|
حياة الملحد هي حياة حيوانية !!!!
كمال بالمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 4653 - 2014 / 12 / 5 - 15:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثـــــيرا ما يتساءل المؤمن عـــن السر الذي يجبر الملحد على أن يكون شخص ذو أخـــلاق ؟ و كثـــيرا ما يقع بعض الأعزاء المؤمنين في مغالطة تقوم في أساسها على الإدعاء بأن الالحاد يعني إنعدام الأخــــلاق وأن الملحد لا يمكن أن يكون شخص صاحب أخــلاق .!! و من ثم يبدأ بعد ذلك بإطلاق الأحــــكام على الملحد ويتعامل معه بالصورة التي رسمها له في رأســـه ... و للمعلومية أنا أفهم لماذا يقع الكثير من المؤمنين في هذه المغالطة .!
في البداية دعونا نتفق على أن الدين يعتبر مصــدر أخلاقي مهم .. و هذا أمر واضح جدا .. فهو يستند إلى مطالب سماوية تحاول تهذيب النفس البشرية والتشديد على ضرورة التحلي بالأخلاق الفاضلة ... و لا يمكن أن ينكر أحد أن الدين يحتوي على الكثير من المفاهيم و المباديء الإنسانية الجميلة لكن ما يغفله بعض الأعزاء المؤمنين .. أن الدين إنما هو موجود بسبب الوعي الذي ميزنا عــــن بقية المخلوقات الأخرى .
بمعنى :
هل لو أن الإنــــسان كائن غير عاقل فهل كان الله سينزل عليه كتبه و أديــــانه ؟! <<< هذا السؤال لأصحاب الديانات .
بالــــتأكيد لا ... لأننا لم نكن سنفهم تلكـ الكتب و تلك التعاليم اصلا ... إذن .. في هذه المرحلة و حتى الآن فـ أنا لا أطــــالب سوى بالنظر لأهمية [ الوعي ] الذي نمتلكه كبشر .. و أنه هو السبب الذي جعل الدين يوجد من الأســاس ... فـبدون وعي نحن لا نحتاج لدين ... لأنه سيكون بلا فائدة ...!
و هذا الأمر سواء : للذين يؤمنون أن الأديان منتج بشري من منتجات وعينا .. أو للذين يؤمنون أن الأديان من الله و أنها نزلت إلينا لأننا مخلوقات واعية ...
الوعي هو المهم .. و حجر الزاوية .. نحن كبشر و بمجرد أننا نمتلكـ هذا الوعي فذلك يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة ... فبــــسبب وعينا فنحن بدأنا نبحث عن مفاهيم الخير و الشر في هذه الحيــاة و بحثنا هذا و محاولتنا لتحديد مفاهيم الخير و الشر ليس من قبيل الترف الفكري .. بل من أجل وضع الأسس و السبل التي تجعل من حياتنا حياة أفضل ... أي أن هذا البحث كان ضروريا منذ البداية .. كونه مرتبط بمعيشتنا و كلما أنجزنا في هذا البحث كلما كانت فرص تحسين حياتنا أفـــضل ... لقد انتقلنا بسبب هذا الوعي من مرحلة تلبية الحاجات المادية [ الحس الموجود عند جميع المخلوقات ] ... إلى مرحلة الحاجات الروحية و الفكرية ..و من ضمن هذه الحاجات هي القيم الأخلاقية .. فالبحث عن القيم الأخلاقية هو أمر ينطلق من ذواتنا ... من أنفسنا ... نحن نملكـ وعي يستطيع أن يميز بين الخير و الشر ... حــتى لو أختلفت المفاهيم من زمان إلى زمان .. و من مكان إلى مكان .! و لذلك كانت المفاهيم الأخلاقية من أهم ما ناقشه البشر و كتبوا فيه عن طريق الفلسفة ... و هناك علم كامل يبحث في الأخلاقيات و يدرســــها ... و هذا العلم ليس سوى إنعكاس لبذرة الخير الفطرية الموجودة فينا منذ أن وطأت قدم أول إنـــسان أرض هذا الكوكب ... و لهذا فإن الإنسان لا يمكن أن يقارن بالحيوان [ كما يدعي البعض أن حياة الملحد هي حياة حيوانية ] .... لأن الحيوان إن فعل فعلا شريرا فهو لا يعلم أنه يفعل ذلك ... أما الإنسان فعندنا يفعل فعلا شريرا فهو في الحقيقة مذنب .. لأنه يتجاوز هذا الوعي و يرمي به عرض الحائط رغم علمه أن ما يفعله هو أمر شرير .!
الملحد يمكن أن يكون شخصا أخلاقيا مثل المؤمن تماما ... وذلك بما أنه يمتلك الأساس [ الوعي ] مثله مثل المؤمن ... فالدين مصدر أخلاقي يعتمد على هذا الوعي ... و هذا يدل على أن الوعي هو الأساس ... و نحن لا يمكن أن نجرد الملحد من الوعي و ندعي أنه حيوان ... لأن هذا واضح جداً أنه غير صحيح ... وكما أسلفت فإن الدين مصدر أخلاقي بلا شك ... و لكنه ليس الوحيد ... فقدرة الإنسان على التمييز بين الخير و الشر هي جزء من الوعي الذي يمـــتلكه ... فالوعي ليس مجرد إدراكـ فقط ... لكنه مسؤولية أيضا ... فلا يوجد هناك شخص يحترم هذا [ الوعي ] الموجود فيه و يقول بأن السرقة أو القتل هي أمور ليست شريرة ... نعم قد يفعل هذه الأمور ... لكنه سيكون حينها قد تجاهل [ وعيه ] و قفز على إنسانيته .. و تجاوز الملحد لصوت الخير في داخله و القيام بعمل شرير ... هو أمر مشابه تماما لتجاوز المؤمن لدينه و فعل أمر شرير .
فكلا الطرفين [ المؤمن ] و [ الملحد ] قد يفعل أمرا شريرا و هذا شيء مؤكد ... لذلك نأتي الآن لمسألة أن الشخص قد يفعل الشر رغم علمه أنه شر ...!!؟ هنا يأتي دور القانون ... القانون الذي وضعناه كبشر على أسس خيرة و تم إستقاءه من تجاربنا و معارفنا و أدياننا ...
بالخط العريض : [لا يحق لك أن تكون شخص سيء الخلق إذا كنت تضر غيرك ] هذا ليس خيار .. فالقانون يجبركـ على أن تكون انسان خير ... فـلا يحق لك أن تسرق .. أو تغتصب .. أو تقتل ... كل هذه الأمور ليست خيارات ... فإن قفزت على إنسانيتك و رضيت بهذه الأمور رغم كونها " شريرة " .. فهناك قانون سيعاقبك ... إذا لم تحترم إنسانيتكـ و إذا كنت غير جدير بها ... فهذا لا يعني أننا سنتعامل معك كـ [ حيوان ] .... بل أنت لا زلت إنسان و إذا تجاهلت إنسانيتك فستعاقب .
#كمال_بالمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الحقيقة
-
عدالة ربانية
-
قميص عثمان
-
تصرف بدائي قديم تجاوزته المجتمعات المتحضرة
-
العلمانية هي الحل
-
خرافة مطمئنة
-
ازمة هوية
-
السلفية والأصولية
-
حسن الخاتمة وأثرها السيئ على الاخلاق
-
قريش بين شرعية النبوة ومشروعية السؤال
-
منطق حول قصة الخلق
-
انتباه ! القرآن يحاجج
-
دين افضل من دينك
-
امور لا يقبلها العقل
المزيد.....
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|