أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الحسن أوزغربلت - كوارث الجنوب المغربي المهمش.. مسؤولية الطبيعة أم مسؤولية الدولة؟ أخرجوا من الفايسبوك والتحقوا بالواقع !















المزيد.....

كوارث الجنوب المغربي المهمش.. مسؤولية الطبيعة أم مسؤولية الدولة؟ أخرجوا من الفايسبوك والتحقوا بالواقع !


الحسن أوزغربلت

الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 20:15
المحور: حقوق الانسان
    


كوارث الجنوب المغربي المهمش.. مسؤولية الطبيعة أم مسؤولية الدولة؟
أخرجوا من الفايسبوك والتحقوا بالواقع !
لقي ما يناهز أربعين شخصا حتفهم جراء كارثة طبيعية ضربت مناطق مغربية في الجنوب، والجنوب الشرقي وشمال الصحراء، وخلفت خسائر مادية ومعنوية فادحة. لكن الواقع أن ارتفاع منسوب المياه ليس سببا كافيا ليتحمل وحده أوزار مسؤولية كارثة إنسانية كهذه، حتى تزعق العديد من أبواق المخزن محملة المسؤولية كلها لما تسميه تهور السائقين واستخفاف المواطنين بتحذيرات مديرية الأرصاد الجوية. إنه لمسيء جدا لمشاعر المواطنين واستهتار بأرواحهم، أن يعتبر المسئولون تساقطات مطرية دامت يومين ووصلت إلى ما يناهز140 مليمترا فقط، عاملا مقنعا لحصد كل هذه الأرواح.
لقد تخلف الإعلام المغربي الرسمي كعادته في إظهار الحقائق، ولولا عدسات هواتف المواطنين المعاينين للمجريات، ما اتضحت الحقيقة للرأي العام. واكتفت، مضطرة، بالإخبار عما وقع، بمزيد من التنكر للحقيقة، متجاوزة إظهار الفضائح التي هزت مشاعر الجميع؛ مكوث الضحايا أزيد من ساعتين وسط مياه الأودية، وتخلف مصالح القوات المدنية والدرك والجيش والقوات المساعدة والسلطات المحلية في إنقاذهم، واعتماد وسائل تقليدية لانتشال جثت الموتى بل، وحملها في شاحنات مخصصة لنقل النفايات...
الواضح أن تنكر الإعلام الرسمي لهذه المعطيات، ليس إلا سعيا لمحو معالم جريمة تتحملها الدولة وأجهزتها، وتحريفا لمسار المسألة، حتى لا تمثل عاملا إضافيا لطرح أسئلة حول فساد أجهزتها، ما سيؤثر على هيبة بنتها بالأكاذيب والتحريفات، ويقود إلى طرح السؤال المرعب؛ من تحمي الدولة ولصالح من تحكم؟
صحيح أن الفيضانات والعواصف والبراكين وكافة أصناف الكوارث الجوية وحتى "القصفات النيزكية" معطى خارج المتحكم في حدوثه، ويخضع للقوانين الطبيعية التي لا يمكن التنكر لها أو الاحتماء منها، إذ إن الكائن الذي حكم الأرض قبل الإنسان انقرض ضحية لها، لكن مع ما التطور الذي تعرض له العنصر البشري ومحيطه، صارت حظوظ النجاة منها تختلف من إنسان لآخر، ومن فئة إلى أخرى.. وبالضبط، شكل تملك الثروة والتكنولوجيا محددا حاسما في مسألة تفاوت الحظوظ في الحياة والموت، وباتت أمرا متحكما فيه لصالح الفئات المالكة للإمكانات المادية واللوجيستيكية.
وعندما ينتج عن 140 مليمترا من الأمطار مخلفات كهذه، فهو يدخل في خانة تفاوت امتلاك الثروة وليس قدرا طبيعيا محتوما. هذا ما تحاول الحكومة الحقيقية طمسه، فيما أبواق الحكومة الشكلية، على عادتها، حاولت إلهاء الناس بالصيغ الأخلاقية التي تتقن إنتاجها، مستعينة بالمقولات الدينية، لصرف النظر الشعبي عن أسباب الكارثة. فلا تكاد تجد تعليقا لها، مهما بدا صغيرا، إلا ويكرر الحديث النبوي "اللهم ارحم من عمل عملا صالحا فأتقنه"، ما يعني أن المسؤولية من جديد يلقونها على أولئك المهندسين "الكسالى الفاسدين" الذين لم يقوموا بواجبهم أثناء تشييد الطرقات والقناطر، سيرا نحو خلق أكباش فداء شخصيين، وفي تجاهل مقصود لحلقات الفساد التي تنخر الدولة المغربية من أعلى ضفائرها إلى أخمص خدامها السيئين.. وفي أسوء الحالات، يعيدون تكرار كلام الوزير "حصاد" أثناء إجابته عن أسئلة في البرلمان؛ مضمونه "إن تهور سائقي سيارات الأجرة والشاحنات هو السبب".
قد يتحمل الأشخاص مسؤولية في ما جرى، لكن الواقعي دائما، يعمل على ربط المعطيات ببعضها، ويحلل الأمور بناء على جذورها ومسبباتها قبل الاحتكام للنتائج، حتى لا تنطلي الخدع الفاسدة للحاكمين المستبدين على الضحايا والمعنيين المباشرين بنتائج الفساد. وحتى لا تبرر بفعل ذلك، السرقات التي تطال الثروات المعدنية التي توفرها المنطقة، لصالح أرباب الشركات المستغلة من حكام البلد.
إن المثير للمفارقة هو توالي انهيار البنيات التحتية، من قناطر وطرقات وسدود صغيرة، المحدثة في الفترات التي تلت خروج فرنسا من النافذة، وصمود نظيراتها التي بناها الاستعمار منذ ما لا يقل عن نصف قرن، ليس هذا انحيازا للقوة المستعمرة، فالاستعمار مرفوض كليا، إن مباشرا أو غير مباشر، لكن الوعي الجنيني "التمردي" للعديد من الناس يحن إلى الحقبة الاستعمارية، وذاك طبيعي جدا، بالنسبة لسكان يعاينون يوميا مظاهر الفساد و"الحكرة" التي تمارسها أجهزة دولة نصبت نفسها ممثلة لهم بينما لا توفر أدنى شروط العيش، من كرامة وحماية واستقرار، بل كل ما يهمها هو توفير شروط استعمار جديد. فحتى الديمقراطية البورجوازية لا تسمح بحدوث فضائح في مستوى كهذا، إذ تعددت المرات التي اضطر فيها مسؤولون كبار في الدول الأوروبية بتقديم الاستقالات والتخلي عن مناصبهم في الوزارات والمسؤوليات... إما بضغوط شعبية، أو بقوة القانون، أو حتى بضغوط التنظيمات السياسية التي ينتمون إليها، أو بشكل طوعي. ولكن البلدان الديكتاتورية الغارقة في الفساد، على خلاف "الديمقراطيات البورجوازية" توفر لمثل أولئك المسؤولين حماية قانونية وحصانة مادية ومعنوية، ولا تضطر إلى التخلي عنهم إلا في حالات الغليانات الشعبية أو في حالة الحاجة لخلق أكباش فداء، لتبرئة ذمة جهاز حكم أعلى.
اليوم، لم تعد مناطق المغرب العميق توصف بالمغرب غير النافع كما كان على عهد الفرنسيين، على الأقل بالمعنى الاقتصادي، فهذه المناطق توفر موارد معدنية مهمة، من ذهب وفضة... وفي طاطا وحدها يوجد ما يفوق ثلاثين منجما، بحسب بعض المسؤولين المحليين، وأكثرها غنى هو منجم أقا المنسوب إداريا لتافراوت (إقليم تيزنيت). وبوارزازات توجد مناجم إيميني وإيميضر الغنية. لكن واقع هشاشة البنية التحتية وفقر السكان المحليين، لا يعنيان سوى أن هذه الثروات تسرق منهم لصالح الرأسماليين الكبار. علاوة على موارد طبيعية أخرى هامة، كالتمور وأركان... لكن المواطنين ليسوا غير مجرد رقم انتخابي مهم وعنصرا أساسيا في معادلة الاستهلاك. بل لا تمثل المنطقة ككل، سوى مصدرا لانتعاش الأغنياء أصلا، بما توفره من مصادر اغتناء لا تنضب، إلى درجة ألهبت لعاب أصحاب الرساميل في مختلف مناطق المغرب الذين تنافسوا للترامي على أراضي السكان، واستغلال فقرهم لحتهم على البيع بأثفه الأثمان. وهذا أيضا حال الأمراء الإماراتيين والقطريين والسعوديين، الذين أنشأوا قصورا ومطارات ومستوطنات في الجنوب من طان طان وطاطا، إلى وارزازات...
لقد عبر الجميع عن رفضه لصور الإهانة التي يتعرض لها السكان المحليين باستمرار، وعرت عنها الأحداث الأخيرة بشكل فاضح، ونشأت بفعل ذلك ردود فعل واسعة شملت المغرب ككل، وتواصل "الإعلام البديل" في فضح صور فساد الدولة التي كانت سببا في معانات الفقراء وموتهم... وفي المقابل لازالت الدولة تصر على "تبرئة" المسؤولين المباشرين، ولم تخضع لهذا المطلب الجماهيري الذي بدأ في التبلور ثم التوسع. إن نقطة ضعف المغاربة تكمن دائما في غياب وحدة شعبية منظمة، قادرة على دفع استنكارات الناس وتذمرهم، من إحساس مبدئي إلى فعل واقعي عملي ذو مضمون سياسي. إن أول خطوة في هذا الاتجاه هو تخلص الرافضين لسياسات الدولة من العجز، والعمل على نقل الغضب الفايسبوكي من شاشات الحواسيب إلى الساحات والشوارع.



#الحسن_أوزغربلت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا ...
- إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد ...
- مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
- مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك ...
- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الحسن أوزغربلت - كوارث الجنوب المغربي المهمش.. مسؤولية الطبيعة أم مسؤولية الدولة؟ أخرجوا من الفايسبوك والتحقوا بالواقع !