|
كُرد الداخل .. وكُرد الخارج
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 12:25
المحور:
المجتمع المدني
أي الطرفَين يتجنى على الآخَر : كُرد الخارج ام كُرد الداخل ؟ وأعني بهم ، الكُرد العراقيين تحديداً . سأورد بعض المُلاحظات العامة ، ليسَ لإصدار أحكام ، ولا لإنتقاد هذا او ذاك ، ولا حتى للإنتقاص من هذا الجانب أو التهليل للجانب الآخر . بل هي مُجّرَد إنطباعات شخصية ، معتمدة على الإطلاع عن كثب ، على أحوال شريحةٍ من الكُرد العراقيين في الخارج ، ومقارنتها مع ما يُقال عنهم في الداخل . * في 2013 والأشهُر التسعة الأولى من 2014 ، فأن أكثر من 60% من المواليد الجُدد في برلين الكُبرى ، هُم من أبوَين غير ألمانيَين ، أي من المُهاجرين . وهنالك الكثير من المُدن الأوروبية الأخرى ، على نفس الشاكلة . فمن ناحية ، فأن جميع الدول الغربية ، تُعاني من مُشكلة التدني الكبير في النمو السكاني ، بحيث ان نفوسها أما يُراوح في مكانهِ سنوياً ، أو ينخفض .. ولهذا فأن سياسات هذه البُلدان ، تُسّهِل وتُشجِع الهجرة إليها ، لتعويض النقص السكاني . ومن ناحيةٍ أخرى ، فأن العديد من هذه البلدان الغربية ، تتخوف من ، حقيقة مُرّة ، وهي إحتمال ان يصبح مواطنوها من الأصول الأجنبية " ولا سيما المُسلِمة " ، أكثرية ، بعد خمسين سنة ، ومن ثم سيطرتهم تدريجياً على مقاليد الأمور ! . * المُشكلة الرئيسية التي تُواجِه الكُرد العراقيين المُهاجرين الى أوروبا ( شأنهم في ذلك شأن بقية المُهاجرين ) ، هي : [ الإندماج في المجتمعات الغربية ] . وبما ان غالبية الجاليات الكردية العراقية ، قد قدموا الى أوربا ، بعد عام 1992 ، فأن تواجدهم ، يُعتَبَر حديثاً ، مُقارنةً بالجاليات القديمة : التركية والإيرانية واللبنانية والسورية ، بما فيهم كُرد هذه البُلدان وغيرها . عموماً .. الرجال والنساء ، الذين كانوا يتجاوزون الأربعين من العمر ، حين وصولهم الى بُلدان المهجَر .. من الصعوبة ِ بمكان ، إندماجهم في المجتمعات الغربية ، المُختلفة عن ما تعودوا عليهِ . بينما ، تكون نسبة معقولة ، من الشباب ، أكثر تقبُلاً للمُحيط الجديد . في حين ان الأطفال وكذلك المولودين في المهجر .. والمنخرطين في عملية التربية والتعلُم ، من الحضانة والروضة فصعوداً ، فأن إحتمالية إندماجهم في المجتمعات الغربية ، عالية . * عادةً .. يُحاوِل الآباء والأمَهات ، جُهدَهُم .. لِمُراقبة أولادهم والإشراف على تربيتهم ، والمُحافظة قَدر الإمكان ، على العادات والتقاليد ، وغرس القيم التي تربوا عليها هُم في بلدانهم الأصلية . وهُنا تظهر أولى بوادر الإصطدام ، بين الذي يبغونه وبين الواقع العملي . فأساليب التربية والتعليم الغربية ، المتطورة والمنفتحة ، والنظام المجتمعي القائم ، على تكريس الشخصية الفردية ، الناقدة والمُتسائلة ، تجعل من الأولاد والبنات ، عموماً ، لايستسيغون العقلية التقليدية المنغلقة للآباء والأمهات . في تصّوري : قد يستطيع الكثير من أولياء الأمور الكُرد ، في المجتمعات الأوروبية .. المُحافظة على تماسُك أُسَرِهم ، والإلتزام بدرجةٍ من العادات والتقاليد . لكن بالنسبة الى الجيل الثاني ، أي أحفادهم المولودين في المهجر .. فأن خروجهم " من الجلباب العتيق " سيكون أكثر يُسراً . وهذه هي سُنة الحياة على أية حال . * هنالك قِّلَة من كُرد العراق ، في أوربا .. توجهوا الى الإنغلاق والتزمُتْ ، وعدم الإختلاط قدر الإمكان ، لا بالأوروبيين ، ولا حتى بالمُهاجرين المنفتحين .. وإنكمشوا في غيتوات دينية إسلامية .. بحجة حماية أُسرهم من الإنحراف ! . * أبرز ملامح تعليم الأطفال في اوروبا ، تكمن في دفع الطفل الى إستخدام ( عقله ) مُبَكِراً ، وتشجيعه على السؤال والمحاججة ، وتعويده على النقد البَناء .. بينما أبرز صفات التعليم عندنا ، هي ( التلقين ) الذي يؤدي تدريجياً الى الجمود والتحجُر ، ثم زرع الخوف في نفوسنا منذ الصِغر ! . عموماً .. أعتقد انهم في أوروبا يُربون صغارهُم ، على الصِدق والصراحة والنزاهة .. وهي أمورٌ لاتتماشى مع عقلياتنا الشرقية الرجعية التي تربينا عليها ، والتي من تجلياتها : النفاق والمواربة والرياء ! . * هنالك بضعة فتيات كرديات ، تزوجنَ بأوروبيين .. وهنالك الكثير من الكُرد تزوجوا بأوروبيات .. ومعظم هؤلاء ، بغير رضى أهاليهم . وهذه الظاهرة مُتوقعة ـ وهي مُرّشحة للزيادة في الأعوام القادمة . هنالك أيضاً الكثير من الشباب الكُرد لهم صديقات أوروبيات . أستغربُ حقاً من " إستغراب " البعض ، حول هذه الأمور ! . فمادُمت تعيش في أوروبا لسنواتٍ طويلة .. فمن المُحال ، كما أرى .. أن تستطيع الوقوف بوجه إندماج الجيل الثاني او الجيل الثالث ، بالمجتمعات الأوروبية . .................... على أية حال .. أعتقد اننا ، أي جميعنا كُرد الداخل وكُرد الخارج .. بحاجةٍ حقيقية ، الى مُراجعة ملف [ قِيَمِنا ] .. وقشط الصدأ المتراكم عليها .. فليست جميع عاداتنا وتقاليدنا هُنا ، جيدة أو صحيحة .. ولا كُل قِيَم المجتمعات الأوروبية ، سيئة أو خاطئة . الأمر ينطبق على عراقيي الداخل وعراقيي الخارج ، عموماً . يتبع
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلماتٌ عن - أوسلو -
-
اللاجئين الكُرد في اوروبا .. ملاحظات بسيطة
-
طرائف من برلين
-
فضائية جِرا والعمل التطوعي
-
على هامش - لقاء برلين لحقوق الإنسان - 2
-
على هامش - لقاء برلين لحقوق الإنسان - 1
-
- النازحون يبيعونَ المُساعدات -
-
زراعة الشَعر .. وتجميل الأظافر
-
البيشمركة في كوباني .. مُلاحظات
-
العراقي .. و - تَرَف - حقوق الإنسان
-
كُتُبٌ للنازحين
-
دروسٌ من الحَرب ضد داعِش
-
بائع العِلكة
-
حَلٌ مُؤقت لإيواء النازحين : القُصور والجوامِع
-
مُستفيدون صِغار .. ومُستفيدونَ كِبار
-
الصَبر .. ثُم الصَبر
-
نِساءٌ .. ونِساء
-
إلى متى ستصمُد كوباني المُحاصَرة ؟
-
المصاريف الأمريكية .. وخضروات البيت
-
- السهرات الإسطنبولية -
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|