أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 66















المزيد.....



طريق اليسار - العدد 66


تجمع اليسار الماركسي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 15:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



طريق اليســـــار
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد 66 ـ تشرين2/نوفمبر 2014 - [email protected] E-M: *


* الافتتاحية *
- تحولات في مشهد المعارضة السورية -

خلال ثلاث سنوات وثمانية أشهر من بدء الأزمة السورية مع درعا18آذار2011حصلت تحولات كبيرة في المشهد المعارض السوري.
خلال عامي2011-2012كانت الصورة كالتالي:بعد فترة استغرقت الأشهر الثلاثة الأولى من بدء الأزمة،ارتبكت القوى السياسية المنظمة المعارضة أمام بدء حراك عفوي قوي في الشارع،وهي الخارجة من السجون والمعتقلات والعمل السري والمنافي،عادت هذه القوى وامتلكت زمام مبادرة العمل المعارض السوري من خلال تأسيس "هيئة التنسيق الوطنية "(25حزيران2011)ذات التركيبة اليسارية العروبية والماركسية والكردية،و"المجلس الوطني"(2تشرين أول2011)وهو الذي غلب عليه تنظيما (الاخوان المسلمون)و(حزب الشعب)ذوالطابع الليبرالي.في هذين التجمعين المعارضين غلبت الأحزاب وسادت أمام القوى الشبابية الجديدة وأمام المستقلون،رغم النفخ الذي جرى في أيام سقوط بن علي ومبارك في (الشباب)و(قوة الشارع العفوي) وفي ترويج مقولات (موت الأحزاب)و(موت الأيديولوجيات)من قبل الفضائيات وخاصة (الجزيرة) و(العربية).مع ترافق سقوط القذافي من باب العزيزية في 23آب بدعوة أوباما إلى تنحي الرئيس السوري في 18آب2011أتى تشكيل (المجلس)في اسطنبول لكي يوحي بأن هناك تكراراً سورياً لماجرى في ليبيا عبر غطاء أميركي لتدخل عسكري خارجي تتولى تركية في سورية ماتولته فرنسة في ليبيا ويكون هناك تكرار سوري لمجلس مصطفى عبدالجليل من خلال تركيبة مماثلة يسود فيها الاسلاميون والليبراليون.جاء هذا من عدم قدرة الحراك السوري المعارض على أن يكرر ماجرى في تونس والقاهرة ضد بن علي ومبارك،لذلك جاءت شعبية (المجلس)في اسطنبول عند الكثير من المعارضين آنذاك من الطموح إلى تكرار السيناريو الليبي عند (مجلس) ضم قوى هيمنت عام2005على"اعلان دمشق"الذي أراد الرهان على الرياح الغربية التي أطاحت بصدام حسين عام2003ثم امتدت لبيروت في ربيع2005.في خريف2011اتخذ(الاخوان المسلمون)قراراً ببدء العمل المسلح المنظم،وقد انجرت معهم كل قوى مجلس اسطنبول وكان الرهان كليبيا أن يقود العنف المعارض إلى أن يكون رديفاً ومكملاً للسيناريوهات التي كانت مطروحة للتدخل العسكري الخارجي.فشلت رهانات(المجلس)،وخليفته (الائتلاف)الذي تم تشكيله في11112012، ودخلت الأزمة السورية،كأزمة بمعناها الاصطلاحي التي تعني صراعاً لايستطيع طرفاه المحليان الحسم لصالحهما ولايستطيعان بمفردهما التسوية والوصول لحل وسط كماأنها كأزمة محلية قد تراكبت عليها القوى الدولية و الاقليمية وأصبحت متحكمة بمسارها من دون القوى المحلية،في الاستنقاع وفي وضعية الجرح المفتوح .
في عام2013:تبخرت وفشلت وضربت بالحائط كل الرهانات على التدخل العسكري الخارجي،كماأن تحول بعض الرهانات على اسقاط النظام إلى الاعتماد على العمل العسكري المعارض قد فشلت.هذا أدى تدريجياً إلى بداية ضعف (الاخوان) وحلفائهم الليبراليين في المشهد المعارض السوري وإلى انحسار وتآكل النفوذ التركي- القطري على المشهد المعارض السوري بعد أن كان هذا النفوذ برعاية واشنطن هو الأقوى بين صيفي2011و2012،وإلى بداية صعود النفوذ السعودي على (الائتلاف)منذ توسعة أواخر أيار2013وعلى التشكيلات العسكرية المعارضة التي اعتمدتها واشنطن والرياض في ماسمي ب"هيئة الأركان"منذ أواخر عام2012.قاد الاستنقاع في الأزمة السورية إلى تبخر قوة (الاخوان المسلمون)ومعهم (الائتلاف) وإلى تفكك "الأركان"وكل التشكيلات العسكرية المعارضة لصالح (السلفية الجهادية)بتعبيراتها في (النصرة)و(داعش) و(أحرار الشام)التي لم تصبح فقط هي الفصائل العسكرية المعارضة الأقوى وإنما أيضاً ذات النفوذ الاجتماعي الأقوى في الأوساط التي كان ل(الاخوان) و(المجلس) و(الائتلاف)النفوذ في الفترة الفاصلة بين خريفي2011و2013.
في عام2014:زادت الميول مع استمرار استنقاع الأزمة السورية،والتكلفة في الأرواح والممتلكات وازدياد الأعباء المعيشية زائد ارتطام توقعات طرفي الصراع في الحسم بالحائط،نحو التسوية والحل الوسط،وقد أصبح التسوويون هم الغالبية في الجسم الاجتماعي السوري بعام2014،بينما ووجهت مبادرة الشيخ معاذ الخطيب في شباط2013بالتجاهل وإدارة الظهر في وسطي السلطة والمعارضة ولم تثر سوى القليل من الحماس عند المترددين.أدى هذا إلى ضعف (الائتلاف)في الوسط الاجتماعي السوري مع عدم قدرته على مغادرة أطروحاته القصووية السابقة وعدم قدرته حتى على لبس قميص الطرح التسووي،وإلى تآكل النفوذ الاجتماعي للمعارضة المسلحة سواء ماأسميت ب"المعتدلة"أوتلك المتطرفة،وزاد هذا مع الفساد والديكتاتورية والممارسات الاجتماعية التي أظهرتها المعارضة المسلحة بكل فصائلها في المناطق الخاضعة لسيطرتها مماأدى لنفور اجتماعي كبير منها.أصبحت طروحات(هيئة التنسيق)في لاءاتها الثلاث:للتدخل العسكري الخارجي،وللعنف،وللطائفية،وفي ميلها نحو التسوية السياسية،أقوى في الوسط الاجتماعي السوري،كماأن الاتجاه الدولي- الاقليمي نحو تسوية"ما"،عبر (جنيف1)و(جنيف2)الذي أوقفته الأزمة الأوكرانية ثم (جنيف3)الذي توحي مؤشرات على أن خطر داعش سيضعه على جدول الأعمال الدولي- الاقليمي،يجعل (هيئة التنسيق)في وضعية من المقبولية الدولية تفوق مالدى (الائتلاف).
خلال الفترة الأخيرة تآكلت قوة الأصولية الاخوانية السورية،وكانت إزاحة الثلاثي الحموي :رياض الشقفة،وفاروق طيفور،ومحمد حاتم الطبشي،من الواجهة القيادية وانتخاب قيادة اخوانية جديدة في 6تشرين ثاني2014،مؤشراً على فشل(الاخوان المسلمين)في أعوام2011-2014مثلما فشلوا في أعوام1979-1982.غرق الليبراليون السوريون مع غرق المركب الاخواني الذي ركبوه في أعوام2005و2011.هناك قرار دولي باستئصال (السلفية الجهادية)بتعبيراتها الثلاث:(داعش) و(النصرة) و(أحرار الشام).تتشكل الآن كتلة وسطية تسووية أصبحت هي الأقوى في المشهد المعارض السوري الراهن، مؤلفة من (هيئة التنسيق) و(مغادري الائتلاف):معاذ الخطيب - وليد البني ..،والأكراد بشقيهم:"الاتحاد الديموقراطي"و"المجلس الكردي"،والموالون لموسكو في (جبهة التغيير والتحرير)، مع جماعة مؤتمر قرطبة.من الأرجح أن تكون هذه الكتلة هي العصب الأكبر للوفد المعارض في (جنيف3)الذي تلوح غيوم أمطاره منذ الآن.
-----------------------------------------------------------------------------------------

الاسباب المباشرة وغير المباشرة للإسلام السياسي في سوريا
عمر الحكيم

- يعمد "مفكرينا " وبحاثتنا " الكبار "اليوم عند تطرقهم لمسألة ما , الى عرض تاريخ المسألة من ألفها الى يائها ثم تحليل حيثياتها , و بارامتراتها وابعادها , عاطفين الماضي على الحاضر ,جامعين تاثير العوامل القريبة والبعيدة , المباشرة و غير المباشرة ..ثم يأتي دور التنبؤات و التعميمات و الاستنتاجات التي لا تقل في عموميتها عن عمومية المسالة المطروحة في الاساس. وكل ذلك في مقال ..! انهم في الحقيقة ينتهون الى ان لا يقولوا شيئ على الاطلاق .
- نحن نريد التحدث عن "داعشنا" ,عن الاسلام السياسي في بلدنا - سوريا, لا عن الاسلام السياسي منذ ايام الاشعري و الممتد من مالي الى اندونيسيا ! اسلام"نا"السياسي هنا والان هذا هو الموضوع .
- ان كل من يعرف طبيعة السلطة السياسية في سوريا قادر على الاستنتاج بسهولة انها لا تخشى من أي معارضة من على "يمينها" سواء كانت من الاسلاميين او من الليبراليين . أي نعم ان هذه المعارضة - ان تشكلت - فهي قادرة (وقدرت) على توجيه ضربات موجعة لها . لكن ليس اسقاطها او القضاء عليها . وفي مايلي نعرض الاسباب باختصار:
اولا بالنسبة للمعارضة الاسلامية:
1- ان تشكل معارضة اسلامية (مدنية كانت او عسكرية ) يضمن للنظام سريعا جميع الاقليات متخندقة في صفه ولاسباب معروفة جيدا.
2- بماذا سيطالبه الاسلاميون ؟ خاصة المعتدلين منهم, بماذا سيطالبونه؟
انهم لا يستطيعون المزاودة عليه في أي شيئ يتعلق ب"أسلمة المجتمع". ان توجهات سلطة البعث في سوريا على مدى اكثر من خمسة عشر عام تسمح لنا بان نسميه " بعث الاسلام " عن جدارة وطيب خاطر.(و سنعرض هذه النقطة بتفصيل اكبر ) أي ان المعارضة الاسلامية في مواجهة هذا النظام هي دوما مفرَغة من كل مضمون جدي سياسي واجتماعي وحتى ايديولوجي , مهما كانت هذه المعارضة مسلحة او قوية او مدعومة .
3- لا خوف من الاسلاميين المتطرفين .. بالعكس فهو يشتهيهم ..انهم انسب انواع المعارضات ! , لما سيؤمنونه له من تعاطف دولي, ورص صفوف الاقليات من ورائه.
ثانيا بالنسبة لليبراليين :
السؤال نفسه : ما هي مطالبهم ؟ ما هي مآخذهم عليه؟
ان سياسات البعث "الاشتراكي" اكثر ليبرالية(!) من سياسات ريغان ! (في هذا المجال راجع على سبيل المثال كتاب منير الحمش " الثقافة الاقتصادية "حيث يتحدث عن مقال صادر عن صحيفة النيوز ويك الامريكية في عام 2007 بعنوان "على صورة أمريكا " مكتوب من قبل احد الاقتصاديين الامريكيين , يشيد و "بفخر ليبرالي " بالتحولات الاقتصادية الجارية في سوريا, التي تاتي في اتجاه " اجماع واشنطن" وفي اتجاه الخصخصة وتسهيل التجارة الحرة و الضرائب المنخفضة على رأس المال .. الخ , حيث يقول " فتحت سوريا اقتصادها على مصراعيه " ويتحدث عن " اصداء "النجاح" السوري " , مستشهدا بارتياح صندوق النقد الدولي ازاء استجابة الحكومة السورية ل" مشورة " (اقرأ : املاءات !) الصندوق في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية و المالية .اذاً فماذا بقي لليبراليينا السوريين ليقولوه..؟)
- اذاً لا خوف من الاسلاميين , اذاً ياحبذا لو كانت المعارضة اسلامية , بل في عرف النظام السوري : يجب ان نعمل جاهدين من اجل - ان ظهرت معارضة - ان تكون اسلامية (وكل ماكانت متطرفة كان افضل). هذا هو بالضبط منطق السلطة عشية 2011, حيث اعتبر النظام ان مهمته المقدسة هي اسلمة الحراك و اسلمة المعارضة لما يعطيه ذلك له من افضليات .
- لكن مهلا .. لنعود قليلا الى الوراء . يقول قحطان السيوفي (وهو وزير مالية سابق وبيروقراطي عتيد , مما يجعل لآرائه هنا نكهة خاصة!) في كتابه عن السياسات المالية في سوريا 2009 انه تفاجأ في موازنة البلاد العامة ,بحصة وزارة الاوقافالاكبر من حصة وزارتي التعليم والصحة مجتمعتين ( حيث حصة هاتين الاخيرتين من الموازنة العامة لا تتجاوز 2% لكل منهما!). و هذا هو طبعا ما يفسر " السر" خلف مساجدنا التي تشبه القصور , ومعاهد تحفيظ القران والذكر الحكيم المنتشرة في طول البلاد وعرضها..وطرائق الصوفية الممولة والمنظمة بانفاقات سخية على مدى عشرة اعوام , ناهيك عن القبيسيات و الجمعيات الاسلامية المسموحة و المرخص لها والمدعومة , وقناة نور الشام الفضائية الدينية , ورواتب رجال الدين التي كانت تصل في بعض الحالات الى مستوى رواتب القضاة ...
لا ريب ان القارئ الان سيسألني : لكن ما مصلحة السلطة في "اسلمة المجتمع" ؟ !
اسلمة المعارضة – ان وجدت- فهمنا ..لكن "اسلمة المجتمع" ؟! لماذا ؟
- الجواب :
1- تخدير الشعب وتجهيله وتعزيزميوله المحافظة و نزعاته الغيبية
2- في حال ظهور المعارضة , وهي حتما ستظهر في مرحلة ما بربيع عربي او بدونه وهذه نتيجة حتمية للاستبداد و النهب والقمع.. في هذه الحالة " اسلمة المجتمع "ودفعه نحو التدين يضمن ان المعارضة التي ستنشأمن رحمه ستكون على شاكلته , معارضة متخلفة مذهبية قروسطية تماما على الشكل الذي نجده اليوم اذ ان كل مجتمع يفرز معارضة على شاكلته بلا ريب .
بكلام اخر المشهد الذي نعيشه اليوم كان قد تم التأسيس له على مدى عقود بخطوات غير مباشرة ( أسلمة المجتمع و دفعه بالعافية الى التدين ) و أخرى مباشرة ( كمثال : " العفو " المثير للجدل في رحمته في أيار2011 حيث اطلق سراح 1500 من اعتى الاسلاميين " الارهابيين" الموقوفين في سجون السلطة , هذا العفو الغير بريء بالمرة .. والامثلة غيره كثيرة).
- المد الاسلامي في سوريا 2011 ليس بارقة رعد في سماء صافية , ولا نتيجة لقوانين " التاريخ الموضوعية "..! ولا هو موجود بسبب " وظيفية الدين " الطبيعية! , وتعبيره عن لواعج عموم الشعب العميقة ..!! . بل هونتيجةسياسات وممارسات مقصودة و ممنهجةومخطط لها, ومدروسة . انه نتيجة متعوب عليها من قبل سلطة تعرف جيدا ماذا تفعل وطبقة حاكمة مصرة دوما على ان تحكم .
لن اشط كثيرا , لكني اريد التنويه بان المالكي – جارنا في العراق – حاول لعب لعبة مماثلة عندما " حقن " الانتفاضة العشائرية الموجهة ضده ب" داعش " عن طريق " هروب " من سجن ابو غريب لاسلاميين معتقلين فيه .
هذا " النهوض" الاسلامي واضح لمن له عين ترى في اسبابه و جذوره . من يرى غير ذلك فهو ليس مدعو لمراجعة الوقائع فقط ..بل نقول له ضع نفسك مكان السلطة الحاكمة في سوريا : سلطة مكروهة شعبيا , وتعرف نفسها انها مكروهة , و " تسونامي " قادم اسمه " الربيع العربي " ,تتوقعه مسبقا و تعرف قدومه , سيطيح بها مثلما أطاح عروشا من قبلها فماذا تفعل ..؟
الجواب السحري : اسلمة المعارضة – اسلمة المجتمع ,



16112000يوم خروجنا من سجن تدمر .
محمود عيسى


تحية إلى السجناء الستمائة الذين خرجوا إلى الحرية معا في ذالك اليوم .
الحرية لكل المعتقلين السياسيين في السجون السورية وسجون اﻻستبداد الديني
الدخول حزين كالموت .. والخروج فرح كالولادة
ونحن نستدير ونحن نتحرك, كنا نخلف أجزاءاً أساسية من الحياة من قلوبنا, كنا نمشي ونتلفت, كنا نمشي بصعوبة, ولا نعرف هل نواصل أم نتوقف؟ وهل نترك وراءنا نزلاء ونمضي؟ فهذا السجن المنسي النائي البعيد إلى أقصى حد, ومع ذلك لا يمكن اقتلاعنا بهذه السهولة, صحيح أن الكراهية التي نكنّها للمكان لا تماثلها أية كراهية, لكن الإنسان لا يمكن أن يترك ذكرياته, جزءاً من تاريخه وحياته ويمضي هكذا ...!
كان مساء 15/11/2000 مساءً مختلفاً .. وقف الرقيب على الباب يتلو أسماءنا الخمسة .. جمعنا أشياؤنا الصغيرة .. فرحة لا يوازيها فرحة أخرى .. أن نتحرك معاً نحو الحرية .. أن نصبح دوري ..
استدرتُ نحو مازن شمسين, وقلت له : مبروك .. ربحت الرهان, وعليكم أن تفوا بوعدكم .. ربحت الخروف, كان الشرط بيننا, منذ أن وطأنا تلك الجهنم أن من يأخذنا معه فرداً أو مجموعة, يستحق ( عزيمة )
من المجموعة التي يأخذها معه, وإلا يكون عليه أن ( يعزم ) الشباب جميعاً على نفقته بعد لقاءنا في الخارج ( الحرية ) .. قبل أربعة عشر يوماً من انتهاء مدة حكمي, نظرياً في 30/11 أقف على الدور بعد خروج آرام .. طار النوم من أعيننا, ونهضنا نضبّ أغراضنا .. ها هو حلم الخروج يتحقق .. والفرحة مضاعفة نغلق باب المهجع 2/2 وراءنا .. ولا أحد .. الخروج مثل فرح الولادة .. كتبت بالقلم على الباب من الداخل تحت قائمة سرية لمن مرَّ في ذلك المهجع, عبارة ح ع ش / و م س .. (حزب العمل الشيوعي / والمكتب السياسي ـ أي " الحزب الشيوعي السوري _ المكتب السياسي " ) .. آخر المعتقلين عام 2000 .
التجمع في الباحة الثالثة .. ما زال هناك نزلاء في المهاجع الأخرى .. يتناهى إلينا دبيب حزنهم .. ورغم أننا على وشك الخروج, تمّ تفتيشنا وتفتيش الأغراض .. وخلع الثياب حتى " الكيلوت " والقيام بحركتي أمان .. أذاب فرح الخروج تلك الأهانات .. وفي الساعة العاشرة من صباح 16/11/2000 تحلقنا نصف دائرة, وقف العقيد رئيس السجن موجهاً خطابه نحونا :
" مبروك .. لقد عفا الرئيس عنكم ... ارموا الطماشات على الأرض , من الآن فصاعداً لستم بحاجة إليها .. فالوطن للجميع .. ترددنا كثيراً في رميها, وكانت ترمى, وبغضب تُنزع عن العيون, وأصوات ارتطامها بالأرض, مئات الطماشات .. ثم أفسح مدير السجن المجال للحديث بعد أن أنهى خطبته العصماء .. وقف مازن وطلب الأذن بالكلام .. فطلب من رئيس السجن أن يُحسنْ معاملة من بقي من السجناء الذين لم يشملهم العفو ..! كنا نشعر بهم .. يلتصقون بجدران المهاجع المجاورة, وبجدران قلوبنا, يستمعون إلى خطاب "الحرية" وهم مُستثنون, هو الإحساس الذي لا يمكن أن يعرفه إلا من مرّ به وفي ذلك العالم .. أنه يشبه حكم الإعدام .. مع وقف التنفيذ ...!
وبدأنا التحرك بطيئاً نحو مخرج السجن, حيث الباصات والبولمانات تقف منتظرة ..نجرجر أمتعتنا ونمشي الهوينا, متلاحمين, نتدافع بالمناكب .. كأن الرتل واقف في مكانه .. ما زال الوقت ثقيلاً وبطيئاً وليس حيادياً ..
وكلما تقدمنا بضع خطوات, نستدير ونحن نتحرك, لأننا خلّفنا أجزاء أساسية من حياتنا, من قلوبنا, كنا نمشي ونتلفت .. منهكين نمرّ من سنتيمتر إلى آخر, ومن باحة إلى أخرى .. والرقباء خلفنا وأمامنا .. كانت النظرات بيننا حوارات .. عتب .. إشفاق .. كنا نشفق عليهم, لأن الخدمة في تلك الرقعة المجنونة, لا تستثني أحداً سجناء وسجانين .. كنا نقول لبعضنا : هذا هو " شقيدوح " وذاك هو " الأصفر " تلك هي الأسماء التي أطلقناها على الرقباء الذين نعرفهم من إقامتنا في الباحة الخامسة, ونعرفهم من أصواتهم ووقع خطاهم .. كنا في آخر الرتل, متلاحمين, نخشى أن نضيّع بعضنا بعضاً في زحام التدافع للإسراع في الخروج .. الذي مارسه الجميع هناك .. ما زال الخوف من أن يغيّروا رأيهم, أن يحصل المستحيل .. فهناك ليس ثمة مستحيل .. وبطريقة أقرب إلى الفوضى, رغم المحاولات المشددة لأن نكون نظاميين, حملنا أشياؤنا وبدأنا نغادر الباحة إلى البوابة العريضة .. والصعود .. والتفاتة الأمان .. رغم كراهيتي لذلك المكان التي لا تماثلها كراهية .. فقد شعرت أني قد تركت قلبي, جزءاً منه هناك, رغم كل ما فيه من قصص رعب وكراهية لا نهاية لها ..
وقبل أن يتحرك الباص, لأنه كان الباص الأخير في الرتل .. نلتقط تفاصيل السجن الذي التهمنا سنين .. نغادره .. وأعيننا إليه تطير .. نحاول أن نغب أكثر المشاهد في لحظات الخروج .. حتى خَفيَتْ علينا طلوله .. ومذ خفيت عنا الطلول, تَلفت القلب ..!
وقف أهل المدينة الصحراوية على الأرصفة, وفي داخل منازلهم, وأطلّوا من الشبابيك يلوحون لنا ونلوح لهم .. نتملى الوجوه الآدمية والأشياء والآثار التي لم نوقف فيها عند دخولنا, لأننا كنا في جنازة الموت .. والآن نخرج منها في ولادة الفرح, نمسح الآثار الممتدّة على مسافة تقارب 6كم2 .. وأخذت أسأل نفسي أين معبد بل .. وقوس النصر .. والمسرح والحمّامات .. والشارع الطويل ومجلس الشيوخ؟ كي أقول إني زرتها كلها .. كانت قلعة فخر الدين المعني رابضة ً في مكانها من القرن السابع عشر, تحرس البادية ونبع أفقا .. وأكملتُ الحديث لنفسي : أما زال بل, يرحبول, وأغلبول يتمتعون بشعبية, ويعرفهم أهل بلميرا, أم حلّ مكان المعبود الأعلى (بل) آلهات أخرى .. أم ..؟
وأين بيوت الأبدية, المدافن الملكية والعادية, التي أبرزَ التدمريون براعة مميّزة وكانت أبعد من أن تكون مقابر, حيث كانت تزين بالورود وأماكن للجلوس .. كان يراودني, ويراود الجميع, أحياناًهناك, بأننا نقيم في تلك البيوت التي بنيت في القرن الأول قبل الميلاد .. لكن من دون ورود ..
اختلطنا مع السجناء الآخرين .. اختلط الشيوعيون بالأخوان وبعث العراق في باص واحد .. ما زال الخوف والإحساس بعدم النجاة كاملاً, طاغياً .. القلوب مليئة بالجروح .. وهل يمكن أن يصبح السجن ذكرى .. مجرد ذكرى .. وهل تلك الدموع التي تزرفها عيون السجناء دموع فرح أم حزن .. أم فرح محزون؟
الطريق طويل 200كم بيننا ودمشق, والباص ينهب الطريق الذي تحيط به بادية, أو صحراء مليئة بالحجارة والتلال الجرداء .. ظهرت بعض الأغنام على الطريق وبعض الرعاة .. وخزان مياه .. علامات حياة .. سلامات .. سلامات ..
محمود عيسى
------------------------------------------------------------------------------------------











- أنقرة والأزمة السورية -
- محمد سيد رصاص -



العلاقة السورية التركية ذات طابع اشكالي وصراعي منذ تشكل دولتي سورية وتركية بعد انهيار الامبراطورية العثمانية في عام1918:في نيسان1920جاء الانتداب الفرنسي على سورية بناء على اتفاق سان ريمو.كانت الحدود الشمالية للانتداب الفرنسي على سورية تضم منطقة كيليكيا بالخط الممتد من مدينة طرسوس إلى مدينة جزيرة بن عمر عند نهر دجلة على الحدود الثلاثية الحالية بين تركية وسورية والعراق ويشمل هذا الخط مدن عنتاب وأورفة وماردين.بخلاف صك الانتداب المصادق عليه من عصبة الأمم والقاضي بأن المنتدب لايحق له الاقتطاع أوالتنازل أوالتجزئة للأراضي المنتدب عليها أوتغيير حدود المناطق المنتدبة فقد تنازلت باريس لأنقرة عن كليكيا في عام1921ثم سلخت لواء اسكندرونة عن سورية في عام1937وأعطته لتركية.لم تعترف الحكومات السورية المتعاقبة منذ جلاء الفرنسيين في 17نيسان1946بسلخ اللواء وظلت كيليكيا جرحاً سورياً مكتوماً.كاد الأتراك أن يجتاحوا سوريا في خريفي1957و1998.
كانت فترة التقارب السوري التركي بين عامي2004و2011استثناءاً ملفتاً في مجرى تاريخ مابعد الدولة العثمانية.بعد شهر من اندلاع الأزمة السورية انطلاقاً من درعا في 18آذار2011قال رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان بأن "المسألة السورية تعتبر بالنسبة لتركية بمثابة مسألة داخلية".حتى الأسبوع الأول من آب2011عندما زار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو دمشق ظلت أنقرة في سياسة الضغط المكتوم على دمشق من أجل تحقيق مطلبها الرئيسي وهو ادخال اسلاميي (جماعة الإخوان المسلمين) في تركيبة السلطة القائمة ،فيماكانت لسبع سنوات قبل درعا تحاول مصالحتهم مع السلطة الحاكمة.كانت تركية من أول المتناغمين مع تصعيد الرئيس الأميركي أوباما في 18آب2011عندما طالب الرئيس السوري بالتنحي فيماكان لخمسة أشهر خلت يطالب ب"الاصلاح".من خلال تشكيل (المجلس الوطني السوري)في اسطنبول بيوم2تشرين أول2011 وضح أن هناك تفويضاً أميركياً للأتراك بإدارة ملف المعارضة السورية حيث وضع في تركيبة ذلك المجلس الاسلاميون في عصبه الرئيسي،وقد كان هذا متزامناً مع الزواج الأميركي- الإخواني الذي وضحت معالمه بالقاهرة وتونس وصنعاء وطرابلس الغرب في عامي2011و2012في فترة مابعد بدء"الربيع العربي".
انتهى هذا الزواج في أيار2013قبل أن تتوضح تأثيراته مع تنحي أمير قطر في 25حزيران2013وسقوط حكم (الاخوان المسلمون)في يوم3تموزيوليو2013.كانت أول معالم انتهاء هذا الزواج قد ظهرت في الأسبوع الأخير من أيار2013 باسطنبول أثناء اجتماعات (الائتلاف السوري)،الذي ورث(المجلس)،عندما جرت توسعة في تركيبته جعلت الاسلاميين الطرف الأضعف،وقد وضح من هذا التطور أن هناك قراراً بسحب إدارة المعارضة السورية من أنقرة.منذ ذلك الأسبوع أصبحت تركية ضعيفة في دورها في الأزمة السورية ،إلى أن أصبحت قوية من جديد مع ضربة (داعش)في الموصل يوم10حزيران2014عندما أصبح واضحاً أن أنقرة قد أصبحت حيوية لواشنطن في الملفين العراقي والسوري بفعل تمدد(داعش) العابرة لحدود البلدين وبعد أن غدت العاصمة الأميركية تنظر من خلال المسألة الداعشية باعتبارها موضوع المواضيع الذي يتحدد من خلاله كل المواضيع العراقية والسورية بالنسبة لواشنطن.
هنا،أتت قوة أنقرة من أن التحالف الدولي ضد(داعش)لايمكن أن يأخذ مدى برياً من دون تركية،ومن أن علاقات أنقرة الودية مع البرزاني وهو الأقوى في أكراد العراق،والسيئة مع (حزب الاتحاد الديمقراطي)وهو الأقوى بين أكراد سوريا،تجعلها في وضع قوي بالاتجاهين:الظهير لأكراد العراق،والمتفرجة على فتك (داعش) بحزب هو امتداد فكري- سياسي- تنظيمي لحزب عبدالله أوجلان في سورية،وهو مايولد لحظة سياسية تجعلها رابحة في كل الاتجاهات حيث تستطيع أنقرة أن تساوم على دخولها للتحالف الدولي ضد(داعش) وأن تحاول فرض شروطها .أيضاً،إن هزم (الاتحاد الديمقراطي)في معركة عين العرب فهذا نهاية ل"مشروع الإدارة الذاتية"الذي يراد مده عبر "جسر"عين العرب بين القامشلي وعفرين،وهو ماتعتبره تركية كمشروع تهديداً لها وتقوية لحزب أوجلان في الداخل التركي،وفي الوقت نفسه ستكون هذه الهزيمة الكردية اضعافاً لأوراق أوجلان في مفاوضاته من أجل تسوية صراعه المسلح مع السلطة التركية منذ يوم15آب1984.انتصار (داعش)في عين العرب سيجعلها تملك شريطاً حدودياً مع تركية يمتد من أعزاز إلى رأس العين ستعتبره تركية مبرراً للتدخل العسكري البري في سورية ،وبتأييد واشنطن التي لن تتحمل (داعش )وهي ممتدة على طول خط يمتد من الفلوجة إلى الحدود التركية السورية على طول نهر الفرات وتمتد من الحسكة إلى الموصل وبيجي وتكريت حتى ديالي عند الحدود العراقية الايرانية وفي الشمال الشرقي من العاصمة العراقية مماينذر باحتمال سقوط بغداد بيد (داعش)،لفرض منطقة عازلة على طول الحدود التركية السورية تجبر اللاجئين السوريين على أن يكونوا هناك وتديرها تركية من وراء ستار "الحكومة المؤقتة السورية"التي كان إعادة انتخاب رئيسها في 14تشرين أول2014 اعلاناً عن عودة سيطرة تركية والاسلاميين من جديد على(الائتلاف).عملياً،قادت حركة (داعش) وتمددها عراقياً وسورياً إلى عودة الدور التركي بقوة في الأزمة السورية،وإلى أن تصبح أنقرة أساسية في المسألة العراقية الملتهبة منذ اثني عشر عاماً ونصف منذ سقوط حكم صدام حسين.في أثناء معركة عين العرب وفي فترة المراوحة التي عاشتها هذه المعركة بفعل التوازن بين قوة داعش البرية المتفوقة والضربات الجوية للتحالف التي عوضت ضعف قوة المدافعين الأكراد عن المدينة،أظهر أردوغان دهائه من خلال تقديم "هدايا مسمومة"لايستطيع رفضها مدافعوا مدينة عين العرب من (حزب الاتحاد الديمقراطي):قوات مساندة من بشمركة صديق أردوغان في أربيل وخصم الأوجلانيين التاريخي،مسعود برزاني،ومن قوات(المعارضة العسكرية السورية)التي رعتها وغذتها أنقرة طوال الثلاث سنوات الماضية من عمر الأزمة السورية.


مديح الحماقة

2014-11-08 صقر أبو فخر



عنوان هذه المقالة انتحلته من كتاب للمفكر النهضوي، إيرازموس، والنصف الثاني من العنوان ينطبق تمامًا على أحوال العرب اليوم. فالعرب، والمسلمون معهم، يلوح لي، لا علاقة لهم بالحضارات العظيمة التي قامت في هذه البلاد ثم بادت.


العراقيون الحاليون لا صلة لهم، على الإطلاق، بالكلدان والأشوريين والسومريين. وكذلك المصريون الحاليون، فهم والحضارة المصرية القديمة كطرفي المقص. ولا يوجد كتاب عربي واحد ذو قيمة يتحدث عن السومريين أو الكلدان أو الأشوريين أو الآراميين أو الفراعنة، وجميع معارفنا عن هذه الأقوام وضعه المستشرقون والآثاريون ثم تبعهم التابعون، وعلى أيديهم، عرفنا ملحمة غلغامش وقوانين حمورابي وأوغاريت وأبجديتها والحضارة المصرية القديمة والمكتشفات الباهرة لحضارة العراق القديم.


أما الآثار، كالأهرام مثلًا، فلم تكن لدى العرب إلا مجرد قبور لا أكثر، حتى أن المفردات الدالة على العمارة، مثل كلس وطوب وجص وآجر وقرميد، قلما كانت موجودة في لغتنا، لأن "أجدادنا" كانوا بدوًا مترحلين، والحواضر كانت مقصورة على الشام والعراق ومصر، حتى كلمة "المهنة" مشتقة من المهانة. فالعرب أصحاب سيف (غزو) أو أصحاب "بوش" (ماشية)، فالزراعة والمهن محتقرة في الفيافي، بينما كانت في الشام والعراق ومصر من دعائم المجتمع الحضري. لذلك، قُسم العرب إلى أهل وبر (البدو) وأهل مدر (بيوت اللِبن) وأهل حضر (سكان المدن). والأخيرون وحدهم الذين بقيت آثارهم "تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد".
ظلت جميع كنوز الأرض العربية كالآثار مطمورة آلاف السنين تحت التراب، والناس تقضي حاجاتها فوقها، إلى أن جاء الغرب لينبشها، ويزيل الأتربة عنها، ويسرقها في الوقت نفسه. ولولا شامبليون، لما اكتشف مصري مفتاح الكتابة الهيروغليفية في حجر رشيد، ولظل هذا الحجر مرميًا في العراء، إلى أمد طويل، من دون أن يعرف المصريون أي تاريخ عظيم كان لهم. أما الميدان الذي جال المسلمون فيه، وصالوا، فهو الفتيا.


وفي هذا الميدان، لدينا سجل كبير من الفتاوى الحمقاء، كتحريم التماثيل والصور، مع أن القرآن لا يتضمن أي آية تحرّم التمثيل والتصوير. ولو كان التصوير حرامًا، لما كان بعض الخلفاء صوّر نفسه على النقود، مثل عبد الملك بن مروان الذي سك العملة، ونقش عليها صورته في سنة 73 هجرية، ولما كان المثّالون صنعوا الأسود الحجرية في قصر الحمراء في غرناطة، أو التماثيل الأموية في قصر هشام في أريحا (خربة المفجر). لكن ذلك كان إسلام الشام، أما إسلام البوادي فهاكم مثاله:


استأجر الفنان المصري، محمد هجرس، أرضًا في حلوان، بعد عودته من لبنان في سنة 1982، وراح يصنع تماثيله فيها، فما كان من الفلاحين إلا أن خرجوا عليه، ودمروا أعماله، ورموها في ترعة الخشّاب، لأنها أصنام. وشنت امرأة منقبة، تدعى نادية عبد الستار، هجومًا على متحف الفنان حسن حشمت، في ضاحية عين شمس، في 19/4/2006، وحطمت أعماله، وكانت تصرخ بهستيرية: "هذا حرام يا عَبَدة الأصنام".
ليس غريبًا، إذًا، تحطيم الآثارات في سورية والعراق اليوم. إنه استمرار لوصايا الفقهاء الذين تغلبوا على النص المقدس، وتبعوا التوراة التي تقول في الوصايا العشر: "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورةً، عما في السماء". وعلى "هدي" هؤلاء، دمروا في العراق تمثال أبو جعفر المنصور الذي صنعه خالد الرحال (لأسباب طائفية)، وتمثال أبو الطيب المتنبي الذي نحته محمد غني حكمت، وحطموا الملوية (جامع سامراء الكبير). وفي سورية، سُرقت المتاحف والمعابد القديمة والكنائس التي تحتوي أجمل لوحات الفسيفساء في العالم، وباتت الآثار تُنقل، على المكشوف، إلى لبنان وتركيا والأردن، ومنها إلى التجار في أوروبا.
إنهم مقاتلون أميون وقتلة ولصوص ومنقبو آثار أنذال، وتجار منحطون ومهربون سفلة واستخبارات قذرة وقادة ميدانيون نهابون. إنها البهيمية الجديدة في أوضح تجلياتها.



الملف الماركسي:
تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1952- 1969).
- الجزء الأول-

تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 09:39
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


تقديم:
منذ تأسيسه خاض الحزب الشيوعي السوداني صراعا فكريا وعمليا ضد الاتجاهات اليمينية واليسارية التي حاولت تصفيته أو الغاء وجوده المستقل تحت ذرائع مختلفة، علي أن الخيط الذي يربط بين كل هذه الاتجاهات، منذ اول انقسام الذي قاده عوض عبد الرازق السكرتير السابق للحزب، وحتي مجموعة انقسام 1970، ومجموعة الخاتم عدلان التي خرجت من الحزب وكونت حركة حق، بعد فتح الحزب للمناقشة العامة في اوائل التسعينيات من القرن الماضي، وأخيرا اتجاه د.فاروق محمد ابراهيم لحل الحزب الشيوعي، وتكوين حزب جديد(يقوم علي البرنامج لا الايديولوجية، وبتوليفة فكرية جديدة تتجاوز الماركسية التي اصبحت في ذمة التاريخ)، الخيط الذي يربط بين كل هذه الاتجاهات: ان الماركسية فقدت جدواها، ولاتوجد طبقة عاملة في السودان، وبالتالي لاحاجة للماركسية الذي قامت علي نقد المجتمعع الرأسمالي والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين.
هذا هو باختصار الخيط الذي يربط بين كل هذه الاتجاهات، ورغم خروج هذه الاتجاهات من الحزب وتكوين احزاب لها، الا أنها فشلت في تكوين احزاب جماهيرية ديمقراطية ، كما زعمت، فلابقيت داخل الحزب لتصارع من اجل ما تري أنه مفيد لتطور الحزب، ولابنت شيئا جديدا حقق الاهداف التي قامت من اجله.
ونتابع في هذه الدراسة تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الصراع ضد الاتجاهات التصفوية اليمينية واليسارية، باستعراض تجارب: انقسام 1952، وانقسام 1964، وانقسام 1970، وانقسام الخاتم ووراق 1994م.

أولا:انقسام : 1951- 1952م
ونقصد هنا الصراع الذي قاده عوض عبد الرازق السكرتير السابق للحزب الشيوعي والذي حسمه المؤتمر الثاني للحزب لمصلحة وجود الحزب الشيوعي المستقل، ولكن مجموعة عوض عبد الرازق لم تقبل بنتيجة المؤتمر، وتواصل الصراع من داخل الحزب ، ولكنها ضاقت ، وما ضاق حزب برأي ولكن اخلاق مجموعة عوض عبد الرازق ضاقت وخرجت من الحزب، وكونت الجمعية الوطنية، ولكنها لم تستمر فيما بعد.
والواقع أن الصراع ترجع جذوره الي عام 1947م، بعد تأسيس الحركة السودانية للتحرر الوطني في اغسطس عام 1946،
أشار عبد الخالق محجوب في كتابه لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني الي أن النقد بدأ يبرز منذ تكوين الحلقات الأولي للحركة السودانية للتحرر الوطني عام 1946 لأسلوب عمل أول لجنة مركزية لها ، تلك القيادة التي لم تبرز وجه الحزب المستقل ، واختزلت التعليم الماركسي في بعض النصوص الجامدة ، ولم تدرس أوضاع البلاد من زاوية ماركسية ، ولم تتجه لبناء الحزب وسط الطبقة العاملة ، كما لم يتم وضع لائحة تحدد العلاقة بين اعضاء الحزب وهيئاته ، بل كانت تسود العلاقات الشخصية اكثر من الروابط التنظيمية.
وبدأ النقد يبرز ضد هذا الاتجاه ، وتواصل الصراع والنقد عام 1947م ليحل المسائل الآتية: - بناء فروع وسط الطبقة العاملة وترقية كادر عمالي وسط القيادة.
- وضع لائحة للحزب.
- اصدار مجلة الكادر(الشيوعي فيما بعد).
- اصدار منشورات مستقلة باسم الحزب.
- تصعيد النشاط الجماهيري المستقل ضد الاستعمار والجمعية التشريعية.
- حل مشكلة التحالف مع الرأسمالية الوطنية علي أساس التحالف والصراع.
- الدخول في جبهة الكفاح ضد الجمعية التشريعية وتصعيد النضال ضدها.
وبعد معارك الجمعية التشريعية كان من الممكن أن تحدث قفزة في وضع الحزب، ولكن اسلوب ومنهج عمل اللجنة المركزية بقيادة عوض عبد الرازق لم يكن مساعدا، كما أشار عبد الخالق محجوب، وعاد الاتجاه الذي تمت هزيمته عام 1947م، مرة اخري ، وهو في مضمونه لايخرج عن الوقوع تحت تأثير الرأسمالية الوطنية وتقييد نشاط الحزب المستقل بحدودها.
أما التيجاني الطيب فقد أشار في مفال صدر في مجلة الشيوعي، العدد 150، الي ضيق العمل القيادي وغياب الديمقراطية في الحزب ككل ، وكانت العلاقة بين اللجنة المركزية والمستويات التنظيمية الأولي تنحصر في اصدار القرارات وتنفيذها ولم يكن في الحسبان مناقشة قرارات ل.م ناهيك عن انتقادها وتم اخفاء دور الحزب المستقل، وضعف صلات الحزب بالطبقة العاملة والجماهير الثورية ، سيادة الجمود في دراسة النظرية الماركسية ، شاعت العلاقات العائلية في التنظيم وضرب باللائحة عرض الحائط ، تدهور حياة الحزب الداخلية وانخفاض مستوي التعليم الماركسي فيه ، سياسة خاطئة أدت الي خروج عشرات المثقفين من الحزب ومن بقي اصابه اليأس ، لاخطة للعمل لمواجهة الظروف الجديدة التي نشأت بعد قيام الجمعية التشريعية( التيجاني الطيب، الشيوعي 150).
يواصل التيجاني ويقول: وتحت ضغط الأزمة انبثقت فكرة المؤتمر التداولي الذي انعقد عام 1949م، وجاء كشكل ارقي لتوسيع الديمقراطية ومشاركة الحزب ممثلا في كوادره لمناقشة كل شئون الحزب ومحاسبة اللجنة المركزية عن أدائها.
انجز المؤتمر التداولي عام 1949م، الآتي:
- وضع اسسا ثابتة لتنظيم الحزب في أماكن العمل والسكن، ولبناء رابطتي الطلبة والنساء الشيوعيات ، وتم التخلص من (الاشكال الهرمية) التي استجلبت من الحركة الشيوعية المصرية ، شكل السكرتاريات الحزبية المنفصلة للعمال والطلاب والمثقفين، وانشأت قيادة واحدة لمنطقة العاصمة وصارت الفروع تضم اعضاء الحزب وفقا للتنظيم الجغرافي.
- تم ترسيخ المفهوم الثوري للجبهة الوطنية.
- ادان الاجتماع سياسة عوض عبد الرازق.
- بني الحزب صحافة مستقلة( اللواء الأحمر- الميدان فيما بعد).
- جرت تعديلات في لائحة الحزب تتلاءم مع تطور الحزب وطبقت مبادئها وجري كفاح ضد الانحلال التنظيمي والعلاقات الفردية ليحل محلها الضبط التنظيمي والعلاقات المبدئية.
- عملت اللجنة المركزية لدعم الديمقراطية داخل الحزب فاجرت انتخابات للقادة ( بعد المؤتمر التداولي) وعقد أول مؤتمر للحزب عام 1950م، كما تم نشر قرارات المؤتمر التداولي لأعضاء الحزب في مجلة الكادر لابداء الرأي حولها( التيجاني، الشيوعي 150).
وبعد ذلك انعقد المؤتمر الأول للحزب في اكتوبر 1950م، وطرحت اللجنة المركزية في ذلك المؤتمر قضايا سياسية وفكرية وتنظيمية أمام المؤتمر لاتخاذ قرارات بشأنها، وكانت تلك أول مرة يحدث فيها ذلك في تاريخ الحزب. كما اجاز المؤتمر لائحة ساهمت في الاستقرار التنظيمي وفي اعلاء مبادئ التنظيم اللينيني ، كما انتخب المؤتمر اللجنة المركزية والتي كانت قبل ذلك كانت عضويتها تكتسب بالتصعيد( أى بقرار منها بضم اعضاء اليها). كما أشار المؤتمر الي ضرورة ربط العمل الفكري بالعمل الجماهيري واستقلال الحزب في نشاطه بين الجماهير واعلان موقفه المستقل في كل المسائل من منابره المختلفة، أى رفض اتجاه عوض عبد الرازق الذي كان يقول بدرسة النظرية اولا، ثم العمل الجماهيري ، علي ان يتواصل نشاط الحزب الشيوعي م داخل الأحزاب الاتحادية.
وبعد المؤتمر الأول وقع الصراع الفكري الداخلي ، وكان الرد بفتح المناقشة العامة علي صفحات مجلة الكادر( الشيوعي فيما بعد)، طارحا علي الأعضاء القضايا مدار الصراع وموقف الطرفين منها، وكانت تلك أول مناقشة عامة تفتح في تاريخ الحزب.
فما هي القضايا التي دار حولها الصراع؟
الواقع أن اغلب الاجيال الجديدة اطلعت علي حقائق هذا الصراع من عبد الخالق محجوب في كتابه لمحات ومذكرات المؤسسين الاخرين مثل التيجاني الطيب وابراهيم زكريا ..(راجع الشيوعي الأعداد، 150، 152، 153، 154 )، وهي مذكرات لانشك في نزاهتها، ولكن مصدرا آخر تحصل علي وثيقة عوض عبد الرازق التي قدمها للمؤتمر الثاني، وعرضها بابكر فيصل( الرأي العام، 18/مايو/2007م)، أشار بابكر فيصل في عرضه لتقرير عوض عبد الرازق الذي قدمه للمؤتمر الثاني للحركة السودانية للتحرر الوطني 1951م، الي الآتي:
يرى عوض عبد الرازق أن الخلاف في الحركة السودانية للتحرر الوطني في جوهره خلاف فكري يدور حول قضايا معينة هي قضية التحالفات مع الأحزاب الأخري والخلاف حول العلاقة مع مصر، ثم القضية الكبرى وهي الخلاف حول مستقبل الحركة وأوضاع الطبقة العاملة والتنظيم الداخلي للحركة. ورأي عوض عبد الرازق أن حزب الأشقاء هو الحليف الطبيعي للحركة السودانية للتحرر الوطني ، كما يؤكد تقرير عوض عبد الرازق اهمية وجود جبهة واسعة معادية للاستعمار حتي تؤدي تلك المهمة في طريق الكفاح المشترك بين شعبي وادي النيل.
وفي النظرية كانت وجهة عوض عبد الرازق دراسة الماركسية أولا في مصادرها الأصلية ثم ترجمتها، بعد استقطاب افضل العناصر ذات النفوذ والتأثير في المجتمع وصاحبة القدرات الذهنية، بدلا من تصعيد قادة العمال( أمثال الشفيع احمد الشيخ، قاسم امين، ابراهيم زكريا، ..الخ) الي قيادة الحركة وهم في مستوي ماركسي منخفض، وأن مكان القادة العماليين هو بين العمال في عطبرة وليس في القيادة التي تتطلب قادة بارزين في المجتمع ونالوا المزيد من الدراسة النظرية المكثفة.
كما كان عوض عبد الرازق يري أن طبقة العمال في بلادنا مازلت طبقة وليدة تنحصر في الخدمات( سكة حديد، بريد، موانئ، نقل نهري)، وهؤلاء جميعا دورهم مساعد وثانوي فالعمال طبقة ما زالت في طور التكوين ولم يكتمل تطورها ولن يكتمل الا في ظل الثورة الوطنية الديمقراطية التي من مسئولياتها الرئيسية تحقيق بناء صناعي واسع يجعل من العمال طبقة قائدة قادرة علي بناء حزبها الطليعي القوي الذي يسير بها والمجتمع نحو الاشتراكية . أما المزارعون فانهم يطابقون في وعيهم مستوي الانتاج الزراعي، فالزراعة في كل السودان ما زالت زراعة اكتفائية موسمية وحتي ارقي اشكالها ( مشروع الجزيرة ومشاريع الاعاشة) لم يتشكل فيها المزارعون كطبقة اجتماعية ذات هموم ومطالب ووعي يؤهلها لتحقيق تحالف العمال والمزارعين .
كما عارض عوض عبد الرازق تحويل الحركة السودانية الي حزب شيوعي ودعا للتمهل وعدم العجلة والتركيز علي نشر الفكر وترجمته للواقع والتبشير به في المجتمع.
وخلاصة ما جاء في تلخيص بابكر فيصل لتقرير عوض عبد الرازق لم يخرج عن دراسة النظرية اولا ثم التوجه لبناء الحزب وسط العمال والمزارعين، وان يعكف الحزب علي التبشير بالماركسية وترجمتها بدلا من الاستعجال في قيام حزب شيوعي لم تتهيأ ظروف البلاد الموضوعية لقيامه، اضافة الي فقدان الحزب لاستقلاله ويصبح ذيلا للحزب الوطني الاتحادي، لا التحالف معه من مواقع الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي.
وبعد ذلك انعقد المؤتمر الثاني في 1951م، والذي حسم الصراع الفكري الداخلي في اتجاه دراسة النظرية في ارتباط بالواقع، واستقلال الحزب، وترسيخ المفهوم السليم للتحالف مع الرأسمالية الوطنية، وبعد المؤتمر وقع الانقسام، وقررت اللجنة المركزية فصل المنشقين من الحزب.
ونود أن نوضح لللاستاذ بابكر فيصل ان المشكلة لم تكن في الصراع الفكري والذي يعتبر ضرورة حيوية لتطور الحزب، ولكن مشكلة مجموعة عوض عبد الرازق بعد المؤتمر الثاني شرعت في التدبير لاول انقسام في تاريخ الحزب الشيوعي ، ونفذ مخططه في فبراير 1952م،علما بانه لم يكن هناك ما يستدعي الانقسام ، فقد اتيحت الفرصة لعوض ومؤيديه كل فرص التعبير عن أرائهم بما فيها التقرير الذي قدمه عوض عبد الرازق للمؤتمر الثاني للحركة السودانية، والذي لخصه وعرضه بابكر فيصل. لم يصبر عوض عبد الرازق علي الديمقراطية ولم يواصل في الحزب ويدافع عن رأيه من داخلة، وهذا في حد ذاته مسلك غير ديمقراطي، اذا لم تقبل الاغلبية رأيك تنقسم وتخرج من الحزب. واسس المنقسمون بعد خروجهم ( الجبهة الوطنية) واصدروا جريدة اسبوعية وساروا علي خط أساسه الهجوم علي الحزب الشيوعي ( التيجاني الطيب : قضايا سودانية العدد الرابع ابريل 1994). ولكن الانقسام فشل في حل المشاكل التي دعا الي حلها، وحدثت انقسامات اميبية داخل الانقسام نفسه، بدأت بمجموعة بدر الدين سليمان، وكما عبر بدر الدين سليمان نفسه في احدي اللقاءات الصحفية أن الانقسامات لاتحل مشكلة ، الاجدي، حل المشاكل من داخل الحزب.
وفشل الانقساميون في ترجمة الكتب الماركسية والتعليم الحزبي ،وفشلوا في تنظيم العمال والمزارعين، والواقع حتي في ترجمة الكتب الماركسية كانت مساهمة عبد الخالق والجنيد علي عمر والوسيلة كانت اكبر من مساهمة مجموعة عوض عبد الرازق، وانزوى الانقسام في ركن النسيان دون انجاز فكري وسياسي يذكر. وبعد هزيمة انقسام عوض عبد الرازق ترسخ في الحزب الشيوعي مفهوم أن الطريق الوحيد لاستيعاب الماركسية هو بالارتباط بالواقع، فالنظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور النظرية، وكما قال الشاعر الالماني جوته: النظرية رمادية وشجرة الحياة مخضرة دوما.
أهم المصادر والهوامش
1-عبد الخالق محجوب: لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، دار الوسيلة، 1987م.
2- مذكرات مؤسسين وردت في مجلة الشيوعي( الأعداد 150، 152، 153، 154، والمؤسسين، التيجاني الطيب، ابراهيم زكريا، الجزولي سعيد، صلاح مازرى، فاروق محمد ابراهيم،د. خالدة زاهر، عباس علي،..الخ).
3- تقرير عوض عبد الرازق لمؤتمر الحركة السودانية للتحرر الوطني 1951م( عرض ومناقشة بابكر فيصل، الرأي العام، 18/مايو/2007م).
4- تاج السر عثمان: تقييم نقدي لتجربة الحزب الشيوعي السوداني، دار عزة، 2008م.

ثانيا:انقسام أغسطس 1964م
لايمكن معالجة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي، الذي انتهي بانقسام اغسطس 1964م، فيما يعرف في ادبيات الحزب الشيوعي السوداني، بانقسام القيادة الثورية، بقيادة احمد شامي ويوسف عبد المجيد، بمعزل عن الصراع الذي دار في الحركة الشيوعية العالمية والانقسام الذي قاده الحزب الشيوعي الصيني داخلها ، وبمعزل عن الفترة التي كان يناضل فيها الحزب الشيوعي السوداني، وهي فترة ديكتاتورية عبود(1958- 1964م). وهي فترة كما هو معروف كان يعمل فيها الحزب في ظروف سرية، وكانت تكتيكات الحزب في تلك الفترة تجميع القوى وتحسين أساليب العمل لكيما يبقي الحزب الشيوعي قويا، ويقاوم اتجاهات تصفيته، سواء جاءت من مواقع يمينية أو يسارية، لقد طرح الحزب في تلك الفترة قضايا العمل بين الجماهير ومقاومة اتجاهات العزلة، وتبقي وثيقة (اصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير) من أهم الوثائق التي اصدرتها اللجنة المركزية في تلك الفترة بهدف تحسين وتطوير أساليب عمل الحزب بين الجماهير ومقاومة اتجاهات العزلة.
كان خط الحزب في تلك الفترة يقوم علي العمل الصبور بين الجماهير الثورية وعلي اكتشاف الاشكال المناسبة لتنظيمها، بدون النقل الأعمى لتجربة النضال المسلح في الصين ، وثابر الحزب الشيوعي السوداني علي هذا الخط حتى طرح شعار الاضراب السياسي العام في اغسطس 1964، والذي شرحت تفاصيله مجلة الشيوعي العدد 109،(راجع ثورة شعب، اصدار الحزب الشيوعي السوداني 1965م) .
أشارت دورة اللجنة المركزية ، نوفمبر 1964م الي (عجز الحزب عن مواصلة تنمية الخط السياسي فيما بعد، ولاسيما عندما كان عددا من الكادر القيادي الأساسي في السجن، أدى الي فتح الباب أمام الاتجاهات اليسارية ، وساعدت علي تنمية تلك الاتجاهات الظروف الارهابية القاسية التي مر بها حزبنا عام 1960).(ص،10).
اتسم العمل الدعائي في تلك الفترة بالاثارة ، كما وقعت في تلك الفترة انقلابات ضد النظام، أشارت الدورة لذلك بقولها( في تلك الفترة وقعت انقلابات ضد النظام الرجعي ومحاولات للانقلاب مما أكد ، رغم الفشل، أن بالجيش قوي وطنية ديمقراطية لاتقبل ذلك الوضع الرجعي ولا خضوع بلادنا للمستعمرين، صحيح أن تلك الحركات لم يكن لها برنامج مكتوب ، ولكنها كانت موضوعيا حركات مناوئة للمستعمرين والنظام الرجعي. ان القوات المسلحة جزء من الحركة الثورية ويمكن لجماهير شعبنا من العمال والمزارعين والمثقفين أن يجدوا صدى لنضالهم بين تلك القوات . كما أنه من الممكن أن تسير بلادنا في طريق التطور الديمقراطي عن طريق انقلاب عسكري تؤيده الجماهير الثورية والوطنية، ولكن المهم في كل هذا هو قدرة الحزب الشيوعي علي العمل الصبور واليومي بين القوات المسلحة وتنظيم القوي الديمقراطية فيها والتحالف معها . وفي هذا الحيز لحظنا تناقضا غريبا ، ولكنه طبيعي ، فالاتجاه اليساري الذي كان ينتظر بين كل ليلة وأخرى حدوث انقلاب عسكري لانقاذ بلادنا ويعزف عن واجب تنظيم الجماهير الثورية ويعتمد على الاثارة ، كان في نفس الوقت ينكمش عن العمل الصبور بين القوات المسلحة وتنظيمها ، بل ذهب ابعد منذ ذلك واهمل جمع قوي الشيوعيين في هذا المجال، والتي تشتتت عقب فشل انقلاب نوفمبر 1959م، وليس هذا بغريب لأن طابع الاتجاه اليساري كان التوقف عند مرحلة بقاء الحزب والعزلة عن الجماهير ، وهجر العمل الصبور وسطها وتنمية أشكال تنظيمية مناسبة لها ، واحلال الاثارة محل الدعاية والتصرف ازاء تنظيم في منظمات ديمقراطية وقانونية عن موقف فكري يقول بأنه لاجدوى من المؤسسات الجماهيرية تحت ظل النظام الديكتاتوري الرجعي)(ص، 11).
وقد عبر الاتجاه اليساري عن نفسه كما أشارت وثائق الحزب في تلك الفترة في: عدم التجاوب في خوض انتخابات الحكومة المحلية(كما عبرت رابطة الطلبة الشيوعيين، ومنطقة الشمالية ومنطقة الابيض). اضافة لعدم العمل في النقابات بعد تشريع قانون 1960م للنقابات، والعمل علي أساس قانون 1948م، كبديل لقانون 1960م( كما عبرت قيادة منطقة عطبرة).
وفي مديرية النيل الأزرق تم اهمال الحزب والطبقة العاملة، وجرى الانسياق وراء المعارك والاضرابات الكثيرة للمزارعين، دون بناء الحزب الذي يضمن قوة واستمرار تلك المعارك.
تواصل دورة نوفمبر 1964م، وتقول(لقد بدأ النضال ضد هذا الاتجاه اليساري في الفكر والعمل بتنمية الخط السياسي لحزبنا عام 1961م، بعد خروج قادة الحزب من السجن ، بدأت محاولة جادة لتوضيح الطريق لسير نضالنا الثوري وللرد على السؤال المشروع : كيف يمكن ازالة النظام الراهن بدأ حزبنا مرة أخرى يسير في طريق الاعتماد على الجماهير وتنظيمها ، وشرح أن الاضراب السياسي هو في الواقع حركة تنظيم الجماهير).(ص،12).
تواصل الدورة وتقول(بدأت حملة ضد الأفكار اليسارية: مكافحة اليسارية في العمل الجماهيري وحول قضايا بعينها مثل انتخابات مجالس الحكومة المحلية والعمل بين النقابات وامكانيات العمل بين الجماهير).
كما جرت مناقشة للقضايا المعاصرة التي كانت موجهة في الأساس ضد الأفكار اليسارية في حزبنا وفي الحركة الشيوعية العالمية(ص، 12).
تواصل الدورة وتقول( لقد كان طابع هذه الحملة الصبر والتدرج وانها تهدف الي اعادة تعليم كادر الحزب الذي تأثر بالنظريات اليسارية ومنهجها في العمل).ولقد لعبت هذه الحملة دورها . تواصل الدورة وتقول( وعندما ضيق الخناق على الاتجاه اليساري في الحزب اتجه حاملوه الي حيز العمل التكتلي والتخريبي لوحدة الحزب ، واتخذ زعماؤه الثلاثة ( احمد شامي ويوسف عبد المجيد وعلي عمر) مديرية الخرطوم مسرحا لنشاطهم الانقسامي السري ثم السافر فيما بعد عندما انكشف امرهم ، كما استغلوا علاقتهم الحزبية القديمة بالكادر في بعض المديريات والطوافات التي كلفتهم بها الهيئات القيادية لبث سمومهم ونشر البلبلة بين الأعضاء)(ص، 13).
تواصل الدورة وتقول( غير أن الظروف الثورية لم تكن في صالح الانقساميين ، وكانت افكارهم تنهار الواحدة تلو الأخرى في محك النشاط العملي بين الجماهير وبينما كانوا منكبين على وجوههم ناشرين اليأس القاتل عن (عدم امكانية انتصار قضية الشعب بدون الثورة المسلحة)، وأن الاضراب السياسي العام لن ينجح بدون حمل السلاح )، كان الشعب قد حسم أمره وحقق الاضراب السياسي الذي اطاح بالديكتاتورية المسلحة وسجل بذلك انتصاره التاريخي علي اعدائه).
كما اتخذت اللجنة المركزية في هذا الاجتماع قرارا بادانة الانقسام بوصفه امتدادا لمحاولات تخريب الحزب وفركشة صفوفه وشل تطوره، كما وافقت اللجنة المركزية علي الاجراءات التنظيمية التي اتخذتها السكرتارية المركزية ضد المنقسمين وهى:
- فصل الزميل المنقسم فضل من عضوية الحزب.
- فصل الزميل المنقسم رشاد من عضوية الحزب.
- فصل الزميل يعقوب من عضوية الحزب.
- اتخاذ موقف من الزميل المنقسم محمود بعد اجراء التحقيق معه.
- كما وافقت اللجنة المركزية علي الاجراء الذي اتخذته السكرتارية المركزية بالتوجه بنداء لبقية الرفاق الذين انساقوا وراء المنقسمين، ودعوتهم الي تصحيح موقفهم والعودة الي صفوف الحزب.
كما عالجت اللجنة المركزية القضايا المعاصرة التي تواجه الحركة الشيوعية العالمية، في وثيقة منفصلة في القسم الثاني من الدورة. تناولت تلك الوثيقة الخلافات في الحركة الشيوعية العالمية، وانتقدت طرح قيادة الحزب الشيوعي الصيني وخطها الانقسامي في الحركة الشيوعية العالمية، وأن الخلافات طبيعية وظاهرة طبيعية، وان الحركة الشيوعية العالمية يمكن أن تحافظ علي وحدتها في اطار استقلال كل حزب وتنوعها، ولا يستوجب ذلك الانقسام الذي يضعف القوي المناهضة للاستعمار والاستغلال الرأسمالي في العالم، كما انتقدت طرح القيادة الصينية القائل بأن محتوى العصر هو التناقض بين الشعوب المصطهدة والاستعمار.كما أشارت الي مراعاة الظروف الموضوعية لكل بلد، دون النقل الاعمي لتجارب الآخرين.
كما صدرت مجلة الشيوعي العدد 120، حاويا نتائج الحملة لاحتواء آثار الانقسام السلبية، مثل النقد الذاتي الذي قدمه الزميل ناصر من مديرية النيل الازرق ، والذي ادان الانقسام واكد علي صيانة وحدة الحزب. وفي العدد نفسه جاءت قرارات بعض الهيئات تدين الانقسام واعمال التخريب اليسارية مثل المكتب التنظيمي المركزي والذي اكد علي اهمية وحدة الحزب ودرء خطر الانقسام. كما ادانت هيئة الطباعة ادانة فضل ويعقوب والمنقسمين ، أشارت هيئة الطباعة الي أن الزملاء اخذوا موقفا انقساميا رغم الفرص التي كفلتها لهم اللائحة وخرجوا علي اسس الصراع الفكري المتضمنة في اللائحة.
كما جاء قرار لجنة الحزب الشيوعي في المديرية الشمالية تأييدا لموقف السكرتارية المركزية الحازم من النشاط التكتلي الانقسامي الانتهازي، وادانت ادانة حازمة النشاط والعمل الانقسامي ( الشيوعي 120، ص،29- 40).
كما جاء في العدد نفسه مقالا عن (الانتهازية اليسارية في الحزب الشيوعي السوداني)، أشار المقال الي أن الانتهازية اليمينية واليسارية يلتقيان في موقف واحد: هو موقف التصفية للحزب الشيوعي وعزله عزلا تاما عن الجماهير، كما أشارت الوثيقة الي أن الدلائل تشير الي أن انقسام اغسطس 1964م، لم يكن يخدم سوى النظام العسكري المباد واسياده من المستعمرين ، لم يكن يخدم سوى روح المعاداة للشيوعية التي يتبناها الرجعيون والفاسدون في ايامنا.
كما أشارت الوثيقة الي أنه: اصبح واضحا – رغم- التستر – ان العناصر اليسارية ترمى الى تكوين حزب مرتبط ادبيا وماديا بالافكار اليسارية في الحركة الشيوعية العالمية. وتشير الوثيقة الي أن الشيوعيين السودانيين يرفضون هذا الطريق ، فالاستقلال في تكوين الاحزاب الشيوعية وفي معالجتها لقضايا بلدانها شرط هام لتطورها ، أشارت الوثيقة الي أنه برهنت الاحداث في بلادنا وتاريخ الحزب الشيوعي السوداني منذ أن سار في الطريق الثوري عام 1947م، حتى يومنا هذا على أن هذا الاستقلال شرط هام لتطور العمل الثوري . فبين الجماهير يحتل اليوم الحزب الشيوعي مركزا محترما ولايجرؤ اشد خصومه على اتهامه بتسلم الاوامر.كما اشارت الوثيقة الي أنه على الرغم من الاخطاء التي وقعت فيها الصحافة الرسمية للحزبين السوفيتي والصيني باعتبار نظام عبود يمثل(البورجوازية الوطنية)، وبالرغم من الحفاوة البالغة التي وجدها العسكريون الرجعيون في زيارتهم لبكين واعتبارهم ممثلين للاتجاهات الوطنية في السودان- وقف حزبنا ينتقد تلك الأخطاء واصر علي التطبيق الثوري للماركسية اللينينية على ظروف بلادنا – علي تشديد النضال ضد الحكم الذي لايمثل مصلحة وطنية ، بل يمثل مصالح رأس المال الاجنبي. وهكذا عشرات الامثلة التي تؤكد أن الاستقلال هو أساس لتطور حزبنا.
تواصل الوثيقة وتقول: وتحت هذا التأثير اصبحت للعناصر المنحرفة نظرية كاملة تبرر الانقسام تطابق النظرية التي يدعو لها الرفاق الصينيين ويعملون من اجل تطبيقها في اوساط الحركة الشيوعية العالمية، وهذا اخطر وجه للعناصر المنقسمة ، فالحزب الشيوعي السوداني لم يرفض الصراع الداخلي ، بل فتح ابوابه له وللنضال ضد الفكر اليساري المنحرف منذ مطلع عام 1961م، وهو مستعد لتكون في داخله أفكار متعددة شرط التقيد بالنظرية اللينينية في التنظيم، فالماركسية اللينينية ليست نظرية فحسب وليست سياسة ولكنها أيضا تنظيم.
وتخلص الوثيقة الي ضرورة تمسك حزبنا بمبادئ الصراع الداخلي والمبدأية والموضوعية، وأن يجعل من هذه المعركة ميدانا لتعليم اعضائه الماركسية اللينينية في صبر واناة، وان يوجه جهوده للنضال بين الجماهير وكشف الافكار المنحرفة وسطها(الوثيقة الصفحات: من 2 الي 27).
كما أنه من الاشياء التي اسهمت في ظهور الانقسام، الخلل في العمل القيادي ، حيث أنه منذ ابريل 1959م وحتي مطلع 1961م، لم تجتمع اللجنة المركزية وسادت الفوضى في العمل القيادي وأساليب الاثارة والمغامرات الانقلابية ، وحلت أساليب العمل الفردي محل الهيئات في المديريات وفي المركز. ومنذ مطلع أغسطس 1961م وبعد خروج الكادر القيادي من السجون، ومع تقديره للدور الذي لعبه الكادر خارج السجن في استمرار كيان الحزب وفي مواجهة التيارات اليسارية ، وتم طرح أمام الحزب الشيوعي مهمة القيادة الجماعية للحزب ومبدأ المركزية الديمقراطية ، فدعت اللجنة المركزية للاجتماع بعد مايقرب من السنتين من تعطيلها ، واعيد النظر في بناء الهيئات القيادية التي تتبعها بهدف اشراك اكبر عدد ممكن من كادر الحزب في رسم سياسته والتخلص بهذا من المركزية الفرطة والقيادة الفردية، وهكذا تشكلت في الحزب هيئات قيادية متخصصة كالمكتب التنظيمي ومكاتب المالية والدعاية.. الخ.
كما جرى نضال لدعم مبادئ المركزية الديمقراطية فنشرت اللائحة مرة أخرى وواصل الحزب نضاله ضد الاتجاهات الفردية فجرت الاجتماعات الموسعة لاعضاء الحزب لمناقشة السياسة العامة له، وتمت معالجة اخطاء هضم حقوق الاعضاء في ابداء الرأى والمناقشة وتصفية الحزب بقرارات فردية.كما تم اصلاح الوضع في مديرية الخرطوم ، وتم هزيمة الاتجاهات اليسارية باحلال العمل الجماعي محل الفردي.كما تمت معالجة الاتجاهات الذاتية التي دفعت الحزب في طريق الاثارة.
كما واصلت اللجنة المركزية معالجة تطورات الوضع في الصين، فاصدرت وثيقة بتاريخ، يناير 1967م، بعنوان(رأى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني حول الوضع في الصين)، أشارت تلك الوثيقة الي تفسير القيادة الصينية لمحتوى تناقضات عصرنا ووصفتها بالمضللة، وتموه حقيقة الطبقات والصراع الطبقي وهو أمر يمس صميم الماركسية ، وسينتج عن مثل هذا اللغط:-
1- عزل حركة التحرر الوطني من حركة السلم في البلاد الاوربية والاشتراكية مما سيؤدي الي اضعاف حركة التحرر الوطني والي عزلها ثم ضربها بواسطة الاستعماريين كما يحدث الآن في فيتنام وفي كثير من بلدان افريقيا ، غانا، نيجريا، الكونغو، كينيا،..الخ.
2- خلق هوة بين الصين وبقية الدول الاشتراكية مما سيضعف جبهة المعسكر الاشتراكي بوصفه القلب الثوري لقوى الثورة العالمية وخاصة رفضهم للتحالف مع الاتحاد السوفيتي ورفض أى عمل موحد ضد الاستعمار.
3- وستضر هذه النظرة بمصالح الصين نفسها ، فالاستعماريون الذين يتوقون لللانقضاض علي الصين سيستفيدون من اى وقيعة بينها وبين بقية دول المعسكر الاشتراكي ربما أدى ذلك الي امكانية الهجوم المسلح عليها بواسطة الامريكان.
أما سياسة (الثورة الثقافية) المزعومة فقد قابلتها الكثير من الأحزاب الشيوعية بوصفها استمرار واصرار على الخط اليساري المتزمت وقطيعة كاملة مع بقية فصائل الحركة الشيوعية العالمية. ويؤكد ذلك استمرار الرفاق الصينيين في اعمال الانقسام داخل كل الاحزاب وتبرير هذا الاسلوب الذي يتنافى مع كل المبادئ الماركسية حول وحدة الحركة الشيوعية العالمية.. ان رفضهم للوحدة فأمر طبيعي ناتج عن سلوكهم لخط سياسي يتعارض مع السياسات التي رسمتها الاحزاب الشيوعية في ميثاق 57- 1960م، وبهذا فقد احتل القادة الصينيون مكانهم خارج دائرة الاحزاب الشيوعية الخرى دونما ضغط أو اكراه من احد وبمحض ارادتهم اليسارية المتزمتة)( ص، 47- 48).
لقد اكدت تجربة انقسام أغسطس 1964م، أن التناول المستقل للماركسية حسب ظروف وخصائص السودان هو الاجدى بدلا من النقل الأعمي لتجارب الآخرين، وأن العمل وسط الجماهير هو المفتاح للتغيير بدلا عن العزلة وشعاراتها الجوفاء.كما أكدت التجربة أن الانقسام ليس هو الحل ، بل يعقد المشاكل ويعيق تطور الحزب.
اهم المصادر والمراجع:
1- أعمال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، 4/11/ 1964م.
2- رأي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني حول الوضع في الصين، يناير 1967م.
3- مجلة الشيوعي، العدد 120، بتاريخ: 31/13/1964م.
4- مجلة الشيوعي، العدد 122، بتاريخ: 27/4/1965م.
5- مجلة الشيوعي ، العدد 119، بتاريخ: 10/7/1964م.
6- مجلة الشيوعي، العدد 124، سبتمبر 1965م.
7- ثورة شعب، اصدار الحزب الشيوعي السوداني، 1965م.
8- اليسار السوداني في عشره اعوام، اعداد محمد سليمان، 1971م.
9- الماركسية وقضايا الثورة السودانية، اكتوبر 1967م.


التجربة السودانية في استغلال الدين في السياسية

08-08-2012 12:30 AM
تاج السر عثمان بابو


راكمت الحركة السياسية والفكرية السودانية تجارب كبيرة في الصراع ضد استغلال الدين في السياسة لم تجد حظها في التلخيص المكثف والمركز في التقرير السياسي المجاز من المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني، رغم أن التقرير السياسي أشار الي عموميات صحيحة مثل (أن الاحتماء بالدين كان مجرد غطاء ايديولوجي للطريق الرأسمالي الشائه الذي اتبعته تلك القوى)، وأن القوى اليمينية ضاقت بالحقوق الديمقراطية للجماهير وسعت لمصادرتها باسم الاسلام، وأن الدولة الدينية تصادر الحقوق والحريات الديمقراطية وتؤدي الي التكفير والصراعات الدموية، وأن (الطريق الرأسمالي لايفرق في ضحاياه بين مسلم وغير مسلم، فالمحصلة النهائية لحصيلة مجتمع الرأسمالية الطفيلية منذ 30/يونيو/1989 لم تميز بين السودانيين علي أساس ديني، وانما علي أساس اجتماعي وسياسي، واكثر من 90% من السودانيين ، جلهم الآن تحت خط الفقر).

ولكن كما جاء في تقرير المؤتمر الرابع للحزب 1967(الماركسية وقضايا الثورة السودانية)، أنه ماعاد يفيد الاكتفاء بالعموميات وحدها، بل (اصبح لزاما علي حزبنا أن ينمى خطه الدعائي حول الدين الاسلامي وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي. لقد جرت محاولات متقطعة من قبل اعضاء حزبنا في هذا المضمار وتنقصها التوفر علي الدراسة العميقة والالمام بعلم الفلسفة من جوانبه المختلفة ولاتشكل خطا دعائيا ثابتا لحزبنا)(ص، 169، طبعة دار عزة، 2008م)، وكان الهدف الاساسي من ذلك هو (جعل الدين الاسلامي عاملا يخدم المصالح الأساسية لجماهير الشعب ، لااداة في يد المستغلين والقوى الرجعية التي لاترتبط بثرى هذا الوطن في مصالحها وتطلعاتها)(ص، 169).

كان من المفترض أن ينطلق التقرير السياسي من هذه النقطة ويتابع في ايجاز وتركيز اين وصلت الحركة السياسية والفكرية في صراعها ضد استغلال الدين في السياسة؟.وما هي اهم معالم الصراع في هذا الجانب في الفترة(1967- 2009)؟.
ومعلوم أنه كان من اهم معالم بداية هذه الفترة ضيق القوى اليمينية بالحقوق والحريات الديمقراطية والتي رفعت شعار الدستور الاسلامي والجمهورية الرئاسية، وكان الهدف الاساسي ليس تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الامن من الجوع والخوف، كما أشار عبد الخالق محجوب في سلسلة مقالات كتبها في صحيفة اخبار الاسبوع في العام 1968 حول الدستور الاسلامي، ولكن كان الهدف مصادرة الحقوق والحريات الأساسية باسم الاسلام، ومصادرة حرية الفكر والضمير والمعتقد، ومصادرة نشاط الحزب الشيوعي السوداني القانوني وفرض طريق التنمية الرأسمالي و نظام شمولي ديكتاتوري يحكم بالقهر وباسم الاسلام. كما وقف الحزب الشيوعي السوداني وكل القوى الديمقراطية والمستنيرة ضد محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، بعد أن ضاقت القوي السلفية الظلامية بافكاره التي كانت تدعو الي العدالة الاجتماعية وتجديد التشريع الاسلامي بما يناسب العصر، واستخلاص المساواة بين المرأة والرجل والعدالة الاجتماعية والديمقراطية من اصول الاسلام.

أى كانت هناك محاولات من قبل الاحزاب التقليدية(أمة، أخوان مسلمين، اتحادي)لاقامة دولة دينية تحكم بالشريعة الاسلامية ولتكريس طريق التطور الرأسمالي ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية باسم الاسلام، مما زاد من حدة الصراع والانقسام في المجتمع وتعميق حرب الجنوب، وكان من نتائج ذلك انقلاب 25/مايو/1969.

وجاء نظام النميري الذي استمر مدنيا(شموليا) حتى سبتمبر 1983، عندما اعلن النميري قوانين سبتمبر لتقوم علي أساسها دولة دينية تستمد شرعيتها من قدسية السماء وبيعة الامام.
وجاءت مقترحات بتعديل الدستور في 10/6/1984 بعد تطبيق قوانين 1983 التي تنص علي الآتي:

• دورة الرئاسة تبدأ من تاريخ البيعة ولاتكون محددة بمدة زمنية(مدى الحياة).
• لاتجوز مساءلة أو محاكمة رئيس الجمهورية.
• رئيس الجمهورية مع الهيئة القضائية مسئول أمام الله.

أى تعديلات تعطى سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية. وجاءت قوانين سبتمبر بعد أن ضاق نظام النميري ذرعا بنمو الحركة الجماهيرية والنقابية المطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية وضد غلاء الاسعار والغاء القوانين المقيدة للحريات، وكانت هناك اضرابات المعلمين والفنيين والاطباء والقضاء وانتفاضات الطلاب.

وكانت تلك الفترة حالكة السواد في تاريخ البلاد تضاعف فيها القهر والفساد والجوع والامراض وغلاء الاسعار ، وضرب البلاد الجفاف والتصحر، وبلغت ديون السودان الخارجية 9 مليار دولار، وفاق عدد الايادي المقطوعة في نصف عام عدد الايدي المقطوعة في كل عهد الملك عبد العزيز آل سعود في ربع قرن!!. وتم اعدام الاستاذ محمود محمد طه بعد نفض الغبار عن احكام محكمة الردة 1968 ، وكان الاستاذ محمود محمد طه قد عارض قوانين سبتمبر ووصفها بأنها اذلت الشعب السوداني، وانفجرت حرب الجنوب بشكل اعنف من الماضي ، وكانت انتفاضة مارس – ابريل 1985 التي اطاحت بنظام نميري.

وبعد انتفاضة مارس – ابريل 1985 استمر الصراع:هل تبقي الدولة مدنية ديمقراطية أم دولة دينية؟ ودافعت قوى الانتفاضة عن مدنية وعقلانية الحياة السياسية والدولة ضد اتجاه الجبهة القومية الاسلامية لفرض قانون الترابي الذي يفضي للدولة الدينية، وتمت هزيمة مشروع قانون الترابي.

وبعد أن ضاقت الجبهة الاسلامية بالديمقراطية والحقوق والحريات الاساسية، نفذت انقلاب 30/يونيو/1989 الذي الغي الدولة المدنية والمجتمع المدني والغي الحقوق والحريات الاساسية، واقام دولة دينية كانت وبالا ودمارا علي البلاد ، وازدادات وتوسعت حرب الجنوب التي اتخذت طابعا دينيا ، وبلغت خسائرها 2 مليون نسمة، وشردت 4 ملايين الي خارج وداخل السودان، وتعمقت الفوارق الطبقية واصبحت الثروة مركزة في يد 5% من السكان و95% من السكان يعيشون تحت خط الفقر ، ورغم استخراج وانتاج وتصدير البترول الا أن عائده لم يدعم الانتاج الزراعي والحيواني والصناعي والتعليم والصحة والخدمات، وتوقفت عجلة الانتاج والتنمية وانهارت المشاريع الصناعية والزراعية وانتشر الفساد بشكل لامثيل له في السابق، وتعمقت التبعية للعالم الرأسمالي حيث بلغت ديون السودان الخارجية 28 مليار دولار، وتم تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي(الخصخصة، سحب الدعم عن السلع الاساسية، رفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة، بل ما تم كان اسوأ مما يحدث في العالم الرأسمالي نفسه). ونتيجة للضغوط الداخلية والخارجية تم توقيع اتفاقية نيفاشا والتي لم يتم تنفيذ استحقاقتها وكانت النتيجة انفصال الجنوب العدائي واعادة انتاج الحرب من جديد.

ولابديل لدولة المواطنة – الدولة المدنية الديمقراطية- التي تحقق المساواة بين الناس بغض النظر عن اديانهم أواعراقهم. كما توصلت الحركة السياسية السودانية في ميثاق اسمرا 1995م، الي صيغة فصل الدين عن السياسة بعد التجربة المريرة لاستغلال الدين في السياسة.

نمت حركة الاسلام السياسي في السودان تحت شعارات العداء للشيوعية والحداثة (الديمقراطية، مساواة المراة بالرجل، دولة المواطنة وحرية الضمير والمعتقد)، واستفادت منها امريكا والغرب الرأسمالي في محاربة الشيوعية، كما دعمت امريكا مثلما دعمت حركة الاسلام السياسي في السودان المجاهدين في افغانستان حتى تم سقوط التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، وبعد احداث 11/سبتمبر/2001 وجهت امريكا حربها ضد هذه الحركات باعتبارها مصدر الارهاب. وتستفيد امريكا من اخطاء حركات الاسلام السياسي في الحكم(كما في السودان وافغانستان وايران)، من اجل التدخل في شئون هذه البلدان واخضاعها لارادتها ومن اجل مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية واحتلال منابع النفط في بحر قزوين والعراق اضافة للاستعداد لضرب ايران. وعندما تتجاوز هذه الحركات الخطوط الحمراء كما في حالة حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين يتم ضربها بالطائرات والدبابات الاسرائيلية وبمباركة امريكا، كما تتعاون حركة الأخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس مع امريكا لاجهاض مكتسبات الثورتين المصرية والتونسية. هذا فضلا عن أن حركات الاسلام السياسي لم تهتم بالمحتوى الاجتماعي للدين الذي يتمثل في تحرير الانسان من الجوع والخوف والفقر والامية ولم تهتم بتحقيق التنمية التي توفر احتياجات الناس الأساسية، كما فعلت حركات لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية، بل وقفت ضد اجتهادات الاستاذ محمود محمد طه الذي اهتم بتطوير التشريع الاسلامي بما يناسب العصر ودعا الاستاذ محمود الي مساواة المرأة بالرجل والديمقراطية والاشتراكية باعتبار ذلك من اصول الدين، ولكن هذه الحركات ناصبت الاستاذ محمود محمد طه العداء واكدت ممارساتها النظرية والعملية انها تستغل الاسلام لخدمة التنمية الرأسمالية، وتختزل الاسلام في العقوبات والحدود، وترفع شعارات العداء للغرب الرأسمالي وتنفذ مشيئته بالضغط كما حدث بتوقيع اتفاقية نيفاشا والقبول بقوات الهجين في دارفور، اضافة لتنفيذ سياساته الاقتصادية والاجتماعية.

كما اكدت تجارب ايران وافغانستان والسودان ..الخ، أن هذه الحركات لم تحل المسألة الاجتماعية لمصلحة الفقراء والمستضعفين في الارض ، بل خلقت طبقات وفئات رأسمالية طغت في البلاد واكثرت فيها الفساد، ومزقت وحدة البلاد كما حدث في انفصال جنوب السودان، وتلك من اهم دروس تجارب حركات الاسلام السياسي في السودان والعالم الاسلامي.

واخيرا، يبقي واجب الدراسة العميقة المستندة الي تلك التجارب حول ضرورة أن يكون الدين الاسلامي كما نشأ عاملا لخدمة التقدم الاجتماعي والاستنارة ويقف الي جانب المستضعفين في الارض ، ويخدم الاستنارة والديمقراطية والعقلانية واحترام حقوق الانسان ، لا أن يكون اداة في يد القوى الظلامية والتي تستغله لخدمة مصالح طبقية ودنيوية زائلة، مما يهدد بمصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية وتكريس التفاوت الصارخ في الثروة واشاعة التعصب والاستعلاء الديني والعرقي، مما يهدد بتمزيق وحدة البلاد.


[email protected]
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------



حتى نلتقي .....
صقور الحرية
عذراً ...

* الشيخ *



هذا زمن خفافيش الظلام
.. إنه مكان القردة والقراد
حين يستباح كل شيء
***
لا فضاء ، لا أفق
القتل يستجر القتل
والدم يستبيح الدم
***
هذا زمن القردة
التي تحاكي الآخر
***
هذا زمن القراد
الذي يمتص الدم السوري
***
هذا زمن الخفافيش
لغياب صقور الحرية
...........



























تجمع اليسار الماركسي " تيم "

تجمع لأحزاب وتنظيمات ماركسية . صدرت وثيقته الـتأسيسية في 20 نيسان2007.
يضم (تيم) في عضويته:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا .
2- الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي .
3- الحزب اليساري الكردي في سوريا .
4- هيئة الشيوعيين السوريين .
الموقع الفرعي لتجمع اليسار في الحوار المتمدن:
htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715




للاطلاع على صفحة الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي على الفيسبوك على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/pages/الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي/1509678585952833



#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق اليسار - العدد 65
- طريق اليسار - العدد 64 أيلول / سبتمبر 2014
- طريق اليسار - العدد 63
- طريق اليسار - العدد 62 تموز / يوليو 2014
- طريق اليسار - العدد 61
- طريق اليسار - العدد 60 أيار / مايو 2014
- بيان توضيحي من الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي
- من أجل اللقاء التشاوري للمعارضة السورية في القاهرة
- تقرير سياسي لدورة المجلس المركزي المنعقدة بتاريخ14-1532014
- طريق اليسار - العدد 59 نيسان / أبريل 2014
- طريق اليسار - العدد 58
- طريق اليسار -العدد 57
- طريق اليسار - العدد 56 كانون ثاني / يناير 2014
- طريق اليسار - العدد 55
- طريق اليسار - العدد 54
- طريق اليسار - العدد 53
- طريق اليسار - العدد 52
- طريق اليسار -العدد 51
- طريق اليسار - العدد 50 تموز / يوليو 2013
- القرارات الصادرة عن اجتماع المكتب التنفيذي


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - تجمع اليسار الماركسي في سورية - طريق اليسار - العدد 66