|
مدينة اليوسفية تقتات من فضلاتها
احمد زهير
الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 10:06
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
منتوجات تسقى بمياه الصرف الصحي تغزو أسواق المدينة.. غياب تام للأجهزة المكلفة بالمراقبة.. و استهتار سافر بصحة المواطن.. الجراثيم و الفيروسات الصادرة عن هاته المياه تدمر جزء كبيرا من الغابةالمحيطة بها.. فما بالك بالانسان..
هل تعلم أخي القارئ، قاطن مدينة اليوسفية، انك عندما تقتني قصبة ذرة ( اكبالة )، عشقتها، او اصر ابناؤك و انت تتجول معهم على ان تشتريها لهم ، و تقبل ، ويقبلون على قضمها بشراهة، انك ساهمت، من دون ان تشعر ، في نمو تلك الذرة من خلال ما يصدر عن مرحاضك من فضلات، و هل تعلم ان البقولات و بعض المنتوجات الفلاحية الصيفية التي تشتريها من المدينة، اغلبها، و بنسبة كبرى ، تم سقيها من فضلات ساكنة المدينة.. الامر لا يعدو كما قد يتبادر الى ذهنك نكتة، او اضحوكة، بل الامر واقع و حقيقي.. الموقف تنفرد بانجاز تحقيق في الامر، و تترجى السلطات و كامل الجهات المهتمة بصحة المواطنين و هيآت المجتمع المدني التدخل العاجل لجزر المتلاعبين بصحة مواطني مدينة اليوسفية....
بشكل سافر، يتم صب قنوات الصرف الصحي بجانب المدينة، بجوار غابة العروك، الغابة التي كان من اللازم ان تشكل متنفسا حقيقيا لمدينة منجمية، ولم يتم على الاطلاق انجاز اية دراسة لتقويم مدى الضرر البيئي الذي يتنج عن هذه العملة، فانتشار الروائح الكريهة و الجراثيم و الحشرات الناتجة عن طبيعة المياه و تعفنها و ضحالتها اثرت بشكل سلبي على القطاع الغابوي و ادت الى اصابة الاشجار بمجموعة من البكثيريات، و هو الامر الذي دفع المصالح المكلف بالقطاع الغابوي الى استئصال اغلب الاشجار في محاولة منها لايقاف تنقل البكثيريا، و توعدت بغرس ما تم اتلافه، لكن لا شيئ من ذلك تحقق.. و لكن المثير في الامر هو انتشار واسع لحقول خضراء بجوار المصب الرئيسي، تسقى بما يلفظه من قاذورات و مياه مبتذلة.. تزرع فيها منتوجات فلاحية متنوعة، و تعرف زراعة نشيطة للفول و الذرة و القمح و البقوليات و القزبر و المعدنوس ، و بعض المنتوجات الصيفية كالدلاح و السلاوي ... منتوجات تسقى بشكل تام من هذا الصبيب ، و تزرع على مدار العام ، تبعا لطبيعة المنتوج الفلاحي .. و يتم تسويقها من دون رقابة يالسوق الاسبوعي ، بينما تتم عملية شي قصبات الذرة بمختلف المواقع بالمدينة.. و في محاولة لمداراة غرس هاته المنتوجات، يقوم الفلاحون بتسويرها بغرس الذرة، و تخللها المتتوجات المشار اليها.. و كانت الموقف، في محاولة منها لتعميق البحث في الموضوع، قد ساءلت بعض بائعي الذرة المشواة عن المنطقة الذي يتم جلب الذرة منها، فاكد في مواراة سخيفة انه يتم جلبها من منطقة خميس الزمامرة، و عندما عاودت الموقف استفساره عن الكمية التي يبيعها اكد لها انه لا يتجاوز في ذلك 50 الى 60 فصبة، و بانجاز عملية حسابية بسيطة يتبين من خلال احتساب تكاليف التنقل و شراء الذرة من عند الفلاح و ما يلحق ذلك من مصاريف اضافية انه يستحيل القيام بذلك، و ان العملية، ان كانت، ستعرض صاحب للبوار.. لكن مفاجأتنا ستضمحل عندما التقينا بصاحبنا و هو يفلح الارض باحدى الحقول المشار اليها اعلاه.. تتم هذه العملية لازيد من 30 سنة، و لم تتدخل الجهات المسؤولة لردع الفلاحبن الذين ينجزون ذلك.. و اغلب المسؤولين الذين اتصلنا بهم ابدوا استغرابا مصطنعا و اكدوا انهم لم ينتبهوا للامر، و ننظر رد فعلهم الان بعد ان انتبهوا للامر.. مسؤول بالمدينة في تبختر ارعن اكد للموقف ان هذه المنتوجات تسخر لتنمية القطاع الحيواني، و انها منتوجات علفية مسخرة للابقار و الاغنام والدواب، لكن لم يرد عن سؤالنا حينما سألناه عن مدى تأثر صحة الانسان من خلال تناول المستخلص من هذه الأبقار، من حليب و لحوم.. وعن مدى سلامة لحمه و لحم المواشي و الاغنام التي ترعى في هذه الحقول، و هل لا تنقل البكتيريا و بعض الفيروسات السامة، و هل المواشي و الدواب تاكل الدلاح و القزبر و المعدنوس .. و تؤكد الدراسات العلمية ان الحيوانات التي ترعى على نباتات ملوثة تنقل بعض الامراض الى الانسان عند تناوله لحليبها او لحمها، و منها السالمونيلا والشيجيلا والحمى الفحمية والسل والبروسيلا.، كما ان الميكروبات المتوفرة بهاته النباتات « تسبب تحللا للمكونات الغذائية الأساسية فى اللحوم، حيث تستهلك البكتيريا جزءا كبيرا من المواد الذهنية والسكرية والبروتينية فتقل إلى حد كبير القيمة الغذائية، علاوة على أن معظم هذه الميكروبات تفرز سموما تقاوم درجة حرارة الطهى وتسبب للمستهلك أمراضا كثيرة ابسطها الصداع والخمول والفشل الكلوى وأمراض الكبد » و يظهر الفحص المجهري لهذه المياه أنها تحتوي « على كمية من الكائنات الدقيقة ويمكن ذكر بعضها: - بويضات حيوانات الـ Ascorides والـ Tenias. - بكتيريات مثل التيفوئيد والباراتيفوئيد والسل والديزنتاريا والكوليرا وغيرها. - فطريات مثل Condida albicom وغيره. - فيروسيات مختلفة مثل الكباد الحموي وشلل الأطفال وغيرهما. إن كثافة الملوثات في المياه المبتذلة هي دائماً مرتفعة لأنها تحتوي بمعدل وسط على أكثر من مليار جرثومة بالليتر الواحد، ويمكن تقدير نسبة المياه المبتذلة للفرد بنحو 150 إلى 300 ليتر في النهار. وهذه تختلف باختلاف الفصول. فهي تزيد في الصيف بفعل ارتياد الناس للمسابح.. ،بالاضافة الى ان مياه المجارير تنقل أيضاً كمية كبيرة من الكائنات التي لا تتطلب الأوكسيجين (10 إلى 100 مليون/ليتر) وأخطرها ما يسبب الكزاز والبوتوليسيم. إن البكتيريات في المياه المبتذلة هي بمعظمها محمولة على جزئيات عضوية، وإن نسبة 98 في المئة منها تنتقل على الجزئيات الخفيفة، » ( ماري عبود مجلة المركز اللبناني للدراسات ، العدد 7 ). هذا و يجرى حاليا نقاش واسع حول مدى نجاعة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة و الخاضعة لتقنيات التصفية الاكثر تطورا، حيث ان هناك اتجاه علمي يرتكز على تصورات تقنية واضحة يؤكد ان هاته المياه و رغم خضوعها لمختلف مراحل التصفية الدقيقة تبقى حاملة للفيروسات.. فكيف اذا تعلق الامر ، في حالة اليوسفية، بمياه غير مصفاة.. و يزداد الامر استفحالا عندما نعلم ان جزء من هاته المياه التي تلفظها قنوات الصرف الصحي و يتم استغلالها لري منتوجات فلاحية بالمدينة جزء كبير منها يحمل تلوثا حراريا ناتج عن طرح المياه التي يستخدمها المكتب الشريف للفوسفاط لتبريد المنشات الصناعية ، خاصة بالمنشآة الصناعية التي تتكلف بغربلة الفوسفاط الاسود، و تستعمل المياه لتبريد هذا المعمل.. بالاضافة الى المياه الناتجة عن النفايات الطبية التي تخلفها المصحات الموجودة بالمدينة.. خلاصة الامر ، ان هاته المياه التي تستعمل في ري هاته المزروعات خطيرة جدا على صحة المواطن، سواء عند اقتناءه لمنتوجات فلاحية زرعت بجواره و سقيت بمياهه، او تلك الناتجة عن حبوانات ترعى فيها.. كما ان صبيب قنوات الصرف الصحي تساهم بشكل قوي في التدهور البيئي بالمدينة عن طريق ما تنتجه من روائح كريهة و من حشرات بمختلف انواعها، و اذا كان تسرب هذه المخلفات قد تم تقليصه فيما سبق من خلال الحاجز الغابوي لغابة العروك ، فانه بعد تدمير اكثر من نصف الغابة اصبح الامر اكثر خطورة، و يتطلب تدخلا عاجلا لتقليص حدة هذا التدهور البيئي، المستفحل اصلا بالمدينة..
#احمد_زهير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|