الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية

خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 16:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

في مقاله الأخير يخرج علينا الزميل حميد المهداوي بمقال قوي حول توقيت التقاط الصور من قبل الملك بينما جزء من شعبه تجرفه الفيضانات ، وتجرف معها ممتلكاتهم وأحلامهم . بسبب أخطاء تقنية وسياسية ارتكبها وزراؤه الأوفياء ، وكبار مسؤوليه المقربون .
المقال يجد قوته في توقيت حدثين متناقضين ، حدث ما تتعرض له البلد من كوارث طبيعية جزء كبير منها مرتبط بأخطاء رجال الدولة ، ورجال النظام . وحدث سفر الملك الى الامارات العربية المتحدة في ظرف دقيق يجتازه المغرب اثر تعرضه لهذه الاختلالات المناخية التي أودت بحياة أكثر من أربعين فردا ، والتقاطه صورا احتفالية بأضخم متاجر التبضع .وهو ما لم نتابعه في سلوك أي مسؤول من حجم الملك عبر خارطة العالم المعاصر . ولن أسوق مثال ملك اسبانيا الذي ساقه حميد المهداوي كدرس بليغ . بل سأحيل الى مجمل رؤساء الدول الذين يحترمون شعوبهم في مثل هذه النوازل ، كايران وتركيا وروسيا وأمريكا وفرنسا والصين ...الخ .
فهناك من الرؤساء الذين قطعوا زياراتهم الى بلدان بعيدة المسافة من أجل التضامن مع فواجع شعوبهم . وهناك حكومات سقطت لمجرد سقوط عمارة او جسر ، وهناك رؤساء تخلوا عن الحكم لمجرد اتهامهم باقتناء شقة باستفادتهم من مناصبهم .
هل حميد المهداوي عدمي ؟ ، أم أنه ينتمي لمنظمة أجنبية تستهدف استقرار المغرب وهناءة شعبه وسعادته ؟ . أم أن ما صنعه الملك عين العقل ؟ وله كل الحرية في اختيار نمط حياته .
لكننا أمام ضوابط دستورية ؟ .فماذا يقول الدستور المغربي في هذا الشأن ؟ . تقول المادة الأربعون بالحرف "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد." انتهى نص الفصل الأربعين . فأين يمكن وضع سلوك الملك ووزرائه الذين لم يكلفوا نفسهم عناء عقد ندوة صحفية لتنوير الرأي العام . ؟ . هل هذا السلوك ينم عن مسؤولية ما ؟ . كل المرتكزات والمؤسسات والمحددات الدستورية تسقط بمقتضى ما صنعه المسؤولون المغاربة تجاه كارثة الفيضانات. فمفهوم التشاركية لا وجود له . ومفهوم الدولة لا دلالة عليه ، وربط المسؤولية بالمحاسبة جملة مسطورة في الدستور المغربي كجمل الحقوق والواجبات ، وكأننا نعيش أضغاث أحلام ، حيث كل شق لا يرتبط بالشق الآخر .
للملك أن يعيش حياته الخاصة بالطول وبالعرض ، لكن ثقل مسؤولياته كما يعبر عنها بلسانه في جميع خطاباته تلزمه وتفرض عليه بنص الدستور ، وبمقتضى الانسانية ، وبعرف الوطنية ، أن يتضامن مع مأساة شعبه .
كنت قبل سنتين كتبت عن أخطاء الملكية ، وقد راكمت ساعتها ما يقرب من سبع أخطاء ، لكن خلال هاتين السنتين الأخيرتين ، تضاعفت الأخطاء ، فمن قضية العفو على البيدوفيليي الاسباني الى قضية عدم الاكتراث بتراجيديا المواطنين المغاربة . كصحفي أعلم أن تعليمات مشددة أعطيت لمسؤولي طنجة كي يعاينوا ويتابعوا مضاعفات الأمطار الكثيفة التي تساقطت في الفترة الأخيرة ، وقد تواجدوا في منطقة بشخوصهم وأجسادهم . لكن السؤال هل هي تعليمات شاملة وعامة ؟ أم هي تعليمات من اجتهاد والي طنجة الذي خسر رهان تجديد بنية طنجة الكبرى وحولها الى ورش للحفر العشوائي .
قبل يومين تابعت خمس دقائق من لقاء مع المفكر المغربي عبد الله العروي وهو يتحدث عن مفهومه الشخصي للمواطنة والمواطن ، ومن جملة ما قاله عنا وعن نفسه طبعا ،اننا سلبيون . المواطن المغربي سلبي " لو علم ....شروط المواطنة لعلم أنها لا تنطبق عليه " " كل ما يمكن ان تفعله أن تجعله مواطنا سلبيا يتلقى من الدولة أموره " . هذا ما صرح به المفكر المغربي عبد الله العروي .
لكن" المواطن "المغربي حتى هذه الدرجة الدنيا من تحليل عبد الله العروي لم يبلغها . فمسؤولو الدولة تركوه لمصيره ، الا سكان بلدة السيد وزير الداخلية التي وعدها بتلقي 10 مليارات لأنها بلادو وفيها كبر ، كما أن العيديد من الوزراء ينحدرون من هذه المدينة " . انها الطامة الكبرى ، فالمناطق التي لا ينحدر منها الوزراء ستتلقى مساعدات أقل . وهذا ما عبر عنه السيد الوزير بقلب ظهر العبارة .
نحن لا نتراجع فقط في مختلف مؤشرات التنمية ،وأخلاق تدبير الشأن العام ، بل نتراجع في مستوى القيمة الانسانية ، ومخلفات الفيضانات قد نتداركها بالارادة والعزيمة . لكن ما يصعب تداركه هو انطفاء مستوى ونسبة الانسانية في كينونتنا ووجودنا .

#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات