أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2















المزيد.....

الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4647 - 2014 / 11 / 29 - 18:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحياة الإنسانية التي عاشتها المجتمعات قبل الرسالة لن تكن خالية من قواعد انضباطية وقوانين وأعراف ,ولم تكن الحياة قبل الرسالة عبارة عن همجية مفرطة بل أن هناك نقصا محددا بأتجاهات محددة استوعبتها الرسالة وأرادت التغير فيها دون المساس بالصالح من القواعد القديمة, وهنا نتذكر قول الرسول محمد صل الله عليه وأله وسلم(إنما بعُثت لأتمم مكارم الأخلاق) .
الرسالة لديه ليست رسالة انقلابية شامله ولم يعلن أي نص ديني رسالي هذا الهدف ,بل المعلن هو ما توافق مع قول الرسول صل الله عليه وأله وسلم{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}هود88, هذا المؤدى والمعطى يشدد عليه الدكتور سروش من جملة ما يمكن ان يسجل له قوله(هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ التحولات المهمّة الواقعة في عمق الحياة الفردية والاجتماعية تتصل مباشرة بالتحولات المعرفية لنا فيما يخص آفاق الحياة والإنسان. وهذه النقطة مهمّة جدّاً، فالإنسان يعيش بمقدار ما يمتلكه من آفاق معرفية .)
إذن لم يكن الدين الرسالي بديلا عن النظام الاجتماعي الذي كان قبله بل جاء لإصلاح الكثير من الجوانب وتطوير الممكن منها, على أن يكون النظام في النهاية كتلة متشابهة ومترابطة وموحدة من العلاقات التي تستهدف المسائل التالية:.
• الأنا والأنا, حوار الذات مع الذات{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى }النازعات40
• الأنا مع الأخر{أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ}النساء114
• حوار ال(نحن){وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا }الأعراف56
• حوار الله والإنسان{ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المزمل20.
فلم يفرض الله الدين كمحور للحياة تدور في فلكه الحياة الإنسانية ولم يجعل من التدين فرض واجب بمعناه الإلجائي المقيد للخيار بل أضافه للحرية التي رسمها بقوله (لكم دينكم ولي دين) ,كما أن الدعوة للدين لم تكن على النهج الذي يفرز المجتمع بين طائفتين متضادتين يسعى الجانب الديني فيها للخلاص والقضاء على الطرف الأخر, لأن التسليم بهذه المقولات تعديا حقيقيا على منحة الحرية الإنسانية بنفس الدرجة التي تعتدي بها على الرسالة وعلى مفاهيمها الأسية.
لا بد ن نشيد بدعوة الدكتور عبد الكريم سروش إلى العودة إلى ساحة المعارك العقلية والفكرية بحدودها القصوى التي طمرتها وخنقتها قوة المدرسة المحافظة التي تزعمت الاصولية النصية ونادت بالسلفية الفكرية وحاربت الحرية الفكرية بكل الاسلحة الممكنة ابتداء من التكفير الى تهمة الزندقة الى القتل حتى ,تحت شعار حفظ عقيدة الناس من الاهتزاز(مرّة اُخرى أقول إنّ الأشخاص الذين يقولون بأنّ البحوث الكلامية تؤدي إلى زلزلة ايمان الناس وزوال يقينهم، يجب أن نقول لهم : أيّ يقين تريدون ؟ هل اليقين المهزوز، المعلّل، غير المدلّل، الموروثي، التقليدي ؟ إنّ هذا النوع من اليقين لم يحصل عليه الإنسان من جرّاء البحث والدليل حتّى يزول بالبحث والدليل، ).
إن الحقيقة المرة التي عانت منها القضية الدينية هي التقوقع داخل النص وحرص المرادات بظاهر القول وكأن النص هنا هو المتكفل دوما بأن يكشف كل الحقيقة القصدية دون بذل الجهد اللازم بشريا للغوص في أعماق بحر الفكرة وعدم محاولة الفهم المستمر والمتجدد مع وسائل أكثر قابلية لاستنطاق النصوص واستخراج المكتنز فيها من دلالات ارشادية أو حكمية أو حتى استشراق مضامين أكثر قابلية للاستجابة للحجج المستجدة والمستحدثة لما أبعد ما في البناء الهيكلي اللفظي فيه, حين يصرح الدكتور سروش أن الخوف اللا مبرر من استخدام علم الكلام والمنطق العلمي لجر النصوص لأن تعطي المزيد والمزيد من الجديد ليست دعوة حديثة ولكنها عودة إلى استمرارية الجهد العقلي في ذلك.
إن مبدأ قبول التعددية الفكرية والإقرار بالكثرة طريق يجعل الغالب منا عليه أن يراجع مسلماته وأن يفحص كل مقدماته الفكرية على الدوام ويكون من اللذين لا يقتنعون بأي فرض مجزوم به لأن القواعد التي ينطلقون منها قابلة للتغير والتمدد والتنوع ولكن تحت سقف الإيمان ,هذا السقف الذي لا يمتنع ان يرى كل جديد بحدوده ليثري الفكر ويزيد من قوة المقاومة لديه تجاه حالات الإنحراف والتلبد أضافة إلى ما يمنحه أصلا من حرية الاختيار المبني على العقلانية في فهم ما في النص وليس عبادة وتقديس النصوص كونه كلام الله الذي لا يقبل التأويل ولا التفسير خرج أطار ما تسالم عليه الأولون.
إن دعوة الدكتور سروش مثالية في فهم حاجة التغير وما ينتج عنها من كثرة وتعدد من خلال التواصل مع العلم الخارجي الديني والفكري والعلمي وبالوسائل التي يستفيد منها النص الديني لإظهار قوته وهذا ليس عيب ولا طعن في الدين(فلا ينبغي على الآخرين أن يلقوا بأقلامهم ويتصوروا أنهم مستغنون عن الآخرين في بناء المعرفة لأنّ رؤية الاستغناء هذه مخالفة لآداب الميسر في طلب الحقّ. إنّ الطالب للحقّ يرى نفسه دائماً في الطريق وفي حال السلوك وبناء هذه العمارة، فلو كنّا من طلاب هندسة الحقيقة فينبغي علينا أن نضع لبناتنا إلى جانب لبنات الآخرين، ولو أننا قنعنا بما لدينا من معايير ناقصة للحقيقة، فيجب علينا أن نحترم المعايير الناقصة لدى الآخرين، وعلى أية حال فلا طريق أمامنا سوى قبول الكثرة. ).
حقيقة أننا لا بد أن نؤمن بالكثرة كواقع وكنتيجة لتعدد المفاهيم وتنوع القراءات وتشابك المؤديات بتشابك المعرفة وامتدادها عبر المنظور وغير المنظور مع العلاقات العقلية إنما نقر بوجود عقل عامل يستطيع أن يعبر عن وجوده الحي ويستثمر هذا الوجود لكي يرسى قواعد الحراك الوجودي البيني بين الإنسان والأخر وبين الإنسان ومحيطة .
وليس بدعا من القول أن فكرة عدم الوحدة لها جذور حقيقية في الفكر القرآني وإن صيغت بمفهوم عقيدي لكنها في النهاية تلتمس نفس الأعذار والمبررات العقلية { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} المائدة48 , لقد ربط النص القرآني بين مبدأ التعدد ومفهوم الخيرية ليترك للإنسان حرية الخيار مقابل الخيرية ولا يمنع أن تكون لهذا التعدد وظيفة اكتشاف هذا المفهوم من خلال قيمة الجدارة التي يفرضها الواقع العقلي لا تفرضها السلطة المجتمعية أيا كان مسمياتها.
إذا لا خلاف بين الإسلام كفكر وبين المفهوم الليبرالي للحرية القائمة على التنافس من أجل الخيرية ,التنافس الذي يدور حول خير الإنسان ومصلحته لو أخذنا مفهوم الخير والحق كقيمة مجردة من الانتماء نحو قاعدة متحولة ,بل يستند إلى المفهوم الكلي الذي ينشد تحقق إنسانية الإنسان وتجسيد قيمة هذا الوجود وبسط الوظيفة له, لقد كانت دعوة سروش هنا دعوة حقيقية وإن لم تكن جديدة ولا مستجده بالفكر الديني الإسلامي عموما والفكر الشيعي خصوصا لا سيما الفكر الذي يرفض الاثرية والسلفية التي تحبط من أهمية تبني مشروعية التعددية والتنوع في الفهم على أن لا تخرج الإنسان من الإنسانية.
إن عين الناقد الحقيقي هي التي ترى في الإيجابي من الموضوع الجاري نقده بنفس القوة التي ترى فيه جوانب السلب والنقص والضعف, حتى يكون الناقد حيادي ومنصفا لأجل الفكر وليس لأجل اسقاط ما يرى ويعتقد على روحية الموضوع فيخرج به من عملية أثراء متجدد وأضافي إلى عملية انتقام وقتل للفكر.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح1
- أنا والسبعين
- مهمة الفكر في تحرير الإنسان
- التراث العراقي المنهوب أمريكيا
- الفكر وقضية المستقبل
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 1
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 2
- العقل الأفتراضي ومفهوم الوهم
- دور العقل وصناعة أزمة المعرفة
- وجع ورجع وحنين _قصة فصيرة
- زمن الفلسفة وفلسفة الزمن ح1
- العدالة والعدالة الاستثنائية ح2
- العدالة والعدالة الاستثنائية ح1
- العقل الإنساني وقضية الفكر
- من قضايا العقل والفلسفة , المعرفة والوهم
- دارون والنص الديني
- عنوان مرسل مجهول _ قصة قصيرة
- النرجس يزهر في الشتاء أيضا . قصة قصيرة
- فهم العلم 2
- فهم العلم


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2