أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - شعب النهضة














المزيد.....

شعب النهضة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 10:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


فى حوار صحفى مع قناة تلفزية تونسية خاصة غازل المنصف المرزوقى أتباع حركة النهضة قائلا: إنّه يثق فى ما سماه بـ«شعب النهضة» فى انتخابه، مثبتا بذلك أنه يميز بين «شعب النهضة» وسائر مكونات «الشعب». وعلى هذا الأساس انتبه التونسيون إلى أن المرزوقى الذى يسوّق لنفسه على أنّه «رئيس كل التونسيين» لا ينظر إليهم باعتبارهم يمثّلون الشعب بل إنّه يميّز بين «شعب النهضة» الذى يحسب له ألف حساب لأنّه يمثل كتلة عددية مهمّة فى الانتخابات، وسائر التونسيين.

والواقع أنّها ليست المرة الأولى التى يقوم فيها المرزوقى بعملية الفرز إذ خاطب التونسيات من قبل، قائلا: المحجبات والمنتقبات والسافرات. ولا نخال المرزوقى وهو «الرئيس المفكّر» يجهل مدى خطورة استعمال هذه العبارات، ولكن نراه قد «اضطر» إلى استعمالها كتكتيك سياسى بهدف مزدوج: إخافة الخصوم السياسيين، من جهة، وكسب ودّ أتباع النهضة الذين رفضوا ترشح الباجى قايد السبسى، من جهة أخرى.

وهكذا نتبيّن أنّ شكل تواصل السياسيين يؤثر فى الناس ويوجهّهم إمّا سلبا أو إيجابا حسب وعى الفاعل السياسى بسلطة الكلمات وخطورة اللغة السياسية، هذه اللغة التى هى فى الواقع أداة أساسية من بين أدوات سياسة أخرى يلجأ إليها السياسى، ومن السذاجة أن نعزل سلطة السياسة عن سلطة اللغة السياسية. وبالإضافة إلى ذلك يعكس انتقاء العبارات مقاصد المتلفّظ من ذلك بناء علاقة مع الآخر وكسب ودّه بالرفع من شأنه والتنويه بفضائله الاستثنائية وإشعاره بأنّه هو الأحرى بالتوجه إليه بالخطاب والتعويل عليه فى العملية الانتخابية باعتبار أنّه يمثّل قوّة سياسية. وإذا كان المتخيل الإسلامى يقوم على فكرة الاصطفاء «خير أمة أخرجت للناس فإنّ السياسى يجعل «شعب النهضة» هو المصطفى من دون سائر التونسيين. وهكذا تكون العبارة أداة تشجّع وتدفع وتحفز المخاطب حتى يناصر المرزوقى فى حملته.

•••

واللافت للانتباه أنّ عبارة «شعب النهضة» صارت عبارة متداولة بكثرة فى خطاب قيادات حزب النهضة وأتباعها وكذلك فى تعاليق النهضاويين على صفحات التواصل الاجتماعى وكأنّ هؤلاء وجدوا مبرّرا لاستعمالها فإذا كان المرزوقى نفسه يعترف بأنّ النهضاويين يمثلون «شعبا» فما المانع من ترسيخ هذه العبارة فى الخطاب السياسى أو فى فضاءات التواصل، خاصة أنّها تحقّق الإشباع النفسى وتساهم فى استعلاء من كانوا فى سدّة الحكم.

والمطلع على منابر الحوار على مواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك يدرك مدى انتشاء عدد من أتباع حزب النهضة ومناصريه باستعمال هذه العبارة التى وجدت هوى فى نفوسهم لاسيما وأنها تشعرهم بتميزهم عن الآخرين. كما أنّ إصرار البعض على ترسيخ هذه العبارة يثبت طريقة تمثيل الذات من جهة، وتمثيل الآخر من جهة أخرى. فحزب النهضة تنسب له صفات تميزه عن غيره وتتعارض مع الآخر. وليست الغاية من وراء هذا الفرز إلا إجراء مقارنة، وتجذير الاختلاف بين «شعب النهضة» وبقية التونسيين.


إنّ تعمّد السياسى، وهو الذات المتحكمة فى اللغة السياسية والخطاب، إخراج طرف حزبى، وهو النهضة من مجموع الناخبين بمنحه قيمة إيجابية يساهم فى بناء علاقات قائمة على استبعاد الآخر ونفيه وإقصائه باعتبار أنّه ليس جديرا بالتفاعل معه ولا يملك الأهلية اللازمة ولا الفضائل التى تجعل التواصل معه مفيدا. وبناء على ذلك ترسم خارطة جديدة للناخبين: «شعب النهضة» الذى يمثّل المركز أمّا البقية فإنّها تزجّ فى دائرة الهامش.

وإذا كانت اللغة تؤثر فى سلوك الناس وطرائق تفكيرهم وتحدّد أنماط التفاعل بينهم وتقوم بتشكيل رؤية الإنسان للكون، والعالم الذى يعيش فيه فإنّ تسلل مثل هذه العبارات إلى الخطاب السياسى فى سياق تقسّم فيه البلاد إلى شمال/جنوب، كفار/مؤمنين، سلفية جهادية/علمانيين...يثبت مدى مسئولية السياسى فى تفكيك الوحدة الوطنية. كما أنّ هذا الفرز قد تكون له انعكاسات خطيرة على مستوى ترسيخ قيم المواطنة فعزوف عدد من أنصار النهضة عن المشاركة فى انتخابات لا يملكون فيها مرشحا يفسر فى ضوء أن «مواطنية» شعب النهضة لا تمارس إلاّ متى كانوا فى مواقع السلطة أما إذا كانوا بلا مرشح فى عملية انتخابية فإنّهم غير معنيين ومحايدين وخارج اللعبة، وإن كان الواقع يثبت العكس.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوافق المزعوم
- من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»
- الكلّ يغنّى على ليلاه
- هل خرجت تونس من النفق؟
- ملاحظات على هامش الانتخابات التونسية
- حالات الإحباط.. قبيل الانتخابات
- موجة خلع الحجاب .... على هامش الانتخابات
- رسالة تونس: لله درّ النهضة كم تتقن التلاعب
- لقد هزلت حتى بدا من هزالها
- السياسة كرنفال
- سفينة النجاة
- على قدر الكساء نمدّ أرجلنا!
- كلّهم فى الهوى سوى
- برگاتك يا حزب!
- المسكوت عنه فى محاربة الإرهاب
- يا قصر قرطاج.. ها هم على أبوابك يتزاحمون
- نكبتنا فى الطبقة السياسية
- مأزق الهيئة العليا والمستقلة للانتخابات
- شطحة من شطحات الشيخ
- ما بعد «حلحلة» الأزمات


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - شعب النهضة