|
الميول الانثوية عند الرجال.. بين الرغبة والدفاع
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1306 - 2005 / 9 / 3 - 10:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اذا اردنا ان نتوقف قليلا عند بعض المظاهر السلوكية التي يمارسها الكثير من افراد المجتمعات الانسانية في ارجاء العالم المختلفة والتي ينظر اليها على وفق معيار الثقافة السائدة في ذاك المجتمع او هذا، نجد انها ظاهرة التشبه بالاناث وهي الظاهرة السائدة في هذه المجتمعات المتحضرة منها والمتخلفة ايضاً،هذه الظاهرة هي غلبة الميول الانثوية لدى بعض الرجال، حتى باتت تظهر بشكل واضح من حركاتهم او نبرات صوتهم وحديثهم او ملابسهم او حتى افعالهم المعلنة او المخفية.انها نظرية الجنسية الثنائية في اقوى صورها اي بمعنى ادق(مخ امرأة في جسم رجل)انه ميلا جنسياً وسلوكياً وتفكيريا ثنائياً يتدخل بالنسبة لهؤلاء الناس وان كنا لا نعرف على اي اساس من البناء التشريحي يقوم هذا الميل رغم ان الواقع يدلنا على حقائق دامغة بأن هؤلاء الرجال لا يختلفون عن الاخرين فسيولوجياً ولكنهم اختلفوا عنهم سلوكياً ونفسياً وتفكيراً لذا تؤكد ادبيات علم النفس ان الشخص غير السوي عقلياً سواء كان ذلك من الناحية الاجتماعية او الاخلاقية يكون دائماً ابداً غير سوي في حياته الجنسية كذلك،وتشير ايضا هذه الادبيات بقولها:بيد ان كثيرا من الناس يكونون غير اسوياء في حياتهم الجنسية وان اقتربوا من السوية في كافة الجوانب الاخرى وذلك بعد ان مروا مثل غيرهم بعملية النمو الحضاري الانساني حيث ما تزال الجنسية هي نقطة الضعف. ان الحياة باجمعها قائمة على اساس مبدأ اللذة والالم ،هذا المبدأ الذي يرى ان ما يقوم به الانسان من افعال يحقق فيها ذاته يصاحبها الالم لكي يصل الى اللذة ولا نتحدث هنا اللذة الجنسية فقط وانما كل ما يتم تحقيقه من اهداف وعليه يقول علماء النفس ان كل سلوك يرجع في اصله الى حالة توتر مؤلم ويهدف الى الوصول الى خفض هذا التوتر مع تجنب الالم وتحصيل اللذة ان امكن تحصيلها،اما في موضوعنا هذا فنتحدث عن سيادة الانوثة في سلوك الذكور وافعالهم وحتى رغباتهم الجنسية،وقد اثبتت دراسات الاختبارات النفسية الفرعية في مقياس الشخصية المتعددة الاوجه ان الرجال ذوي الدرجات المرتفعة يكونون منحرفين جنسياً بصورة ظاهرة او مكبوتة،وربطت الدراسة ذلك بوجود السمة العامة للاهتمام،وأكد مقياس الشخصية المتعددة الاوجه ايضاً يحتمل ان يكونوا هؤلاء الرجال جنسيين مثليين الى حدما،ويزداد الاحتمال في ان يكون لهم خبرة جنسية مثلية مباشرة. يقول سيجموند فرويد ان تلك الميول ذات دافع غريزي جزئي مصدره الرغبة،يدخل اصلا في تكوين الفعل الجنسي السوي-الاتصال الجنسي باحد افراد الجنس الاخر وما يصاحب ذلك من مقدمات- ولكنه دافع استقل بذاته وحل محل الفعل الاصلي واصبح بذلك الوسيلة الوحيدة للاشباع الجنسي،ومن ناحية الرغبة التي تعتري هؤلاء البعض،فأنها تدل على تغير يطرأ على السير السوي الجنسي من حيث الموضوع الجنسي –الشخص الذي يصدر عنه الجذب الجنسي- ومن حيث الهدف الجنسي اي الفعل الذي ترمي اليه الغريزة ويقول د.علي كمال يمكن ان يكون هذا السلوك في موضوع الممارسة او في طريقها،ويضيف كمال مهما كانت اسباب النشوء فأن معظم الباحثين يتفقون على ثلاثة امور:
- اولها: عدم العثور على اسباب بايولوجية تفسر ذلك،فليس هنالك من ارتباط بين هذه الظاهرة وبين اي عامل وراثي او هرموني يمكن اثبات وجوده - ثانيا: ان هذه الظاهرة تبدأ جذورها عادة في تجارب الطفولة والمراهقة وتتطور بعد ذلك بفعل التعلم والتقليد - ان الغالبية العظمى ممن يمارسونها او تستهويهم من الذكور رغم وجود اقلية من الاناث في صورة اخرى(المرأة المسترجلة) من المعروف علمياً ان التمييز القاطع بين سمات الذكورة والانوثة لا يتم الا في البلوغ لا من حيث التشريح او التكوين بل من حيث الرغبة واعلانها،وتتفاوت مديات هذه الرغبة بين الشدة والاعتدال والبرود،فنجد بعض الرجال يميلون الى الرغبة القوية في الممارسة والبعض الاخر تتسامى لدية هذه الرغبة حتى يحولها الى موضوعات نافعة يكتسب من خلالها المهارات الجديدة وكما هو الحال عند الاناث ايضاً،وتؤكد لنا دراسات التحليل النفسي ان من اليسير التعرف على الاستعدادات الذكرية والانثوية في الطفولة،وان انواع الكف الجنسي(الحياء والاشمئزاز والشفقة..الخ)لتنمو لدى صغار البنات قبل نموها لدى الذكور كما انها تواجه لديهن مقاومة اقل،وبيد ان الميل الى الكبت الجنسي اعظم على وجه العموم.وتؤكد نظرية التحليل النفسي ان مسألة العثور على موضوع الجنس واختياره كرغبة تتقبلها الذات هي المسألة الموضوعة على المحك في مرحلة المراهقة،فبينما ترسي عمليات المراهقة اولوية المنطقة التناسلية ويشير قضيب الرجل باصرار –وقد اصبح قادراً على الانتصاب – الى الهدف الجنسي الجديد وهو الدخول في تجويف من الجسم يستثير منطقة شهوية،يتم العثور على الموضوع من الناحية النفسية عثوراً اعدت له العدة،ولما كان الاشباع الجنسي في اولى خبراته يعتمد على تقبل الموضوع الآخر امرأة(انثى)كما هو المعتاد لدى الاسوياء جميعاً فأن هذه الشريحة لا تستعيد العلاقة مع الآخر(الانثى)بشكل سوي،فثمة اسباب وجيهه تجعل هذا النموذج الطبيعي غير مرغوب فيه لكل علاقة حب،وانما العثور على موضوع آخر بديل يمكن استعادته من الواقع،وكلما اقتربنا من الاضطرابات الاعمق في النمو الجنسي النفسي تبدت اهمية اختيار الموضوع ضمن الرغبة الحقيقية في الاختيار،ليس الانثى كموضوع رغبة وانما بديل آخر،ويظل هؤلاء جزء كبير من نشاطهم الجنسي النفسي الموجه للعثور على الموضوع او كله في اللاشعور نتيجة لانتباذهم الجنسية مع المرأة وهكذا تنشأ لديهم علاقة عدائية بجنس الانثى حتى تؤثر في اختيار الموضوع تأثيراً حاسماً في اتجاه ما يعتبر سوياً كما يراه هؤلاء البعض من الرجال. ان الميول الانثوية لدى الذكور في الواقع هي عدم التوافق بين ما يشعر به الفرد من هويته الجنسية وبين الواقع الفعلي(الجسمي)لهذه الهوية،انه يرفضها رفضا قاطعاً فهو لا يظهر على صورة او درجة واحدة بل هو مسار وسعي متواصل لا شعوريا،ورغبة في التغيير لذا يتسم بميل الى الالفة او التشبه او الاستجابة بصورة تقترب الى الجنس الآخر ويحاول التمثل به مع اعترافه بانه ينتمي الى الجنس الذي هو عليه وقد يصل الامر في درجات التطرف العليا بالميل الانثوي لدى الذكور بالانكار لواقعه الجنسي الفعلي وربما كانت رغبة البعض غير المعلنة او المعلنة الى تغيير جنسه الى الجنس الآخر،وكثيرا ما عرضت علينا شاشات التلفزيون والفضائيات او ما تناولته الصحف اليومية والمجلات العلمية ان البعض نجح فعلا في تغيير جنسه بايولوجياً واصبح ينتمي الى الجنس الآخر حتى عدت هذه الحالة هي الدرجة الاشد من اضطراب الهوية الجنسية. ان محاكاة الرجال للاناث في طريقة التحدث والحركات والزينة والملبس هو في الحقيقة رغبة معلنة في رفض الهوية الجنسية التي هم عليها،فشعورهم بالانتماء الى الجنس المعاكس يعكس مدى مشاعرهم الداخلية،وهو بنفس الوقت يصفون انفسهم بانهم يملكون هوية جنسية مخالفة لمشاعرهم وبأن هذه المشاعر محبوسة في جسدهم التشريحي ويظل همهم المسيطر على حياتهم هو كيف يحول هويتهم ويتخلصون من هذا التوتر.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجنس..الرغبة والدفاع
-
التوافق الديني..ونقيضه
-
التوافق والصحة النفسية
-
الضغوط النفسية ونتائجها المرضية
-
الحاجة للآخر ..ضرورة!!
-
القلق وقرحة المعدة
-
الطفل بين القبول والرفض والرفض في الاسرة
-
الطفولة والتلقائية
-
تحرير المرأة وتحرير المجانين
-
لغز القلق
-
اٍعرف المسالمة، ترفض العنف
-
التفاؤل والتشاؤم بين الصحة ونقيضها
-
التعصب والتصلب في الرأي وعلاقتهما بالمرض النفسي
-
هل تخفي شخصياتنا افعالنا ام العكس؟
-
مهارة اللاعنف..مهارة الالفة والصداقة
-
التكامل النفسي بين الواقعية والمثالية
-
نحن واضطرابات العصر(الاضطرابات النفسجسمية)سيكوسوماتيك
-
تفجير النفس بين التعصب والاكتئاب
-
الصراع النفسي ..ديالكتيك الهم الانساني
-
هل يتراجع العراقيون عن قيم التسامح والمودة!!
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|