أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - رسالة إلى الدكتور سيد القمني














المزيد.....

رسالة إلى الدكتور سيد القمني


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 22:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدكتور الفاضل سيد القمني
تحيِّة طيِّبة وبعد


لا أُريد أن أُسهب في مديحكَ المُستحق، حتى لا تفقد الرسالة موضوعيتها، ولكنني أحد الكُثر المتابعين والمعجبين بكَ وبكتاباتكَ ومناظراتكَ، وأحسبكَ أحد القلائل مِن المُفكرين المُعاصرين الذين استطاعوا أن يُحركوا ساكنًا في رواكد الفكر الإسلامي الجامد والمُتحجِّر، ولكنني وبكل أسف سمعتُ لكَ كلامًا على قناة (القاهرة والناس) في برنامج (أسرار من تحت الكوبري)، الذي يُقدمه الإعلامي القدير طوني خليفة، مع كلٍ مِن الدكتور سالم عبدالجليل (وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق)، والمستشار عاصم عابدين (المحامي بالنقض). وسبب عتبي عليكَ (لن أُسمِّيه غضبًا أو استياءً) هي جملة قلتها، وأنقلها هنا نصًا:

"أنا أرى أن وجود الملحد لطيف. ليه؟ ياخي لما تشوف الملحدين ماشين في الشارع كده، وملحدين وكفار، حتحمد ربنا على نعمة الإيمان، حتحس بتميُّزك ياخي."(انتهى الاقتباس)

والحقيقة أنني اندهشتُ جدًا لهذا الكلام الذي أراه يضرب في مشروعكَ الفكري، ويهدم أساس الدولة المدنية "العلمانية" التي تدعو لها (وأنا أيضًا من دعاتها ومُؤيديها)؛ إذ لا يُمكننا التوفيق بين كلامكَ هذا وبين كلام آخر قلته في نفس البرنامج، عندما سألكَ مقدِّم البرنامج عن سبب اعتذاركَ لتلامذتكَ ومُحبيكَ عن الإجابة على سؤاله حول ديانتك، فأجبته بقولكَ نصًا: "نُصر على ألا يكون الدين هو فيصل ومساحة ومقياس وشكل الإنسان في مجتمعاتنا."(انتهى الاقتباس) فلماذا أستاذي الدكتور القمني جعلتَ (في جملتكَ الأولى) الدين والإيمان "مقياسًا" لتميِّزكَ أنتَ على الملحدين؟

أنا أعرف تمامًا أستاذي الفاضل؛ إنكَ ضد أن تكون العقائد الدينية سببًا في الخصومة بين أبناء الوطن الواحد، وهذا ما يفهمه كل من يُتابع كتاباتكَ وأحاديثكَ؛ ولكن جملتكَ هذه يُستشف منها أنه لا بأس لديكَ أن تكون الخصومة موجودة، ولكن غير مُعلنة، طالما كان المؤمن سوف يشعر (داخله) بالتميُّز عن أخيه المُلحد؛ وهذه عنصرية دينية أرى بأنها ستكون بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستنفجر مع أول شرارة قد تُوقد، وهو نوع من النِفاق الاجتماعي والفكري الذي يُظهر فيه المؤمن للملحد التسامح والتساوي والاتفاق على الحدود الدنيا للإنسانية، ويُبطن له في الوقت ذاته اليقين بدنو قيمته عنده في مقابل استشعاره التميز عليه! وهو نفس النفاق الذي يُظهره بعض المسلمين للمسيحيين، وبعض المسيحيين للمسلمين تحت ستار التسامح الديني والشراكة في الوطن ووحدة المصير، في حين يلعن أحدهم الآخر في دُوُر العبادة، وفي الكتب، وعلى بعض القنوات التلفزيونية.

وأنا هنا اتساءل: "هل فعلًا الإيمان والعقيدة الدينية (المساحة الخاصة الحرة كما أسميتها في نفس البرنامج) قد يكون سببًا لتميُّزكَ عن الإنسان الملحد؟" هل هذه هي فعلًا قناعاتك أستاذي القمني؟ إن دافعي الحقيقي لكتابة هذه الرسالة المفتوحة لكَ هو شعوري الحقيقي بالإحباط مما سمعته في تلك الحلقة، فإيمانكَ الذي سوف يجعلكَ تشعر بالتميُّز عن الملحد، سوف يجعلكَ أيضًا تشعر بالتميُّز عن المسيحي الذي يُخالفكَ في الإيمان، وهو ذاته الذي سوف يجعلك تشعر بالتميُّز عمَّن يُخالفكَ في إيمانكَ الإسلامي بالكيفية التي تُؤمن بها(!) إنني على قناعة كاملة أستاذي الفاضل بأنه لا يوجد شخص متميُّز عن الآخر؛ فلا يوجد إنسان متميُّز عن إنسان آخر، فلا أنتَ –كمومن- متميِّز عني، ولا أنا –مُلحد- مُتميِّز عنك، ولكننا نتمايز عن بعضنا البعض في أفكارنا وفي اعتقاداتنا وفي مظهرنا. وأؤمن تمامًا أن كل ما قد يجلب لأحدنا شعورًا بالتميُّز عن الآخرين يجب العمل على قضائه؛ فلا تمييز أبدًا بين الناس.

لا شيء على الإطلاق أستاذي الفاضل قد يكون سببًا في التمييز بين الإنسان وأخيه الإنسان؛ لا ديانته، ولا معتقداته، ولا لونه، ولا جنسه، ولا جنسيته، ولا عِرقه؛ فالأبيض ليس مُتميِّزًا عن الأسود، ولا الأسود مُتميِّزٌ عن الأبيض، ولكنهما متمايزان عن بعضهما البعض، ولا المؤمن مُتميِّز عن أخيه الملحد، ولا الملحد مُتميِّز عن أخيه المؤمن، ولكنهما متمايزان عن بعضهما البعض، وكنتُ أعتقد أنك تؤمن بمبدأ عدم التمييز ضد الآخر المُخالف مع الإقرار بالتمايز عنه، ولكن ....

مودتي وتقدير واحترامي الكبير لكَ

هشام آدم
ملحد سوداني مقيم في بلجيكا



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون الجدد - 4
- المسلمون الجدد - 3
- المسلمون الجدد - 2
- المسلمون الجدد - 1
- بتروفوبيا إلى الإنجليزية
- السَّنافر - 3
- السَّنافر - 2
- السَّنافر - 1
- المُعاناة في حياة المُلحد
- الخالق ورطة الخلقيين
- مصير الأنبياء
- الحجاب والحرية الشخصية
- دفاعًا عن نظرية التطور
- خطايا السَّيد المسيح - 2
- خطايا السَّيد المسيح
- فضائح السَّند والمتن في علم الحديث
- الالتفاتة الأخيرة لخلدون
- رَمَدُ العُيون في مقالة المدعو خلدون
- قراءةٌ في سِفر الوثنية
- محاولة لقراءة التاريخ الإسلامي بعينين


المزيد.....




- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - رسالة إلى الدكتور سيد القمني