أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غسان المفلح - الديمقراطية في سوريا















المزيد.....

الديمقراطية في سوريا


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1303 - 2005 / 8 / 31 - 11:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الديمقراطية في سوريا
بين إرادة السلطة وإرادة المجتمع ( 1)
الديمقراطية بوصفها وسيلة :
أن تتحول الديمقراطية إلى حلم للنخب السياسية والثقافية أمر مفهوم وعلى غاية من الأهمية , وهو بداية : بداية لأنها ضمن إجماع نظري لهذه النخب على الأقل رغم وجود تباينات في فهم الديمقراطية ورؤيتها في علاقتها بالليبرالية مثلا أو بالعلمانية أو بالدولة المدنية ..الخ ما يهمنا الحديث عنه هنا هو الإرادة الفاعلة في التغيير الديمقراطي في سوريا منطلقين من أن أي تغيير في المجتمعات المعاصرة يستلزم : إرادة سلطة بالدرجة الأولى , ومن البديهي أن هذه الإرادة غير موجودة في سوريا حتى هذه اللحظة , لا بل أن الإرادة المعبر عنها كممارسة سلطوية وفعلية على الأرض هي إرادة إعادة إنتاج نوع من السلطة الاستبدادية مع المحاولة من
قبل هذه السلطة تفعيل : أدائها نحو مزيد من تلاقي الشرعية والاستبداد وهذا الأمر هو أحد تناقضات الوضع السوري : والتناقض الأعمق برأينا, لأن الاستبداد الذي يراد إعادة إنتاجه تحديثيا يتم على أرضية تحديث آليات إعادة إنتاج : الأصولية الطائفية التي أوضحتها التغييرات الأخيرة بعد مؤتمر البعث , والتشدد الأمني والعودة إلى كتم أنفاس المجتمع ولكن بطريقة أقل همجية من السابق وأكثر تحديثية : في السابق كان المعارض يرمى في السجن إلى أجل غير مسمى , أما الآن فيمكن له أن يحاكم في محكمة أمن الدولة من خارج السجن وهذه المسألة تعتبر تحديثا مهما وإصلاحا لآليات القمع متناسبا مع التغييرات الدولية والإقليمية ونقص المشروعية التي ترافق النظام أينما ذهب ..وبالتالي يمكننا أن نشاهد مزيدا من التحديث على هذا المستوى سواء في عمل أجهزة الأمن أو في بعض المؤسسات السيادية , لأن هذه الإرادة السلطوية قد حسمت أمورها نهائيا في قضية إعادة إنتاج أصولية طائفية , والجميل في الموضوع والذي كان يمكن أن يكون مصدرا ثرا لثقافة المجتمع السوري هو أن الطائفة العلوية في سوريا : لا يوجد عندها كما عند السنة : شكلا لدولة الزمان وآليات لعمل دولة الزمان هذه حتى إن وجدت عند بعض الفقهاء داخل الطائفة , فهي ليس لها الأولوية الثيمية أو الدينية #1 : وهذا ما يجعل حركة السلطة أكثر حرية في تحديث هذه الأصولية الطائفية على عكس الشيعة والسنة حيث لديهم شكلا لدولة الزمان لم يعد يتناسب مع الزمان أيضا#2 !! رغم كل الاجتهادات المقدمة على هذا الصعيد سواء منها المنفتح أو المعتدل أو المتشدد ولهذا الأمر بحثه الخاص , إذن الديمقراطية وفق هذه الأجندة السلطوية غير مطروحة أبدا , رغم التفاؤل الذي أصاب الغالبية بعد مجيء السيد بشار الأسد رئيسا لسوريا .
إلا أن الأمر أكبر من إرادة شخص حتى لو أراد لا بد له من حامل سلطوي أو جماهيري أو دولي لهذه الإرادة , والواضح حتى الآن أنه لا يريد إلا إذا كانت قراءتنا خاطئة وهذا في الواقع ما نتمناه , والأصولية الطائفية التي يراد إعادة إنتاجها تتجلى في الكثير من المظاهر والنقاط وأهمها :
1ــ إعادة توزيع الثروة الاجتماعية من خلال استحداث بعض القنوات لرشوة المجتمع : زيادة رواتب , تحسين فرص الاستثمار , رفع يد الدولة عن بعض القطاعات ,التخفيف من نهب العسكر والأمن للقطاع الاقتصادي , ونغمة ما يسمى [ السوق الاجتماعي ] ..الخ
2ــ بعض القوننة للجانب السياسي والقانوني في طوارئية سورية المزمنة , واستحداث قانون أحزاب : لا يتدخل في السياسة#3 !!! وقانون جمعيات أهلية تتابع
منجزات السلطة على صعيد زيادة الحقن الطائفي في المجتمع وإيقافه كالعادة القديمة على شفير الهاوية : وأنا المنقذ الوحيد , قوننة الأعلام والسماح لقنوات خاصة
من شأنها أن تسمح لبعض رساميل العسكر والسلطة ومن معها أن تستثمر : فتح باب جديد للاستثمار على نمط السوق الحرة ,ومجلات أبناء الضباط المنتشرة في الآونة الأخيرة ..إطلاق سراح المعتقلين المتبقين منذ أيام سفر برلك ...الخ فالسلطة لازالت في قوتها وحجم المصادر من قبلها يسمح لها بهامش من التنازلات كبير جدا .. فالذي يملك المليون ليرة يستطيع التنازل عن ألف ومائة ألف أما الذي لا يملك سوى عشرة آلاف لا تكفيه قوت يومه وعياله لا يستطيع أن يتنازل عن ليرة واحدة ..
ما يهمنا هنا أن السلطة لازالت تمتلك المفاتيح الحقيقية لإعادة إنتاج شكلا أكثر حداثوية لأصوليتها الطائفية النابعة أصلا من تاريخ امتد لأكثر من ثلاثة عقود ونصف وتراكبت فيه مصالح وصراعات دموية , ووعيا طائفيا ذات بعد مؤسس سلطويا وهذا الخطير في الموضوع الديمقراطي في سوريا : والتجربة العراقية الآن في كتابة الدستور توضح ذلك : إن التراكم المصلحي عبر عقود من السنين ــ فئويا ــ يخلق وعيا موازيا وفعالا لعدم العودة إلى الوراء ــ السنة العراقيون ــ فالمصالح والامتيازات لايمكن التخلي عنها بسهولة , خصوصا إذا ترافقت مع تكريس وعيا فئويا أقلاويا ــ إذا كان الوعي الأقلاوي وعيا لم يستند إلى تجربة تاريخية في المدنية
, وعدم الخوف والانقباض فهو لابد أنه معاد للآخر , فما بالك عندما يتحصن هذا الوعي بوضع سلطوي ومؤسسي وامتيازي إزاء أكثرية خاض معها صراعا على هذه السلطة وامتيازها , كما تم تكريس هذا الوعي أيام صراع السلطة مع الأخوان , ويترافق ذلك مع أكثرية دينية لم يتبلور مشروعها المدني والحضاري كي يكون
مشروعا لكل الوطن ونزع هذا الفتيل : الأقلاوي / الأكثري , من خارطة التنافس السياسي ــ وبالمقابل هذا لايعني أن الطائفة لها الأولوية في حقل الفعل السلطوي وإنما طبيعة مسيرة السلطة وتاريخية الصراع في سوريا جعلت السلطة قناة تفاعل وتأثير متبادل وعيا ومصالحا مع غالبية الفاعلين الدينيين والسياسيين داخل الطائفة , وبالمقابل يمكن لهذه السلطة نفسها أن تأخذ الطائفة للتهلكة عندما ترى مصالحها واستمراريتها في هذا الأمر .. وهنا نصل إلى الشق الثاني من المقال وهو إرادة المجتمع في موضوعة الديمقراطية : هل يمكننا القول عن إرادة مجتمع في سوريا أم أن الأمر هو عبارة عن إرادات ليست اجتماعية أصلا بل هي ما قبل اجتماعية أو ما قبل سياسية كما يحب أنصار مصطلح النظام الشمولي ..! لأنه في التجارب الشمولية لا يعيش المجتمع انقسامات ما قبل سياسية أو ما قبل مجتمعية بالأحرى كحال المجتمع السوري .. هنالك علمانية حتى آخر مدى وهنالك مدنية بلا سلطة تمثلها بل تحت سلطة تحاول إغتصاب هذه المدنية الموزعة أيديولوجيا وسياسيا ومصلحيا لصالح أيديولوجيا مدنية واحدة : فالفاشية والستالينية والنازية لم تكن أيديولوجيات ما قبل مدنية إطلاقا بل هي أيديولوجيات مدنية .. لهذا تجد أن
المجتمعات الشمولية كانت ذات إرادة واحدة أصلا بمعنى أن المشترك المدني بين فئات المجتمع أكبر بكثير من المفتت الجهوي للمجتمع كما هي الحال السورية ..
وهذا هو جوهر الخطر على الديمقراطية في سوريا , وما مقولة الإصلاح التدرجي والتدريجي التي تتبناها المعارضة كلها أو جزء منها إلا تأكيدا لهذه الحقيقة المرة !! وفي هذا هاجس هذه المعارضة حقيقي وليس وهم , لأنه هاجس المجتمع نفسه ولكنه ليس هاجس السلطة فهاجس السلطة هو استمرارها ...يقول الباحث جورج
طرابيشي في معرض تفنيده لإشكاليات الديمقراطية في العالم العربي : [ الديمقراطية، تعريفا، هي بكل تأكيد حكومة العدد الأكبر، أو بتعبير أدق الحكومة التمثيلية للعدد الأكبر، ولكن هذا العدد الأكبر ليس مطلقا، وليس في الديمقراطية أصلا مكان للمطلقات، فالعدد الأكبر متغير دائم ومقولة من مقولات النسبية. وبعكس الغالبيات في الأنظمة الاطلاقية، فإن الغالبية في الديمقراطية مقولة أفقية لا عمودية، ونسبة المقولة الأفقية إلى العمودية كنسبة المتحول إلى الثابت، فما هو عمودي في المجتمع هو كل ما له صلة بالهوية، سواء تجلت هذه الهوية بالدين أو الطائفة أو الإثنية أو الطبقة المغلقة (على الطريق الهندية). أما ما هو أفقي فما هو عابر لتلك الكيانات الثابتة والدائمة، وما يمكن أن يتمثل بالطبقات (بالمعنى الماركسي) أو الأحزاب السياسية (بالمعنى الحديث للكلمة) أو النقابات ... الخ. ونظرا إلى ضعف ثقافة الديمقراطية في المجتمعات العربية، فإنه كثيرا ما يلحظ انحياز في تصور عامة الناس، كما في كتابات بعض المشاهير من المثقفين "الديموقراطويين" من المفهوم الأفقي للغالبية إلى مفهومها العمودي، فنصاب الغالبية عندهم جوهري لا عرضي، انطولوجي لا أيديولوجي، ماهوي لا مقولي، ومسرح الصراع هو المجتمع نفسه، في عمق عمقه، لا مؤسسات السطح السياسي من برلمان أو غيره، ديانة في مواجهة ديانة، وطائفة في مواجهة طائفة، واثنية في مواجهة اثنيه، والغالبية هي غالبية إسلامية أو مسيحية، سنية أو شيعية، عربية أو بربرية (أو كردية). والتمثيل، كما في "الديمقراطية" اللبنانية، تمثيل طوائفي لا حزبي، وحتى إن وجدت أحزاب، كما في لبنان دوما وأخيرا، فإن المقياس الأول للغالبية هو العدد الإحصائي لأبناء طائفة بعينها. ] في الواقع هذا القول يعبر عن صميم الإشكالية الحاصلة في سوريا أو بوجه من وجوهها , وبمعزل عن النقد الصحيح الذي يوجهه طرابيشي لبعض الديمقراطيين , والذي هو يصح على لبنان أو بشكل أدق على قسم من ديمقراطيي لبنان , الذين لازالوا يتعاملون مع الطائفة على النحو الذي يذكره الباحث , ولكن لو أتينا إلى الوضع السوري لوجدنا أن المعادلة لا تستوي لآن الديمقراطيين السوريين لم تتح لهم عيش تجربة ديمقراطية ولو بحدها الأدنى ولو حتى على الطريقة اللبنانية ..! وهذا الأمر الذي يوضحه الباحث في الحقيقة هو ما دفعنا لكتابة رسالة إلى جماعة الأخوان المسلمين في سوريا الذين بنوا دعوتهم الجديدة نحو دولة تعاقدية على وهم : أن أكثرية الشارع السني بالمعنى العددي معهم ..
وهذا يصح على بعض ديمقراطيي الأقليات الجهوية عندنا في سوريا لزاوية : خوفهم من الديمقراطية ــ وإن كان هنالك ما يبرر هذا الخوف ــ وتعاملهم مع المسألة على الطريقة الإخوانية ولكن بشكل معكوس ..!!
إذن يمكننا إنهاء هذا القسم من البحث في السؤال مجددا عن : أين يمكن أن تتجلى إرادة المجتمع السوري .. وللحديث بقية .

الهوامش :
1ــ بغض النظر عن التأويلات السطحية لكتاب الجفر عند بعضهم , ومعلوماتنا هذه للأسف لا تستند إلى ما هو مكتوب بل إلى أحاديث شفهية في الواقع مع من نثق برأيهم ..
2ــ هذا النموذج وإصرار أهل السياسة المتبنين : يساهم في تفتيت إرادة المجتمع السوري بالديمقراطية . بمعنى :دولة الشريعة .
3ــ بمعنى أن هذه الأحزاب هي أحزاب للمستوى الاقتصادي والاجتماعي , وأكثر طموح لها هو أن تتدخل في كل شيء ما عدا السياسة الخارجية , والتعرض لمنصب الرئاسة بأي حال من الأحوال ..
غسان المفلح



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية خارج النص رد
- رسالة من مواطن سوري إلى حزب الإخوان المسلمين في سوريا.
- المرأة والحداثة .في أفق الماركسية.
- الدستور العراقي والحقيقة السورية.
- الفدرالية العراقية وشرق المتوسط من جديد.
- العلمانية مرة أخرى
- السياسة العربية وغياب السياسة
- الفدرالية العراقية بين سطوة الإقطاعية وولاية الفقيه
- مرة أخرى
- المشروع الغربي والإسلام السياسي
- العلمانية والإسلاموية في سوريا
- الديمقراطية الثقافة والتأسيس
- المرأة بين حقوق الإنسان وجاهزيات الجسد ... وجهة نظر ...


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غسان المفلح - الديمقراطية في سوريا