هل فعلاً خلق الله الإنسانَ؟ أم أنّ الإنسانَ هو من خلق اللهَ؟ (4)

أشمون رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في الجزء الأول الذي حمل نفس العنوان، تمّ ذكر الأسباب الإسلاميّة للخلق ألا وهي تقديم العبادة وإعمار الأرض. لقد لفتت نظري إجابة للباب شنودة على سؤال: لماذا خلق الله الإنسان؟ وفي إجابته، إن صحّ الحكم، كان أقرب بعض الشيء للمنطق من إجابة القرآن التي نسبت لصفات الله ضعفاً إنسانيّاً حيث ادّعت أنّ الله خلق الإنسان ليعبده. إنّ الباب شنودة، كالعالم بهفوة الإسلام، أكّد على أنّ الله ليس بحاجة لأي وجود منفصل عن وجوده، ولكنّه – أي الباب شنودة – ادّعى أنّ الله قد خلق الإنسان بسبب كرمه وجوده، أي خلقه ليتنعّم بالوجود.

إنّ تعليل البابا شنودة، على الرغم من أنّه أفضل من تعليل الإسلام من الناحية الفلسفيّة، إلا أنّه يدلّ على انفصال كلّي عن الحياة الواقعية، وعن جهلِ فيما يدور حوله من مآسِ وظلمات. ألم يقرأ البابا شنودة التأريخ؟ ألم يطالع صحف الأخبار!؟ كيف لإنسان أن يعلّل الخلق بكرم الخالق على المخلوق في مجتمع مرّ بكل الحروب ومآسيها، وبكلّ الأمراض، بكل الأحزان. ألم يقرأ الباب شنودة عن استعباد الإنسان للإنسان؟ ألا تصله أخبار الاغتصابات الجنسيّة التي تحصل كلّ يوم بين البشر؟ ألم يعرف عن الإتجار بالبشر الذي ما زال يحصل في مجتمعاتنا المعاصرة!؟ ألم يشاهد الأطفال الذين يموتون جوعاً وبرداً؟ إنّ لائحة المعاناة التي يعاني منها الكثير من البشر تطول ولا تنتهي، فكيف بإلهٍ كريمٍ أن يخلق حياة بهذه السوء بداعي الكرم؟
هل فعلاً خلق الله الإنسان ليتمتّع بالحياة؟ هل فعلاً خلق الله الإنسان؟

هل الإنسان هو من خلق الله؟ فكّر معي صديقي القارىء... فكّر معي بتجرّد... أليس من الممكن أنّ الإنسان قد خلق مفهوم الإله بسبب المآسي التي يمرّ بها في هذه الحياة؟ أليس منطقياً أنّه يريد من يلجأ إليه ليحقق العدالة التي افتقدها في هذه الحياة؟ ألا نسمع هذه العبارة في عالمنا العربيّ (منّك لله يا ظالم)؟ ألا نسمع غيرها من العبارات والأمنيات التي تحمل في طياتها الرغبة في تحقيق العدل والاقتناص من الظالم؟ أليس واقعاً في مجتمعاتنا أنّه كلما ازدادت المجتمعات فقراً ومعاناةً، ازدادت تديّنا وإيماناً؟ إن الله هو ملجأ الإنسان الضعيف، هو القاضي الذي يأمل الإنسان أن يلتقيه بعد هذه الحياة. إنّ الله هو وهم العدالة التي ستحلّ على البشر. إن الفقير، والمريض، والمظلوم، واليتيم، والثاكل، واليائس، وغيره وغيره وغيره، لا أمل له إلا في الإيمان بهذا الوهم لكي يحقق له مآربه التي حرمه منها ظلم الحياة.
لو أنّ الله قد خلق الإنسان بداعي الكرم، أما كان لينجيه من مظالم كثيرة؟ على الأقل تلك التي لا يد للإنسان فيها، كالكوارث الطبيعية من براكين وزلازل وأعاصير وغيرها.

إنّ الإنسان قد خلق الله ليحقّق له عدلاً حُرِمَ منه في هذه الحياة. ولو أنّ الله هو من خلق الإنسان فعلاً، إذن فعلى الإنسان أن يحاكمه ليحقّق العدالة!

#أشمون_رعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات