|
المسلمون أمة لا يمكن أن يكون لها أخلاق .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 18:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليست التراجيديا الإسلامية في غياب الأخلاق لدى المسمين - كما قلنا في المقال السابق - فحسب ، بل التراجيديا هي في عدم قدرة هذه الأمة على امتلاك الأخلاق حتى لو أرادت ، فالأزمة الأخلاقية التي يعاني منها المسلمون ليست أزمة نابعة من غياب الالتزام بالأخلاق لديهم مهما كان نوعها ، بل الأزمة هي في غياب القدرة على هذا الالتزام من الأساس ، و مأساة الأمر هنا أن القضية لا ترتبط بحالة من القصور أو العوز الذي يمكن إصلاحها ، بل القضية هي في جوهر الأمة الإسلامية ذاتها ، فهذه الأمة بطبيعتها لا تستطيع أن تكون أخلاقية ، وإذا هي أرادت فهي لن تفعل سوى نقض نفسها .
إن الأمة الإسلامية (وهذا ما نغفله في كثير من الأحيان) أمة قامت بالأساس على الغزو ، فهي كحضارة لم تكن حضارة إنتاج وعمل ، بل كانت حضارة فتوحات وغزو ، لهذا فالأمة الإسلامية في واقعها أمة خاضعة بالضرورة لقيم النهب و السلب التي تأسست عليها ، ونحن ولو عدنا لجميع القيم التي تعرف لدينا بالقيم الإسلامية لو جدنا أنها جميعها قيم أساسها خدمة فكرة الغزو ، وليس خدمة الفضيلة ، و من هذا المنطلق فأخلاق الأمة الإسلامية إذا جاز أن نسميها أخلاق ، فهي ليست قيم ذات بعد فضائلي ، بل هي وسائل لإدارة المجتمع بطريقة سلسلة في أقصى الأحول ، على هذا ففي قضية كقضية الأخلاق الجنسية التي أفسدت أخلاق المسلمين (كما شرحنا في المقال السابق ) فليس الأمر أن هذه الأخلاق نتجت صدفة عند المسلمين ، او أنها أخلاق مثلا تعود لعادات وتقاليد يمكن أن تتغير ، بل الأمر هو أن هذه الأخلاق في واقعها هي ركيزة من ركائز الأمة الإسلامية ، و المسلمون لم و لن يستطيعوا تغييرها إلا بنقض طبيعتهم ، فالمسلمون وليؤسسوا لقيم الغزو كانوا محتاجين لقيم تدعم فكرة الغزو ، وطبعا لم يكن لديهم من فكرة أفضل لفعل هذا ، من فكرة كفكرة الجنس كحافز ، ففي الجهاد الاسلامي نحن نعلم أن جميع المحفزات التي تستخدم للحظ عليه هي بالأساس محفزات جنسية ( جواري و قيان في الدنيا ، وحور عين في الآخرة ) وطبعا و ليكون لهذا الأمر من فاعلية ، فلم يكن للمسلمين إلا أن يحاربوا الحب والعلاقات الجنسية ، فلو كان هناك حب وغرام ، لأنتفت الفائدة من الشبق الجنسي كحافز ، لهذا فالمسلمون و ليرفعوا من درجة الحافز للمجاهد ، حاربوا الحب والغرام والعلاقات و زرعوا في كل مسلم فكرة الشرف والعفة ليمنع نساءه منه ، وهذا سعيا لخلق مجتمع الكبت الذي سيخلق المجاهد الصنديد ، و طبعا أفترض ليس من الصعب ملاحظة هذا الأمر على أحد ، فلو نظرنا للمجتمعات الإسلامية اليوم لوجدنا أنها كلها مجتمعات مكبوتة ، والكبت في هذه المجتمعات يتوازى طردا مع الإلتزام بالقيم الإسلامية ، فكلما زاد الالتزام بالقيم الإسلامية كلما زاد الكبت ؛ و هناك أيضا دولة الخلافة الإسلامية (داعش ) نموذج جيد لشرح الأمر ، فما الذي جعل دولة الخلافة تصاب بكل هذا الهوس الجنسي الذي نراه ونسمع عنه ؟ طبعا الجواب سهل.. فداعش كدولة تحاول السير على القيم الاسلامية ، فهي لم يكن لها إلا أن تعود للسبي وللجواري ولجهاد النكاح كوسيلة حياة ، فالجهاديون وليتحفزوا للقتال بديهي أنهم محتاجون للحافز ، وطبعا ليس هناك أفضل من حافز لهذا بالنسبة للمسلمين المكبوتين من حافز الجنس ، لهذا فداعش فحين تصاب بالهوس الجنسي فهذا ليس بسبب أمراض نفسية في مواطنيها ، بل هو البديهي والطبيعي من فرد نشأ على القيم الإسلامية . وهنا طبعا وجب التنويه إلى أمر مهم وهو حول ( لماذا استعملت امة الإسلام الجنس كحافز وليس الحب ؟ فكما نعلم كثير من الأمم لها جنود شجعان يخرجون للحرب لكنها لم تحارب الحب و لا العلاقات الجنسية ) فالسبب الواقع أن هذا لأنها أمة حرب هجومية عكس الأمم الأخرى عموما ، ففي الأمم التي لها جيوش وطنية ، يتم تقديس قيمة الحب والأسرة من باب جعل الجندي يخاف على أسرته وأهله ، فهكذا يُحفز الجندي ليخرج للقتال دفاعا عن وطنه ، لكن الجندي المعتدي كما في أمة الإسلام فهو لا يملك هذا الحافز من الخوف ، وعليه وجب تحفيزه بالجواري و القيان والجنس ، خاصة طبعا وهو المهم مع الجو المثالي من الكبت ، فالأمة الإسلامية وظفت الكبت لتحفيز المقاتلين للجهاد ، وعليه نجد أن المسلم يمكن أن يجلد أو يرجم لو أحب فتاة وأحبته ، لكنه سيرفع على الأكتاف لو أغتصب مائة سيدة في غزوة من الغزوات ، فالقضية هنا ليست قضية فضائلية ، بل الأمر هو عملية إدارية بحتة ، فأمة الإسلام تخلق الكبت وتقوم بإدارته في سبيل أهدافها ، ومنه فأنت يمكنك نكاح آلاف النساء إذا كان الأمر في جهاد يدعم قوة و هيبة دولة الإسلام ، لكن لو فكرت في الحب فستجلد وترجم .
ومن هنا إذن نرى أن فكرة الأخلاق الجنسية ليس فكرة ثانوية يمكن الاستهانة بها أو تصور تغييرها ، بل هي فكرة جوهرية في الأمة الاسلامية ، وأي شخص لو فكر في قول أن الحب أو الجنس مباح في أمة الاسلام ، فهو وكأنما اغتال هذه الأمة ، فكيف تتطور هذه الأمة ، وكيف ترتقي اذا حرمت من السلب والنهب الذي هو مصدر دخلها الأساس ؟ وعليه فنحن وحين نقول أن الأمة الإسلامية لا يمكن ان تكون امة لها أخلاق فهذا لأنها لا يمكن أن تتخلص من أخلاق الجنس هذه ، فهي لو تخلت عنها لانقرضت ، في المقابل طبعا نحن نعلم أن أخلاق الجنس هذه هي ما أفسد أخلاق المسلمين كما شرحنا في المقال السابق ، لهذا ومن هذه المعادلة سنجد أن امة الإسلام لم ولن تكون امة أخلاقية إلا بنقضها لنفسها ، و للتأكيد على هذا الأمر يمكن الرجوع للحرب المسعورة التي يشنها الإسلاميون على دعوات حقوق المرأة ، وعلى الحرية الجنسية ... وكيف أن كل مبادرات من هذا الباب واجهت المشاكل ، فالحقيقة أن ما يدفع هؤلاء لمعارضة هذه الأمور هو خوفهم على امة الإسلام لا أكثر ، وهم حين يقولون لدعاة العلمانية و الحداثة أنكم ستهدمون امة الإسلام فهذا حقيقي وصحيح مائة بالمائة ، فهل سيكون هناك مجاهدون لو أشيع الحب ؟ وهل سيكون هناك حافز للموت في سبيل الله لو كانت الجنة على الارض ؟ طبعا لا .. لهذا إذن أمة الإسلام يجب أن تحارب كل دعوة لقيم حقيقية أو لحداثة أو لتطور قائم على العمل و الإنتاج ، فهذه الأمور كلها ضدها ، وهو ما يوصلنا لنتيجة واحدة وهي "" أن أمة الإسلام بجوهرها الحالي هي أمة ضد التحضر و ضد التطور ، وإذا هي أرادت أن تتحضر فهي مجبرة على أن تتخلى على قيمها ، وعليه فالمسلمون هم في خيار أبدي بين الحفاظ على قيمهم و البقاء في تخلف ، وبين تبني قيم أخرى جديدة لولوج نادي الحضارة "" .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخلاقنا الإسلامية المنحطة .
-
المسلمون أمة نفاق .
-
المسلمون أمة ضد العقل .
-
حول -اللامنطق الإسلامي- .
-
اللامنطق آفة المسلمين المركزية .
-
الإرهاب الإسلامي مشكلة المسلمين أولا و أخيرا .
-
المسلم إرهابي نظريا وليس عمليا .
-
وصم المسلمين بالإرهاب بديهي وطبيعي .
-
ولن تدخلوا نادي الحضارة حتى تغيروا ملتكم .
-
صدقت يا غنوشي .
-
الحانات و بيوت الدعارة أفضل من المساجد .
-
ما خاب قوم ولوا أمرهم إمراة .
-
أمركة داعش لن تبرئ الشريعة .
-
الشريعة فُضحت و أنتهى الأمر .
-
دفاعا عن الدين المغلوط .
-
و إنك لعلى خلق ذميم .
-
-ناعوت- مجرم مدان بتهمة الشفقة .
-
الشريعة بما لا يخالف حقوق الإنسان .
-
نماذج على همجية الشريعة الإسلامية .
-
في ضرورة الإعتراف بهمجية الشريعة الإسلامية.
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|