أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - هل تذكرون الأقلية الآيزيدية؟ حكاية ريحانة















المزيد.....

هل تذكرون الأقلية الآيزيدية؟ حكاية ريحانة


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 14:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل تذكرون الأقلية الآيزيدية؟
حكاية ريحانة


هل تذكرن الآيزيديون؟
هل تذكرون الايزيديات؟
عارنا؟

لا تنسوهم.
لا تنسوهن.
فما حدث ويحدث لهم/ن لم ينته بعد، ومعه مسؤوليتنا فيما يحدث لهذه الأقلية.
نحن مسؤولون. نحن مسؤولات عما يحدث لهن/م.

فليس هناك اسهل من لوم “التطرف”.
كأنه نزل من الفضاء. غريب عنا. دخيل علينا.
كأنه ليس منا.
وننسى أننا فتحنا للتطرف بيوتنا. وصفقنا وهللنا له. وتركناه يتحكم في عقولنا وحياتنا.
كأننا لم ندعوه إلى منابرنا، ومدارسنا، وإعلامنا؟

-----

سأقص عليكن قصة. حكاها لي صديق ايزيدي من خانك. عن فتاة في ٢١ من العمر. من مواليد ١٩٩٣.
سأسميها ريحانة.
من قضاء شنكال، قرية كر زرك، تل أصفر بالعربية.
تحكي.
في الثانية صباحا. في الثالث من اغسطس ٢٠١٤.
دهمت داعش القرية.
ورغم المقاومة، تمكنت من إقتحامها.
تمكنت من فعل ذلك بسبب "مساندة العرب الجيران السنة من القرى المجاورة”، من عشائر “ المتيوتية والخاتونية والجحيس..”.

ياخزيكم.
يا عاركم.

دعموا داعش. ساعدوها في الحصار، ومكنوها من إحتلال القرية!

جار وجاره. يأكلان معا، يعيشان معاً. ثم فجأة لا يصبح جاراً. يصبح خائنا. ينقلب على جاره لأنه غير مسلم! يقول له سأفتح الباب لداعش إلى بيتك، كي يقتلك، ينتهك عرضك، ويسلب مالك، لإنك لاتؤمن بديننا.
بإسم الدين؟
أي رب يعبد؟

وهل الرحمن كراهية؟

فقط عشيرة واحد، عشيرة واحدة لم تخن. عشيرة شمر. أثبتت أن الخير في الإنسان لازال باقياً.
لكن القرية سقطت.
فأسروا ريحانة.
نقلوها إلى مدينة تلعفر. وجمعوها في بناية مع نحو ٧٠٠ إمرأة، بعضهن مع أطفالهن.
تقول:
“بالنسبة لهم كنا كائنات غير بشرية.
لم نكن بشراً بالنسبة لهم.
تعرضنا للضرب. والتهديد بالقتل، والإغتصاب.
هددونا إن لم نسلم سيقتلونا.
قلنا لهم لن نسلم. فديننا مسالم.
ولا مكان للقتل في ديننا".

دينها الآيزيدية، وهو دين مسالم. لا يدعو إلى القتل. أوفرض الدين على الغير عنوة.
-------

يقولون لها إسلمي عنوة أو نقتلك.
بالله عليكم، بالله عليكن، هل نعي ما يقولون؟
إسلمي غصباً عنك أو نقتلك؟
-------
تكمل حكايتها.
"جاء رجل من سورية بحقيبة ملأى بالنقود.
إشتراني وخمسين فتاة اخرى.
كان ثمني ٥٠٠ دولار.
نقلنا إلى محافظة رقة".

كان الرجل نخاساً. بائع عبيد.
تقول:
"في رقة إشتراني منه فلسطيني. وبعده إشتراني سعودي.
وبقيت لدى السعودي في بيته فترة.
لكني انتهزت أول فرصة غاب فيها عن البيت وفررت.
هربت.
في ساعة متأخرة من البيت.
جريت.
وجريت.
ولم اجد من الجأ إليه.
فدخلت احد البيوت في رقة.
تحكي: "قلت لهم أنا دخيلة عندكم. وحكيت عليهم قصتي”.
فقالوا لها "لا تخافي. انتي اختنا. أنتي بنتنا”.

ومن جديد أثبت الإنسان أن الخير فيه محبة.

إتصلت بأخيها في كوردستان.
وهربها صاحب البيت. ذلك الشريف، ذلك النبيل، ذلك الإنسان، هربها إلى الحدود التركية.
وكان أخوها في إنتظارها. ومن هناك إلى محافظة دهوك، مجمع خانك.
هي الآن في ذلك المخيم.

مخيم تم بناؤه لإستقبال ثلاثة الآف لاجيء ولاجئة، فكدسوا فيه احد عشر الف لاجيء ولاجئة من الأقلية الآيزيدية.
كأنهم سردين.
خيام مهلهلة. تحترق بسهولة.
وبرد قارص.
والمطر يغمرهم طيناً.

والعالم إنتفض لحظة، نظر إلى بلائهم لحظة، صرخ وهلة، ثم صمت، تثاءب، وحطت عليه الغفلة.
فنسي ما حل بالأقلية الآيزيدية.
نسي ما تمر به في تلك المخيمات.

وريحانة،
ريحانة تعيش في هيكل بناية.
بناية غير صالحة للعيش.
وتعاني نفسياً مما مرت به.

وما مرت به نحن مسؤولون عنه.
نحن مسؤولات عنه.

فإذا كانت الحروب تقتل الإنسان فينا، فإن الحروب التي نشنها بإسم الدين تظهر بشاعة الإنسان.
وفكرة الجهاد هو أساس تلك الحروب الدينية التي تشنها داعش وبوكو حرام وشباب الصومال والقاعدة وحركات الجهاد في سيناء واليمن.
فكرة الجهاد التي نصر عليها كفريضة، ونروج لها في خطاب رسمي مؤيد، سني وشيعي على حد سواء.

وأتحدى أن اجد من يُسمي الجهاد بإسمه الحقيقي.
لأن الجهاد ليس إلا عنفاً.
الجهاد ليس إلا قتلاً وترويعاً.
الجهاد ليس إلا إرهاباً.
بإسمه نقتل الإنسان، ونخون الجار، ثم نبيع المرأة وننتهك عرضها.

وإذا كنا كلنا نكرة داعش، ونلعن سنسفيل داعش، ونقول الله يحرق داعش هي لا تمثل الإسلام، فإن خطابهم يمثل ما نسمعه في وسائل الإعلام ليل نهار، ما يلقنوه لنا في المدارس كالببغاوات، وما تمجد له منابرنا في المساجد في كل صلاة: عن السيرة النبوية، عن الفتوحات الإسلامية، عن ثلاث خيارات نتركها امام الشعوب التي “فتحنا” بلادها، إما ان تسلم “غصبا عن ابوها”، أن تدفع الدية، أو الحرب، أي القتل.

وإذا كان كل هذا تاريخاً كما سيقول بعضنا، فلم لا نقول لأطفالنا ومسلسلاتنا التلفزيونية إن ذاك التاريخ لا يصلح لحياتنا اليوم، وإننا إن طبقناه اليوم اصبح إنتهاكاً ووحشية وجريمة ضد الإنسانية؟

ماذا تفعل داعش غير ما طبلنا له في مدارسنا وإعلامنا ومساجدنا؟

الأهم، وهو هو عارنا.
اننا لازلنا نهمس لإنفسنا خلسة، إن الإقلية الآيزيدية، لا تعبد "الله" بل "الشيطان"، و”لعلها لذلك تستحق ما يحدث لها”.

ومافعلته تلك العشائر، التي خانت جارتها، التي فتحت الباب لداعش اكبر دليل على ذلك.
داعش مجرمة.
فهمنا.
ماذا نقول إذن عن تلك العشائر السنية المعتدلة؟
اليس خطابها خطابنا؟
دينها ديننا؟
عارها عارنا؟

الشيطان لذلك فينا نحن.
نحن.

-------

إذن اعود وأكرر سؤالي الأول.
هل تذكرون عارنا؟
هل تذكرن عارنا؟

واشيح بوجهي عنكم/ن أقول لريحانة:
"سامحينا ايتها الطاهرة.
إغفري لنا.
خذلناك أيتها الشريفة".

ثم أنحني إجلالاً لعشيرة شمر، والإسرة التي اووت ريحانة، اردد لها: "شكرا لكما.
فوالله لولا ضياء الخيرفيكما، وفعل المحبة منكما، لكفرت بالإنسان فينا".



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف واحد، سنياً كان، شيعياً، أو زيدياً
- سنقولها حتى تطلقوا سراحه: الحرية لرائف بدوي
- وقت مجابهة داعش التي في داخلنا الآن
- هل الصمت جوابنا كل مرة؟ اليوم أنا آيزيدية أيضا
- أنا لا زلت موجودة، انا لازلت مغيبة
- وبكت شهرزاد …
- حرب داعش الغبراء
- -لكنها تدور رغم ذلك- عن الدكتورة مريم يحي إبراهيم
- سيناريو الخراب الآتي
- عن أوضاع الخادمات لدينا
- بل التوقيت الآن! عن اليمن والقاعدة
- عندما يحكم الكهنوت… رائف بدوي من جديد
- اليوم كلنا رائف بدوي: !بين السعودية وسويسرا أكثر من حرف السي ...
- لم لا تخجل يا الداؤود ؟
- قاضية بلا محرم؟
- ما الذي قاله رائف بدوي؟
- قاسم الغزالي وحقه في الإلحاد
- التغيير يبدأ بنا
- عندما أميتُ صلاة مختلطة، وأنا سافرة
- أربع نقاط


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - هل تذكرون الأقلية الآيزيدية؟ حكاية ريحانة