أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - صرخة مظلوم














المزيد.....

صرخة مظلوم


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 08:27
المحور: حقوق الانسان
    


عندما أطلت السيدة إنصاف حيدر ضيفة على برنامج سؤال جريء في قناة الحياة المسيحية بتاريخ 20/11/2014 لتخبر عن معاناة زوجها السيد رائف بدوي في سجون السعودية ومعاناتها مع أولادها الثلاثة في منفاهم الاختياري في الغرب، وجدت نفسي أغرق في بحر من التأمل في واقع الشعوب العربية والإسلامية. جريمة السيد بدوي انه يسبح ضد التيار. فهو ليبرالي ملحد قام بمهاجمة الهيئة والمؤسسة الدينية في السعودية، وبالتالي تم الحكم عليه بالسجن عشر سنوات وبالجلد عشرة آلاف جلدة.

عندما كتب السيد عبدالله مطلق القحطاني بتاريخ 24/11/2014 رسالة على صفحات الحوار المتمدن الى سيادة وزير الداخلية يرجوه فيها السماح له باستخراج جواز سفر هو محروم منه منذ عشرين عاما كيما يسمح له بالسفر والزواج، شعرت اننا امام ثقافة تشبه المحدلة التي لا تتوانى عن سحق من يعترض طريقها.

السيد بدوي كما ذكرت سابقا ليبرالي ملحد، وأنا ضد الالحاد لكنني لست ضد الانسان. أنا ضد الفكر الالحادي، لكنني لست ضد الانسان الملحد. لا بل لا مانع لدي أن يكون لي أصدقاء ملحدين. ففي واقع الامر، بعض زملائي في العمل ملحدون ومتطرفون في الالحاد وبعضهم ينتمي الى ديانات متعددة والجميع يعيش معا بسلام. فلا الملحد يشعر انه تم اقصاؤه، ولا المتدين يشعر ان دينه مهدد، والجميع يشعر انه مواطن يتساوى امام القانون المدني في الحقوق والواجبات بغض النظر عن معتقده. كذلك الامر بالنسبة لبعض أقربائي، فهم ملحدون لا يعنيهم الله مطلقا ولا يؤمنون لا بالسماء ولا بالأرض، والبعض منهم تزوج من مسلم أو مسلمة وآخرون اقتادهم الحب ليرتبطوا بشركاء من جنسيات قريبة وبعيدة مثل الأفريقية والامريكية والاسيوية، لكنهم ما زالوا أهل قربة لي تجمعنا الافراح والاتراح وتربطنا العلاقات الانسانية والعائلية قبل ان تربطنا العلاقات الدينية. أما في الكثير من بلداننا العربية والاسلامية، فالانسان في الكثير من الحالات يفقد إنسانيته إن تجرأ على الإلحاد أو على الزواج من شريك من غير دينه. والقانون عندنا يقف الى جانب الدين والثقافة ضد الفرد الذي يتجرأ أحيانا أن يفكر بشكل مختلف عن الأكثرية. والنتيجة قانون يدافع عن إله يعجز عن الدفاع عن نفسه، وفرد صغير يحمل وطأة المجتمع تمييزا وعنصرية وسجنا وقمعا.

آن الأوان أن نستيقظ من سبات الجاهلية التي تحكم مجتمعاتنا. آن الأوان أن نخرج من أدغال التخلف التي التفت بأعشابها وأغصانها على أدمغتنا، فحرمتنا مما تبقى لدينا من إنسانية وحرمت الشمس من الشروق في حياتنا. الدين، العادات، الفكر المتحجر، التقاليد كثيرا ما تجعل منا سفاحين. تحولنا الى أفاعي لا تتوانى عن بث سمومها على الآخرين. الدين، العادات، التقاليد والتحجر الفكري جعلت من السيد بدوي مجرما يستحق الجلد والإهانة، كما جعلت من زوجته وأطفاله متشردين يبحثون في الغربة عن مأوى وأمان حرمتهم منهما بلادهم. الدين، العادات،والتقاليد جعلت من الزوجة أرملة ومن الاطفال أيتاما وزوجها وأبوهم حي يرزق. ترى من هو المجرم في هذه الحالة؟ أهو السيد بدوي الذي إن كان قد أساء الى ربه، فربّه كفيل به، أم القضاء الذي حرم طفلا من أبيه؟

لماذا يحرم السيد عبدالله مطلق القحطاني من السفر؟ لماذا تنتهك إنسانيته بعد أن قضى ما قضاه في السجن؟ لماذا توصد في وجهه الأبواب بعد قمعه وإعاقته؟ لماذا يضيق القضاء إن كان الله قد أعطاه حق الحياة؟ إن كان قد أساء الى الله فليتكفل الله به.

خاض الغرب معركة التضييق على الحريات ولم يزدهر فكريا وثقافيا واقتصاديا إلا بعد أن ضمن حرية الفكر والمعتقد لجميع أفراد شعبه دون استثناء. متى يتوقف الشرق عن خوض معركة التضييق على الحريات؟ متى يرد الشرق الكرامة للإنسان، أي إنسان بغض النظر عن دينه أو ثقافته أو...

ليس المطلوب من القضاء والمجتمع تبني فكر السيد رائف البدوي أو عبدالله القحطاني. إن كان فكر هذين الرجلين قد أساء للقيم الاجتماعية السائدة، فليأت الرد على قياس الهجوم. فليكن الرد على الفكر بالفكر، ولتقارع الحجة الحجة. أما إن كنا نصر على تقييد الفكر بسلاسل الحديد، نكون قد أخطأنا الهدف. فالحديد يقيّد اليدين والرجلين وقد يشوّه الجسد، لكنه يعجز عن تقييد الفكر، أو ربما قد يزيده صلابة ومتانة.

حضرات القضاة،
قد تنعمون بالدفء بجانب أطفالكم، لكن ثمة طفل في مكان ما يشتاق لوالده، وحكمكم هو الذي باعد بينهما. أنتم تتنشقون هواء الحرية، لكن ثمة رجل أخرجتموه من السجن الصغير لتحكموا عليه بالسجن الكبير. عودوا لضمائركم، أحكموا بالعدل وردوا الطفل لأحضان أبيه وردوا الانسانية للإنسان، وحق الحياة لمن من عليه الله بها.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دون كيشوت التركي
- سيّدي يسوع
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق-11- الجنس والزواج
- هل التنصير جريمة؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور ا ...
- هاتي يديكِ
- بين إيبولا وداعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور ا ...
- إن كنت حبيبي... علّمني قطع الرؤوس
- عنصرية أم كبرياء؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثامن
- عبادة الصليب شرك عقابه الذبح
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء السابع
- أريد جارية شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة، روسية الجنسية ...
- يونس البلجيكي...يهجر مقاعد الدراسة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزءالسادس
- نساء برسم البيع
- روبن وليامز، بسمة لطيفة و رحيل مأساوي
- عندما نعلّم أطفالنا قطع الرؤوس
- حكاية بطة


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - صرخة مظلوم