عناوين كبرى وعناوين صغرى

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 20:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

عناوين كبرى وعناوين صغرى

من مصائب العقل البشري أن البعض ما زال أسيرا للعنوان دون أن يتمكن من فهم العلاقة الحقيقية بينه وبين المضمون وخاصة في المجال الأكثر قربا وخطرا من الإنسان ومن حريته المتصلة بضمير الأعتقاد ,القتل عنوان محرم بلا شك ومدان أياً كان السبب وهذا حس إنساني طبيعي ولكن عندما تتعادل في كفة الميزان الموانع والدوافع من يفصل فيها ؟, هذا العنوان المهمل في التقدير ,منهم من يتمسك بالعنوان ومنهم من يتمسك بعنوان أخر موازي مثلا في القيمة الوجودية في العقيدة وهو مفهوم الجهاد ,هذا يقدم عنوانه وذاك ينتصر لعنوانه دون التشارك في فهم المضمون لإخراج الميزان والضحية الإنسان وما زال دون أن نجلس لنوقف هذه المهزلة .
العقل السليم عندما يتناول المواضيع الكبرى عليه أن يكون بقدر هذه التحديدية "الكبرى" وأن لا يضيع في العموميات والتقسيمات الفضفاضة لأن الكبروية هنا تتعلق بمصائر الناس وتتعلق بوجود وأشتراطات وأستحقاقات تبنى عليها مواضيع أخرى وبالتالي فهي بمثابة التبرير الذي سيكون سلاحا لمن ينتهك الأصول بحجة الرأي وبحجة وجود تبرير وتعليل مسبقين ,من يقرأ العناوين عليه أن يكشف عن الجزئيات كلها ويربط في سلسلة من الشبكات العقلية بين العنوان والمضمون ليكون على بينه من موقع حركته وأين تسير وفي أي خط عقلي يمكن وصفها .
الحقيقة التي لا يؤمن بها البعض أن العناوين هي الوهر الذي خلص له النص ولم يفرط في جميع جهات التفاصيل , الجهاد يعني القتل في سبيل الله سواء أكان من الفاعل والمفعول وبالتالي فهو يختصر حقيقة كل التفاصيل ولا داع للتعمق أكثر طالما أن المكتوب يقرأ من عنوانه ,لم يتيسر لصاحب هذا القول أن الجهاد أساسا كمثال هنا له شروط وأساسيات وفلسفة ينظم بها كي لا يصبح أي قتل بمجرد الادعاء بالجهاد هو عنوان مقدس ,إذا علينا العودة للتفاصيل وتفاصيل التفاصيل لنستكشف الشروط والاصول التي تمنحنا شرعية المجاهدة وتشرعن الوصف تحت يافطة العنوان دون أن تلتبس الأشياء المتشابهة ببعضها تعمية للحقيقة .
لا تغني العناوين أبدا عن قراءة الموضوع والغوص في القصديات والمراد الأصلي منه ولا يمكن رسم العنوان على أنه الخلاصة النهائية فكثيرا من العناوين لا تنبئ تماما عن المرادات الحقيقة , كما أن من طبيعة العنوان أصلا هو الإجمال العام دون تحديد الماهية الحقيقية , فعنوان كالصلاة يعني كم هائل من الأشكال والمعاني والدلالات قد لا يمكن الإحاطة بها من خلال العنوان فقط , الصلاة كدعاء والصلاة كموارد والصلاة كفلسفة والصلاة كطاعة وغيرها من العناوين الفرعية لا تغنيك عن التمسك بالعنوان دون التفصيلات ولا تمنحك أي إحاطة ولو جزئية ,فمن الصلوات التي ترتسم وفق مراد الله تكون في بعض الحالات من المحرمات الفقهية كالصلاة على عدو الله أو كالصلاة بالمتنجس أو الصلاة بما لا تحل به الصلاة , هنا لا يكفي العنوان دون النظر للكي والجزئي والمطلق والمحدد .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات