|
القدوة الحسنة والتربية الناجحة للابناء
جيهان طلعت
الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 18:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تلعب القدوة دورا بالغ الأهمية فى مجال التربية والتنشئة الاجتماعية الصحيحة للأبناء. والأسرة هى القالب الأول، الذى تتشكل وتتحد فيه معالم شخصية الطفل فهى التى تغرس لديه المعايير والقيم الدينية والأخلاقية التى يحكم بها على الأمور، ومدى شرعيتها وصحتها.
ومن هنا تأتى خطورة دور الأسرة ومن الضرورى أن يكون النموذج الذى يقتدى به الطفل نموذجا صالحا يعبر عن تلك القيم والمعايير لا بالقول فقط أو بالدعوة والإرشاد إليها، بل يجب أن تتمثل تلك القيم فى سلوك الوالدين.
فالأبناء يتعلمون ما يعايشونه؛ فيتصفون بالسخط إذا نشأوا في جو من الانتقاد، ويشبون على العدوانية إذا كان الجو المحيط بهم يمتلئ بالعداء، ويعرفون القلق إذا عاشوا مناخاً كله خوف. وهم يتعلمون رثاء حالهم إذا نشأوا في جو من الإشفاق على الذات، ويصبح الخجل سمتهم إن امتلأ البيت بالسخرية.
- ويتعلمون الحسد إذا عاشوا جواً من الغيرة، ويحسون بالذنب إذا كان جو البيت يشعرهم بالخزي دائماً.
- ويشبون واثقين إذا نشأوا في جو من التشجيع، ويتسمون بالصبر إذا كان الأهل قادرين على التحمل.
- و يقدرون الشيء، ويعطونه حقه إذا كان جو البيت يمتلئ بالإطراء، ويزداد الحب بقلوبهم إذا كان الآباء يعيشون في جو من الاستحسان.
- ويقدرون أنفسهم إذا أحسوا بالتقدير في صغرهم، ويحرصون على وجود هدف في حياتهم إذا كان الوالدان يهتمان بالمستقبل.
- ويصبحون كرماء إذا رأوا أهلهم يشاركون الغير مصابهم وأفراحهم. ولهذا على كل أب أن يحرص على توفير هذه السلوكيات والقيم داخل البيت أولاً، وممارستها ثانياً بصدق وعفوية دون ادعاء؛ ليقدم صورة نموذجية لأبنائه.
ولقد أثبتت الدراسات والأبحاث الاجتماعية والنفسية أن على الآباء تعليم الأبناء بطريقة ايجابية تبتعد عن النصح والإرشاد وتقوم على تقديم القدوة والصورة المثلى لأبنائهم من خلال الالتزام فى أفعالهم وسلوكياتهم. والطفل فى مرحلة الطفولة المبكرة تكون لديه مجموعة من السمات تؤهله لاستقبال كل سلوك إيجابى والعمل به وحين يشب وهو يرى سلوكيات الوالدين تدعو إلى البر والتقوى والإحسان والرحمة والتكافل، لن يتردد فى تقليد هذا السلوك لكن حين يلجأ الوالدان إلى النصح والإرشاد فإن الابن ينفر من ذلك ويبتعد عن كل ما يقال له.
ومن هنا فإن على الوالدين مراعاة اتفاق أقوالهما مع أفعالهما خاصة فى هذا العصر الذى يتسم فيه الطفل بنسبة ذكاء عالية جدا تمكنه من الملاحظة الدقيقة وعقد مقارنة بين الأقوال والأفعال ومدى التطابق بينهما ثم يقوم من خلال النتائج التى يصل إليها بعمل نموذج خاص به للمثل والأخلاقيات التى سوف يلتزم بها فى حياته.
ومن المعروف أن الطفل ينشأ متأثرا بما يدور حوله من أقوال وأفعال وتصرفات فإذا رأى التناقض من قبل من يتولون تربيته فقد الثقة فيهم فى كثير من الأحيان، ولهذا فإن الوالدين عليهما تقديم القدوة الحسنة، حيث إن سلوكهما يعد كذلك، عنوان ما يراد غرسه فى نفوس أبنائهما، فإذا كان السلوك من قبلهما مستقيما مطابقا لنصائحهما وإرشادهما أدى ذلك إلى تحقيق الهدف المطلوب من التربية السليمة للأبناء.
أما إذا كان هناك تناقض بين النصائح التى تقدم للأبناء وما يحدث فى الواقع من أفعال فلا يجب عليهما أن ينتظرا الثمرة المرجوة من تربية أبنائهما.
وهذا الأمر ليس تربويا فقط، إنما هو مطلب دينى والوالدان مسئولان عن التنشئة الصالحة لأبنائهما، فإذا أحسنا تربيتهم بقصد تهيئة الفرصة لهم لإتباع الطريق المستقيم فى معاملتهم مع الله ومع الناس كان لهما ثواب من الله على هذه النية، وهذا القصد وهذا العمل التربوى، وإذا تهاونا فى التربية الصحيحة لأبنائهمامثل حدوث التناقض بين الأقوال والأفعال فان ذلك يشكل معصية لله سبحانه، ذلك لان التقصير هنا يؤدى إلى فتح أبواب الانحرافات بصورها وألوانها المختلفة والمتعددة ولعل أكثرها شيوعا هو ترسيخ صفة الكذب عند الأبناء حتى لا يشعروا بأية غضاضة عند ممارستها والكذب كما هو معروف من أقبح الصفات التى نهت عنها الشريعة الإسلامية.
يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عليكم بالصدق فان الصدق يهدى إلى البر وان البر يهدى إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فان الكذب يهدى الى الفجور ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
إن الوالدين مسئولان عن أبنائهما منذ الصغر حتى يشب الواحد منهم مطيعا لله عز وجل محسنا فى سلوكه وتصرفاته تجاه الآخرين. جيهان طلعت مذيعة بالاذاعة المصرية مديرادارة برامج ربات البيوت
#جيهان_طلعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة فى التشريع الاسلامى
-
الطلاق والتسامح مع النفس
-
القاموس الاسرى
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|