|
في مديح الدياثة .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 20:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل يمكن تخيل مجتمع فيه فن أو ازدهار أو إبداع بدون دياثة ؟ برأيي الشخصي لا أضن ، فالدياثة شرط أساسي من شروط وجود مثل تلك الأمور ، ولنتخيل الأمر ... هل مثلا كان لنا أن نستمتع بأفلام عظيمة كالأفلام التي قدمتها سيدة الشاشة العربية فاتنة حمامة ، أو أن نستمتع بأغاني بديعة كما هي أغاني كوكب الشرق أم كلثوم لولا وجود الدياثة ؟ طبعا الجواب البدهي هو "لا" ففاتن حمامة ولولا دياثة والدها و اخوتها ، و لولا دياثة زوجها في تلك الفترة الفنان القدير عمر الشريف لما كان لنا أن نرى منها تلك الروائع ، و الأمر نفسه على الست الرائعة أم كلثوم طبعا ، فلولا دياثة والدها ما كان لنا أن نرى منها كل ذلك الإبداع ، لهذا فلما نستمع نحن اليوم بأفلام عظيمة كما هي أفلام فاتن حمامة ، أو بأغاني خالدة كما هي أغاني السيدة ام كلثوم ، فعلينا أن لا نبخل الدياثة بالمديح ، فالواقع انه ولولا ديوثة الرجال حول سيدات عظيمات كأم كلثوم و فاتن حمامة و(غيرهن كثيرات ) لما كان لنا أن نرى تلك الروائع أو أن نرى ذلك الإزدهار الذي عرفته مصر في تلك الحقبة ، ففاتن حمامة وبدون دياثة كانت لتكون في أقصى الأحوال ربة منزل لم يسمع بها أحد ، أما أم كلثوم فبلا شك كانت لن تتجاوز في حياتها الغيط المصري حيث تقضي عمرها في حلب الابقار و إطعام الدجاج و البط ، وكما نرى فالديوثة هنا هي من لها الفضل في صناعة هذه الروائع ، وفي تنمية المجتمعات ، بل دعوني أقول هنا أنها لها الفضل في صناعة العالم الحديث الذي نعرفه اليوم ، فلولا الدياثة لما كان هناك فن ، ولا لما كان هناك إزدهار ، ولما كان هناك حريات وحقوق إنسان وإنتاج وعمل ، فالدياثة هي التي سمحت لنصف المجتمع أن يتحرك و أن يبدع ، و ان يخرج طاقاته ، وهي التي مهدت الطريق للرجل ليتقبل حقوق المرأة وكونها شريك له في الحياة ، لهذا فقضية الديوثة اليوم والتي يستهين بها البعض ليست قضية ثانوية في حياتنا ، بل هي قضية جوهرية ، فالدياثة هي عماد العالم الحديث ، وهي عماد الحضارة المعاصرة .
إن الفقهاء المسلمين حقيقة وحين يتحدثون على الدياثة بكل ذلك الاحتقار فهم لا ينساقون سوى لعنترياتهم الفارغة كما هي عادتهم ، و طبعا عنترياتهم هذه نعرفها ، فقد رأينها مثلا حين حصلت أزمة الكاريكاتور الدانمركي ، وحين خرجوا يهددون ويتوعدون الغرب بالمقاطعة وبالويل والتبور ، لكن طبعا كلنا رأينا كيف أن كل ذلك أنتهى إلى لا شيءفي النهاية ، فهم طبعا مدركون أنهم لو قاطعوا الغرب إنتصارا للنبي فهم سيخسرون الكثير ، فمن سيعطيهم اللقاحات ، ومن سيبيعهم التكنولوجيا ، ومن سيزودهم بالسيارات الفارهة و بالمكيفات الهوائية وبمحليات مياه البحر ، ومن سيخرج لهم النفط (وما أدراك ما النفط ) من باطن الأرض ، فالمؤكد أنه ليس النبي الكريم هو من سيفعل ، لكنه الغرب الكافر الداعر الديوث ، وعليه فهم في النهاية خرسوا كما يخرس أي إنسان عاجز أمام جسارة القادرين ؛ لهذا اليوم وحين نتحدث عن الدياثة فيجب الوعي أن خرافات رجال الدين المسلمين في إدانتها مهما ما كان مبررها ، فهي لا قيمة لها ، لأن الدياثة في الواقع هي الخلق الفضيل ، وهي الطبع الأصيل الذي يتحلى به الرجال الصالحون ، فهكذا تبنى الأمم وهكذا تبنى الحضارات ، و اليوم جميع العالم المتقدم هو عالم ديوث ، وليس له غيره و لا شرف ، وهو عموما لا يهتم بالشرف و الغيرة الإسلامية فهي للمجانين كطالبان وغيرهم ولكم ان تروا حالهم بدون دياثة ، أما ولمن قد يقول أننا هنا نخلط حول قضية الدياثة ، و أن المقصود هو اللاغيرة بخصوص ممارسة الجنس ، وليس الغيرة بخصوص الاختلاط و باقي الأمور (التي هي الحقيقة في الواقع فهذا الكلام مجرد تقية ) فجوابنا هو أن مبدأ المساواة الذي هو من صميم الحضارة الحديثة هو مبدأ لا يتجزأ ، فنفس المبدأ الذي سمح للمرأة بالخروج والعمل ومخالطة الرجال من باب الاحترام ، هو نفسه المبدأ الذي يبيح لها الحرية الجنسية ، فالمعنى من المساواة هو أننا نرى في المرأة فردا مساوي للرجل ؛ فرد مستقل له استقلاليته ، وحريته وخياراته الفردية ، وطبعا ومن هكذا تصور فهنا لن يكون هناك شيء اسمه الغيرة أو الحمية ، فتلك الأخت أو الام أو الابنة التي نخشى عليها ، هي الآن فرد مستقل له أهليته الخاصة ليقرر ما يشاء ، و منه فهي حين تفعل ما تفعل فهذا شأنه الخاص ، ولا دخل لأحد به ، ومن هنا نحن نرى أن الإيمان الحقيقي بالمساواة يطيح بطريقة مباشرة بفكرة الشرف والحمية ، فإذا كنت تدعي التحضر وانك تؤمن بالمساواة بين الجنسين وبحرية الإنسان حقا ، فأول شيء عليك تقبله هو تقبل استقلال المرآة عنك ، وان يكون لها حقها في فعل ما تشاء ، و أولها جسدها .
وهكذا إذن فقضية الحضارة و الديوثة ، و قضية علاقة المساواة بالحرية الجنسية ، فهي كلها أمور مترابطة ، فلتكون متحضر فعليك أن تؤمن بالمساواة ، و لتؤمن بالمساواة فعليك أن تكون ديوث ، ولتكون ديوث فعليك رمي القيم الإسلامية من شرف وحمية في مكب النفايات ، لأن الحضارة تقوم على الحرية و على المساواة ، وعلى النزاهة ، وليس على أخلاق الأعضاء التناسلية التي لم تنج سوى كل ما هو قميء ومنحط وبائس ، فالدياثة هي أم الحضارة الحديثة وبدونها لا يوجد تحضر .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدياثة كشرط من شروط الحضارة .
-
ما خسره المسلمون بتجريمهم للحب .
-
المسلمون أمة لا يمكن أن يكون لها أخلاق .
-
أخلاقنا الإسلامية المنحطة .
-
المسلمون أمة نفاق .
-
المسلمون أمة ضد العقل .
-
حول -اللامنطق الإسلامي- .
-
اللامنطق آفة المسلمين المركزية .
-
الإرهاب الإسلامي مشكلة المسلمين أولا و أخيرا .
-
المسلم إرهابي نظريا وليس عمليا .
-
وصم المسلمين بالإرهاب بديهي وطبيعي .
-
ولن تدخلوا نادي الحضارة حتى تغيروا ملتكم .
-
صدقت يا غنوشي .
-
الحانات و بيوت الدعارة أفضل من المساجد .
-
ما خاب قوم ولوا أمرهم إمراة .
-
أمركة داعش لن تبرئ الشريعة .
-
الشريعة فُضحت و أنتهى الأمر .
-
دفاعا عن الدين المغلوط .
-
و إنك لعلى خلق ذميم .
-
-ناعوت- مجرم مدان بتهمة الشفقة .
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|