إبراهيم جركس
الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 13:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
# الشرق الأوسط
تبيّن الألواح المسمارية أنّه وخلال الألفية الأولى والثانية قبل الميلاد كانت هناك أساطير كثيرة تفسّر ظهور الآلهة السماوية-النجمية. في هذه الميثات والأساطير السماوية التي تتحدّث عن نشأة الآلهة الكون، نرى أنّ آلهة السماء والماء والأرض البدئية الأولى هي التي أنجبت أو خلقت الآلهة السماوية - النجمية.
هذا الرعيل الأول من الآلهة الأولى وأساطيرها كانت قد باتت منسية قبل محمد بزمنٍ طويل. في الواقع، هذه الآلهة البدائية لم تكن معبودةً على الإطلاق لكنهم كانوا يذكرونها فقط ليفسّروها بها أصل ونشأة الآلهة السماوية-النجمية الشائعة. وأغلب الناس في يومنا هذا لايعرفون شيئاً عن هذه الميثات والأساطير النشوئية إلا عن طريق الألواح الطينية التي بقيت مدفونةً لألفيات من الزمن.
منذ بداية التاريخ المكتوب في الشرق الأوسط، كان زعيم الآلهة ورئيسها بشكلٍ عام هو إله القمر. كتبت تمارا غرين:
((... في الكوزمولوجيا الرافدية، كان من الواضح أنّ الشمس تابعةٌ للقمر: ففي ملحة الإينوما إيليش نرى أنّ القمر مخلوقٌ قبل الشمس، في حين أنّه في الثالوث السماوي السومري، نجم المساء و"أوتو" إله الشمس، كلاهما أبناء "نانا" أو القمر))[1]
بعض المدن والعواصم الرئيسية الرافدية كانت تنتشر فيها عبادة إله الشمس أو جوبيتر بوصفه الإله الأعلى. بأيّة حال كان هذا استثناءاً شاذاً وقصير الأمد للقاعدة بما أنّه كان المنجّمون الكهنة هم من عبدوا وقدّروا الشمس أو المشتري. إلا أنّ شعوب الشرق الأوسط رأت إله القمر على أنّه الإله الأعلى. وبقي الناس يعبدون إله القمر، لكنّ الكهنة ومراكز نفوذهم كانت بائدة وسريعة الزوال، وكذلك كانت عبادتهم للشمس والمشتري.
إحدى تلك المدن الرئيسية أو الكبرى كانت بابل. فكهنة بابل كانوا يتبرون "مردوخ"، إله المشتري، على أنّه الإله الأعلى. وخلال السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطورية البابلية، كان الإمبراطور "نبونيدس" قد فضّل إله القمر _الأمر الذي أرّق كهنة مردوخ في بابل وكدّرهم.
هذا الخلاف كان له الأثر الرئيسي في انهيار بابل وسقوطها عام 539ق.م، وقد جاء في الموسوعة البريطانية مايلي:
((آخر ملوك بابل، أبونيدس الذي حكم من حوالي عام 556-539ق.م، حاول رفع مكانة الإله "سِنْ" لأعلى مكانة ضمن مجمع الآلهة))[2].
وأخيراً تحقّقت نبوءة إرميا حول بابل ومصيرها. فقد أصبحت بابل خاوية مقفرة تجوبها بنات آدوى ((37وَتَكُونُ بَابِلُ كُوَمًا، وَمَأْوَى بَنَاتِ آوَى، وَدَهَشًا وَصَفِيرًا بِلاَ سَاكِنٍ)) [إرميا 51: 37]. بعدئذٍ وبسبب قلّة الناس الذين باتوا بعيدون إله المشتري "مردوخ"، عاد الناس إلى عبادة إله القمر.
وبإمكاننا ملاحظة تأثير وسيادة طائفة عبادة القمر في الشرق الأوسط من خلال حقيقة أنّ مركز عبادة القمر في مدينة "أور" الكلدانية قد بقي موجوداً حتى القرن الثالث قبل الميلاد، ومركز عبادة القمر في حران استمرّ حتى الغزو المنغولي في القرن الحادي عشر للميلاد. وكان مركز أور ليستمرّ أكثر من ذلك لو أنّ نهر الفرات لم يغيّر مجراه.
# أكسوم، الحبشة
أكسوم مدينة تقع في شمال أثيوبيا. فمن القرن الأول وحتى التاسع للميلاد كانت أكسوم عاصمة الحبشيين وإبراطوريتهم. امتدّت الإمبراطورية عبر أثيوبيا وشملت جزءاً من اليمن. أرسل محمد بعض أتباعه كلاجئين إلى النجاشي، ملك الحبشة.
في القرن الرابع للميلاد، اعتنق أغلب الحبشيين الديانة المسيحية. أمّا قبل ذلك، كانت العبادة الرسمية لديهم هي العبادة القمرية، وكان إله القمر هو الإله الأعلى لديهم. وأغلب النقوش والقطع الفخارية والعملات المعدنية للحقبة الحبشية ماقبل المسيحية تحمل رموزاً دائرية وهلالية و...
...بقيت تظهر على العملات المعدنية حتى عهد "إزانا" [القرن الرابع للميلاد]، عندما بدأ الصليب بالاستخدام بدلاً من رموز القمر. فقد تمّ تجريد القرص والهلال من ميّزتهما المقدّسة، واستمرّ استخدامهما في أثيوبيا بوصفهما علامة مميّزة على العملات المعدنية حتى توقّفت عملية سكّ العملات [3]
كما أنّ النصب التذكارية الحبشية تشير إلى مكانة إله القمر الرفيعة. يقول كريسويل:
((النصب التذكارية الضخمة في أكسوم هي من القطع المستطيل [بمعنى أنّ النصب ليس على شكل مربّع من الناحية الهندسية] ومنحوتة لتشبه منازل من عدّة طوابق، والتقنية التي وصفناها للتو تم إظهارها على الحجر. أكبر تلك النصب الآن بات مهَدّماً وخراباً، طوله 33.3 متراً، وقد كان رمزاً لمحرم، إله الحرب عند الحبشيين[4]
ولأنّ "محرم" كان إلهاً للحرب مذكّراً، فإنّ المصنّفين الإغريق القدماء ساووا بين "محرم" و"آريس"، اللذان كان رمزهما الكوكبي هو كركب مارس/ المريخ. الآلهة القمرية الهندو-أوروبية مثل "سيلين"، "لونا"، و"أرتميس" كان المقصوم منها هو أن تكون إناثاً، وكانت آلهة الحكمة والصيد وهامّ جرّا.
كان إله القمر بين الساميين ذكراً عادةً وكان الإله السماوي الأعلى. وكان إله القمر في أغلب الأحيان عنده قرين نسائي أو أكثر. كان إله القمر في جنوبي شبه الجزيرة العربية والحبشة يشعّ منه نور القمر وكان يشغل وظيفة إله الحرب. هذه المعلومة، بالإضافة إلى كتاب القرآن الحربي والتراث المليء بتعليمات الحرب، تشير إلى أنّ الله كان إلهاً للقمر وللحرب.
لقد قام المستوطنون العرب والتجّار بنقل الدين الوثني المُتّبَع في جنوبي شبه الجزيرة العربية إلى الحبشة في زمنٍ مبكّرٍ نسبياً. يورد اسم [محرم] في كافة النقوش الأكسومية بوصفه الإله الرئيسي، إله الحرب القومي، والحامي الخاص للعائلة الملكية. ونرى هذا في جميع أنحاء جنوبي شبه الجزيرة العربية، نعم، وفي جميع النصب السامية تقريباً، علامة أكيدة تميّز إله القمر. بوصفه الإله الرقومي للحرب، فإنّ "محرم" جرت الإشارة إليه في النصوص الإغريقية القديمة جنباً إلى جنب مع إله الحرب "مارس". وبوصفه الإله الرئيسي فإنّه كان في أعلة مرتبة ضمن مجمع الآلهة، وهو الإله الأعلى[5].
ويقدّم هانز كراوس دليلاً يشير إلى وجود إله للقمر "سامي" في جنوبي شبه الجزيرة العربية وجد طريقه إلى الساحل الشمالي الشؤقي لإفريقيا. ويقول كراوس في هذا:
((طريق التجارة القديم بين جنوبي شبه الجزيرة العربية وخط الساحل الإفريقي قد أدّى ومنذ زمنٍ بعيدٍ إلى نشوء اتصال بين جنوبي شبه الجزيرة العربية وإفريقيا. إذ أننّا نجد أنّه خلال النصف الأول من الألفية الأولى ماقبل الميلاد المستعمرات والمستوطنات السبأية في شمال شرق أفريقيا. وقد عُثِرَ على معبد قديم جداً وعريق في "جيهة" على مقربة ممّأ بات يسمى اليوم بـ"العدوة". وطبقاً للنقوش من الواضح أنّه معبد آخر شقيق لمعبد إله القمر في "مأرب". أي أنّه "حَرَم بلقيس" إفريقي (بنافذة مفتوحة ومن دون سقف). وقد تمّ العثور على بضعة نقوش تثبت أنّ السبأيين كانوا يعيشون هنا في إحدى الفترات. شكل الحروف والبطرفة boustrophedon [6] هذه الأنماط من الكتابة قادتنا لفترة مابين القرن الخامس والقن الثامن قبل الميلاد. قد نفترض أنّها متطابقة مع نمط الكتابة في سِروه ومأرب. كما أنّهم كانوا يبجّلون كوكب فينوس والقمر والشمس تماماً كما كان يفعل أقربائهم في شبه الجزيرة العربية))[7]
ورد تقرير في شبكة الأخبار الأريتيرية مفاده: ((بغضّ النظر على وجهة أو تاريخ أو تفاصيل الانتقال، لاشكّ أنّ شمال أثيوبيا واليمن، خلال نصف ألفية أو ما يقارب ذلك قبل الحقبة المسيحية، كانتا تتشارك حضارة أو حضارات متقاربة. وهذا واضح من الاستخدام المحدود للغة والنص السبأي في إثيوبيا، كما بيّنت النقوش والعملات الأكسومية القديمة، وهي متناسبة مع الدين بوضوح. إذ قامت العملات على عبادة الشمس والقمر، والإله المحلي "ألمقه". فشعار الشمس والقمر، كان يستخدم في ذلك الوقت في اليمن، يبدو واضحاً على مسلّة أكسومية قديمة في "مطارة" على سبيل المثال، بالإضافة إلى أغلب العملات المعدينة الأكسومية القديمة للحقبة ما قبل المسيحية التي بدأ صكّها في بداية القرن الميلادي الأول. ويمكن العثور على إشارات وتلمحيات إلى "ألمقه" أيضاً في العديد من النقوش السبأية على كلا طرفي ساحل البحر الأحمر))[8]
يمكننا الاستنتاج من هذه المعطيات أنّ إله الحرب والقمر الحبشي "محرم" كان هو نفس الإله _إله القمر والحرب السبأي "ألمقه".
*************
[1] Green. Moon, p. 24
[2] الموسوعة البريطانية EB. Sin entry, accessed 16 Aug 2004
[3] Munro-Hay 1984i وانظر أيضاً Gersem, Armah
Munro-Hay, Dr. Stuart. Aksum: An African Civilisation of Late Antiquity, 1991, Ch. 8: “The Economy,” online edition
[4] Creswell. Architecture, pp. 2-3
[5] Nielsen, 1912, pp. 593-594, as translated in Krause, “Haram–Harimat.”
[6] وهي طريقة فريدة في الكتابة، حيث يتمّ قراءة النصّ بالتناوب من اليسار إلى اليمين على خطوط الوتر، ومن ثم قراءة النص من اليمين إلى اليسار في خطوط مرقّمة. وقد تمّت كتابة بعض النصوص القديمة واليونانية بهذه الطريقة بما في ذلك قوانين صولون. وهذا يتناقض مع اتفاقية قراءة اللغة الإنكليزية [من اليسار إلى اليمين]، أو اللغة العربية أو العبرية [من اليمين إلى اليسار]
[7] Nielsen, 1912, pp. 589-590, as translated in Krause, “Haram–Harimat.”
[8] Pankhurst, Richard. “Let’s Look Across the Red Sea: Ethiopia’s Historic Ties with Yemen,” Eritrean News Wire, Addis Tribune (Addis Ababa), eri24.com, 17 Jan 2003
=================================
# خربة الكَرَك Beth Yerah، فلسطين
الاسم العبري لبيت يراح يعني "منزل يراح"، ويراح هذا كان إله القمر. ((كانت خربة الكرك/ بيت يراح مستوطنة في بدايات العصر البرونزي [حوالي 3100-2300ق.م])) حسب الموسوعة البريطانية[1]. تقع بيت يراح عند الرأس الجنوبي لبحر الجليل عند معبر نهر الأردن.
# مصر
مصر كانت "أرض القمر"، وقد كتب جولز كاشفورد أنّ "سيت" إله القمر: ((...قَتَل [أوزيريس] مرة أخرى، لكن هذه المرة قطّع جسده إلى 14 قطعة _عدد ليالي القمر المتضائل أو الناقص. ثمّ نثر القطع في جميع أرجاء مصر، دافناً كل قطع في مكان مختلف. لذلك أصبحت مصر هي "أرض القمر"... وكل شهر ينبعث أوزيريس عن طريق ابنه "حورس" كقمر جديد، ومن خلال شكله الجديد الذي اتّخذه لنفسه فإنّه يدخل في معركة شهرية من التضاؤل والاكتمال مع "سيت". إنّ حياة وموت وانبعاث أوزيريس تتبع نمطاً قمرياً... والرمز الشعائري لأوزيريس كان على شكل قمر جديد [هلال]... إيزيس وأوزيريس...، بوصفهما إله وآلهة القمر، يجسّدان دائرة الطبيعة المتجدّدة باستمرار، كلاهما يمثّلان اكتمال النمو _في القمر، نهر النيل، النباتات والزرع، الحيوانات، والبشر_ وتضاؤل الموت وانحساره _عندما يختفي القمر، أو ينحسر نهر النيل، أو تيبس النباتات والزرع، ويهرم الإنسان والحيوان ويموتان))[2]
# حران، تركيا
حران (بالعربية تلفظ: حَرّان). ((كانت [حرّان] مركزاً حيوياً وهاماً على طريق التجارة بين "نينوى" و"كركميش" ومهد إله القمر الحبشي))[3] كانت حرّان مركزا لعبادة إله القمر "سِنْ" منذ أقدم العصور وحتى قدوم الغزو المغولي التي ترك المدينة مهجورة وخالية من السكان في القرن الحادي عشر.
تقع حرّان في القسم الجنوبي الشرقي من تركيا الآسيوية، وتبعد حوالي 39كم جنوب شرق "أورفة" التي تسمّى أيضاً "الرها" بالعربية و Sanliurfa التي تعني "أورفة المجيدة". كانت مدينة أورفة/الرها مدينة مسيحية في الأصل في العهد البيزنطي وكانت تسمى "إيديسا". كانت إيديسا المنافس الديني للمعقل الوثني في حرّان.
كانت هناك خمسة مراكز معروفة لعبادة الإله "سِنْ" _إله القمر_ على خط سير القوافل: أور الكلدانية، حرّان جنوب شرق تركيا، النيرب في سوريا الحالية، تيماء في الصحراء العربية، وشبوه في اليمن. هذه المراكز الخمس تختلف عن آلاف المواقع التي كان يعبد فيها سِنْ تحت أسماء مختلفة، أو التي نستطيع فيها تمييز وجود عبادة الإله سِنْ.
النيرب الموجودة في شمال سوريا لاتبعد كثيراً عن البحر المتوسط، وهي على مسافة حوالي 175 كم جنوب شرق حرّان. وقد جاء في الموسوعة البريطانية أنّه: ((ومنذ أن بدأت الطرقات والسبل القديمة تُعَلَم بالمعابد والمقامات، من المهم الإشارة بأنّ النيرب بالقرب من حلب كانت مثلها مثل حرّأن وأور _مركزاً لعبادة إله القمر "سِنْ"))[4]
تشير الموسوعة البريطانية أنّه في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، أشارت ألواح ورُقُم مدينة "ماري" إلى أنّ العبريين (هابيروس Hapirus) والبنو يمينيين (بنو يمينة Banu Yamina) كانوا يعبدون إله القمر "سِنْ". وتقع مدينة ماري في شمالي سوريا.
"يمينة" تعني "أبناء الجنوب"، لكنّ المعنى الحرفي لكلمة "يمينة" هو "أبناء اليمين [اليد اليمنى]"، وهذه إشارة إلى أنّ جهة الجنوب هي على اليد اليمنى عندما يتوجّه الشخص إلى الجهة التي تشرق الشمس منها. تشير الموسوعة البريطانية أنّ نصوص "ماري" تصرّح بأنّ جموع اليمينيين... ((...كانوا يعرَفون دائماً بأنهم كانوا يقطنون شمال ماري وفي حرّان، في معبد الإله سِنْ... كان هناك بنيمينيين على الضفة اليمنى من النهر، في أرض "يَمْهَدْ" [حلب]، قطانوم [قطنا]، وعمورو... وبما أنّ الطرق القديمة كانت تُعَلّم بالمقامات، فمن الجدير بالذكر أنّ النيرب، بالقرب من حلب، كانت مثل حرّان وأور _مركز لعبادة الإله سِنْ، وأنّ جنوب حلب على الطريق إلى حماه مازالت هناك قرية تحمل اسم "بنيمين أو بنيامين"))[5]
# حاصور، فلسطين
تقع حاصور على بعد 8كم جنوب غرب بحيرة الحُلّة أعلى نهر الأردن. وتبعد حوالي 16كم عن بعد الجليل، الذي يقع مابين مهري الأردن الأعلى والأسفل. تمّ تدمير حاصور على يد الإسرائيليين أثناء غزوهم بعد خروجهم من مصر. وقد جاء في الموسوعة البريطانية:
((تقع حاصور في وادي الأردن شمال بحر الجليل، وقد كانت تحتوي في القرن الثالث عشر قبل الميلاد على تمثال لإله ذكر فوق قاعدة على شكل ثور. وفي معبد آخر هناك مجموعة أخرى من الأشياء ذات التي لها وظائف طائفية، وقد تمّ العثور أيضاً خلف كتلة حجرية تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد على نقش لشخصية ذكر مع مجموعة من الأحجار القائمة، الحجر الذي في الوسط الذي تمّ تقشه يصوّر زوجاً من الأيدي وسواعد ممدودة نحو قرص وهلال))[6]
# الحُرَيضة، جنوب شبه الجزيرة العربية
كتب بريان دو:
((هذا الموقع يحتوي معبداً ومباني منزلية وقبوراً في المنحدرات الحجرية الشمالية [منحدرات ذات حجارة منزلقة وغير متماسكة] في وادي "أمد" على بعد عدّة أميال شمال غرب مدينة الحريضة. وتحت إشراف الدكتور جي. كاتون تومبسون عام 1937[7] تمّ إجراء أول عملية تنقيب أركيولوجية مسيطر عليها في جنوبي شبه الجزيرة العربية... ومن النقوش التي تمّ العثور عليها في موقع المعبد كانت تلك النقوش مكرّسة لإله القمر "سِنْ"، والاسم القديم لهذا الموقع تمّ الكشف عنه أيضاً، وقد كان "ماضابوم"))[8]
***************
[1] EB, “Beth Yerah” entry, accessed 11 Sep 2003.
[2] Cashford. Moon, p. 24
[3] CEE, Haran entry
[4] EB, accessed 16 Aug 2004, Abraham entry
[5] السابق
[6] EB, “Syrian and Palestinian religion” entry, accessed 13 Sep 2003
[7] Thompson. Moon
[8] Doe. Arabia, pp. 237-238.
===========================
# أريحا في فلسطين
أريحا تعني حرفياً "قَمَرَهُ". وهاء الملكية على الأغلب عائدة على إله القمر يراح. تبعد أريحا حوالي 18ميلاً شرق مدينة القدس على الجانب الشمالي للبحر الميت عند المصرف الغربي لمعبر الأردن.
بيث هاران (أو بيت هارام، بيت هاران، بيت هرّه) كانت بالقرب من أريحا[1]. ومازالت آثارها وخرائبها تسمى الآن ((تل الرامح في وادي حشبون الذي يبعد حوالي 6 أميال شرقي الأردن))[2]. كانت بيت هاران شرقي ((نهر الأردن، ليست بعيداً نحو الشمال الشرقي لمصبّه في البحر الميت))[3]
يبدو أنّ بيت هاران يشير إلى أنّ مدينة أريحا قد تأثّرت بمدينة حرّان في شمالي سوريا، "مدينة القمر". ويبدو التأثير الرافدين أكثر وضوحاً من خلال حقيقة أنّه ليس ببعيدٍ عن بيت هاران يقع جبل "نيبو". وقد سمي نيبو تيمناً باإله الحكمة عند البابليين. ونيبو هو الكاتب المقدس لدى إله القمر "سِنْ".
يقع جبل نيبو في موآب، شرقي نهر الأردن، وهي اليوم مملكة الأردن. إنّه يرتفع أكثر من حوالي 4000قدماً (1200م) فوق مستوى البحر الميت. ويمكن للمرء رؤية صفّ كبير من الأرض غربي الأردن من قمّة نيبو.
طاف الإسرائيليون حول مدينة أريحا ثلاثة عشر مرة في سبعة أيام[4]. وقد فعلوا ذلك للسخرية من الطقس الديني الوثني-السماوي في الطواف سبع مرّات أو مصاعفات العدد سبعة.
إنّ خرائب مدينة أريحا مازالت شاهدةً على سقوطها على أيدي الإسرائيليين. وإذا استنتجتم أنّ الخروج قد حدث أبكر من ذلك، وإذا كانت لديكم أيّة شكوك بالنسبة لعملية التأريخ الأركيولوجية مردّها إلى الانحياز والذاتية، يمكنكم الرجوع إلى الموسوعة البريطانية حيث ورد فيها ما يلي:
((هذه [الطبقة الأركيولوجية لمدينة أريحا] قد تمّ تدميرها في النصف الثاني من القرن الرابع عشر قبل الميلاد لكنّ الأدلة قليلة وشحيحة جداً إذا أردنا توخّي الدقة))[5]
# مَعِيْن [شمال مملكة سبأ]
كانت "مَعِين" مملكة تقع شمال مملكة سبأ استمرّت منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الثاني للميلاد[6]. عاصمتها كانت قرناو وشعبها كانوا يسمّون بالمعينيين. كان إله الحرب والقمر عندهم هو "وَدّ"، ويعني "حب، وِدْ، محبة". وقد ذُكِرَ "وَدّ" بوصفه وثناً عتيقاً في القرآن {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] ويخبرنا التراث أنّ الوثن وَدّ كان على شكل رجل، وكان موجوداً في كل منزل يعبده أتباعه، حتى قيل أنّه أوّل صنمٍ عُبِدَ من قبل العرب ((وكان وَدٌّ رجلا مسلما وكان محببا في قومه، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جَزَعهم عليه، تشبه في صورة إنسان، ثم قال: إني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم أن أصور لكم مثله، فيكونَ في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم. فصُوِّر لهم مثله، قال: ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه. فلما رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله، فيكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم. قال: فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، قال وتناسلوا ودَرَس أمر ذكرهم إياه، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم، فكان أول ما عبد من غير الله: الصنم الذي سموه وَدّا))[7]
وقد جاء في موسوعة ميريام-ويبستر لأديان العالم (2000) مايلي:
((في "معين" كان أصل الإله القومي عندهم "وَدّ" من شمال شبه الجزيرة العربية وعلى الأرجح كان إله القمر، وكانت العبارة السحرية: "وَدّ أب" أي وَدّ والدي، المكتوبة في التعاويذ والمباني، مصحوبةً عادةً بقمر على شكل هلال وقرص كوكب الزهرة/فينوس))[8]
إنّ حقيقة أنّ وَدّ كان مصحوباً دائماً بهلال وأنّه "الأب" أو الراعي تبيّن أنّه كان إلهاً مذكراً وأنه إله القمر.
**************
[1] العدد 32: 36
[2] ISBE, Beth-Haran entry
[3] السابق
[4] ((3تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. 4وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ)) [يشوع 6: 3-4]
[5] EB, Jericho entry, accessed 13 Sep 2003.
[6] EB, Ma‘in entry, accessed 14 Sep 2003.
[7] تفسير ابن كثير، ج8، 235-236
[8] Merriam-Webster’s Encyclopedia of World Religions (p. 70)
#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟