أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أفنان القاسم - ضد الدين وليس ضد الإسلام أو المسيحية أو اليهودية















المزيد.....

ضد الدين وليس ضد الإسلام أو المسيحية أو اليهودية


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 09:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعيد نشر هذا المقال الصادر في الحوار المتمدن منذ أكثر من عامين لكل من أساء فهمي...


موقفي المعارض للدين لا يعني معارضتي لليهودية للمسيحية للإسلام للصابئية للزرادشتية للكونفوشيوسية للبوذية للتاوية... الدين كوعي لا ينتمي إلى حقل العقل شيء، والدين كاختيار لا يخص شخصًا آخر غير صاحبه شيء آخر. وككل اختيار، لهذا الاختيار أسبابه الخاصة والعامة التي يجدر التعامل معها بحيادية مطلقة، وعدم قطعية كاملة، فهي ليست ثابتة، وإنما متبدلة تبدل النظام الاجتماعي ذاته الذي تولد فيه. حقًا البنية هي مجموع العلاقات المعبرة عن تنظيم النظام، كما يقول كلود ليفي-ستراوس، ولكنها على عكس ما توصل إليه العالم البنيوي علاقات ليست سرمدية، ليست دائمة، وبالتالي أسباب الفرد فيها متوقفة عليها. وبما أن البنية بنية لواقع مدرك بالعقل لا بالحواس، كان الشكل المنطقي لهذا الواقع، في الحالة العربية، هو الإسلام. إذن أن يكون الإسلام من المذاهب الغير المنطقية شيء، ولكن أن يوجد بكل المنطق العلمي في مجتمعاتنا شيء آخر. إلا أن هذا الوجود يبقى متوقفًا على العلاقات التي ينتظم بها النظام، والتي هي في تغير دائم –بطيء أم سريع هذا شيء آخر، كمي أم كيفي شرحه، بوعي أم بدون وعي كمان- ومن منطق هذا التغير بين عناصر العلاقات ننظر إلى الإسلام (كلود ليفي-ستراوس ينظر إلى الأسطورة) في تحليلنا له من خلال تساوقه مع الواقع، وخاصة من خلال تحوله.

تحديث الإسلام بين القطع والتأويل
من خلال المنطق الدلالي السابق، الإسلام يمكن تحوله، كالمسيحية من قبله، وذلك عن طريق تحديث له. ليس الإسلام بحاجة إلى عصر أشبه بعصر الأنوار في نقده ليكون تحديثه كمؤسسة إكليركية وكمذهب عقائدي، لأن المعرفة وصلت من الكمال إلى درجة يستطيع المرء، أيًا كان، استعمال أدواتها. لكن المشكل يبقى، فيما يخص رجال الدين، رؤيتهم إلى العالم دنيوية أم سماوية، وفيما يخص المذهب، الرؤية إليه قطعية أم تأويلية. هنا في فرنسا تم حل المشكل الأول فيما يخص الأئمة عن طريق إنشاء مدرسة لاهوتية يدرسون فيها الإسلام تحت تصورات فلسفية مختلفة لتوسيع مداركهم ورؤيتهم للعالم، وتم حل المشكل الثاني فيما يخص الرؤية إلى الإسلام كإسلام معتدل متسامح غير قطعي متعايش مع باقي المذاهب، المذهب الإلحادي أحدها، في أحضان العَلمانية. ومع ذلك، بقي الإسلام على جموده، ولم يصل في تحديثه إلى ما أريده أنا شخصيًا كتأويل للعالم وقراءة جديدة له. وأعني بالقراءة الجديدة غير تلك المسلِّمة بكل شيء، المستسلمة لقدر الكلام بالمفهوم الألسني، للمقدس كمفهوم منزل غير منزل كان المعتزلة أهم من ناقش في مسألته حتى اليوم. ولأن الكلام الإلهي يبقى محوره الإنسان، وهذه هي المثولية (حالة كائن ماثل في كائن آخر)، يغدو التأويل كنظام مفتوح –عكس ما يقوله كلود ليفي-ستراوس- حاجة إنسانية، وأولوية حياتية. لهذا تجدني أرى عند قراءتي للقرآن الناحية البراغماتية فيه، بمعنى أن معيار صدق الآراء والأفكار في قيمة عواقبها العملية: الصلاة دون سُكْر ثم تحريم شرب الخمر مثلاً كما اتفق عليه (تحريم كيف والقرآن لم يحرمه والحديث لم يحرمه؟ ومع ذلك، لنفترض أنه تم تحريمه). علميًا هذا التعاقب ذو مفعول رجعي، مما يشكك في القطع، ومن باب التأويل ندخل إلى عالم الليونة في الحكم. مثل آخر فيما يخص الحجاب، في سورة النور هناك تحديد علمي واضح للخمار وليس للحجاب، وهو الشال في لغة اليوم، والجيب هو الصدر، وإلقاء الخمار على صدر المرأة يعني تغطيته، وهذا كل ما في الأمر بخصوص تحجيب المرأة. كما أن التأويل الثوري للذكر حق الأنثيين أوجزه في كون ما للذكر من نصف ما للأنثى، لهذا كان حقه حق أنثيين لا أنثى واحدة، وهكذا نضع المرأة على قدم وساق مع الرجل حسب تصور معاصر. لكن القرآن من قلب الحداثة يغدو شيئًا آخر من خلال "نظرة النظرة" إليه، النظرة الأولى للآيات المدنية على الخصوص فيها من العداء ما يزلزل العالم تحت أقدام المؤمنين وغير المؤمنين، هناك تهديد لا يصدق للأنا وللآخر في آن، ونفي للاثنين معًا، بينما النظرة الثانية للنظرة الأولى، النظرة إلى الرمز في الآيات، تجعل من جهنم التي يتوعد الله بها الكافرين كل ما هو جهنمي على الأرض، وعلى المرء العمل على تفادي ذلك بالإيمان، أو بغيره، بشيء يشبه الإيمان، وإذا بالآيات المدنية هذه ترقى إلى الكونية.

العَلمانية كطريق إلى الكونية
تحديث الإسلام يمضي بالحداثة والحداثة بالعَلمانية والعَلمانية بالكونية، ولنكرر هنا ما يعلمه الجميع: العَلمانية هي فصل الدين عن الدولة، ولكن ما لا يعلمه الجميع: العَلمانية هي حرية الرأي وحرية الاعتقاد، ولن ننسى إضافة عدم تدخل الكنيسة (المسجد) في الحياة العامة ولا في السياسة. منذ العام 1905 والعَلمانية تعمل في فرنسا على أكمل وجه، منذ أكثر من مائة عام، الديمقراطية والتعددية وكل العدالات في الدولة المدنية تعمل على أكمل وجه، مما أنهى التطرف الديني في بلد عانى طوال القرن السادس عشر من الحروب الدينية ما لم يعانه أي بلد آخر، ومما فتح الباب واسعًا للتطور، ولبناء الحضارة . لهذا مخطئ من يقول عن يأس في الماضي كان الدين، ولم يتغير شيء، ليتغير في الحاضر ما لم يتغير؟ وللعلم، منذ ذلك التاريخ البعيد للعَلمانية تم بناء عشرات آلاف الكنائس، ولم تقف الدولة حائلاَ دون ذلك، لكن التطور البنيوي للمجتمع على كافة الأصعدة، أي مجتمع، يترك آثاره في أفراد هذا المجتمع، سلبًا أو إيجابًا، في العلاقات بين الأفراد، في العقليات، في المعتقدات، لهذا كان من الكنائس ما عددها يتجاوز المائتين التي تقفل أو تهدم أو تباع سنويًا، وذلك من تلقاء ذاتها، و –أكرر- دون أي تدخل من طرف الدولة، حتى ولو أراد البعض تحويل كنيسة إلى مسجد، كما يحصل اليوم في مدينة فييرزون الفرنسية من منطقة الشير، والتي تريد شراءها إحدى الجمعيات الإسلامية. هذا وسأنهي مقالي عن أضخم جامع في فرنسا بله في أوروبا افتتحه وزير الداخلية في مدينة ستراسبورغ منذ يومين تنويهًا بالعَلمانية، وتثمينًا لها. أضف إلى ذلك، العَلمانية ترمي إلى جانبٍ الجدلَ المصطنعَ حول الدين في صراعنا الإيديولوجي مع الغرب الذي عن عمد يثير الضغائن، ويعاضد الإسلاميين، ويلقي بنا في اللاجوهري، بينما الجوهري هو ثرواتنا التي تنهب، وقوانا التي تشتت، ومصائرنا التي يهددها أقل عصف للريح.


باريس الأحد في 2012.10.14



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سامي الذيب إسهال ثقافي وإفلاس فكري
- موعدي مع القارئ والكاتب للمحاورة في 14 الشهر الجاري
- وقفات سيميائية إزاء النساء في أحاديث نبوية
- بشرية القرآن دراسة سيميائية
- الحركتان الخارجية والداخلية في قصة -صعلوك- لنازك ضمرة
- دمروه ليدمروا الأدب الفلسطيني غسان كنفاني
- محمود درويش وسميح القاسم مرة أخرى ردًا على تداعيات قاسم محاج ...
- أدباء دمروا الأدب الفلسطيني إميل حبيبي
- أدباء دمروا الأدب الفلسطيني محمود درويش
- مستويات المعنى في قصيدة -الزورق العليل- لحميد كشكولي
- بنية الخبر في قصة -انتفاضة- لنبيل عودة
- العجوز النص الكامل نسخة مزيدة ومنقحة
- تحليل العجوز للمستعرب الكبير دانيال ريج
- العجوز الحلقة السابعة والعِشرون والأخيرة
- العجوز الحلقة السادسة والعِشرون
- العجوز الحلقة الخامسة والعِشرون
- العجوز الحلقة الرابعة والعِشرون
- العجوز الحلقة الثالثة والعِشرون
- العجوز الحلقة الثانية والعِشرون
- العجوز الحلقة الحادية والعِشرون


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أفنان القاسم - ضد الدين وليس ضد الإسلام أو المسيحية أو اليهودية