أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عطا درغام - الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -1















المزيد.....

الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -1


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 08:31
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


وقعت مصر وأرمينية في معظم فترات تاريخهما تحت حكم دولة واحدة كبري،مما سهل حركة الانتقال بين البلدين. ولما كانت أرمينية بيئة طاردة جغرافيا للسكان ومضطربة دوما سياسيا ، فما برحت الهجرات الأرمنية تتري علي منطقة الشرق الأدني بخاصة ومصر بالأخص التي تعد تقليديا منطقة جذب بشري علي امتداد تاريخها.
في هذا الإطار، ظل خط الهجرة الأرمنية إلي مصر متواصلا حتي منتصف تسعينات القرن التاسع عشر. بيد أنه كان قافزا وثابا بإطراد خلال حكم محمد علي(1805-1849) وتعرض لذبذبات ارتدادية وتيارات راجعة وانقطاع وأحيانا إبان النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ولهذا ، يلاحظ تجاذب قطبي الطرد والجذب بين المنبع الأرمني والمصب المصري أثناء حكم محمد علي، في حين تنافر القطبان أحيانا آنء النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
ويلاحظ أيضا ، أن نمط الهجرة الأرمنية إلي مصر قد اتسم بكونه فرديا أو أسريا علي الأكثر حتي منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر، في حين اتصف بكونه جماعيا منذ منتصف التسعينيات فصاعدا بسبب المذابح التي اقترفتها السلطات العثمانية ضد الأرمن . ولذا ، كان طابع الهجرة الأرمنية إراديا في الغالب حتي منتصف التسعينات، بينما كان اضطراريا بدءا من منتصف التسعينات.
هنا ، يعد عام 1896 عاما مفصليا فارقا في تحويل مجري تيار الوجود الأرمني في مصر من كونهم مهاجرين إلي اعتبارهم لاجئين. ففي هذا العام، مابرح الأرمن يفدون إلي ثغر الإسكندرية أفواجا أفواجا علي البواخر القادمة من الأستانة.ولم يمض يوم سنتئذ إلا و يحضر إلي الثغر عدد عظيم من الأرمن حتي ضاق بهم نطاق البطركخانة الأرمنية مع اتساعها. وظلت حركة اللجوء الأرمني دائبة إلي مصر طيلة عام 1896، إذ لا زال الأرمن يهبطون إليها في جماهير عديدة حتي لا تخلو باخرة من "100إلي 200" لاجيء منهم.
كان الأرمن المطرودون والمنفيون والفارون من شتي بقاع الدولة العثمانية يمتطون متون البواخر الخديوية والروسية الواردة علي مصرمن الأستانة وسائر موانيء الدولة العلية هربا من الضرائب الباهظة والمجاعات والاضطهادات والمذابح . وعند توقف هذه البواخر في قبرص، كان بعض الأرمن ينزلون بها ، أما الباقون فيواصلون المسيرة حتي يرسون علي شواطيء الإسكندرية.
وقد أدي استمرار نزوح الأرمن إلي إثارة جدل عنيف علي صفحات الجرائد المصرية المعاصرة حول رفضهم وقبولهم. ويعبر هذا الجل عن تيارين أساسيين هما: تيار عثماني يرفض بشدة قبولهم. وآخر غير عثماني يصر بقوة علي قبولهم. وانبري كل فريق منهم يبرز الدلائل التي تدعم وجهة نظره.
عزف أنصار التيار العثماني علي وتر العاطفة الدينية والأزمة الاقتصادية. فمثلا ، "طالبت جريدة " الفلاح" رفض الأرمن اللاجئين إلي مصر من قبيل الواجب المطلوب منا لمتبوعتنا الدولة العلية صاحبة السيادة والسلطة الشرعية علي وادي النيل كما لا يخفي". ولم تكتف" الفلاح" بمخاطبة المشاعر الدينية للجماهير المصرية في لحظة مثالية فحسب، بل ضربت بشدة علي جانب حساس للغاية لدن الناس، ألا وهو قطع أرزق المصريين الفقراء بسبب إيواء الأرمن. وتؤكد الجريدة هذا بقولها:"ازداد عدد مهاجري فقراء الأرمن بالقطر المصري إلي الدرجة التي يخشي منها علي وقوف أشغال العملة والفعلة الوطنيين المساكين". ولهذا ، طالبت الحكومة المصرية بضرورة طرد الأرمن من مصرلأن "ذويه المحتاجين يتضورون جوعا إذا وقفت حركة أشغالهم بمزاحمة غيرهم".
ويبدو أن هذه الحملة الدعائية ضد الأرمن اللاجئين قد آتت أكلها، فقد نجم عن استمرار نزوحهم ازدياد أعدادهم"حصول مشاجرات كثيرة مع العوام المصريين في شوارع الإسكندرية خاصة محرم بك والجمرك والجنينة وسكة مالطة. وأدت هذه المشاجرات المتكررة إلي اضطراب حركة الشوارع والتجارة مما أقلق الراحة العامة في الثغر".
ولهذا، ضجرت بعض الصحف حتي المتعاطفة مع الأرمن مثل جريدة "مصر" التي أبدت أسفها علي نشوب هذه المشاجرات . وأعربت عن قلقها من استمرار نزوح الأرمن إلي مصر وأثره علي فقرائها بخاصة:" ولا نعلم متي يكفون عن مهاجرة أوطانهم.. ونحن نري في استمرار مجيئهم لهذا القطر ما يوجب ازدحام ال أشغال علي قلتهان ومضايقة الوطنيين الذين أحدقت بهم الأجانب من كل طرف".
ومن ثم، لا بد من تقنين حركة الهجرة إلي مصر حفاظا علي حقوق أهل الوطن الضعاف..ومعلوم أنه يجب علي كل حكومة عادلة العمل علي ما فيه راحة رعاياها قبل الغرباء".
أما التيار المتعاطف مع الأرمن أو بالأحري المضاد للدولة العثمانية، فقد انتهج خطابا إنسانيا قوامه " المروءة والشهامة " من أجل تحفيز الحكومة والشعب علي قبول اللاجئين. فعلي سبيل المثال ، انتقدت مجلة" الرأي العام"جريدة المؤيد بضراوة عنيفة لأنها طالبت الحكومة بطرد الأرمن من مصر. وقد علقت المجلة علي الجريدة بأنها بدأت شرا جديدا يخالف كل مروءة وكل ذمة وكل صفة الكرام.أكثر من هذا ، وصفت مطلبها بأنه لا يتأتي إلا من " الخسيس اللئيم الذي لا يفرح لغير المتعصب الذميم ، ولا يصدر عنه إلا كل قول نتن وخيم".
وتجدر الإشارة إلي أن مؤيدي إيواء الأرمن قد اجتهدوا في دحض الخطاب الديني ضد الأرمن بالخطاب الإنساني.إذ حذرت مجلة " الرأي العام" الحكومة المصرية بألا تتشبه بالأنذال وأعداء البشر وتأتي فعال اللؤماء وتسد وجه الإنسانية أمام الأرمن الهاربين من الأستانة أو هي دار الجحيم وموطن إبليس الرجيم حتي يسلموا من الذبح. هذا ، وقد بررت المجلة ضرورة قبول الأرمن بأنهم من ضحايا الثورة الأرمنية وليسوا من العناصر الفاعلة بها:" وأكثرهم صعاليك فقراء ، لا يد لهم في شيء من القلاقل". أضف هنا أيضا، أن تبعية مصر للدولة العثمانية لا تعني إطلاقا متابعة السلطان أو حكومته علي الظلم واللؤم. ولا يستدعي ان يتبرأ أهل مصر من الفضائل كما تبرأ الأتراك منها. ولذا ، سوف يقبل الأرمن في مصر علي الرحب والسعة إلا إذا أتوا ما يوجب التعرض لهم. ولو مات المؤيد كمدا وغيظا".
ورغم هذا الجدل الشائك الذي دار حول الأرمن اللاجئين، إلا أن الحكومة المصرية سمحت لهم فقط بدخول مصر والبقاء بها سالمين آمنين دون تحملها أية مسئولية نحوهم. ولا ريب أن هذا الامتياز المحدود قد أسهم نسبيا في طمأنينة اللاجئين الذين ".. لقوا أنسا ورحمة ..بعد المذابح والمجاذر والعذاب الهائل في بلاد الأتراك الظالمين".
بيد أن هذا الامتياز قد عرض الحكومة لانتقادات الصجافة المتعاطفة مع الأرمن حيث وصفته بأنه" فضل ناقص، وناشدت الحكومة ان تهتم بهم إقل اهتمام...حتي يجدوا عملا يرتزقونه أو تسبب لهم أشغالا لديها تكفيهم مئونة الحاجة الشديدة،فلا يكونوا قد هربوامن الحمام إلي الحمام"
في ذلك الوقت، نشرت الصحافة المناوئة للأستانة والمتعاطفة مع الأرمن ما يلاقيه أقرانهم من مزايا عديدةفي مختلف الدول ، علي سبيل تأنيب الحكومة المصرية.
فمثلا،علقت جريدة " لسان العرب"علي تحن اوضاع الأرمن اللاجئين إلي اليونان بقولها :" وقد اجتهدت حكومة اليونان كثيرا في إسعاف هؤلاء البائسين وسببت لهم أشغالا وافرة". واستفاضت نفس الجريدة في الثناء علي موقف بلغاريا من الأرمن اللاجئين إليها فقالت:" لقد بلغت مهاجرة الأرمن إلي بلغاريا مبلغا عظيما في هذه الأيام حتي قيل أن فيها الآن نحو"14" ألف أكثرهم من الفقراء وأرباب الحرف.وقد كفلتهم الحكومة البلغارية كلهم مجانا في قطاراتها الحديدية وهيأت لكثيرأعمالا يرتزقون بها..." وقد استغلت الجريدة هذا في تأنيب الحكومة المصرية التي لم تقم " بأدني إسعاف لهؤلاء الأقوام، لا بالمال، ولا تيسير الأعمال". وتمادت اللسان في تأنيب موقف الحكومة واصفة إياه بأنه" ليس باللائق ببلاد كالبلاد المصرية .فإن بلغاريا ليست أعظم منها جاها، ولااوفر مالا، ولا أكثر سياسة واحتيالا".
والحقيقة أن الحكومة المصرية قد أحجمت عن تقديم أية مساعدة للأرمن اللاجئين حرصا علي ألا يزيد ذلك في توتر علاقاتها بالباب العالي .
في ذلك الوقت ، كانت الدولة العثمانية تنظر إلي الأرمن علي أنهم عصاة متمردون ثائرون ، شقوا عصا الطاعة علي دولةساستهم بالعدل أزمانا.ومن ثم ، تأتي حساسية التعامل مع الأرمن؛إذ يصير المتعاطفون أو المتعاونون معهم من أعداء الباب العالي تلقائيا.
وهنا ، يكمن تفسير موقف الحكومة حيث إنها أبت مساعدتهم فعليا ، "ليس عن ضيق حال ، ولا خوفا من دسائسهم وفتنهم، ولا خشية قطع معاش المصريين،إنما، لئلا يقال إن مصر تساعد أعداء السلطنة عليها ليزدادوا قوة ويسعوا في الإضرار".
وقد أثنت بعض الصحف- حتي المتعاطفة مع الأرمن- علي هذه الزاوية تحديدا في موقف الحكومة المصرية التي وصفته بأنه كان علي الإصابة.ولكن جريدة "لسان العرب" فسرت موقف الحكومة من اللاجئين بأنها مشاركة للدولة العثمانية في الانتقام منهم.
وهكذا، وقعت الحكومة المصرية في مأزق حرج بين الدولة العثمانية صاحبة السيادة الرسمية علي مصر والأرمن الثائرين علي هذه الدولة الذين يتوسمون المساعدة منها، وفي عين اللحظة لم يسيئوا بشيء إلي مصر ذاتها.ولذا، آثرت الحكومة حلا وسطا: السماح للأرمن وإن بإلإيواء في مصر دون أية التزامات نحوهم.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظم الإدارية للأرمن الكاثوليك والبروتستانت في مصر
- أمور الزواج والطلاق عند طائفة الأرمن الأرثوذكس في مصر
- الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس في مصر
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-3
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-2
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-1
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-2
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-1
- النشاط التجاري للأرمن في مصر
- النشاط الحرفي للأرمن في مصر-2
- النشاط الحرفي للأرمن في مصر-1
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-6
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-5
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-4
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-3
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-2
- النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-1
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية-7
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية-6
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية-5


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عطا درغام - الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -1