أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟















المزيد.....

الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 12:40
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ليس جديداً في أيامنا الراهنة ، أن تعقد اجتماعات ومؤتمرات ، للتآمر على سوريا ، وأن تطلق القوات المسلحة ، وتشن الحروب ، من أجل تقسيمها .. وإعادة تقسيمها . إن مثل هذه الأنشطة العدوانية على سوريا ، في التاريخ المعاصر ، قديم قدم سعار المطامع الاستعمارية قبل مئة عام ، التي تبنتها كل من بريطانيا وفرنسا ، والموثقة باتفاقية ( سايكس ـ بيكو 1916 . ووعد بلفور 1917 ) .
وعندما نكرر الاستشهاد بدور مؤامرة ( سايكس ـ بيكو . ووعد بلفور ) البريطانية الفرنسية في احتلال سوريا وتمزيقها عام 1920 . فذلك ليس حباً بالتكرار لذاته ـ وإنما لأن جرائمها في حالة من التكرار والتواصل إلى الآن ، وليس لتوقفها أجل مسمى ، وكذلك للمشاركة في كشف حجم المسؤولية الإمبريالية وأدواتها الرجعية العربية والصهيونية ، المعادية جميعها للوجود السوري في الماضي والحاضر ، وربما لمساحة ما في المستقبل ، وبخاصة لأن أشكال التقسيم تتردد في هذه الأيام ، بصورة متواترة ، على ألسن الساسة والقادة الراكضين خلفها ، محلياً ودوليا ً ، كما تتردد وتنتشر على ألسن فئات شعبية محبطة .. وأخيراً تفوح من روائح التداولات السياسية الكريهة حول مبادرات " ديمستورا " .. المفخخة .. غير المستورة ، ولأن التجمعات الإرهابية ، وهذا هو الأهم ، تعمل على تكريس التقسيم عملياً بدعم خارجي مكشوف ، فوق المناطق التي تسيطر عليها ، وتحلم بتوسيعها . وأول البدايات ، هي " دولة داعش " في مدينة الرقة وريف دير الزور . و" جبهة النصرة تعد قواها لإعلان دولتها أيضاً .

وبصرف النظر عن العمليات الميدانية المتأرجحة نتائجها ، إن مسألة التقسيم الآن ، لا تعني حسب المفهوم الاستعماري القديم ( فرق تسد ) لتحقيق سيطرة الاحتلال على البلاد ، وإنما تعني تقسيماً مختلفاً لا يجمعه بسوريا سوى الاسم فقط . فهو يبنى على بأحجام ، وعلى خلفيات ديموغرافية ، قابلة للذوبان السريع في عالم " العولمة " الجديد ، الذي يجري العمل على تكريسه تحت الهيمنة الأحادية الأميركية ، وبما يلبي ترتيب أنساق المصالح الإقليمية والصهيونية ، وذلك بلا حدود سياسية ، ولا عداوات بينية إقليمية ـ عربية إسرائيلية ـ أو غيرها ، وبلا شروط تعوق نهب الثروات البترولية والغازية .
وبصيغة أكثر مباشرة ، إن التقسيم الجديد المأمول ، يعني العمل على نقل الوطن السوري الحالي ، من ( 180 ألف كم2 ) يتوسط تركيا ، وإسرائيل ، والخليج النفطي والغازي ، والشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط المجاور للجنوب الأوربي ، وعلى جهاته المختلفة ترتمي أطرافه المقتطعة من جسده ، والمقيدة زوراً تحت مسميات دول هي برسم التفكيك أيضاً ، أي تحوله إلى كيانات .. تعددية .. نازفة .. عاجزة . ومثل هذه ( السوريا ..أو السوريات ) هي المفتاح لكل المسارات الإمبريالية ، السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، في التعامل ، شبه الطبيعي ، مع بلدان الشرق الأوسط ، وفي التعامل من مركز قوة مع بقية العالم المتململ من التفرد القطبي الأميركي .

إن كل هذه النشاطات المعادية لسوريا منذ مائة عام إلى الآن ، يعود مردها إلى خوف الإمبريالية والرجعية والصهيونية ، من بناء سوريا دولة قوية كبيرة ، ومن ما قد يترتب على ذلك من تهديد لمشاريعها ومصالحها الاستعمارية ، ومن خلل مباشر في ميزان القوى الإقليمية .. وغير مباشر في الميزان الدولي .
ولذلك ، لا نذيع سراً حين نقول ، أن سوريا بحجمها الطبيعي ، جغرافياً ، وشعبياً ، المستندة إلى خلفية حضارية تعددية تمتد لآلاف السنين ، وبذكاء وشجاعة شعبها ، تشكل عائقاً صلباً ، أمام مطامع الغزاة الإمبراطورية والتوسعية واللصوصية . ودلالات ذلك التاريخية كثيرة . ويكفي أن يشار إلى دولة " تدمر " السورية ، التي كانت مساحتها تمتد من نهر الفرات شرقاً إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً ، ومن آسيا الصغرى شمالاً إلى مصر جنوباً ، وكانت دولة ندية قوية للإمبراطورية الرومانية . وأن يشار إلى دور السوريين في بناء الدولة العربية الأموية التي كانت من أعظم دول العالم تمتد من الصين إلى جنوب فرنسا . وأن يشار إلى مقاومتهم لغزو الفرنجة بقيادة صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس ، وإلى مقاومتهم وطردهم للاحتلال العثماني ، ومن ثم الاحتلال الاستعماري الغربي . وهي أي سوريا ، إن تمكنت من استعادة وحدتها أرضاً وشعباً ، ووظفت مصادر قوتها المتنوعة في الظروف الراهنة ، سوف تسقط المشروع الصهيوني ، ومشاريع إقليمية وإمبريالية أخرى .

وسواء كانت الخريطة .. أو الخرائط السورية المزمع تجسيدها بقوة الإرهاب الدولي والتحالف الدولي هي في حالة ، مد ، أو جذر ، وتجاذب ، في الحركة الميدانية ، وفي التداولات الدولية ، فإن ما يعنينا هنا ، هو استهداف مخططات الطبقات الرجعية الرأسمالية لسوريا ، من خلال عملياتها الفظيعة ، لتكريس عالم جديد ، تسيطر عليه منظومة رأسمالية تشمل العالم كله ، وتمتلك معظم قوى الإنتاج المتطورة ، وتستحوذ على معظم فائض القيمة العالمي . وقد اقتنع الكثير من الدول والقيادات السياسية والمثقفين بهذا التحول ، وذلك نتيجة قصر النظر السياسي والفكري والتاريخي ، كأمر واقع لا مناص منه . ولعل التصريحات الأخيرة لوزير خارجية روسيا تؤكد على ذلك إذ قال " إن الدول الغربية تعمل على تغيير النظام في روسيا ، وعلى السيطرة على العالم " لكنه لم يذكر كيف تحقق ذلك .. بكل تعسف وتوحش بواسطة قواها العدوانية وعصابات الإرهاب الدولي

وقد بينت التجاذبات الدولية الغربية في السنوات الأخيرة كيف يتحقق ذلك التعسف والتوحش في مختلف القارات ، وبينت أيضاً كيف تجري عمليات استبدال شرعية وميثاق الأمم المتحدة بشرعية قطبية العالم الجديد ، واستبدال مفاهيم الحق والعدالة المكرسة بالمواثيق الدولية ، بالخضوع لمفاهيم ومقتضيات " العولمة " . وهذا يفسر إلى حد كبير ، عدم وقف حروب الإرهاب بل توسعها ، وعدم احترام الآليات الديمقراطية لحل النزاعات المحلية .
إن ما يميز الإجرام الدولي العدواني على سوريا ، في أيامنا الراهنة ، هو أن الجهات الدولية المشاركة في الماضي بالجريمة ، كانت تتآمر في السر ، فيما هي الآن تتآمر علناً . وهي الآن تعدت حجم دولتين نافذتين إلى عشرات الدول المنضوية في الاقتصاد الإمبريالي ومخططاته . وما يميز مؤامرة هذه الأيام أيضاً ، بصورة أكثر بشاعة ، هو مشاركة معظم ما تسمى دول عربية بحكم بنيتها الرجعية ، وتبعيتها السياسية والاقتصادية والوجودية للمنظومة الإمبريالية . ومما لا غنى عن الإشارة إليه في هذا السياق ، هو أن مجموعات من السوريين .. سياسيين ومثقفين .. قد شاركت أيضاً في هذه المؤامرة ، وكرست سياسة التبعية والخيانة وجهات نظر .. واستطابت قبض ملايين الدولارات ، والعيش المرفه تحت حماية ورعاية أعداء الوطن . ومن البديهي أن يضاف إلى هذه الجبهة الدولية الرجعية العريضة الكيان الصهيوني ، الذي كان برسم حلم الوعد 1917 ، ليصبح بالدعم الإمبريالي والرجعي العربي دولة وازنة في شرقي المتوسط .

إن أهم ما ينبغي التوقف عنده لدى قراءة الهجوم الدولي على سوريا ، في السنوات الأخيرة ومازال ، هو ما تحاول أن تحدثه " نظرية العولمة " في إعادة بناء السياسة والعقل السياسي ، وفي إعادة بناء مفاهيم الدولة والقانون الدولي ، وفي مفهوم السيادة والحق ، والحرية ، وذلك وفق معايير ومتطلبات السيطرة الإمبريالية على العالم . ورغم إطلاق صفة " النظرية " على العولمة للتمويه على البسطاء ، ولتشويه فلسفة التاريخ ، إلاّ أن هذا الفعل الاستعماري الجديد ، بآلياته المتوحشة ، وبأهدافه الظالمة هو عبودية شاملة مقنعة .

ومن هنا إن كل العمليات العسكرية والإرهابية ، التي تقوم بها الرجعية الرأسمالية هي بمثابة آليات منفذة لانتشار " العولمة " وتجلياتها المطلوبة . ومن هنا أيضاً خطورة ما يجري من ذبح للكيان السوري . فليس مصادفة ، أن تصوت أكثرية دول العالم الرأسمالية والتابعة لها وضمنها إسرائيل في كل المؤسسات الدولية لصالح حرب الإرهاب الدولي . إذ أن هذه الدول تعتبر، بغباء ، أو انتهاز ، أن تصويتها هذا يصب في خدمة العولمة التي تنضوي تحت لوائها ، وبالتالي يصب في خدمتها .

وبما أن إسرائيل هي جزء فاعل في منظومة " العولمة " فإن التصويت العربي مع هذا الحشد الدولي هو لصالح إسرائيل أيضاً . وبتركيز الإضاءة على محاور الحرب في المشرق العربي ، يتضح أن هذه الحرب هي حرب إسرائيل مثلما هي حرب منظومة " العولمة " الدولية . وبما أن إسرائيل تحتل فلسطين وهي جزء من الأراضي السورية كما تحتل الجولان ، فإن هذه الحرب هي حرب سورية بامتياز أيضاً . وعلى ذلك ، إن كل من يحمل السلاح لتدمير الوجود السوري هو يعمل لصالح إسرائيل والمنظومة الإمبريالية الرجعية ، وتسقط عنه كل مزاعمه أنه يقاتل من أجل الحرية أو الديمقراطية أو الإسلام . فبعد تدمير الوطن أين سيمارس حريته وحقوقه الديمقراطية وإسلامه .

إن قرار هذه الحرب المتميزة باستخدام الإرهاب الدولي ، ليس قراراً قصير النظر ، يمكن أن يصل إلى حد ينقلب فيه السحر على الساحر ، وإنما هو مدروس ومخطط له بعناية شاملة . الغبي وقصير النظر هو من يعتبر، في البلدان المستهدفة ، أن هذه الحرب ، هي حرب عابرة ، ومن الممكن أن يعتصر من ثمارها ما يملأ به كأسه .

إن هذه الحرب بارتباطها العضوي بمخططات العولمة الأميركية والمنظومة الرأسمالية ، لن تنتهي إلاّ بموقف حاسم من قبل قوى دولية قادرة ، لها مصالح متباينة مع هذه الحرب ، أو بقيام القوى السورية ، بالتمسك الصلب بأرضها ووطنها ، مهما امتد زمن الحرب .. ومهما بلغت الخسائر المادية والبشرية . وبما أنه ليس بيد القوى السورية تشكل القوى الدولية واتخاذ قرارها الحاسم بوقف الحرب .. كما تريد .. وعندما تريد .. فإن مواجهة هذه الحرب وإنهائها مرهون ، أولاً .. وثانياً .. وثالثاً .. بالإرادة والقدرات السورية .. ومن ثم يأتي دور الأصدقاء والشرفاء في العالم .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائة عام من الصراع مع الغرب .. إلى متى ؟
- داعش على ضفاف الراين - إلى ريحانة كوباني -
- في التصدي للوجه الآخر للإرهاب
- طعنة في ظهر ابن رشد
- النقابات السورية والنضال العمالي والحرب
- كوباني .. هذه المدينة البطلة
- ضد الإرهاب وحرب الخديعة الجوية
- بدر الدين شنن - كاتب يساري ونقابي عمالي سوري - في حوار مفتوح ...
- وليمة لذئاب حرب الإرهاب
- مع غزة .. أم مع .. تل أبيب ؟ ..
- السؤال المستحق في اللحظة العربية الراهنة
- متطلبات مواجهة الإرهاب الدولي
- أنا والحرية والحوار المتمدن
- أنا مقاوم من غزة
- غزة تستحق الحياة والحرية
- غزة لاتذرف الدموع .. إنها تقاتل .
- المؤامرة والقرار التاريخي الشجاع
- السمت .. وساعة الحقيقة
- خديعة حرب الإرهاب بالوكالة
- الإرهاب ودوره في السياسة الدولية


المزيد.....




- الولايات المتحدة تخاطر بأن تلقى مصير الاتحاد السوفييتي 
- احتجاجا على موقف النظام المغربي والمجازر الدموية في غزة الجب ...
- فرنسا: اليمين المتطرف ينوي حرمان حاملي الجنسية المزدوجة من ت ...
- فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف مزدوجي الجن ...
- «الديمقراطية»: إعلان نتنياهو الانتصار على المقاومة في القطاع ...
- شولتس -قلق- بشأن احتمال فوز اليمين المتطرف بزعامة لوبان في ف ...
- هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت ...
- الرئيس الكيني يوافق على محادثات مع المتظاهرين ضد زيادة الضرا ...
- شولتس -قلق- من احتمال فوز اليمين المتطرف في انتخابات فرنسا
- الحرية لـ “صاحب الشعر الطويل” وكافة سجناء هونغ كونغ السياسيي ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟