أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال بالمقدم - السلفية والأصولية















المزيد.....

السلفية والأصولية


كمال بالمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 17:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


[على الفكر العربي أن يقبل بمسار معاكس لذلك الفكر الذي رفع وقائع ظرفية إلى مستوى ماهيات متعالية و جعلها حقائق أبدية ] محمد اركون


في البــــداية نحن نعلم جميعا أن أهم ما يملكه السلفي أو الأصـولي بمعنى آخر هو [ النص ] ... النص هو رأس مال السلفي وإتباعه بحذافيره هو واجب السلفي الأول و عندما نتحدث عن الإلتزام بالنص ... فإننا نعني [ حرفيا ] بحيث أن تأويله أو تحديثه ليلائم الواقع يعتبر جريمة لا تغتفر بالنسبة للسلفي الأصولي ... فالنص تم تأويله في زمان و مكان كـــتابته ... وهذا التأويل هو ما يدافع عنه السلفي بحياته و لا يقبل له بديل .. و بما أن التأويل تم في زمن ماضي و مكان مختلف فهذا يعني أنه تم تأويله حسب معطيات و قدرات ذلك الزمان و المكان الذي تم تأويل النص فيه . و هذا هو ما يمكن أن أسميه السبب الرئيسي لـ [ الصراع الداخلي ] الذي يعيشه السلفي الأصولي اليوم ...انه الصراع المنبثق من التضاد بين الماضي و الحاضر بين الواقع و التصور ...هذا الصراع قد لا يبدو واضحا لدى البعض لكنه واضح لدي و لا أشك بوجوده بتاتا ...هذا الصراع الداخلي هو بذرة ] الشكـ ] الدفين الذي تولد من داخل السلفية ذاتها .!

ما هو الشك الذي ينتاب السلفي اليوم وما دوافع وجوده ؟

إن مخالفة السلفي للبقية هو خلاف يكتسي طابع الأبدية إن صح التعبير و سيستمر ما دام الزمن يتقدم و المكان يتغير و ما دام السلفي يص على النظر للنص من خلال عيون القرون الماضية .. هذا الصراع الناتج من طبيعة الإختلاف " الضروري " للسلفية مع كل مدرسة أو رأي آخر جعلها عرضة للنقد من جهات و مدارس فكرية المختلفة جعلت السلفية تنظر بعين العداء للآخرين .. جميعهم بدون إستثناء .! و كان الناتج من هذا الصراع هو ما أسميه نشوء [ الشكـ ] في قلب المدرسة السلفية و أتباعها نتيجة لما يبدو و كأنه وقوف " ضد العالم بأسره " .
هذا الشك هو نتيجة قد يتعرض لها أي محارب يخوض حروبا مختلفة على عدة جبهات و يتعرض لهزيمة قاسية أو هزائم متتابعة .! انه شك في الصلاحية و القدرات و إمكانية الإستمرار لكن الشكـ بمفهومه المتعارف عليه هو مجرد كلمة غير ذات معنى في القاموس السلفي فالمدرسة السلفية تقوم على إنتفاء الشك اصلا .! فالشك و إعادة النظر في الذات و إعادة تقييم الأفكار و مدى صحتها هو أمر غير موجود في العقلية السلفية و فكرها .. فالسلفية تنظر لما هي عليه على أنه الحقيقة التي لا تقبل الشكـ .. و إعادة النظر في المنهج تعني إعادة النظر في الحقيقة بذاتها ... و لا أظن أن احدا يعتقد إمتلاك الحقيقة سيعيد النظر فيها ... لان هذا يعني إنحرافا بالضرورة و تفريط و إضاعة للذي هو خير مقابل الذي هو أدنى .!

و من هنا نجد في الفكر السلفي قمعا و مقاومة لا مثيل لها للشك أو مسألة [ إعادة النظر ] الناتجة من الشك ..فالسلفي اصلا هو شخص [ شاكـ ] لا يريد لدينه أن يتقوض ... و تمسكه بنصية دينه هو موقف دفاعي قبل كل شيء .و لا أعني هنا بـ " شاك " أنه شخص يُشترط أن يكون لديه شكوك حول صحة الدين أو أفكار إلحادية و كفرية ..بل هو شك يصنعه " الصدام " الناتج من تغير الزمن و المكان و المعطيات و الظروف التي هي العدو الأول للأصــــولية و عبادة النص و التي تعتبر أساس فكر السلفي و عماد مذهبه ... هذا التنبه الذاتي المؤلم لوقوف السلفية ضد التقدم الطبيعي و التطور المستمر للحياة و معطياتها و الذي ولد الشك في داخل المنهج السلفي هو ناتج في الغالب من النقد المتزايد و القاسي من قبل خصومها ... و هذا الشكـ يجعل السلفي في " صراع داخلي " حول مدى ملائمة تعاليمه الحرفية للزمان و المكان و المعطيات و الفكر البشري الحديث .! و كونه قد أختار الطرف الفائز سلفا و اختار موقفه في المعركة و هي نصرة منهجه [ الذي ينظر إليه على أنه الحقيقة ] و لو كلف الأمر ما كلف فهو بالتأكيد سيلجأ للدفاع و لن يقبل بالهزيمة .! أي أن السلفي في الغالب ليس في موقف هجومي كما يبدو من الوهلة الأولى ... السلفي في موقف دفاعي اصلاً , و هجومه هو خيار دليل على مبدأ : " خير وسيلة للدفاع الهجوم " .

إن صدام كهذا بين ما يسير عليه العالم فعلا و بين ما يعتقد السلفي أن العالم يجب أن يسير وفقا له كفيل بلا ريب أن يولد من الصراع الداخلي ما يبعث الشك في داخل الفكر السلفي .! التنبه أن العالم يسير بإتجاه معاكس .!
سؤال : هل من الممكن أن أكون على خطأ ...؟
يبدأ بالتولد .! لكنه يُقمع تماما على يد الحقيقة المزعومة و التي تلف برقبة السلفي كالأغلال .! فوسيلة السلفي الوحيدة لقمع الشك هو تعزيز حقيقته المزعومة .. بأي شكل كان .! هذا الدعم الذاتي من السلفية لنفسها يستدعي زيادة التمسك بالنص أكثر و أكثر و محاولة تطبيقه و فرضه أكثر و أكثر .! هذه المبالغة في التمسك بالنص و إتباعه بحذافيره لدى السلفي الأصولي إنما هي محاولة لبناء جدار حماية ضد كل عوامل التعرية السابق ذكرها و التي ساهمت في خلق " الشك " .! أي تقدم الزمان و المكان و الظروق و العقلية البشرية .! و لا سبيل لديهم في المواجهة سوى إحياء و إظهار فكرهم بكل ما لديهم من قوة و من ثم محاولة فرضه ليعم في المجتمع و يكون له وجود و حضور قوي و لافت .!
هذا الفرض أو محاولة الفرض من قبل السلفي لفكره و محاولة تطبيقه ذو أهمية كبرى طبعا .. فرؤية ما يؤمن به كـ واقع معاش هو وسيلة لابد منها لطمأنة نفسه المضطربة و التي يخالجها الشك الناتج عن الصراع الداخلي لديه ... إنه إرضاء للذات و في نفس الوقت البحث عن بعض الأمان الذي يوحي لها بأنها لا تزال على ما يرام و لا زالت تفرض نفسها و تصنع لنفسها وجودا و مكانة . إنه رد مباشر على الصراع الداخلي الموجود في داخل السلفي ... الصراع الداخلي حول حقيقة إيمانه و جدواه و صعوبة الإلتزام به في هذا الوقت من التاريخ .!

أحب أن أنبه هنا لعلاقة طردية لا يمكن إغفالها : و هي أنه كلما تغير العالم و تقدم أكثر كلما أستدعى ذلك زيادة جرعة الإنغلاق و التشدد أكثر و أكثر بقدر التقدم الحاصل .! فمن خلال تاريخ الأصولية و صعودها و هبوطها عبر التاريخ نستطيع أن نلاحظ بشكل واضح أن أهم ما ترتكز عليه الأصولية أو السلفية هو " الإنغلاق " على ذاتها .! و محاولة منع التجديد و التغيير بكل الطرق و التنديد به و محاربته . و لأن الإنغلاق كان مهمة أسهل بكثير في السابق منها الآن .. نجد أن السلفية تدخل في صراع ضاري لم تعتد عليه ابدا خلال تاريخها و هو صراع يجعل السلفية المعاصرة تصاب بالجنون و العدائية المفرطة .! فـ في عالم متغيير و مليء بالأفكار و سهولة تناقلها أصبح السلفي يتوجس من كل شيء و ينظر بعين الريبة إلى كل شيء على أنه العدو فإحذرهم .! كما ذكرنا هذا يعني زيادة التمسك أكثر و أكثر بما كان دوما مصدر الطمأنينة و الأمان .!
إن الزمن الحالي بطبيعته هو ضد الإنغلاق ... و محاولة الإنغلاق فيه تمثل مهمة شاقة جدا و يصعب تحقيقها .! هذا الإنفتاح المهول و الغير مسبوق على جميع الجهات و خصوصا الملعوماتية زاد من حدة الصراع ضد الآخر و أضاف للسلفية قطب صراع جديد عبارة عن " بعبع " لم يكن بالحسبان قبل سنين بسيطة . . هذه الأزمة المعاصرة للسلفية رشت الملح على الجروح و جعلت السلفية تتطرف أكثر و أكثر في محاولة الرد على الإنفتاح بإنغلاق مضاد و مبالغ فيه ... [ تذكر العلاقة الطردية السابقة ] و إبتكار أساليب دفاعية جديدة تقمع الشك .!
السلفية و في مسيرتها في قمع الشك لم تستخدم القوة فقط حيث أن القوة لا تعني شيئا في بعض المواقف .. بل إنها قد ابتكرت حتى الأساليب التي تحول الخسائر التي لا شك أنها تشربتها بمرارة ... إلى إنتصارات مدوية .!

مثلا كل تقدم أو إنجاز لغيرها أصبح بدلا من أن يثير الشك أكثر و أكثر في الأصولية أصبح يتم تحويره ليدعم موقفها أكثر و أكثر .! فكل المنجزات الحديثة التي لا شك في إيجابيتها انتهى الأمر بهم إلى الإدعاء بأنها موجودة في نصوصهم منذ القدم .!
كل معاني التقدم و العدالة و النظام الذي توصلت له بقية المدارس الفكرية و أظهر إيجابية مطلقة أصبح بقدرة قادر موجود " أصلا " في نصوصهم .!
" خداع الذات " و إقناعها بالقوة هو نقطة من نقاط السلفية التي نشأت من الشك .. و التي تضيفها لآليتها الدفاعية الذاتية في قمع الشك .! صنع واقع وهمي ... [ تحاكي ] فيه السلفية أنها تسير مع العالم و لا تسير عكس التيار .! في محاولة لردم الهوة الواضحة بينها و بين العالم من حولها و المتمثل في الزمان و المكان .!

إن الشك الذي يملأ العقلية السلفية اليوم يمكن ملاحظة آثاره بكل وضوح إذا ما دققنا قليلا .! قد يبدو مخادعا و يلبس ثيابا مخادعة و يرفع شعارات مزيفة رنانة لكنه لن يخفى على العين الخبيرة الفاحصة .! الأصولية قد تبدو بسيطة و متحجرة و جاهلة بكل ما حولها من النظرة الأولى .!
قد تبدو منغلقة و متمنعة و جاهلة و تمتلك قدراً " لا بأس به " من الغباء و الرجعية لكنها تحجب خلف هذه الصور النمطية التي رسمناها عنها المزيد من المعاني التي تخفيها .!



#كمال_بالمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن الخاتمة وأثرها السيئ على الاخلاق
- قريش بين شرعية النبوة ومشروعية السؤال
- منطق حول قصة الخلق
- انتباه ! القرآن يحاجج
- دين افضل من دينك
- امور لا يقبلها العقل


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال بالمقدم - السلفية والأصولية