المستمر للسلاح داخل الدولة المصرية ، هذا فضلا عن تهديد بعض الميلشيات المسلحة والمتناحرة على السلطة من ناحية والتى تستخدم لتحقيق مصالح امريكية واوروبية فى المنطقة من ناحية أخرى إلى الدخول إلى الحدود المصرية والدخول فى مواجهات مباشرة مع القوات المسلحة المصرية وأفراد الشرطة المدنية ، هذا فضلا عن ظهور تنظيمات داعش الارهابية التى ظهرت فى سوريا والعراق تحت شعار الدولة الاسلامية فى الشام والعراق والحرب بأسم الدين والشريعة وقتل كل من يخالفهم أو يرفض الانضمام لتنظيماتهم الارهابية التى تقتل وتدمر كل شئ ، فكل ذلك يمثل خطرا عظيماً على أمننا القومى سواء الداخلى أو الخارجى . ثانيا:- أما عن تحقيق سيادة القانون ، ويقصد بمبدأ سيادة القانون عند فقهاء القانون هو تطبيق أحكام القانون على الحاكم والمحكوم ، وكذلك خضوع مؤسسات الدولة كافة لأحكام القانون ، اى أنه لا فرق فى تطبيق أحكامه بين كافة أفراد المجتمع وهو ما يتحقق معه العدل التام ويولد شعوراً عاما لدى الجميع بتحقيق العدالة الحقيقية، ويرسخ دائما فى الاذهان أن كل من يخطئ فسوف يعاقب على خطئه وأصبح الجميع أمام القانون سواء . ثالثا: أما عن تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا المعروضة ، أن تحقيق العدالة امره متروك للقضاء وحده فهو وحده المنوط به تحقيق العدالة بين بنى البشر وذلك لما يعرض امامه من قضايا، فالقضاء ملقى على كاهلة مهام ثقيلة تتمثل ابرزها فى حجم القضايا المرفوعة أمام المحاكم المختلفة وخاصة بعد احداث الثورة المصرية وظهور عدد كبيرجداً من قضايا الفساد والرشاوى واختلاس الاموال العامة فضلا عن قضايا قتل المتظاهرين إبان احداث ثورة 25 يناير 2011م والتى مازالت مستمرة حتى هذه اللحظة، والمقصود هنا بمصطلح العدالة الناجزة هو سرعة الفصل فى عدد القضايا المعروضة امام المحاكم باختلاف أنواعها وذلك دون الاخلال بحق الدفاع فى إبداء كافة الدفوع الشكلية والموضوعية ، وأن تتيح لهم المحكمة تقديم تللك الدفوع وعلى المحكمة أن تناقشها وتحللها وتضمينها لمحاضر الجلسات حتى تتمكن المحكمة من تكوين عقيدتها للفصل فى القضايا المعروضة أمامها . فهناك العديد من القضايا المعروضة أمام القضاء لا تثير أى لبس أو غموض فى تحديد مرتكبى بعض من هذه الجرائم ، وهناك اعترافات مكتوبة مسجلة بمحاضر تحقيقات النيابة العامة من بعض المتهمين بارتكاب بعض الجرائم المعروضة على القضاء ، فوجود مثل هذه الاعترافات من قبل المتهمين وكذلك وجود الادلة المادية الواضحة والصريحة والتى تطمئن إليها المحكمة وأيضاً بعض من شهادات الشهود . كل ذلك يؤدى بنا فى النهاية إلى القول بضرورة سرعة الفصل فى الكم الهائل من القضايا حتى يتمكن القضاء من إحقاق الحق لأصحابه أولا، توقيع الجزاء المناسب والرادع على مرتكبى هذه الجرائم ثانياً . وفى النهاية يمكن القول أن بتحقيق ما سبق الاشارة إلية تتحقق مصطلح الدولة القوية التى نقصدها هنا دولة تتيح الحرية للجميع فى التعبير والرأى ولكن دون تجاوز أو تطاول ، دولة ينعم الجميع فيها بالأمن والأمان والاستقرار وكذلك خضوع الجميع لأحكام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو اللغة . فنحن نريد أن نكون دولة قوية بشبابها وعلمائها وفلاحيها وصناعها ورجال أعمالها وحكومتها فبالتكاتف يصنع المستقبل الذى نرجوه من الله مشرقا لبلدنا الغالية مصر .
#علي_زايد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|