|
البؤساء تعيد نفسها في مصر،عبد المسيح مثالاً
شوكت جميل
الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 20:48
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
أكتب هذه الكلمات إلى "وطنٍ يحكم على صبي جائعٍ،أختلس خمسة أرغفة، بالسجن عاماً،و على من أختلسه بأكمله ثلاثين عاماً بالبراءة!". .................... فلمّا فرغت من هذا المقال و هذه الكلمات الثقيلة،توقفت ملياً على أي من محاور الموضوعات عساني أرسله؟،أحقوق الأطفال و الشبيبة؟ أم حقوق الإنسان؟ أم اليسار و التحرر و القوى الإنسانية في العالم؟ أم الأبحاث الاشتراكية و اليسارية و الشيوعية؟أم المواضيع و الأبحاث السياسية؟أم الكتابات الساخرة؟....فوجدت أنه يصلح لها جميعاً،و يقبع في الجذر و الأساس الواحد لكل هذه المحاور؛ربّما لأنه يعنى أول ما يعنى بالاقتصاد،و ما أدراك بالاقتصاد من مشكّلٍ لحياة الناس المادية و المعنوية،و ناحتٍ للعلاقات فيما بينهم و لقيمهم الروحية،أو قلْ مشكلاً للمجتمع بأكمله،بكافة أبنيته الفوقية. و كان من الأمر،أن لامني أحد الأصدقاء أشد اللوم على عبارةٍ وردت بمقالي السابق في مجرى الحديث عن الاقتصاد المصري إذ قلت:(..فكان الأمر بمثابة نزع كسرة الخبز الجافة من أيدي الجائعين،لتحسين الكافيار على مائدة المترفين)،و رماني بالمبالغة و التشنيع و الميل إلى "الميلودراما"،و أني أتلبس بلباس"فيكتور هجو" في رواية"البائسين"،و أن مثل هذه الوحشية لم يعد لها مكاناً في عالمنا الآن،و أن مصر "لا ينام بها أحدٌ جائع" كما يقولون،و أني في عوزٍ"للوطنية"فاجهر بهذا القول!..فابتسمت و إمعاناً في المشاكسة استعرت نفس كلمات "فيكتور هجو" الذي قدم بها روايته العظيمة في الرد على صاحبنا:(تولد العلاقات و القوانين في فرنسا بيئةً اجتماعيةً هي لونٌ من ألوان الجحيم الأرضي،فطالما كان لا مبالاة و فقر على الأرض؛كان لزاماً أن يُكْتَب كتابٌ كهذا).
و حقيقة الأمر،لم يتصل الوقت طويلاً،حتى رد "الواقع المادي"على غريمي رده البليغ،ردّ برواية مصريةٍ محضة على منوال حدث بالفعل! فلم يكن البطل"جان فالجان"هوجو،الذي أمضى نصف حياة سجناً لسرقة قليلٍ من الخبز،و أمضى نصفها الأخر هرباً من جريمته الشنعاء...أقول،كان بطلها مصرياً صبياً لم يتخطَ العاشرة من العمر!.
"عبد المسيح عزت"هذا اسمه_كما ورد بالصحف المصرية_،و يتبع مركز الفشن،محافظة بني سويف جنوبي القاهرة العامرة،أما مهنته فليست تلميذاً،و إنما عامل في مخبز بلدي،و يبدو أن شأن هذا الجبار العتي ليس كشأن أترابه من الصبية،فقد ورث عن أجداده من الأبالسة و المردة طبيعتهم النارية و مزاجهم العكر؛فعزف عن التعلم و اللعب و قاعات الدرس إلى لهب الأفران،و استبدل بالموسيقى أزيز النار،و بالدمى اللينة الأرغفة التي تشوي الأصابع،و يروي البعض غير ذلك،و أنه أنصرف إلى هذا العمل لجشعه،و شهوته البغيضة في تكديس القناطير المقنطرة من الأموال له و لذويه...و يبدو أن هذا الشقي لم يكتفِ بما هو فيه من نعيم،وما يرفل فيه من لذاتٍ و شهواتٍ ممقوتةٍ نزقة،فدفعته شهوة البطن إلى أن يخون الأمانة،و تمتد كفه الآثمة فيقتنص خمسة أرغفة سحتاً حراماً تهتز له السموات و الأرضون..فلم يكن من صاحب المخبز "المسكين الرءوف المغدور في خبزه"إلا أن يقدم بلاغاً،و انتهى البلاغ بان تحكم محكمة الجنايات"للأحداث"،حكمها العادل ليقيم الموازين في الأرض بالإيداع في الأماكن المعهودة لعامٍ..أما أم الصبي،و أسمها مريم عيسى_و التي هي بلا ضمير و يبدو أنه ورث الإجرام عنها_ فقد تمحلت الأعذار لابنها السفاح الأثيم قائلة:(ابني أخد الأرغفة فعلاً بس مسرقش،و يسرقهم إزاي و هو بيشتغل عندهم،كل العمال بيخدوا العيش اللي عايزينه).. ...................................... لا تعليق..و إذا كان هذا هو الحال في مصر،فليذهب الجميع إلى الجحيم،بما فيهم كاتب هذه السطور!..لأنها كلمات كالهواء..عبث أو شيء كالعبث،لن تغير من حال عبد المسيح شيئاً،و أمثاله كثر،و يأتي كل ذلك في وقت تخطو فيه الحكومة حثيثاً نحو إصدار قانون يجرم إهانة الثورة!مثيل بازدراء الأديان في نظري،و سيتخذ ذريعة لاضطهاد أصحاب الرأي و تخوينهم و اتهامهم في وطنيتهم،فإذا قلنا إن الثورة لم تحقق أهدافها،فقدنا وطنيتنا!،و إذا قلنا إن الناس تعاني و النهب كما هو بل أكثر ،أهنا الثورة و الوطن!...كل هذا يجعلنا نتساءل:و ما الوطن؟ ................. بيت القصيد يقول أحمد مطر: نموت كي يحيا الوطن! كيف يموت ميت؟ و كيف يحيا من أندفن؟ نموت كي يحيا الوطن كلا سلمت ..للوطن. .......
تف على هذا الوطن! و ألف تف مرة أخرى! على هذا الوطن من بعدنا يبقى التراب و العفن نحن الوطن! إن لم يكن بنا كريماً آمناً و لم يكن محترماً فلا عشنا ..و لا عاش الوطن!
#شوكت_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كادر مشيدي الحضارة يا محلب
-
لمسة حياة
-
لهتلر نوبل للسلام و للغنوشي جائزة ابن رشد
-
مخطوطات العهد الجديد_دراسة نقدية_
-
إرحلْ!
-
ثورة البعير
-
المنهزم
-
نزاهة النقد الديني و توزيع الصفعات بالتساوي!
-
الذبيح:إسحاق أم إسماعيل؟!
-
الخِراف
-
أنا الشرقي
-
فطرة الذئاب
-
هيَ و الصاعق
-
صاحب الكَرْم
-
عاشَ حماراً و مضى حمارا(2)
-
عاشَ حماراً و مضى حمارا(1)
-
نضال و وحدة و فناء الأضداد(2)
-
نضال و وحدة و فناء الأضداد(1)
-
فناء الضدين أم تحول الضدين!
-
إلى مستحيلة الدمع(2)
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|