|
حول الأمازيغية…. وترسيمها القاتل ؟
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 09:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حول الأمازيغية…. وترسيمها القاتل ؟
قرأت بشيء من الإندهاش مقال الكاتب الشروقي حسن لقرع بعنوان ( الأمازيغية…. الترسيم القاتل ) على الرابط :http://politics.echoroukonline.com/articles/198648.html أورد فيه جملة من التصورات المنغصة لعملية ادراج الأمازيغية كلغة رسمية في موطنها بين أهاليها ، وصور لنا ترسيمها انتحار ذاتي ، أو أنها ترسيم يقتل مجهولا (ما ) يدركه هو بحدسه
***لعبة أي لهجة نُرسم؟
ـــ كل اللغات كانت لهجات وتطورت ، فالعربية قبل الإسلام كانت بلهجات تزيد عن الخمسين لهجة ، حسم الله تفرقها بتغليب لهجة قريش ،التي نزل بها القرآن الكريم ، فالإختلاف بين اللهجات الأمازيغية إشكال مفتعل ، فأنا تحدثت مع المزابي والشاوي والنفوسي و حتى مع أهالي الريف بالناظور المغربية بكل سهولة ويسر ، فإن كان الإختلاف فهو ليس بالحد المفرط الذي ينأى عن التوحد ، قليل من الإجتهاد كفيل بايجاد صلة القرابة البين بينها ، فهذا وتر زائف يدندن عليه أعداء الأمازيغية لتعطيل سيرها وعرقلة مسارها، وكبح جماحها ليس إلا ، فأنتم تقولون يتطلب ترسيمها عمر جيل (20/30 ) سنة ،ولا تعلم بأن اليهود أحيوا لغتهم العبرية وغدت لغة التكنولوجيا والنووي في زمن قياسي لا يتعدى خمسين سنة ، فالتوجه العام عند الأمازيغ هو لغة معيارية موحدة ب(خط التيفناغ الأصيل ) لجميع الأمازيغ من سيوا المصرية إلى أمازيغ الكناك في جزر الكناري .
*** مغالطة التطوير قبل الترسيم .
ترسيم اللغة هو الأساس الضامن لتطورها ، وتعميم استعمال اللغة العربية هو الذي أعطاها مكانتها بعد الإستقلال ، وما يراه الأخ ( حسن لقرع ) ينم عن مازوخية مفرطة في جلد الذات الواهنة ، فهل ننتظر مثلا من أمثال ( عثمان سعدي) و(أحمد بن نعمان ) تطويرها ليتسنى ترسيمها ؟ هذه محاولة لتعطيل مسار لغة وطنية ، فالترسيم هو الذي يوفر لها الدعم المادي والمعنوي والحماية القانونية للنماء والتطور تحت رعاية الدولة المدنية التي تنظر إلى جميع مكونات شعبها بعين العدل ، ففي الشقيقة المغرب رسمت الأمازيغية ولم يحدث شيء مستنكر، والليبيون في الجبل الغربي فرضوها بالقوة كلغة رسمية تدرس إجباريا في المدارس ، فكنا في الجزائر السباقين وجنى أشقاؤنا نتائج تضحياتنا في الربيع الأمازيغي الأسود سنة 1991 وإضراب المحفظة عام 1994 م.
* *** تعدد الألسن ظاهرة صحية .
نظرية وحدة اللغة لضمان وحدة الوطن ، نظرية مفلسة نظر لها الفرنسيون بمصطلح دولة اليعاقبة etat jacobin ، أو اليعقوبية jacobinisme وهي نظام شمولي اقصائي استبدادي ورثاه عن فرنسا الإستدمارية]، ففي دول العالم المحيطة بنا نماذج حية للتعايش بين الأجناس واللغات ،ولكي لا تحس الشعوب المنضوية تحت علم واحد بالإضطهاد اللساني ضدها فقد عمدت إلى اعتبار جميع لغاتها وطنية ورسمية ، فالأمة السويسرية بكانتوناتها الست والعشرين ، تنبني على جنسية الأرض ، وليس على قومية اللغة التي تتنوع فيها من ( ألمانية،وفرنسية ، وايطالية ، ورومانشية) ، وبلجيكا البلد الصغير الذي هو في حجم ولاية جزائرية يعيش فيها أعراق يتكلمون ثلاث لغات رسمية (هولندية ، وألمانية ، وفرنسية )، ولم ينتسبوا لأي لغة منها وإنما هم معتزون ببلجيكيتهم ، وفي جنوب إفريقيا تنتشر 11 لغة كلها رسمية متساوية الحقوق وهي : [الأفريكانز ، الإنجليزية ،الإيسيندبل، الإيسيكوس،, الإيسيزولو، سيسوتو ، ستسوانا ، سيسواتي ، تشيفندا، ستسنغا] ، وجعلوا من الأنجليزية لغة التعامل الخارجي ، وما قيل عن افريقيا الجنوبية يقال عن الهند والصين والروس .... الخ .
***هناك أطراف تريد إقصاء الأمازيغية ؟
هاجس الخوف من الترسيم وتهويل الفعل يدل على فوبيا الأمازيغية ، ففي تقديري أن الطرح (العروبي الإسلاموي النخبوي) هو أحد المعيقات ، فبدل أن يقروا بالحقيقة وشرعية المطلب ، فهم يدفعون إلى تكرار النكسات ودفع الشباب المتحمس للإنتحار ، فبعض الأمازيغ المستعربين كانوا أحصنة طروادة لقتل الأمازيغية من الداخل منهم على سبيل المثال عثمان سعدي ، وأحمد بن نعمان ، وترسيم اللغة لا يعني إجبارية استعمالها ، وإنما يعني عدم منعها من التداول في المؤسسات الرسمية ، فالمواطن الذي لا يحسن سوى الأمازيغية في أهقار أو بني يزقن أو شرشال أو إغرم من حقه كمواطن جزائري أن يقدم شهادته في المحاكم بلسانه ، وأن يسمع الأحكام ويفهمها ، فالدولة في تعاقد ايجابي مع مواطنيها ، فجميع المؤسسات ملزمة باحترامه وبلسانه الإصلي ليس منا وإنما حقا دستوريا والغريب أننا معشر الأمازيغ ندافع عن اللغة العربية أكثر من دفاعنا عن لغتنا الأم ، فلما لا يناصرنا في قضيتنا من يحس أنه عربي ؟
*** هل ترسيم (لغة الوطن) جريمة لا تُغتفر ؟
بعض العروبيين في بلداننا المغاربية يصابون بنكبة ونكسة ورعاش جراء سماعهم لعبارة ( الأمازيغية ) ، فهم يعتقدون في وجدانهم أنها ضرة مشينة للعرب والعربية ؟، وهم يكيلون بمكاييل خاسرة في معاداتهم للأصالة الأمازيغية ولو بوهنها وضعفها وقلة حيلتها وسوء انتشارها ، وأعتقد جازما بأن ضعف الأمازيغية سببه هيمنة لأديولوجية عروبية وفرنكوفونية معا ، فنظامنا التعليمي يصرف غدقا لتطوير العربية والفرنسية ، ويذم اللغة الأصلية ( الأم ) لوأدها وقتلها قبل أن تستفيق وتنتعش ، فعندما تسمع سعي الأمم لتطوير لغاتها الأم لجعلها تنافسية، تتساءل لماذا لا ننظر نحن بنفس المنظار ؟ ولماذا لا نكون أمثال الصهاينة الذين أحيوا لغتهم القومية العبرية بعد مواتها ؟ وجعلوها لغة الإبتكار والإختراع ، فهل حرامٌ علينا أن نطالب بترسيم لغتنا الأصلية وتدريسها في دارها وبين أهاليها ، بنفس الحضوة التي تدرس فيها العربية والفرنسية والأنجليزية ، أم أن قول ( احتقار اللغة معناه احتقار لأهاليها ) هو التفسير الملائم الصائب لما يحدث ؟ وحان الوقت لأمتنا أن تستفسر عن أسباب الإخفاق الذي طالها لقرون عديدة ، أهو في طبيعة إنسانها وبيئتها الطبيعية ؟ ، أو في معتقدها ؟ ، أم في لسانها و قيمها المتوارثة ، أم في نسق تعليمها ونظامها التربوي ، فلا بد من إيجاد الثغرة ،والعثرة المعطلة المعرقلة ، لوأدها و بترها ، لعل ذلك سيسمح لنا جميعا بإقلاع حقيقي ُيلحقنا بمن سبقونا في مدارج الفكر والحضارة والرقي مثل الترك والفرس على أقل تقدير ، ونصبح على الأقل من الأمم التي تأكل وتلبس مما تنتج !!؟ .
مفصل القول التنوع اللساني داخل الدولة الواحدة ظاهرة طبيعية صحية ، والتنافس اللغوي في إطاره الإيجابي محمدة حضارية تلجم الأنا لحساب حقوق الغير المخالف ، ومحاربة اللغة الأصلية معناه إضطهاد وقمع لأهاليها ، والله خلقنا متمايزين لسانا ولونا كما ورد ذلك في سورة الروم[( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ .)].
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل اكتشف الأمازيغ أمريكا قبل كريستوف كولمبس ! ؟
-
لماذا التضييق على خبر انتكاساتنا ؟
-
الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .
-
ما ستخسره العربية بعد ترسيم الأمازيغية ؟ .
-
ترسيم الأمازيغية لن يكون غدا .
-
مخاطر [ تجذير ] الهوية العربية الإسلامية في تونس .
-
تجذير [الناشئة ] في هويتها العربية الإسلامية بتونس؟ ! .
-
العرب أصلهم أعراب ، والأمازيغ أمة بجميع مقوماتها .
-
مخطوطات مكتبة الشيخ [ الموهوب أولحبيب ] بتلا وزرار ، بني ورث
...
-
الإخوان في طريقهم إلى إجهاض ثورة 25 يناير .
-
الحضارة الإسلامية ... سكونٌ أم إقلاع ٌ ؟
-
الفيلم المسيء للرسول ، أهو صراع بين (الطورو ، والطوريرو) ؟ .
-
علمية الباحث الإسلامي في الميزان .
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ الجزء الثاني ]
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ ج1]
-
عندما يكون البلهً هم أكثر أهل الجنة ؟
-
[بابا مرزوق ] المدفع الذي أكل كبد فرنسا .
-
لبلويت ( الزرق )BLOITE
-
لماذا أنا مؤيد عرض مسلسل عمر الفاروق ؟
-
عملية الطائر الأزرق .( Opération oiseau bleu )
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|