|
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود- الجزء الثالث
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 19:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لولا الإسلام والواعون من العرب، وحملة الثقافة الإنسانية والذين حافظوا على العلاقات الوطنية مع الشعوب الأخرى، والثائرون على موجات الطغاة والمستبدين من العروبيين، لما كانت للغة العربية من أثرا، ولبقيت كبقع في شبه جزيرتها وبلهجات متباعدة، ولربما سادت اللغات الفرنسية والإنكليزية جنبا إلى جنب مع اللغات المحلية كالكردية والفارسية والأمازيغية والقبطية. ومن الجميل رؤية الأنقياء ثقافة وفكراً مقابل شرائح بينهم أدباء ومفكرين وشعراء معروفين تطفح منهم الجاهلية العروبية، والتي لم تخلى منهم التاريخ العربي والإسلامي منذ ثقيفه بني ساعدة حتى اليوم، وأمثال الحجاج بن اليوسفي الثقفي والسفاح تناوبوا على الحكم في كل العصور بمساندة هذه المجموعات، والتي أدت إلى أن ينتهي مصير 70% من الخلفاء الأمويين والعباسيين إما بالموت قتلا أو مسموما، وإباحة المدينة عاصمة الرسول بعد وفاته بثلاث عقود فقط ولمدة ثلاثة أيام لجيش مسلم قادم من دمشق، وكفروا الشيخين، صديق الرسول، ومن عز الإسلام به، وهؤلاء هم من أبرزوا التاريخ العربي-الإسلامي بصفحات سوداء، لتعكس الواقع الثقافي الغارق في الأحقاد تجاه القريب والغريب معا. فالأنانية والحقد لا حدود لهما عندما تسند بثقافة مفكرين وأدباء كبار، كما وأن المدارك الواسعة تتقهقر أمام طغيان الأوبئة الفكرية، فالتهجم على المكونات الأخرى بهذه الدونية، تفضح النقص في الإيمان بالذات القومية وثقافته، حتى ولو كان جامعا لكل العلوم في ذاته. والتهجم من قبل القوميات الأخرى على العروبيون والطغاة، وعلى الثقافة التي نشرتها الأنظمة الشمولية، رد فعل عن الواقع الموبوء والمستنقع المعاش فيه كل الشعوب العربية وغير العربية، والتي تقودها طغاة من العنصر العروبي، وأي دفاع عنهم من قبل الكتاب والمثقفين بطريقة التهجم التي استخدمها ميثم الجنابي والشاعر سعدي يوسف، على القوميات الأخرى محاولة لتنقية الثقافة الفاسدة وتعظيم للمستبد وتغطية لشروره، وهي تؤذي العرب قبل الأخرين. ليس دفاعا عن الدكتاتوريات، ولا عن حكم العائلات، ولا عن السيد مسعود برزاني، لكن لابد ولكل محلل ومثقف أو مفكر من التمعن والتدقيق بمنطق، للواقع السياسي الجاري والصراعات الطائفية القومية المتفاقمة، والتي أثارها الطغاة العرب وليس قادة القوميات الأخرى المتواجدة في نفس الجغرافية المكانية والمحتلة بمعظمها من قبل الطغيان العروبي بسند إسلامي، ليأتي بنتيجة واقعية مقبولة، ويستفيد منها كل الشعوب، ويحصل على احترام لذاته قبل أن يحترمه الأخرون، لكن مثل النمطية التأويلية التي يهاجم بها ميثم الجنابي على العائلة البرزانية بدون حشمة وأدب، مستخدما منطق الوطنية التي لا يراها إلا بالصيغة العروبية، مع تناس مطلق لعقود القهر والظلم والاستبداد التي عاشها العائلة نفسها مع الشعب الكردي بكليته، وملغيا سنوات الحرمان ونهب مستدام من قبل الحكومات العربية العراقية المتتالية لخيرات كردستان والتي لو حصل الإقليم على كل خيرات العراق ولسنوات لما عوض ذاك النهب الممنهج لكردستان، كما ويتناسى قتل الطغاة للألاف من نفس العائلة والاجتياحات الغارقة بالمجازر للكرد والمدمرة لكردستان، لكن تضيق عليهم الدنيا وتظلم الأفاق الإنسانية والتعامل الوطني، عند حصول الكرد على حصتهم من إنتاج كردستان، وهم المتعودون على أن يكونوا الأسياد على المستضعفين، فأين طغاة العرب من صرخات القدس المستنجدة، فغابت في أحكامهم على كردستان كل هذا الوجدان العربي الإسلامي، لتطغى عليها الأحقاد العروبية، وهي التي دفعت بالسيد جنابي وبغيره سابقا أمثال سعدي يوسف وغيرهما من الأدباء حتى السياسيين المتقمصين أرواح المعارضة، بالحكم على غير العربي والعربية، بكل الصفات التي حملها ويحملها معظم حكام العرب والمسلمين جدلاً، وكان من الحكمة والدراية أن لا يعممها الجنابي، ويتهجم على القومية الكردية وتنقص من شخصية أنسان له تاريخ مشرف ضد الطغاة والفاسدين من حكام العراق وآخرهم المالكي واليوم البغدادي، وأن لا يتحول إلى عشوائي اتجاه الكرد وكردستان كجغرافية، والتي لا يمكن لمثقف أو سياسي أو أديب أو مؤرخ على قدر هذه الاطلاع أن ينكرها، وأنكار الأخر طبع عادة يغلب على الجهلاء أو الحاقدين، لكن عدمية قدرة الفرد المتشبع بالثقافة العنصرية، مهما توسع اطلاعه، لا يستطيع الخلاص من عدم الانجراف إلى الجذب اللاشعوري للبنية الفكرية العنصرية والحاقدة تجاه الأخر، وهي البنية التي تؤدي به وبقلمه إلى سلاسة في أطلاق أحكامه، دون شعور بالذنب تجاه العلاقات الإنسانية والأبعاد الوطنية. ما يجري على الساحتين الثقافية والسياسية، تفرض على الجميع، عربا وكردا وأمازيغ وأقباط وغيرهم من القوميات والأديان، إعادة دراسة التاريخ بكليته، تاريخ الخلفاء وتاريخ العالم الإسلامي والطغاة القوميين العروبيين، والمؤرخين الحاقدين على الشعوب الأخرى، فهناك ظروف جديدة تفرض ذاتها لإعادة النظر في كلية الماضي ووضع اسنادات منطقية نقية لمسيرة شعوب المنطقة، ليخرجوا بنوعية جديدة من العلاقات، فالهجمات العنصرية من أمثال سعدي يوسف وميثم الجنابي وغيرهما تفتح يوما بعد آخر عيون الجماهير والقوميات الأخرى إلى الواقع المزرى الذي يغوص فيه العالمان العربي والإسلامي، ودراسة عصرية لأمثال مفاهيم الشاعر الكبير المتنبي، كما ويجب أن تدفع بالقوميات التي يشكك في بنيتهم ومقوماتهم القومية ميثم الجنابي أن يدافعوا عن ذاتهم ويردوا على الحقد والتهميش التاريخي لثقافاتهم ومقوماتهم القومية، وإعادة تكوين ذاتهم على الهيئة التي يجب أن يكونوا عليها دينا وقومية وليست على بنية الإسلام المدموجة بالعروبية، كما يفعلها البعث المتخفي تحت جنح داعش اليوم، والتي تسندها الأنظمة الشمولية المسخرة لها أدباء ومفكرين وسياسيين وكتاب كالمذكورين في هذا المقال. فالسيد مسعود برزاني يحمل مفاهيم قومية ودينية إنسانية رافضة للطغيان القومي المسخر للإسلام كزريعة، حتى وإن كانت هناك إشكالية في سيادته أو سيادة أفراد من عائلته، فهي تخص الذات الكردية وما يعكسه رئيس الإقليم وحكومته خارج كردستان، رد فعل طبيعي ومنطقي على الاستبداد، وعلى الأنظمة الشمولية وثقافة الطغي المستمدة من الوعي اللاشعوري المتمركز في ذاكرة البعض، وكان يمثلها صدام حسين والبعث والبارحة كان المالكي واليوم البغدادي وبعض الأدباء والمفكرين العروبيين الذين لا يتوانون في أبرازها عند أول فرصة سانحة. لا أمل في عرض أمنية للعروبيون بترك عنصريتهم، فهذا ديدنهم وسيستمر، مع ذلك من المهم جدا تنبيههم، بحصر أحقادهم في جغرافية شريحتهم الموبوءة، وعدم إقحام الشعب العراقي النقي في سجالاتهم الغائية الدونية، وترك محاولة جرف الشعب الأبي إلى مستنقعهم الآسن، وعدم تعميم مفاهيمهم الطافحة بها شخصيتهم المهزوزة، ونود أن نذكر هذه الشريحة بأن عنصريتهم تخصهم وحدهم دون الأخرين، فالعراقي عزيز النفس وأحفاد حضارات، وحملة ثقافات إنسانية غارقة في التاريخ، ومرت عليه شرائح مماثلة عديدة، حملة الأوبئة والأحقاد، كالخوارج وقتلة الحسين والحجاج بن يوسف الثقفي والسفاح، وقادة البعث وصدام حسين والمالكي واليوم البغدادي، مع ذلك بقي شعباً راسخا ومتمسكا بالإخوة الوطنية وعلاقاته الإنسانية. د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected]
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود الجزء الثاني
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود -الجزء الأول
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو الجزء الثاني
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو - الجزء الأول
-
الكرد في إعلام المعارضة العربية
-
لقائي بجكرخوين
-
ثقل الكرد السياسي إقليميا
-
الحركة الثقافية الكردية والبوصلة المرنة
-
كوباني مدينة أمريكية
-
إنها مؤامرة وليس نص إلهي
-
الخطة السرية لتدمير كردستان
-
حاضر الثقافة الدينية والقومية الكردية
-
السلطة السورية خط أحمر
-
لماذا منطقة عازلة في غرب كردستان؟
-
تركيا العضوة الشاذة في الناتو
-
الإله الكوني حيث الوجود والعدم
-
لماذا انقطع المفكر إبراهيم محمود؟
-
التطرف في الأديان
-
ما أبخس دماء الكردي والفلسطيني
-
من تاجَرَ بدماء شعب غزة؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|