|
قراءة في شذرات من كتاب جدل التنوير لماكس هوركهايمر وثيودورف ادرنو
علي البهلول
الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 04:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر اشكال التنوير من أهم الاشكالات الفلسفية المنغرسة في تاريخها وخاصة الحداثة منها باعتباره سؤال فلسفيا يسير نحو الكشف عن مضمرات الفلسفة وعلاقتها بالحداثة وبالفكر الذي ما نفك يورق الباحثين فيه ومنذ سؤاله عن الأنوار بدأ الطرح الفلسفى مع كانط يسير نحو الكشف عن العقل وعن تاريخه المتشبك بين السياسي والاجتماعي وحتى الديني والكل يعلم أن "الأوف كلارينق" هو اللحظة الأولى التي من خلالها بدأت مساءلة العقل وربما محاكمته فالتنوير والأنوار ارتبطت بفكرة التخلص من الخوف ومن العادات والتقاليد التي تكون دغمائية بعض الشيء أو طوباوية وحتى لها دلالات ميثيولوجية المرتبطة بالأساطير والخرافات وبولادة التنوير ولدت الحركة النقدية بالرغم من تأخرها بعض الشيء اذ نظرنا الى الحداثة التي بشر بها ديكارت أوائل القرن السادس عشر ويأتي كتاب جدل التنوير ليتصدر مكتبة مدرسة فرنكفورت والذي كتب بالتشارك مع هوركهايمر وأدرنو وتحديدا في فترة الأربعينات من القرن الماضي وما يهمنا تحديدا هنا في هذا الكتاب هو اشكال الأنوار والتنوير والتي نعني بها حسب الفيلسوفين التعبير عن فكرة التقدم والهدف منه تحرير الانسان من الخوف وجعله سيدا بالاضافة الى أن برنامج التنوير كان الهدف منه اضاءة الملتبس وكشف المنكسف وفك كل ما هو عقم عن العالم والعقل على غرار السحر وما ارتبط من تكليس للفكر البشري عبر عقود من الزمن ومن سيطرة الفكر الميتافيزيقي على كل الأفكار بما في ذلك الفكر الأرسطي ومن هنا يشير مترجم الكتاب جورج كتورة في موضع اخر "بأن النقد كان في معظمه على العقل القديم، أو على العقل الذي أدى في جانب منه إلى تجميد العقل يعني العقل كما هو عند هيغل كما هو عند كانط وكما هو في الماركسية أيضا التي أوصلت في مرحلة من المراحل إلى الستالينية بشكل أو بآخر كما صار هذا العقل في نهايته عقلا أداتيا أو عقلا محض أداة يمكن استعمالها أو الاستغناء عنها أو استعمالها فقط كأداة" ومن هنا يصبح التنوير أداة تحرر من الرؤى الظلامية التي تحيط بالعالم أو التي بموجبها يمكن لنا أن ننظر إلى العالم وهو كما أشرنا سابقا كان مع الفيلسوف لألماني كانط والمشكل الذي يمكن الوقوف فيه والتسال عليه هل بالفعل قام كانط بنقد العقل ومحاكمته والغاء كل ماهو دغمائي منه أم أنه قام من وراء ذلك بتأليه العقل وربما لجعله الحاكم الوحيد في العالم وبالتالي السقوط في المثالية والكل يعلم أن الفلسفة النقدية كان هدفها نقد كل ما هو مثالي.فالتنوير اذن كما أشار كانط هو خروج المرء من حالة القصور الى حالة الرشد وكان شعار التنوير هو "تجرّأ على استعمال عقلك" مع امكانية التمتع بالحرية اللازمة للتحرر واستخدام العقل واخراجه من الحيز الزمكاني الضيق الذي تربى فيه.ومن هنا يكون من الواضح والجلي للعموم أن كل من يقوم بتعطيل الفكر وتقزيمه واستغلاله هو في حد ذاته دوس على مفهوم التنوير ومس من الحقوق المقدسة للانسانية . ومن هنا كان موضوع فلسفة التنوير متجسد مع أدرنو و هوركهايمر على إثارة أسئلة حول بنية العقل المعاصر متسائلين هل الصـورة التي وصلت إليهـا الحضارة المعاصرة هي نتيجة لفلسفة التنوير، التي استبعدت الأبعاد المختلفة للعقل، وجعلته يقتصر على العقل العلمي والتكنولـوجي، وتم استبعاد صـور العقل الأخرى، مثل العقل الخيالي، والأسطوري وبالتالي وكد الفيلسوفين انصب على التاسيس لنقد التنوير باعتباره نقد العقل ذاته، أي نقـد الأسس الفكرية والأنطولوجية والأيديولوجية التي يستنـد إليها الواقع المعـاصر، الذي أصبح يتعارض مع الفرد ويهيمن عليه حيث أصبح الإنسان المعاصر أسير اليومي المتلبد الذي نسكن داخله ونحن بالاصفاد وينتج عن ذلك انتاج عقل يدفع جنوحه الطائش نحو حدود اللاعقل. وخير برهان ما ساقه الفيلسوفين حينما اشاريا الى اللحظة التي تتحقق فيها يوتوبيا فـرنسيس بيكـون: أي السيطرة على كل ما أنتجته الطبيعة و تحليل عملية الإخضاع الذي يمارسه الإنسـان على نفسه وعلى من حولـه، وهو الذي أدى لخلق عقل يكون أداة لتحقيق طموحات البشر مع امكانية تدمير الاخر بكل أصنافة ان لزم الأمر. ان كتاب جل التنوير باختصار حاول العمل من خلاله الفيلسوفين أدرنو و هوركهايمر على أطروحتين معتبران أن الأسطورة قد صارت تنويرا والتنوير تحول الى ميثيولوجيا محاولين العمل على جدل الأسطورة والتنوير في الأوديسة باعتبارها من أولى الوثائق التي تمثل الحضارة البرجوازية الغربية مع ما يتخللها من تبيان الفارق بين وحدة الطبيعة الأسطورية والسيطرة العقلانية على الطبيعة بالاضافة الى بيان تحول التنوير الى ايديولوجيا أين تجد أرضها الخصبة في كل ما هو أعلامي .
#علي_البهلول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلم على وتر التردد لوغوس ووعي بالذات للشاعر التونسي شاهين ال
...
-
أبو الهول وحادثة العين
-
هل سينجح الفريخة والسلامي في حل مشاكل صفاقس
المزيد.....
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|