|
شيخ الأزهر سالم عبد الجليل كنموذج يخلط النظرية بالفرضية
التهامي صفاح
الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 15:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا تزال السياسة والإقتصاد والفن والثقافة و غيرذلك في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط و بشكل يدعو للعجب معاقة منذ قرون. فرغم تطورالعلوم الحديثة والفكر العلمي و التكنولوجيا التي دخلت للمنطقة من الباب الواسع فيبدو أن السياسة المختلطة بالدين قد أفسدت كل شيء حتى صار العلم الحديث والفكرالعلمي وما أدى إليه من تنوير و مجتمعات ديموقراطية محرما و يحارب بشكل غريب .فالسياسيون يحسبون ألف حساب لناس متخصصين في اللغة أو الدين لا يفقهون شيئا في العلوم الحديثة ولا في الديموقراطية لكنهم يتصدرون المجامع والمجالس والحلقات التلفزيونية ويفتون في كل شيء إلا في نهضة هذه الشعوب .فيبخسون العلم الحديث و نظرياته حقه بخطابات تنم عن جهل عظيم .و يبقى المتخصصون يتحسرون عن هذه الحالة التي وصلتها المنطقة في المدارس والمعاهد والجامعات و كأن هؤلاء الجاهلين هم الذين يرهنون مصير المنطقة العلمي و نهضتها .و لا يستطيع السياسيون فعل شيء غيرالقول في الكواليس و بصوت خفيض أن ليس في إستطاعتهم تجاه هذا الوضع فعل أي شيء .فكأنهم مرغمون على مسايرة الجاهلين وتحريم العقلانية والتفكير السليم .و لذلك كتحصيل حاصل تتخبط المنطقة في نسبة أمية وجهل لا تحسد عليها وتخلف في كل الميادين.و الحال أنه لو تم توظيف كل هذه العقول لصارت المنطقة من أغنى الحقول في العلم والمعرفة والتقدم والفنون . ويبدو أن حال السياسيين كحال المتذرعين بقانون الحد الأدنى المعروف في مجال العلوم بقانون Liebig.بحيث يمكن فهم موقفهم بأن الطبقة الجاهلة هي التي تحدد مصير المجتمع و ليس الطبقة المتعلمة. لقد كان أول من أعلن عن قانون الحد الأدنى الذي يسمى أيضا قانون العوامل المحددة هو Karl sprengel الألماني سنة 1828 ميلادية بمناسبة دراسته للتغذية عند النباتات.و مفاده أن العناصر الكيميائية التي تكون متوفرة بنسبة أقل مما تحتاجه النباتات مثل الآزوت والفوسفور و غير ذلك هي التي تحدد نموها و ليس تلك المتوفرة بكمات كبيرة تفوق إحتياجات النباتات .وبالتالي فيجب إغناء محيطها بتلك العناصر لتحسين المردود الإنتاجي. يتم التعبير عن هذا القانون الذي يسمى أيضا قانون Liebig بواسطة برميل مفتوح من الأعلى تُكونه صفائح ذات طول مختلف بحيث تكون الصفيحة ذات الطول الأصغر هي التي تحدد ما يمكن أن يحتفظ به البرميل من سوائل .(يمكن رؤية البرميل عبر هذا الرابط) . إن هذا القانون المكتشف عند النباتات هو الذي يأخذ به السياسيون في المنطقة و كأن الناس نباتات .و الفرق بين البشر والنبات شاسع عريض .. و السؤال الذي يطرح نفسه طرحا هو : ما الأصح و الواجب ؟ هل هو جر الطبقة الجاهلة بالتعليم والتنوير نحو الطبقة المتعلمة لتصبح متعلمة هي أيضا وهذا حقها في أعناق المسؤولين أم جر الطبقة المتعلمة لمسايرة الطبقة الجاهلة وجعل المجتمع كله يسير وفق مفاهيم الجهل بل تقديسه ؟ لقد سمعنا و رأينا الشيخ سالم عبد الجليل في فيديو حواري مع السيد أحمد حرقان (أنظر الفيديو أسفل المقال) و هو يقول بأن نظرية داروين لا تزال نظرية بل في الغرب رفضوها مصدقا بذلك التدليس الذي نشرته قناة الجزيرة القطرية ذات يوم بخصوص نظرية التطور بشكل يوحي بعدم صحة نظرية التطور.و تساءل بناء على ذلك عن جدوى إستمرار تدريسها في مصر في المرحلة الإعدادية متجاوزا بذلك إختصاصاته الدينية و متدخلا في مجال التعليم.وهو بهذا إنما يعبر عن جهل بأبسط قواعد علوم الأحياء و الفكر العلمي عامة التي لا تدعي المطلق أوالنبوة أو الرسولية بالشكل القديم أو أي شكل من أشكال الشعوذة والسحر ومعرفة عالم الغيب الذي يقصد به عالم المجهول بالنسبة للإنسان . و لتذكيره فما قاله بصدد النظريات هو في الحقيقة يقال حول الفرضيات وليس حول الظريات .لأن هذه الأخيرة تبنى على فرضيات بناء على أدلة عقلانية أو ملاحظات أو تجارب أو برهنات (البرهنة هي طريقة عقلانية و منطقية فكرية تؤدي لإستنتاج ما) و ليس على الآراء .و الفرضيات لا تبنى هكذا إعتباطا بل بناء على ملاحظات لظواهر طبيعية تحتاج تفسيرا ما .فالفرضية تقال عن تعبير بشري لعلماء متخصصين يحاولون تفسير ظاهرة ما .لكن الأدلة ليست كافية للقول أنها ترقى لمستوى النظرية .و حينما تتجمع أدلة كافية تقترب من اليقين التام تسمى الفرضية نظرية ...و حينما تتأكد النظرية فبفرط إستعمال المصطلح يبقى العلماء يستعملون هذا المصطلح رغم ثبوتها ..و النظرية الخلوية مثلا تسمى كذلك منذ إكتشاف أن جميع الكائنات الحية بإستثناء الفيروسات تتكون من خلايا .و رغم كونها حقيقة مجهرية يمكن لأي كان التأكد منها ، فلا تزال تسمى نظرية خلوية.و نفس الشيء حاصل مع نظرية التطور. و قد سبق للشيخ يوسف القرضاوي أن قال هو أيضا في برنامج الشريعة والحياة أنه ""إذا أصبحت نظرية التطور حقيقة كالسماء فوقنا و الأرض تحتنا ، فإننا سنضطر لإعادة تفسير القرآن""" بطبيعة الحال هذه التصريحات أولا غير ملزمة للشيخ و توجيه السؤال عنها للشيخ يشبه نصب فخ له و إعتباره متخصصا في كل شيء .و هذا مستحيل .لأن مجاله ليس العلم الحديث .وثانيا لا حاجة ولا ضرورة لها على الإطلاق .. فلا يمكن لنا جميعا كمؤمنين بالله أن نقول أن إيماننا هو نظرية علمية . ببساطة لأنه لا يمكن لإثبات هذه النظرية إجراء تجربة يكون الخالق أحد عناصرها .و رغم أن إيماننا بالله الذي يشبه اليقين مؤسس على المنطق الفلسفي إلا أنه ليس علميا بالمفهوم العلمي الحديث.ونظرياتنا الفلسفية هذه تختلف حول صفات ومييزات هذا الخالق بالضبط بسبب المعلومات العلمية نفسها التي توصل الفكر العلمي اليها . لأننا نتمي لهذا القرن وليس للقرون الغابرة التي كان فيها هذا العلم غائبا عن الناس .شيء طبيعي أن يحدث هذا مع تطور الحياة و تغير الشروط العلمية عبرالزمان. إنها قوانين الله .وعموما هناك حد فاصل لا لبس فيه بين النظريات العلمية و الفكرالعلمي والفلسفة . و كل ما كنا نتحدث فيه هنا يسمى الإبستيمولوجيا أو فلسفة العلوم . و لذلك فإن الحاجة بالنسبة للبشر هي ترقيتهم تربويا وعلميا وتزويدهم بحد أدنى من المعلومات العلمية الحديثة لترقى فكرهم بفهم المفاهيم البعيدة والعميقة و خصوصا على الاقل في مجال علوم الحياة والكيمياء التي تصادفهم في محتويا ت الوصفات الطبية بالنسبة للأدوية حتى يعلموا كيف يستعملونها بأنفسهم دون الحاجة للسؤال.فليس من مصلحة شمال افرقيا والشرق الأوسط كل هذا الغوص في الظلام . ملحوظة : إن تخصيص بعض الوقت للشيخ سالم عبد الجليل هنا دافعه المحبة والتصحيح لبعضنا .فلا كمال إلا لله. وتحياتي للجميع رابط الفيديو: كلام الشيخ عن نظرية التطور في الدقيقة 27 تقريبا https://www.youtube.com/watch?v=fL7BuwYk7K4
رابط قانون الحد الأدنى http://fr.wikipedia.org/wiki/Loi_de_Liebig_sur_le_minimum
#التهامي_صفاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان لإتحاد المؤمنين الربوبيين العرب لشمال إفرقيا والشرق الأ
...
-
كلام عن الإيمان
-
تركبا :زعيم الحزب الإسلامي التركي الحاكم يتنكر للسيدات
-
تركيا :زعيم الحزب الإسلامي التركي الحاكم يتنكر للسيدات
-
المغرب :هل الفيضانات تدعو للشماتة ؟
-
حوار حول نبذ الدعوات الدينية
-
المغرب : التعليم يمكن إصلاحه و التلاميذ يمكنهم التعلم دائما
...
-
مجال شينغن shcenguen درس تاريخي حديث لشمال إفريقيا
-
داعش لا تكشف إلا عورة الفكرالذي تردده كالببغاء
-
مصر و محنة التخريب بإسم الإسلام
-
يا أمراء قطر: توقفوا عن دعم الإرهاب في شمال إفريقيا
-
للإيزيديين إيز..دا و خو ...دا (مرادفان لكلمة الله)
-
حينما تخطئ ثقافة الغدر والفرارهدفها وتتطاول على الربوبية
-
بالنسبة لسكان شمال إفريقيا ، هذه الأخيرة هي الهوية الواجبة
-
بعض الكلام عن -الخلق- و موجد الأكوان
-
بيان لإتحاد المؤمنين الربوبيين لشمال إفريقيا والشرق الأوسط
-
هل حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين ماسوني ؟
-
مزرعة الدجاج و الإستبداد
-
سافانا شمال إفريقيا والشرق الأوسط North Africa and Middle ea
...
-
الشعب التونسي يقول بوضوح (لا) للإسلام السياسي
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|