|
سقوط الإعلام المصري : برنامج المستخبي نموذجا
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 15:15
المحور:
حقوق الانسان
عرض على قناة القاهرة و الناس ، برنامج بعنوان المستخبي ، بإشراف صحفية و اعلامية تدعى منى عراقي ، ادعت قيامها ب (سبق صحفي ) يتمثل في كشف (وكر ) للشذوذ الجنسي . جاء هذا البرنامج كما ادعت هذه الاعلامية ، ضمن فعاليات اليوم العالمي للإيدز ، متناسية هذه الإعلامية بعض الحقائق التالية : 1ـ المثلية الجنسية ليس لها علاقة بانتشار مرض الإيدز إلا بنفس مقدار علاقة الغيرية الجنسية ،ففيروس الإيدز يتطلب انتقاله حامل دموي ، لأن الفيروس ضعيف جدا و سيموت فور تعرضه للهواء ، لذلك فطرق انتقاله هي : إما عن طريق نقل الدم ، أو إبر المخدرات في حال استخدمها مصاب بالفيروس ثم استخدمت مرة أخرى من قبل متعاطي آخر ، أو ممارسة الجنس العميق ، و أقصد بالجنس العميق ، هو الجنس الكامل تماما ، و ليس مجرد المداعبات الجنسية البسيطة ، أو بمعنى أوضح الجنس الذي يتضمن تلامس يمكن أن يسمح بانتقال بعض من الدم من أحد الأطراف الى الآخر ، بمعنى أن شرط انتقال الجنس عبر طرفين هو : ممارسة جنسية عميقة تتضمن اتصال يسمح بانتقال بعض من الدم ، بين طرفين أو اكثر ، أحدهم مصاب بالفيروس . و حتى في حال توفر هذه الشروط ، فالإنتقال ليس إجباري و حتمي ، بل ممكن ممارسة الجنس العميق مع شريك مصاب دون انتقال العدوى بالفيروس ، و تختلف نسبة العدوى في حال الممارسة مع طرف مصاب باختلاف الدراسات . و السؤال : ما هي علاقة المثلية الجنسية بالفيروس ؟ ربما يقول البعض أن المثليين هم الأكثر إصابة حاليا بهذا الفيروس ، و هذا كلام خاطئ تماما ، و إنما السبب الأكثر انتشارا للفيروس في العالم حاليا هو نقل الدم في الدول المتخلفة ، أي أن السبب مادي أساسا ، و ناتج عن فقر هذه الدول و فساد أجهزتها . أما بخصوص الممارسات الجنسية ، فكل انسان يمارس الجنس دون حماية فهو معرض للإصابة بالفيروس ، سواء كانت الممارسة مثلية ام غيرية . 2ـ في كل بلاد العالم ، هناك أماكن للتعارف وممارسة الجنس بين الناس ، سواء الغيري أو المثلي ، و عادة تكون هذه الأماكن معروفة لمعظم سكان المدينة . فعندنا في سوريا ، جميع السوريون يعرفون أن ساحة المرجة مثلا هي مكان ينتشر به ممارسة الجنس ، و هو أمر مقبول بشكل عام ، و يقصد المرجة مئات من الناس بغير قصد الجنس ، فهي ساحة كبيرة و تضم العديد من الأماكن التي يعشقها السوريون . كذلك يعرف جميع الناس أن ميدان رمسيس في القاهرة ، يحوي على العديد من الأماكن المخصصة للتعارف بهدف الجنس ، و أيضا يعرف جميع العالم ـ الشرقي و الغربي أن حمامات البخار ، كثيرا ما تكون أماكن لممارسة المثلية الجنسية ، سواء الذكور او الإناث ، و هناك فيلم عربي مصري بطولة يوسف شعبان ، مصور منذ عشرات السنين ، بعنوان حمام الملاطيلي ، يتحدث عن ممارسة الجنس المثلي ضمن هذا الحمام القاهري ، و الذي يحمل الإسم ذاته ، و هو حمام مشهور جدا في القاهرة ، لكن أن تأتي جريدة مصرية ، ثم إعلامية لاحقا لتتحدث عن (سبق صحفي ) و (جهد إعلامي جبار ) من أجل اكشف عن حمام تمارس فيه المثلية ، فهذا استهزاء بعقول جميع المشاهدين . أما أن تدعي أن الأمن المصري (فوجئ ) بوجود هذه الممارسات في الحمام ، ثم قيامه باغلاقه بعد الجهود التي قامت بها هذه الصحفية ، فهي التفاهة ذاتها 3ـ بالنسبة لقضية الإتجار بالجنس أو الدعارة ، فمن المعروف أن نسبة انتشاره تزداد في الأماكن الأشد فقرا ، و تقل في الطبقات المتوسطة و المرتفعة ، و واضح جدا من خلال أقوال الشهود في البرنامج أن أجور الممارسين لهذه التجارة منخفضة جدا ،(مئة جنيه اي حوالي عشرة يوروات ) و هم غير راضين عن هذه الممارسات ، لكن عدم توفر فرص العمل ، و انتشار الفقر و البطالة بين الشباب ، يؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة ، و ذلك بدافع الفقر و قلة الحيلة ، و لو أن القناة و الصحفية صادقين في مكافحة هذه التجارة ، لكن الأولى بهم كشف الفساد المستشري في أجهزة الدولة ، لكانوا وقفوا في وجه مبارك الذي كان يبيع الغاز لإسرائيل بأقل من سعر التكلفة ، حارما الشعب المصري من خيرات بلاده ، لوقفوا في وجه تخفيض نسبة الأموال المستعادة من الفاسد الأكبر أحمد عز ، و طالبوا بإعادة أمواله كلها للقيام بمشروعات تعود ريعها على الفئات الأشد فقرا ، لكانوا تنازلوا عن بعضا من مرتباتهم التي تفوق رواتب الإعلاميين في أوربا ، لكانوا طالبوا بتحديد سقف الرواتب و القضاء على الطفيليات التي تمص دماء الشعب المصري من خلال رواتب لا يحلم بها الموظفين في سويسرا . أما أن يلقوا القبض على هؤلاء الفقراء الغلابة ، و نظرات الاستشراف تعلو عيونهم ، فهذه جريمة مقززة تستدعي التحرك لوقف هذه المهزلة 4ـ الإعلام مستقل عن الدولة و عن أجهزة الأمن ، هذه حقيقة بديهية يعرفها كل إعلاميي العالم ، و حتى في الدول الأكثر دكتاتورية ، يحاول الإعلاميون التهرب من تهمة العلاقة و التنسيق مع الأمن ، وحده الإعلام المصري يفتخر بهذه العلاقة . لا مانع من صحفي كتامر أمين أن يفضح هوية أحد المشاركين ببرنامجه و تسليمه الى الأمن ، لا مانع من صحفية كمنى عراقي أن تأتي بسيارات الأمن و تلقي القبض على المتهمين ، بل و تحاكمهم فورا . لقد كشف المستخبي بالفعل ، فمالكي القناة هم نفسهم رجال الأمن ، هم نفسهم من يسرق الشعب و يعيش على دمائه ، لقد كشف المستخبي تماما ، و أصبحت الصورة واضحة جدا ، فلكي تسقط أنظمة الحكم الدكتاتورية ، يجب أن تسقط معها أجهزة القضاء و الإعلام ، و أتمنى أن أرى هذا اليوم قريبا جدا ، فمصر تستحق إعلام بمستوى مكانة هذه البلاد في قلوبنا .
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة
-
للأسف يا سعد الدين ابراهيم
-
لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث
-
أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
-
المجتمع السوري و التطرف
-
الثورة : نشوة الجسد و التعري
-
نحن جيل الهزيمة
-
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
المزيد.....
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
-
إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد
...
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|