الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة

خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 00:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة
***************************
اجتمع قبل ثلاثة أيام في ايران أكثر من ألف رجل دين من أكثر من ثمانين دولة بمدينة قم الرمزية ، لبحث موضوع التتنظيمات والجماعات التكفيرية . وعلى مقربة من ايران جمعت دولة الامارات العربية أكثر من ثمانين جماعة في لائحة الارهاب ، بما في ذلك اتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه يوسف القرضاوي ، وأعضاء من منتدى السلم الذي يعتبر مقربا من دولة الامارات نفسها وعلى رأسهم مفتي الديار الموريتانية الشيخ محمد المختار ولد أمباله . والقائمة طويلة جدا . والغريب في الأمر أن تبارك جامعة الدول العربية هذا التوجه المرضي لدولة لا أثر لها في السياسة الدولية والاقليمية ، اللهم أموالا تفرقها هنا وهناك على من يقدمون لها خدمات لا فائدة منها .
وعلى مقربة منها توجد دولة تعتبر عدوة لكل دول العالم العربي واسرائيل والغرب الذي بدأ يتغزل بها ، بينما احتفظت الدول العربية بعداوتها لهذه الدولة ، وهي ايران . ايران تجمع حولها أكثر من ألف رجل دين بين علماء وفقهاء وباحثين حول موضوع واحد هو مقاربة ظاهرة التنظيمات التكفيرية المتشددة بالعقلانية والفكر والمعرفة . أي البحث عن الجذور التكوينية للعنف عند المنظمات الارهابية والمنظمات المتشددة . وهو النهج القويم والصحيح الذي يمكن أن يقضي على مثل هذه الطفيليات التي تتغذى من دعم استخباراتي عالمي لم يوفر حتى الامارات العربية المتحدة نفسها ، والدليل تصريح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن . بينما سارعت هذه الدولة الى الى ملء لائحة من ثلاثة وثمانين منظمة اسلامية وربطتها بالارهاب . حتى الولايات المتحدة الأمريكية لم تؤسس لائحة بهذا الحجم ، وهي التي اخترعت مصطلح الارهاب في العصر الجديد وسنت قوانين محاربته .
ايران تحشد العلماء من حولها وتخطب ودهم وتعاطفهم ، ولكل عالم أتباع ، ولكل مدرسة او طريقة تلاميذ وأنصار ، بينما تعمل الامارات المتحدة على استعداء كل علماء الاسلام بما فيهم أتباعهم وتلاميذهم .
هذا هو الفرق بين المستقبل وبين الماضي ، بين التطور وبين التحجر . ايران تقول على لسان أحد رموزها ومرجعيتها الدينية أن الجماعات التكفيرية لايمكن مواجهتها فقط بالنظم العسكرية والسياسية ، ولا بد من نظام فكري فعال ، بينما الامارات العربية ترفع الورقة الحمراء دون ان تحتفظ بأي ورقة أخرى ..طبعا هذا يعني الكثير ...فالامارات العربية المتحدة سدت الباب على قطر لاختلاف في مقاربة ملف الاخوان ، بينما تجالس ايران في نفس الوقت أقوى الدول العالمية لتباشر معهم ملف الأسلحة النويية وملفات أخرى . وفي نفس الوقت تعقد مؤتمرا دوليا حول طرق محاربة الارهاب بمنهجية متفتحة ويقظة .
الفرق شاسع بين ارادة الوجود وبين ارادة الكمون . بين الانفتاح والانغلاق ، بين الصناعة والانتاج وبين السياحة والرقص والمجون . بين الابداع وبين الموت . وقد كان رد السيد أحمد الريسوني قويا على هذه البادرة المستهجنة التي صنعتها هذه الدولة العربية في زمن نحن في أشد الحاجة فيه الى تفعيل الحلول العقلانية والامتياح من منهجية الرسول الكريم وتعاليم القرآن . وابداء الحسنى عوض الضغينة ، وافشاء النية الحسنة بدل الدسيسة . وتطويق الأخطار بدل الزيادة في تأجيجها .
لايمكن اذن اليوم أن نسمي مجموعة من المجمّعات العربية دولا ، فللدولة تعريفاتها السياسية ، كما ان للقبيلة تعريفاتها الأونثروبولوجية . الدولة المعاصرة دولة ذات سيادة ورؤية واستراتيجية ، وما نلمسه في أكثر من دولة عربية لا يمكن أن توافق صفة الدولة شكلها وطبيعتها الا مجازا ، فمتى ترتقي دولة مثل الامارات العربية المتحدة الى مصاف الدولة بمفهومها المعاصر .

#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات