|
الرقيق في الإسلام هل هو تحرير وعتق أم إستعباد؟
هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث
(Havalberwari)
الحوار المتمدن-العدد: 4642 - 2014 / 11 / 24 - 23:39
المحور:
حقوق الانسان
دراسة وبحث
المقــــــدمــــة
قبل أن ندخل في صلب الموضوع عن الرق في الإسلام فأنا سأدافع عن كلام رب العالمين وآياته البينات والمحكمات والتي لانسخ فيه ولا منسوخ ولن أكون محاميا" لأخطاء المسلمين عبر التاريخ وقد قمت بكتابة هذه الأسطر عندما رأيت كثير من المتشددين العلمانيين يحملون رايات الشيوعيين خلال أربعينيات القرن الماضي وبدؤا يشنون الحرب على الاسلام كونه – حسب تعبيرهم - يبيح الرق والعبودية؟؟ بمافي ذلك( العبيد وملك اليمين) لكن المعركةأصبحت الآن أشد بعد أن أرتكبت فصائل منحرفة عن الدين والمتسلفة الذين يتكلمون بإسم الدين ؟؟ إسترقاق الناس بحجة وجود أدلة موجودة في كتب فقهية قديمة قد أكل عليها الدهر والشرب بل الإسلام بريء من كل قيل وقال غير القرآن ومايوافق مضامينه البينة ؟ و الأنكى أنهم لايسترقون العبيد أي الذكور منهم بل النساء فقط ؟ وهذا ما أدى الى فتح ملفات ملك اليمين ومفاهيم سبي النساء وبإسم هذا دين الذي جاء أصلا" لتحرير العبيد وتكريمه من بين سائر الخلائق كما قال الله عزوجل[ ولقد كرّمنا بين آدم ] وبيان إنسانية الإنسان ورفع مكانته الى أعظم مرتبة من بين كل الخلائق فقد بلغه الى مرتبة الخلافة في الأرض في قوله تعالى[وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ؟] وأعطى للمرأة مكانة لم يرتقي إليها أي ديانة أو منظومة حضارية في العالم أجمع بل ميزها بكونها تمتلك حاضنة تحمي فيها النسل البشري وأرتقت بها الى مراتب أرقى من مرتبة المساوات التي تدعي بها كل القوانين الأرضية الآن لترتقي بها الى مرتبة التمييز والأنفراد الخلقي العظيم التي قد تسبق الرجل في ميادين شتى يشتركون فيها مع الرجل بل هناك ميادين لا يستطيع الرجل مهما حاول أن ينافسها في مساحات خصصها الله لها فقط ! لكن قبل الدخول في صلب الموضوع علينا الإطلاع على واقع العالم وكيف كان خاصة أنه كانت تسيطر عليه أمبراطوريتين أكتسحوا أغلب بلدان العالم وهي الإمبراطورية الرومانية والفارسية ,بما في ذلك وجود ثقافات وحضارات أخرى مع وجود ديانات سماوية قد تجذرت في ثقافة كل هذه الحضارات والديانات ثقافة الرقيق بل كان العمود الفقري الإقتصادي لكل البلدان بحيث وصلت الإنسانية الى أدنى دركاتها في القرن السادس الميلادي كما شهد عليه كل المؤرخين ؟ قبيل مجيء دين الإسلام
1- الحضارة الرومانية :
لقد كان الرقيق عند الرومان شيئا" لا بشرا" ؟ليس له أية حقوق وقد يؤتى بهم عن طريق الغزوا ت لإستخدامهم في كل مجالات تعيد النفع لهم فمصر كانت حقل القمح للرومان ومورد للأموال لهم كانوا يستخدمونهم كيد عاملة في كافة امورهم الحياتية وكانوا يساقون بهم كما يساق البهائم وكانوا يرمون في غرف مظلمة كريهة الرائحة عند النوم كالزنزانات بحيث يصل الزنزانة الواحدة أكثر من خمسين واحدا" وكانوا متسلسلسين بالسلاسل لايؤكلون إلا لمنعهم من الموت . والبقية كانوا يستخدمون لرفاهيتهم الشخصية او يستخدمون للترفيه في الساحات العامة المخصصة لإستمتاع السادة مع شعوبها في المهرجانات التي كانت تصل الساحة الواحدة لأكثر من 80 الف في ذلك الزمن ! لكي يتمتعوا بالقتل عندما يبارزون بعضهم البعض حتى الموت أو يبارزون البهائم المتوحشةحتى أن المؤرخين قد ذكروا أن كثير من البهائم المفترسة انقرضت لكثرة استخدامها في الحلبات !
2- الحضارة اليونانية
كان استعباد البشر للبشر مطلقا" وكان قراصنتهم يختطفون أبناء الامم الأخرى في مختلف السواحل ويبيعونهم في اسواق أثينا اوغيرها وكانت تقام للعبيد اسواق النخاسة حتى أمتلئت البيوت بالعبيد ,, مما أدى الى أن الفلاسفة اليونانيين قسموا الجنس اليوناني الى قسمين ؟ حـــر بالطبع و رقيــــق بالطبع !! وقالوا أن الثاني ماخلق إلا لخدمة الأول ؟ ويقوم بالاعمال الجسمانية اما اليوناني الحــر فيقوم بالاعمال الفكرية والادارية حتى أن الفيلسوف أفلاطون نفسه صاحب فكرة المدينة الفاضلة كان يرى أنه يجب ألا يُعطَى العبيدُ حقَّ المواطنة.؟؟وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار اما ( ارسطوا ) فقد جعل كلمة ( المواطن ) مرادفة لكلمة ( الحر ) ويرى أن وظيفة العبيد تحصيل الثروة الضرورية للاسرة والقيام على خدمتها ؟
3- الحضارة الفارسية
فكان المجتمع مقسمًا إلى سبع طبقات أدناهم عامة الشعب، وهم أكثر من 90% من مجموع سكان فارس، ومنهم العمال والفلاحين والجنود والعبيد، وهؤلاء ليس لهم حقوق بالمرة، لدرجة أنهم كانوا يربطون في المعارك بالسلاسل حيث أن معتقدهم كان قائما على أن دم الآلهة يجري في عروق الحكام ؟ فهم طبقة فوق البشر .
4- الحضارة الهندية
فقد ساد نظام الطبقات وكان العبيد يمثلون الغالبية العظمى من الشعب الهندي وكان لا يحق لهم امتلاك أي شيء فقدكانوا يعتقدون أن الرقيق منبوذون خلقوا من قدم الإله ؟؟ ومن ثم فهم بخلقتهم حقراء مهينون ولايمكن ان يرفعوا من هذا الوضع المقسوم لهم إلا بتحمل الهوان والعذاب عسى أن تستنسخ أرواحهم في مخلوقات أفضل !!
5- الصـــيــن كانت الرقيق منتشرا"بسبب الفقر فقد كان الانسان يبيع نفسه واهله وأولاده بسبب الفقر
6- مصـــر
بنيت المعابد والمسلات وقبور الفراعين الشاهقة كالأهرامات على أكتاف الرقيق وقد ذكر القرآن كيف كان فرعون يستحيي نساء الأقوام الأخرى
7- في الجزيرة العربية : واقع مهزوز ومرتبك وغير مستقر قائم على الحروب المتبادلة بين القبائل العربية بدافع العصبية والقَبَليَّة، ومما لا شَكّ فيه أنّه كان لهذه الحروب المستمرَّة نتائج وَبِيلَة على الفريق المنهزم؛ وذلك لما يترتّب على الهزيمة من سبي النساء والذريَّة والرجال إن قُدِر عليهم، وقد يتم قتلهم، أو استرقاقهم وبيعهم عبيدًا، ولم يكن هناك ما يُسَمَّى بالمنِّ عليهم أو إطلاق سراحهم دون مقابل، وكانت الحروب تمثل أَحَدَ الروافد الأساسيَّة لتجارة العبيد التي كانت إحدى دعامات الاقتصاد في الجزيرة العربية.
- من ناحية الديانات الموجودة حينها :
1- الديانة اليهودية
عند بني إسرائيل فقد أباحت التوراة الاسترقاق بطريق الشراء أو سبيا في الحرب, فجعلت للعبري أن يستعبد العبري إذا افتقر, فيبيع الفقير نفسه لغني, أو يقدم المدين نفسه للدائن حتى يوفي له الثمن, ويبقى عبدا له ست سنين ثم يتحرر. ففي سفر الخروج: إذا اشتريت عبدا عبريا فست سنين يخدم وفي السابعة يخرج حرا مجانا, وإذا سرق العبري ماشية وذبحها, أو أي شئ استهلكه, ولم يكن في يده ما يعوض به صاحبه يباع السارق بسرقته, وأباحت التوراة للعبري أي يبيع بنته فتكون أمة للعبري الذي يشتريها. أما الاسترقاق سبيا في الحروب فهو أيسر ما ينزله اليهود بأعدائهم, وقد نص العهد القديم على ما يلي: " حين تقرب من مدينة لكي تحل بها استدعها إلى الصلح, فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك, فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك, وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها, وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف, وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة, كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك "؟
2- الديانة المسيحية
كانت عبودية الإنسان شائعة في كل العالم عندما جاءت الديانة المسيحية , فقد نقل الدكتور جوزيف بوست, أحد رجال الجامعة الأمريكية الأولين في بيروت, أن المسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي, ولا من وجهها الاقتصادي, ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية, حتى ولا على المباحثة فيها, ولم تقل شيئا ضد حقوق أصحاب العبيد, ولا حركت العبيد إلى طلب التحرر, ولا بحثت عن مضار العبودية, ولا عن قسوتها, ولم تأمر بإطلاق العبيد أصلا, وبالاجمال لم تغير النسبة الشرعية بين الولي والعبد بشئ, بل على عكس ذلك أثبتت حقوق السادة وواجبات العبيد. وأمر بولس الرسول العبيد بإطاعة سادتهم كما يطيعون السيد المسيح, فقال في رسالته إلى أهل إفسس :
(أيها العبيد, أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح, لا بخدمة العين كمن يرضى الناس, بل كعبيد المسيح, عاملين مشيئة الله من القلب, خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس, عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا ). وأوصى بطرس الرسول بمثل هذه الوصية, وأوجبها آباء الكنيسة لأن الرق كفارة عن ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوه من غضب السيد الأعظم.!! وأضاف القديس الفيلسوف توماس الأكويني رأي الفلسفة إلى رأي الرؤساء الدينيين, فلم يعترض على الرق بل زكاه لأنه - على رأي أستاذه أرسطو - حال من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية, وليس مما يناقض الإيمان أن يقنع الإنسان من الدنيا بأهون نصيب.؟؟
فكيف سيتعامل الإسلام مع هذا الواقع خاصة في مفهوم الرق المستشري في كل البلدان ؟
الدخول في صلب الموضوع قلنا أن الإسلام جاء في واقع كان الرق متجذرا" في كل ثقافات وأعراف الدول والامبراطوريات بل وصل الحال أن إخترقت ميادين الفلسفة والفكر,, وحتى الكتب السماوية الموجودة ناهيك عن الديانات الوثنية حيث إخترقها مفاهيم إسترقاق العباد بل أصبحت الاسترقاق إحدى الركائز الأساسية في اقتصاد وسياسات الدول والبلدان,,, لا شـــك أن الإسلام هو دين الله وأن الله كما بينه في محكم كتابه أنه الدين الذي سيختم به الأديان وأن القرآن هو كتاب رحمة وهداية للإنسانية جمعاء وأنه جاء بمفاهيم عظيمة لم تستمع قبلها الآذان وسيذهل بمفاهيمها العميقة العقول والأذهان فقد حدد الله في هذا الكتاب وركَّز على وحدة الإله ورسَّخ مفهوم توحيد الأله وأن ( لا أله ألا الله ) وأنه رب الاكوان ولا يتحكم فيه إلا الله وهوالخالق والمدبر والمسيطر وبيده مقاليد كل الأمور والافعال وركّز على وحدة الأديان وأن كل الأديان السماوية جاءت من معين واحد والكل قد رسَّخ دين الإسلام والسلام ومبدأ لا إله إلا الله............. وأن هذا القرآن جاء للإنسانية جمعاء فركــَّز على ترســـيخ مبــدأ : 1- إنســــانية الإنســـــان وحـــدة الأصـــل البشري وأنَّ ( كلكم لآدم وآدم من تراب) 2- بيان النفخ الإلهي الموجود في جسد الانسان وهي [ الروح ] ونفــخ فيه روح الإله فأصـــبح من أرقى المخلوقات لذلك كرّمــه الله أفضل التكريمات ( ولقد كرمنا بني آدم)
3- بيان المهام العظيمة للانسان ورتبته البشرية على الارض وهي رتبة الخليفة ؟ نعم أعطـــاه أعظم المهام من بين سائر المخلوقات بأن جعله خليفته في الأرض ليستعمرها ويصلحها قال الله عزوجل: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) وفي آية أخرى (هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها) 4- مبدأ المساوات الحقيقية [ وأن لا فرق لعربي على أعجمي او أبيض على أسود ] وغيّر معايير التمييز بين الأجناس والاقوام وأصبح المفاضلة بالتقوى ومفاهيمها العميقة وأصبح هو معيار الأكرمية عند الله في قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) 5- الاختلاق العرقي والجنسي هي للتعارف والتعاون والتدافع قال الله عزوجل: ( وجعلناكم شعوبا" وقبائل لتعارفوا ) قال تعالى ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيَعٌ وصلوات ومساجد يُذَكرُ فيها اسم الله كثيرا" ) فبناء هذا الأصل الإنساني على على أسس التقارب والتعاون والتفاهم وعلى المشترك الإنساني وان التميير البشري من حيث الاجناس والاقوام واللغات والثقافات هي لديمومة الاصل البشري وتدافعها التي هي عكس الصراع التي تؤدي الى إلغاء الآخر ؟ والتمايز الذي يحث على التقدم والتعارف والتفاهم حتى يواصل الجنس البشري في الإرتقاء 6- جعل الاسلام رسالته للناس كافة وجعلها رحمة للعالم اجمعين لتوحيد المسار العام للبشرية ! جعل الله رســـالته ومرسله للناس كافـــة وهي رسالة تم حصرها لتكون رحمـــــة لهم أجمعين (وما أرســلناك إلا رحمة للعالمين ) ( وما أرسلناك إلاكافة للناس ) 7- ترسيخ مبدأ الحريـــة في الاعتقاد لرسالته العالمية فهذه الرسالة التي هي حق مبين وانه لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهي رحمة مهداة لهم فيها كامل الحرية في الإتباع والإنقياد وان لا إكــراه في الديــن في قوله تعالى ( لا إكـــراه في الديـــن ) فإذا كان الله يرسخ مبدأ الإعتقاد بدينه الذي إليه يصبح المآل والمصير فما بالك في الحرية بما هو دون ذلك ! 8- دعوة الأله الأوحد الى الاشتراك البشري في توحيد الاله لعدم استعباد الانسان من قبل الانسان نفسه ؟ نعم دعا الله وهو الأله الأوحد بإبلاغ مرسله أن يدعو غيرهم من اهل الكتاب ان يشتركوا في عبادة الإله الأوحد وأن لايشركون به شيئا" والعرض مفتوح لهم بعد أن سَّولت لهم الإشتراك في شؤن الله ؟
قال اله تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيينا او بينكم ؟ ان لا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا" ولا يتخذ بعضنا بعضا" أربابا" من دون الله ؟) والدعوة مفتوحة في كل حين ,, كي يتخلص الناس من صفة الربوبية باسم الله ويستغلوا كل طاقاتهم في بناء الإنسان وان اصل كل هؤلاء الذين يدعون الربوبية باسم الله هم مجرد بشر لا يفرق عن أخيـــه الإنســــان وهي أهواء يراد من خلاله الاستحواذ على حقوق اخيه الانسان فهــــل نســــتطيع بعد هذه الفلســــفة الجديـــدة على البشــــرية ان نفــــكر ولو لحظــــة عن شبــهة الإســـترقاق في الإسلام الدخــول في التفــاصيــل
بعد المقدمة والدخول في صلب الموضوع تبين أن الرق ليس مشكلة إسلامية فيلقى باللائمة فيها على الإسلام إنما هي مشكلة إنسانية ناتجة عن الصراع والتدافع الإنساني، فلا يوجد نص في القرآن أو السنة يأمر بالرق أو يحث عليه بل نجد النقيض من هذا كما سنرى، فالرق كان إبان مجيء الإسلام معروفا" ومعمولا" به في أعراف وثقافات كل الدول والديانات كما ذكرنا وكان إحدى أهم الركائز السياسية والاقتصادية حينها.... فكيف سيعالج الإسلام هذه المعضلة ؟
- هل من المنطق أن يحل المشكلة بمجرد آية تأمر بعتق الرقيق هكذا ؟ - هل حل المشكلات التي أصبحت جزءا" من الواقع تكون بإخراج مرسوم إلهي ببتر هذه المعضلة ومنعها نهائيا"؟ وبدون مقدمات وتتدرج لحل المشكلة بالتدريج لاسيما أن الأمر متعلق كما قلنا بواقع حال متجذر , وبسلوك إنساني من جانب السادة الذين لم يدركوا بعد أنهم لايختلفون عن العبيد وأنهم كيان بشري واحد أي من أصل واحد ؟ وكذلك من جانب العبيد أنفسهم الذين لم يصل إدراكهم أنهم بشر مثلهم مثل باقي البشر ؟ وليس كما كان راسخا" في أذهانهم أنهم أقل شئنا" منهم وأنهم مجبولون على هذا الحال فلا مفر من القدر المحتوم عليهم ؟ ماذا لو قمنا بتحريرمثلا" طائر الكناري ( من طيور الزينة ) الذي ولد وعاش في قفص ما * وقمنا بتحريره هل سيكون له القدرة على العيش بدون قفصه أم سيموت جوعا" ولا يتحمل عبء الحياة وهو حــــر ؟ * كيف يتم علاج مدمن المخدرات ؟ هل بالانقطاع من أول يوم ام التدرج في علاجه والحاجة الى فترة زمنية لعلاجه ؟ ماذا كان نتجة قرار الرئيس الامريكي إبراهام لينكولن( 1858) عندما أصدر مرسوما" لتحرير العبيد ؟ * ألم يفاجيء بمظاهرة من قبل العبيد يطالبون بالعودة الى أسيادهم ؟؟ لأنهم لايستطيعون العيش أحرار فقد تعودوا العيش تحت ظل أسيادهم ؟؟ * وأخيرا" هل الحرية تهدى أم تؤخــذ بعد أن يغرس في ذهنه حب الحريــة؟ أما الإسلام فقد إستطاع وعلى ثلاثة مراحل أن يحل هذه الإشكالية وكيف لا وهو الذي جاء بشريعة العتــــق لا شريعــــة الـــرق ؟ المرحلة الأولى - مرحلة معاملة الرقيق ورفعهم الى المستوى الإنساني:
وكانت كل التوجهات والأوامر الإلهية في هذا الصدد ارتكزت على بشرية الرقيق لا غير كما في قوله تعالى ( بعضكم من بعض ) 25 سورة النساء ثم إيجاد الوضع الاجتماعي المناسب لهم في زمرة الواقع الإنساني وقتها فقال تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً)36 سورة النساء وكذلك الأحاديث التي تأمرهم بان يتعامل معهم بالحسنى والانصاف والعدل بل بتبديل أسمه الى أخ له ومنه هذا الحديث: ""هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليكسه مما يكتسي، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه" المرحلة الثانية - مرحلة تضييق المداخل وتوسيع المخارج:
فالمدخل إلى الرق قبل الإسلام كان مفتوحاً على مصراعيه ومن طرق الاسترقاق : 1- الرق بالبيع كأن يبيع الإنسان احد أقاربه 2- والمقامرة كأن يؤخذ الخاسر عبدا للفائز 3- والنهب والسطو على القوافل والضعفاء واسترقاقهم وبيعهم لجني المال . 4- ووفاء الدين كأن يؤخذ المدين عبدا" للدائن 5- أو أن يبيع نفسه أو أولاده في حالات الفقر ! وقد حــرَّم الإسلام كل هذه المداخل ولم يبقى إلا أسرى الحروب وهؤلاء الأسرى الذين هم محاربون فكل من لم يحارب لايعتبر أسيرا"و جعل لهم حلولا"لم يسبق أليهم أحد من بين أمم الأرض بل لم يطلق كلمة أسير في القرآن كاملة بل ذكر الله ( فإما منّا" أو فداء" ) ؟ وذلك بأن يتم استخدامهم كــ : 1- تبادل الأسرى كما يحصل في كل معركةحتى الآن بان يستخدم ورقة الاسرى في فك أسراهم وإطلاق صراحهم أو مقابل فديــة 2- أو تحريرهم دون مقابل كمنــّة منهم .... وذلك في قوله تعالى ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) محمد: من الآية4 أي لم يذكر الإسترقاق مطلقا" في القرآن حتى لايكون تشريعا" .
الحاجــــة الى فتــرة إنتقالــيــــة !
وكحالة خاصـــة ومؤقــتة ! مرتبطة بالزمن الذي جاء فيها الإسلام وتجارة الرق التي كانت تشكل العمود الفقري للحياة الاقتصاديةوبالتالي فإلغاء أي قرارات من الناحية الاقتصادية دون بتر جذور الفراغ الاقتصاديالذي سيشكله جراء هذا القرار سيؤدي الى حدوث فراغ اقتصادي هائل ستسبب الى ردة فعل ضد هذه المنضومة الجديدة لاسيما إذا علمنا أن الجزيرة العربية والبيئة المحيطة كان نسبة العبيد والرق أكثر من الاحرار !!! وكان التاجرالواحد يمتلك آلاف العبيد ليتاجر بها؟ أي أن قضية الرق كانت حالة عالمية مستشرية فكان من لوازم القضاء على هذه الآفة وعلاجها الحاجة الى مرحلة إنتقالية حتى يعالج تدريجيا" ...... وبذلك لم يذكر التحرير المطلق بل تدرج فيها ومن جهتها أبقوا على نقطة إضافية للتعامل مع الأسرى لم يذكرها القرآن لكن كمرحلة إنتقالية وكمبــدأ [ التكافؤ في المعاملة [ كمبــدأ موثوق به حيث كان أسرى المسلمين يتم استرقاقهم فكان الحالة تقتضي ان يكون الجزاء بالمثل ولكن قام الإسلام بتضييق هذا المدخل أيضا" ليحل هذه المعضلة ولكي تكون رســالة عالمية الى كل الأمم انهم يحثون على تحرير الرقيق بأي صورة من صور العمل المبرمج في الرغبة على تحرير الرقيق [ وكما هو معلوم أن البشرية لم تصل الى هذه المفاهيم وذلك بتحرير العبيد والاتفاق على بيان عالمي تجرم استرقاق العبيد ] بل كانت الأمم المجودة في حالةدنو حضاري من الناحية الانسانية بحيث كانت الثقة معدومة والعقلية آنذاك كانت تقتضي بأكل ونهب وسلب المقابل من كان ومهما كان ؟ المهم.................. حث القرآن العظيم على الرغبة بتحرير الرقيق بأي صورة كانت ومنها: 1- العتق كوسيلة للإنقاذ من يوم أهوال يوم القيامة [ اي بدون أي سبب ] في قوله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ* فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ )؟ ف( فك رقبة ) هي الوسيلة لإقتحاح العقبة يوم القيامة !! 2-العتق كوسيلة للتكفيــر - (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ)89 سورة المائدة (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) النساء 92 أي مقابل هذا الخطء في قتل إنسان تقوم بتحرير عبد أي أن الله شبه عتق عبدما كإحياء نفس جديدة مقابل موت أحد ! أي شبه الله العتق بالموت وعلينا نحن أن نهب لهم الحياة بعتقه ! - (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) المجادلة 3 - (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) النساء 92 3- جعل العتق أحد مصارف الزكاة الثمانية ( (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة 60 4- المكاتبة [ أي وضع القرار بيد الرقيق] في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) النور33 فما على الرق إذا أراد الحرية إلا أن يأتي سيده ويخبره بما يريد ويتفق معه على قيمه مالية يسددها العبد من عمله الخاص الذي يفسح له السيد وقتا له - ويكتبا بينهما كتابا يشهد عليه الناس، ليستطيع جمع وبعد سداد الرق للقيمة المالية يكون حراً، ثم تختم الآية الكريمة بما يوضح الهدف من المكاتبة فتقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، فالسيد يعطي عبده مالا بعد عتقه ليستعين به على بدْء حياته الجديدة، وهذا يوضح أن المكاتبة ليس الهدف منها المال وإنما اعتماد الرقيق على نفسه في تحرير نفسه لتعظم عنده الحرية فيصونها ويحفظها لنفسه وللمجتمع !! 5- جواز الزواج من الرقيق، وهو من أهم أسباب العتق ( (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ...) سورة النساء 25
6- مع إقرار أنه في حالة ولادة ملك اليمين من سيدها تصبح حرة سمّاها الفقهاء بأمهات الأولاد وكذلك عندما يموت سيدها يحرر من هو في ملكه ,,, او عندما يتم إثبات أيذاء العبيد من قبل سيده عن طريق الشكوى في القضاء فإنه يتم تحريرهم
المرحلة الثالثة – تحرير الرقيق نهائيا"
أي بعد هذه المراحل فإن المجتمع من تلقاء نفسه إتجه نحو تجفيف منايع الرق نهائيا" وقد كان بالفعل , فقد إندثرت آثاره السلبية بعد أن أصبحوا جزءا" من نسيج المجتمع بكل تصنيفاته * فهذا هو النبي يزوج ابن عمته لمولاه زيد ويرأسه في قيادة جيش فيه الانصار والمهاجرين ولما قتل إستبدل بإبنه أسامة على جيش فيه سادة العرب وفيه عمر وابوبكر وعلي ؟ * وهذا عمر يقول حين إستشهاده [ لوكان سالم مولى أبا حنيفة حيا" لوليته الخلافة] ؟ * وعند فتح القدس كان يتناوب هو وغلامه البعير ؟ فلماوصل كانت المناوبة في حق الغلام وعندما أنكر الصحابة فعلته وخاصة امام هذه الحشود أصر على أنه من حق الغلام ؟ * ويعارضه بلال في الفيء في قضية أراضي العراق ويشتد في معارضته له فلم يستطع إلا أن يقول ( اللهم اكفنى بلالا" واصحابه ) ؟ وهو خليفة المسلمين ومن بني مخروم أي من سادات قريش!! * وحتى قبل ان يقتله المجوسي المملوك هدده هذا الفارسي أبو لؤلؤة,, وعلم عمر أن كلامه في تهديد ؟ لكن لم يأمر بحبسه او قتله ومنع الصحابة من أيذاءه لكونه لا يحمل دليلا" عليه؟ وهو عبد مملوك ؟؟ * ويقول الإمام علي ( إني لأستحي ان أستعبد إنسانا" يقول إن ربي الله) لذلك لو ترك الأمر على هذا النحو لأندثرت كل معالمها لولا نزوات وشهوات الأمراء إبان الحكم العاضد وما يليه ولو كان الأمر مختلف عن باقي الامم ؟ ولكن الخطاب القرآني والهدي النبوي واضح في الطريقة العبقرية التي رسمها القرآن للتخلص من أكبر معضلة أزلية دخلت في عصب حياة المجتمعات حينها وتجذرت جذورها الثقافية والسياسية والاقتصادية بحيث أصبحت كواقع لايمكن الإنفكاك منه.
وأخيــــــــرا"
إذا" تبين أن الإسلام قد أعطى للبشرية حق الحرية والتحرر من قيود الإستعباد بأي مسمى كان ورســَّخ مفاهيم أنســانية الأنســان وأن رسالتها جاءت لأخراج الناس من عبادة العباد الى عبادة الواحد الاحد ومن جور الأعراف والثقافات والمعتقدات الى عدل وسماحة ورحمةالإسلام ومن واقع تضييق واحتكار موارد الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة بإقامة العدل
وأسس مبــــدأ المســــاوات: 1- وحدة النسب ( أدم ) وان الانسانية أخوة 2- وحدة المعدن ( وآدم من تراب ) 3- وحدة الخالق ( الله ) [ الله خالق كل شيء ] 4- وحدة التكريم ( ولقد كرمنا بني آدم ) 5- وحدة الدين ....ولاختلف باختلاف الأمم لانه أعتقاد جازم وثابت بان أصل الدين من الله والدين هو أعتقاد بأن الله هو الخالق وهو المتفرد بالألوهية والعبادة له فقط أما( الشــــريعة )فتختلف باختلاف الشعوب والأزمان ,,فهي تنظم شؤن الحياة وللأنسان مجال الإجتهاد فيه .كما قال عزوجل (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) 6- وحدة المصلحة والملكية من خيرات الأرض يقول الله عزوجل ( هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا" ) 7- وحدة المصير والمآل وهو الموت والآخرة . 8- وحدة المسؤلية يقول الله عزوجل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا" يراه ومن يعمل مثقال ذرة شرا" يراه ) لكــــن عندما إستدرج الحكومات العضودة الى واقع بعيد عن مبتغى القرآن ولم يرتقوا الى مستوى القرآن العظيم وأتبعوا أهواءهم في كثير من الفترات لتمرير أعمالهم أو رغباتهم الشهوانية وانغمزوا في الرذيلة باسم ملك اليمين!! مما أدوا الى إطالة في عمر هذا المفهوم تحت مسميات كثير وقد أدت ديمومة هذه الحالة الى حدوث ثغرات مميتة في حكوماتهم كما حدث عندما كان يتم خرق الجواري في بيوت سلاطين العباسيين والعثمانيين وأدى في النهاية الى إنهيارها ؟ اما الأيوبيين الذين إنغمزوا في الإتجار بهم بعد موت صلاح الدين فقد كان انهيار حكمهم على أيدي من كانوا تحت أيديهم من العبيد ! وماعهد المماليك عنا بغريب ؟ لكن يجب أن لاننسى أن دور المماليك كان عظيما" في تقدم البلاد ولا سيما الأمير قطز والقائد الملهم الظاهر بيبرس الذي كان عبدا" مملوكا" وأصبح شخصية تايخية عظيمة دحَّر أعتى قوة للتتار في معركة عين جالوت الشهيرة وتقدموا في عمارة البلدان ؟
أي ان مفهوم الرق رغم إنتقادنا لها من البداية بسبب إطالة عمره وبسبب عدم تتبعهم لسياقات و منظومة القرآن في تجفيفه نهائيا" ..... إلا ان هذا المفهوم قد تم تغييره تماما" لا سيما عندما يكون لهم بعض الحرية في العمل والتعلم وأخذ مصادر القوة والشاهد هو أن حقبة من حقبات التاريخ الاسلامي حكمه المماليك أي من كانوا من أصول العبيد؟ ولم ينقلبوا على الاسلام للتشفي منه ؟؟ بل كانوا مخلصين لهذا الدين بل أستطيع ان اقول أنهم كانوا أكثر إخلاصا" من الاحرار !! وهذا إن دل على شيء فهو يدل على عظمة هذا الدين ورقيه .....اما الطعن في هذا الدين بحجة فقه تاريخي بهذا الشأن فأقول أن أصل الفقه هو جهد بشري لايمكن أن نجعله حجة على كلام رب العالمين بل القرآن هي الحجة الدامغة على كل فقه وإجتهاد في أي عصر أو مصر ؟ ولا نخفي أن هناك من كتب التراث مالا يقبله عقل , لكن وجود كتب في الفقه تبين هذه الحالات كان لابد منها وكان لابد من وجود أحكام واقعية تعالج أحوال الناس الحقييين والواقعيين فالفقه لايتم وضعه لأحوال ملائكة أو أناس مثاليين مفترضيين ؟؟ ومن القواعد العامة المتفق عليها في الشرائع والقوانين [ أن كل نص أو حكم شرع هو لأجل غرض معين ينتهي العمل به إذا تحقق ذلك الغرض ] ؟ لذلك كان لابد من وجود أحكام لمعالجة وضع قائم وتشريعه وهذا لايعني الرضا به مطلقا فالانسان مكرم في القرآن كما هو معلوم ومستخلف في الارض أي لايجوز أن يكون عبدا" لغير الله , ولذلك نرى أن الله شرع في القرآن القتـــال للناس وهو كره لهم فالله أعلم بطبيعة البشر ؟ وهذه الأحكام الموجودة في القرآن لايمكن نسخها فقد نسخها الواقع كما بينـّا فهي معطلة لكن( لو) أن البشرية أرتدت حضاريا" وعاد الرق من جديد وهو إحتمال وارد لحتمية إنهيار مجتمع الوفرة والرفاه والاستهلاك !! فسيجد الناس أنفسهم بحاجة الى التعامل الشرعي مع هذه الظاهرة فأحكام ملك اليمين هي علاج لمشكلة قائمة عند البشرية وليست هي لتحويلهم الى وحوش جنسية؟؟ ولو أنه كما قلنا أن مفهوم الرق قد إغتزل في المجتمع الإسلامي بحيث إقتربت الفروقات بينهم ولم يعد مفهوم الرق هو كما هو موجود في الأمم الأخرى التي تحول في أوروبا مثلا" الى حالة مزرية بحيث بينت أنهم لم يعتبرونهم بشرا" ومرَّت بمراحل وهي : 1- استرقاق العبيد من قبل السيد كأحدى أهم ركائز الاقتصاد وبعد أن قَّل إنتاجهم وأصبحوا عالة على السيد بحيث يُأَكِّله او يشرِّبه مع حراسته ومع شن ثورات من قبلهم على الاسياد تم تغيير الوضع وذلك بــ 2- تحويلهم من عبيد للاسياد الى عبيد للارض ؟بحيث يبيعون الارض ومن ضمنهم العبيد المزارعون تحت بند مفهوم الإقطاع وأصبح إحدى ركائز الاقتصاد الاوروبي حتى قامت الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر ؟ والحقيقة أن الثورة الفرنسية ألغت إسترقاق الاوربيين فقط ؟ 3- تحول الاسترقاق الى آســـيا وكان باسم الاستعمار ؟ 4- تحول الاسترقاق الى أفريقيا باسم التجارة الأكثر رواجا" بعد اكتشاف الاراضي الخصبة والحاجة الى اليد العاملة ! وكان الاسترقاق الافريقي بشعا" يدمى له الجبين حيث كان يتم اصطيادهم كالحيوانات من القرن 16 -19؟ وكما يذكره دائرة المعارف البريطانية الجزء الثاني صفحة 779 أنه كان يتم حرق الادغال ليخرجوهم من خلال هذه الادغال وكانت نسبة الموتى والضحايا من جراء الاصطياد والنقل والشحن في السفن مثل الكتل البشرية كماذكرته الدائرة مايقارب 12% أما من يموت في المستعمرات فلا حصر لهم ويذكرهذه المذكرة أن عدد الرقيق في مقاطعة (جامايكا ) البريطانية عام 1820 مـ كانوا 800 ألف من العبيد لم يبقى منهم ألا 340 ألف فقط ؟؟ حتى أن الملكة ( اليزابيث الاولى ) كانت تشارك في هذه التجارة وكانت شريكة لأكبر نخاس في التاريخ وهو (لجون هوكنز )الذي تحول الى مرتبة النبلاء اعجابا" ببطولته وحعل شعاره رقيقا" يرفل في السلاسل والقيود !! ومن المفارقات الطريفة أن سفينته كانت تسمى ( يسوع ) وان انكلترا طلبوا من رجال الدين مبررا" لهذه التجارة الرائجة فاسعفوها بالاسفار الموجودة في التورات ؟؟والذي ذكرناها في البداية ______________________________________ لكن بعد التأثيرات السيئة التي ولدت جراء هذه التجارة البشعة وبعد مداولات دولية وعالمية تم منع التجارة بالعبيد وإلغاء العبودية في عام 1906 ميلادي من قبل عصبة الامم في مؤتمرها العالمي [ مؤتمر العبودية الدولي ] وأرتقت البشيرة لتنادي بالاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 المادة الأولى ( بأن جميع الناس أحرار ومتساوون في الكرامة والحقوق فقد وهبوا عقلا" وضميرا" ويجب التعامل التعامل مع بعضهم البعض بروح الإخاء ) والمادة الثانية ( أن كل إنسان له حق التمتع بكافة الحقوق والحريات ) وهي تطابق ما قاله عمربن الخطاب عندما صرخ في وجه والي مصر عندما ضرب ابنه قبطيا" ( متى استعبدتم الناس وقد ولدت أمهاتهم أحرارا" )!!
لكن من المهم جدا" أن نسعى الى أن نمنع النظم العالمية من العودة الى عهود الرق بسبب الخلل الاقتصادي الذي نشاهده والانهيارات الاقتصادية العالمية الذي تجتاح العالم بسبب النظريات القائمة على الاحتكار والابتزاز ممايؤدي الى حدوث خلل في توازن الحياة...... فالأصل في الانسان أن يكون حرا" كما أقره القرآن العظيم من اول يوم قبل أكثر من 1400 عام وبعبارة الامام محمد عبدة [ الانسان عبد لله وحد وسيد لكل شيء بعده] فالله هو سيد هذا الكون والانسان هو سيد في هذا الكون فهو من المنظور القرآني خليفة الله في الأرض وهو المعزز والمكرم المستخلف بعمارة الارض في كل ماتعنيه الارض من معاني الرقي والتقدم المتوازن حتى ننعم بحياة أفضل....
#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)
Havalberwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يبدوا ان العلاقة الامريكية الايرانية تحول من زواج التمتع الى
...
-
تيار الحركة الكوردية في غرب كوردستان أتخذ المسار الخطء وعليه
...
-
لاتجعلوا الحليم المغوار يثور.......!!
-
يبدوا أنه قد آن الأوان لتحقيق وثيقة كيفونيم الصهيونية !!
-
الديانة السيسية الجديدةالقديمة ......!!
-
إحذروا المداخلة ....المتشددون المدنيون الجدد !!
-
المصيدة الإلكترونية ؟
-
الصناعة الأكثر رواجا- في مصر ,, صناعة الفرعونية !!
-
التيار السلفي والتيار الصوفي وراء كسر ارادة كل نهضة بتحالفهم
...
-
التيار السلفي والتيار الصوفي وراء كسر ارادة كل نهضة بتحالفهم
...
-
من حقك أن تموت في عشق الوطن ..........!!
-
العلاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني – الأمريكي . وإحياء
...
-
مُحاورة مع صديق سلفي ؟ختمته بقولي : ( ألا ترى ان الدنيا تجمع
...
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|