|
الاعتراف بالطرف الآخر تغير داخلي وليس مكيجة إعلامية
عدنان هواش
الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 11:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ زمن كنت استمع إلى إحدى نشرات الأخبار وهي تتحدث عن بعض القضايا العالمية وقتها . استوقف انتباهي عبارة تقول " وبقيت شوكة القراص لم يتجرأ أحد على ملامستها " . ومن يومها وأنا كلما استمعت إلى سياسي أو صاحب لغة أو إعلامي يتحدث في موضوع ما ألاحقه منتظرا منه أن يضع يده على شوكة قراصة ونحن اليوم على امتداد ساحة العالم العربي و الإسلامي أمام موضوع تحول إلى شعار بل يافطة يرفعها كل من أراد أن يظهر أنه نظيف ومعافى من مرض العصر " التعصب الأعمى " واعني بذلك الشعار الاعتراف بالطرف الآخر حتى أن الكثير من رجال الفكر التديني ركبوا هذه الموجة غير أنني في كل ما سمعته لم ألحظ أن أحدا لامس تلك الشوكة أو اقترب من لب المشكلة بل جاء كله درءا للتهمة أو مسايرة وخضوع لضغوط سياسية . نتحدث عن الاعتراف بالطرف الآخر وكأن رفضنا وصل حد التكفير المؤدي إلى استباحة الدم كأن ذلك الرفض وتلك الأفعال هي ردة فعل لحدث عابر أو مزاجية عارضة أو فشة خلق إذا كان الأمر كذلك فإن مل يقوله هؤلاء المتكلمين قد يكون مقبولا لمعالجة المشكلة أما إذا كان كره الغير ناتجا عن أراء و مواقف عن اجتهادات وفتاوة كونت قناعات راسخة وتراث بالكامل إذا كان الموضوع كذلك وهو بالفعل كذلك فإن كل ما يقال ليس إلا صيحة في واد . فمثلا على المستوى الفردي هل يستطيع إنسان أن يتحول من كره آخر كرها يصل حد الإجرام إلى حبه أو حيادية تجاهه إلا بعد أن يتغير ذلك الإنسان إلى رأيه أو يغير هو رأيه به لتتغير بالتالي مواقفه تجاهه ونحن نرى أن بقية شعوب المعمورة من مسيحية و بوزية ويهودية وغيرها لم ولن تتغير إلى أراء و أفكار كذلك النفر الضارب الجذور طولا وعرضا في أعماق الشعوب الإسلامية وبالمقابل فنحن لم نرى بحوثا موضوعية راعية أولا وجريئة ثانيا تضع يدها على الجرح وتساعد على إظهار خطا تلك الأفكار و الآراء التي ولدت النفور من الغير في دواخلنا . نتساءل وببساطة كيف لي أن أتخلى عن قناعة مستمدة من آراء وأفعال أشخاص لا يزالون في نظري يتربعون على قمة تاريخي الذي أفخر به من خلالهم إن لم استطع الاعتراف بأن إجبار المسيحيين و اليهود على أن يضعوا على أبواب منازلهم ويرتدون ثيابا مميزة تحمل إشارات مذلة ومهينة تميزهم عن المسلمين كما حدث بداية العصور الإسلامية الأولى إن لم اعترف واسلم أن ذلك كان خطأ ومنافي لروح الإسلام فكيف أقبل المساواة معهم في الحقوق و الواجبات . إن كنت لا أزال اعتبر أن صاحب بل ومؤسس مدرسة الفكر التكفيري للغير هو من الذين لا يدانيهم الخطأ تقريبا وأن آراءه تشكل حيزا كبيرا من فضائي الفكري فمن أين لي و الحالة هذه أن أستطيع التخلي عن تكفير الغير كيف لنا أن نكون صادقين فيما نقول ونحن ندرسها في جامعاتنا مفاهيم كثيرة مثل " قسم فقهائنا العالم إلى دارين : دار الحرب ودار السلام وإن عاقت الظروف دون ممارسة الفتوح فالأصل أن تستمر حتى يعم الإسلام العالم كله " قرأت ذلك في بداية الثمانينات حين كانت الحركة الأصولية ممثلة بالإخوان المسلمين تزرع الرعب و الموت في المدن السورية يومها فوجدت نفسي أصب اللعنات على رأس هولاكو لا لأنه أحرق مكتبة بغداد فحسب بل لأنه أبقى مكتبة واحدة في العالم الإسلامي تغزي العقول بهذه الأفكار . وخلاصة القول إن الاعتراف بالطرف الآخر لايتم إلا بتغير القناعات المولدة لرفضه ومن المؤسف أنك عندما تستمع إلى بعض المتحدثين على الشاشات وخاصة من أصحاب العمائم وهم يتصدون لهذه المعالجة فإنك عندما تسمعهم يصورون الواقع تتوسم خيرا بما سيقولونه غير أنه عندما يسأل أحدهم عن رأيه في الحل ينعطف بك بزاوية (180) درجة حين يدعو إلى إحياء سيرة السلف الصالح تلك السيرة التي كان رفضنا للآخر بعض من جوانبها ونحن ندعو هؤلاء المتكلمين أن لا يختبؤا وراء تردادهم لآيات القرآن الكريم الناطقة بالين و الرحمة فهذه الآيات معروفة و مقروءة من الجميع و معبرة عن نفسها و هم يعلمون قبل غيرهم أن عمليات التحمية و الشحن و الإثارة الدينية و التغرير و غسل الأدمغة لا يتم بواسطة آيات القرآن هذه لأن هذه الآيات تفعل في الأنفس عكس ذلك بل أن تلك العمليات المذكورة تتم من خلال تلك الآراء و المواقف التي ذكرنا قسما منها أو عن طريق التفسير الخاطئ و الغبي لآيات أخرى في القرآن و ليتفضل هؤلاء المنبرين للدفاع عن الإسلام إما للنزول لمواقع الجريمة الحقيقي أو ليبيعوننا سكوتهم مشكورين
#عدنان_هواش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كل مال بردِت بتحميّا
-
لنكن أصحاب رأي أولا
-
الحياد في مواقع العمل جريمة
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|