|
النشاط الحرفي للأرمن في مصر-2
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 09:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
اشتغل الأرمن بإعداد المأكولات والمشروبات والخدمة المنزلية : خدامون ، صانع قهوة، جرسون مقهي، صبي قهوة بلدي، عجان ، طابونجي، فران، بقلاوجي، حلوجي، صانع بسطرمة، صانع قطايف، كبابجي ..إلخ. عمل الارمن ميكانيكيين وحددادين ، وإلي جانب ذلك مارسوا حرف: صناعة الصفائح، صناعة المطارق، صناعة الملاعق، صناعة الحروف، صناعة السكاكين، صناعة القوالب، سن السكاكين،(سنان) تلميع بالنيكل( صقال)، السباكة، البرادة، الخراطة، تبييض النحاس، تصليح آلات كاتبة، تصليح ماكينات الخياطة. وشغل كار العمال الأرمن ذوي الحرفغير المحددة المرتبة السادسة ؛ وهم طائفة من الأجرية الذين يمارسون حرفا دونية في الغالب ويتنقلون من عمل إلي آخر جريا وراء لقمة العيش. ويجب علي هؤلاء ان يصرفوا كل مالديهم حتي يتمكنوا من العيش، ومعظمهم يعيش يومه فقط ولا يضمن الغد ومهموما به. زاد عدد المحتاجين والبطالين من العمال الأرمن إبان الأزمة الاقتصادية 1929-1931 . ولهذا ، توجهوا إلي مطرانية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة لبحث أحوالهم. وإيجاد أشغال لهم تضمن قوت يومهم الضروري علي الأقل ، كما طالبوا المطرانية بمعونة مادية مؤقتة. ولكن ، لم يكن في استطاعتها توفير السبل لهؤلاء العمال الذين اضطروا أن يتجولوا من شارع إلي آخر ومن بيت إلي آخر ومن بيت إلي ثان طالبين الشقة من الغريب والقريب. ورغم أن المؤسسات الخيرية الأرمنية قد أسهمت نسبيا في تخفيف معاناتهم ، إلا أن الأزمة الاقتصادية قد قلصت إسهاماتهم . وتحسنت ظروف العمال إلي حد ما إبان الحرب العالمية الثانية التي فتحت آفاقا للعمل من أجل إمداد الحلفاء باحتياجاتهم. أما الساعاتية فيستأثرون بالمركز السابع ؛ وهي من الحرف الدقيقة التي زاولها الأرمن في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر. وقد نزح الساعاتية الأرمن من قيصرية (21.2)% والأستانة (10)% وعربكير (10%) بالإضافة إلي "10%" من القاهرة ، وباقي النسبة من أماكن متباينة. وشكلوا نسبة "18.1%" من إجمالي الساعاتية بالقاهرة والإسكندرية. وقد تواجدوا في شوارع محمد علي ونوبار ( الجمهورية) والموسكي وعابدين وشبرا بالقاهرة، وفي شوارع جامع العطارين وفرنسا وسوق الصيارف والسبع بنات بالإسكندرية .وشغلت الحرف الخاصة بالموبيليات المرتبة الثامنة في محيط الحرفيين الأرمن، بيد أن النجارين قد استأثروا بنسبة "89.5"% مقابل "10.5"% عملوا في حرف التذهيب والتنجيد وصناعة الكراسي والمناضد. واحتلت الحروف الخاصة بالمطبوعات المكانة التاسعة ، بيد أن حرفتي الحفر والزنكوغراف قد استأثروا بنسبة "60.4%" منها مقابل "39.6"% من الأرمن الذين اشتغلوا بحرفتي تصفيف الحروف وتجليد الكتب . وقد جاءت نسبة "25%" من الحفارين والزنكوغرافيين الأرمن من الأستانة، وجاءت النسبة الباقية من جهات متباينة . وقد شكلوا نسبة "40%" من إجمالي العاملين في هذا الحقل بالقاهرة والإسكندرية. ولكن العاصمة استأثرت ب"30%" منهم مقابل "10%" للثغر. وتركزوا في شوارع قصر النيل ومحمد علي وإبراهيم باشا ( الجمهورية) والمدابغ بالعاصمة ، وفي شارعي تريسته والسبع بنات بالثغر. يعد الزنكوغراف ( الكليشيهات) من الأنشطة الصناعية الطباعية البارزة التي أدخلها الأرمن إلي مصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وتستلزم هذه الحرفة دقة متناهية وصبرا ودأبا نظرا لصعوبة أدائها وطول الوقت الذي تستغرقه. أسس آرشاج فنديان أقدم ورشة حفر وزنكوغراف عام 1876 في شارع محمد مظلوم باشا بالقاهرة، ثم نقل نشاطه إلي شارع قصر النيل . وبعد ذلك ، توالت ورش الحفر والزنكوغراف التي أنشأها الأرمن: آرام بربريان ، جرابيد آراكيليان " ورشة الحفر والزنكوغراف المصرية" ، إخوان أرتينيان، أرداشيس ، كريكور يحيي، مول كروماليان وشركاه " ورشة الأمريكاني"، بوزانت ميناسيان" ، سيفريان ، ورشة ه.ج.بوباجيان، فارتان داكيسيان " حفارأبو الهول" ، نوبار توماسيان وشركاه" زنكوغراف نوبار "، توروس خاتشادوريان" ورشة حفر وزنكوغراف " هاروتيون أمبارخجوميان" زنكوغراف أرتي".. وغيرهم. وتكاد تتفق معظم المصادر علي أن ورشة آرام بربريان التي كان يعمل بها "28" حفارا ، تعد أنجح الورش الأرمنية علي الإطلاق حتي صار صاحبها أشهر حفاري مصر وصاحب أفضل النتائج في الكليشيهات التي كان يصنعها . ولذا ، حصل طوال ثلاثينات وأربعينيات القرن العشرين علي امتياز صناعة الكليشيهات بالمطابع الأميرية ودار المعارف مع أن لكلتيهما أقسام حفر مشهود لها بالكفاءة ، كما كان يتولي صنع كليشيه غلاف مجلة "روز اليوسف" في الفترة ذاتها رغم امتلاكها ورشة حفر متقدمة. ولكن هذا كله يعني أن نتائج بربريان كانت تحتاج قدرا أكبر من الدقة . وكان من أوائل حفاري كليشيهات الألوان الذين استخرجوا تجربة ( بروفة) للكليشيهات قبل تسليمها للعميل . وجدير بالذكر أن ورش الزنكوغراف الأرمنية قد انتعشت وازدهرت ابتداء من الربع الثاني من القرن العشرين عندما صفي بعض أصحاب المطابع الأجنبية نشاطهم بمصر إثر منافسة المطابع المصرية لهم. ولما كانت مطابع الأجانب تمتلك أقساما ممتازة للحفر ، فبإغلاقها ازدادت أهمية ورش الزنكوغراف الخاصة التي كان يستأثر الأرمن بمعظمها. ولم يكن فضل الأرمن علي الزنكوغراف مجرد أنهم أدخلوه إلي الديار المصرية وارتقوا به إلي أعلي مستويات الجودة فحسب، بل اتجهوا أيضا إلي تدعيم الخبرات في هذا الفن، وفي الطباعة عموما ، بتقديم بعض المعارف النظرية عن مختلف الفنون 1933 أصدر الحفار الأرمني كالفيان مجلة طباعية بعنوان( لا آرت جرافيك) ـ، ولكنها توقفت في عام 1935. ولم يقتصر النشاط الزنكوغرافي الأرمني علي ورشهم الخاصة فقط، بل التحقوا بمطابع كبريات المؤسسات الصحفية المصرية حيث عملوا في أقسام الحفر بها. علي سبيل المثال، اشتغل الحفار هامبارتسوم يالنزيان في مؤسسة الأهرام منذ منتصف أربعينيات القرن العشرين، واشتهر بأداء الأعمال الزنكوغرافية الدقيقة كان يستخرج الكليشيه من أصل ظلي رديء ولا سيما عندما يكون الأصل مأخوذا من صحيفة قديمة سبق طبعها؛ وهو امهر من يجري عملية الرتوش علي اللاقطة السالبة ، بل وعلي الكليشيه المعدني نفسه. وقد عاصر يالنزيان المراحل الطباعية المتباينة التي مرت بها جريدة الأهرام. وكان يحاول الوصول بالصورة الظلية ( الفوتوغرافية) إلي أقصي درجات التطابق بين الأصل والصورة المطبوعة. وهكذا، تعد حرفة الزنكوغراف من الحروف الفنية التي ادخلها الأرمن في مصر واستأثروا بها وسيطروا علي أشهر مؤسساتها. أما حرف الخدمات ، فشغلت المرتبة العاشرة علي المستوي الحرفي الأرمني. تستأثر منها حرفة الحلاقة بالنصيب الأكبر "85%" مقابل "15%" عملوا مكوجية وحانوتية . وشكل الحلاقون الأرمن نسبة "3.5%" من إجمالي الحلاقين بالقاهرة والإسكندرية. وقد تبوأت الحرف الخاصة بالنقل والمواصلات المنزلة الحادية عشرة. بيد أن حرفة " السائق" قد استأثرت وحدها بنسبة "79"% مقابل"21"% الذين عملوا كمسارية وعربجية وخمارة. واحتل المصوراتية المركز الثاني عشر في قائمة الحرفيين الأرمن. وجدير بالذكر أن كثيرا من المصورين في العالم قد انجذبوا إلي مصر منذ أوائل القرن التاسع عشر بسبب الاهتمام العالمي بتاريخها وفنها وعاداتها في أعقاب الحملة الفرنسية وما نجم عنها من استكشافات. ويغذي هذا الاهتمام الميل الرومانسي التقليدي إزاء الشرق بعامة. وتقنيا ، امتاز مناخ مصر بهوائه النقي وضوئه القوي العمودي مما يلائم متطلبات التصوير، وتدريجيا ، أصبحت صور مصر الخلابة مطلوبة تجاريا في السوق العالمي. بيد أن التصوير الفوتوغرافي قد قوبل بمعارضة شديدة من قبل التقاليد الإسلامية التي سمحت بالتقاط الصور المجردة والهندسية وحرمت الصور الآدمية. ولهذا، لم يمارس المسلمون هذا العمل في بدايته، بينما مارسه الأوربيون والأرمن . ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، تطور التصوير الفوتوغرافي تقنيا وفلسفيا وتجاريا علي المستوي العالمي. ولم تكن مصر بمنأي عن هذا التطور خاصة بعد تزايد حركة المرور إثر افتتاح قناة السويس(1869 ) كما أصبح التصوير وسيلة ضرورية لتوثيق التحديث الذي أخذ يطرأ علي مصر. في هذا الإطار، اشتغل الأرمن النازحون إلي مصر من جميع أنحاء الدولة العثمانية بحرفة التصوير الفوتوغرافي ، وهي من الحرف الفنية التي أسهم الأرمن في تطويرها. وشكل المصورون الأرمن نسبة "25.55" من إجمالي المشتغلين بهذه الحرفة علي مستوي القاهرة والإسكندرية. وقد تركزوا في الشوارع الحيوية بالمدينتين. يعد ليكيجيان أقدم المصورين الأرمن في مصر . وقد ورد أول إعلان عنه في جريدة " الأهرام" عام 1899:" حضرة المصور الشهير الخواجا ليكيجيان وشركاؤه استحضر إلي محله الكائن أمام أوتيل شبرت بمصر من لآلات تصوير الشمس المختلفة الحجم ما هو احكم صنعا وأجزل إتقانا .. ومن يريد أن يتخذ لنفسه رسما ينطبق علي صورته ومثاله أن يعول في ذلك علي هذا المتفنن في ضروب التصوير البالغ حد النهاية في الإتقان". وصار ليكيجيان المصور الخاص لقوات الاحتلال البريطاني في مصر، وتخطت شهرته حدود المحروسة إلي أوربا وأمريكا حيث يمثلها في المعارض الفنية الدولية. وبجانب ليكيجيان ، أخذت تظهر سلسلة من المصوراتية الأرمن في القاهرة: صباح وخاتشيك ، مجر آيفزيان ، مليك ،أندونيان، شمشديان صدفجيان، آرام ألبان ، أرميناج آرزوروني ، آرا آفيديسيان ، أرتين كافوكيان ، آرشاج كاراجوزيان ، جاروفاجابيديان، أترو فارجابيديان ، هاجوب كيروبيان، آنترانينيج كوتشار، فان ليو . وغيرهم . وفي الإسكندرية : آجوب ، طاشجيان، جاكوب ، ديكران ، مانفيان...إلخ. وتأتي مجموعة الحرف الخاصة بالمعمار في المرتبة الثالثة حيث عمل الأرمن نقاشين وبنائين وطوابين ونجارين مسلح. وبعد ذلك ، حرف تهيئة الأخشاب؛ قفاصون ومشاطون وسباتون . ثم الحرف المتعلقة بالصناعات الجلدية ؛ دباغون وصناع حقائب وصناع أرصنة . وأخيرا، الحروف الموسيقية من آلاتية وعازفين.
#عطا_درغام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النشاط الحرفي للأرمن في مصر-1
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-6
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-5
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-4
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-3
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-2
-
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر-1
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية-7
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية-6
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية-5
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية-4
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية -3
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية -2
-
الأرمن المصريون والسياسة المصرية
-
الصراع الحزبي الأرمني في مصر-2
-
الصراع الحزبي الأرمني في مصر-1
-
الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-3
-
الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-2
-
الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-1
-
الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-7
المزيد.....
-
صندوق النقد يرحب بالإصلاحات المصرية
-
مدفيديف: الغالبية العظمى من أسلحة العملية العسكرية الخاصة يت
...
-
-كلاشينكوف- تنفذ خطة إنتاج رشاشات -آكا – 12- المطورة لعام 20
...
-
إيلون ماسك يحطم الرقم القياسي السابق لصافي ثروته.. كم بلغت ا
...
-
اتهامات أميركية لمجموعة أداني الهندية بالرشوة تفقدها 27 مليا
...
-
تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس
...
-
مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
-
القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه
...
-
قفزة مفاجئة في سعر الذهب الان.. تحديث غير متوقع
-
أزمة قطاع العقارات في إسرائيل تنعكس على القطاع المصرفي
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|