|
واقع القوى السياسية على الساحة السورية وخطاب الشارع 3
خليل صارم
الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قلنا في نهاية الجزء الثاني أن جسر الهوة بين الوجه الحضاري للسلطة وبين المعارضة يستدعي حواراً حضارياً مفتوحاً ومستمراً..الخ وأنه على السلطة أن تتخلى عن عقدة ( من لم يكن معي فهو ضدي ) ... الخ وأن لاتفهم المعارضة الوطنية على أنها قوى معادية تعمل على إسقاطها .. الخ . لذا وكما قلنا أنه يتوجب على السلطة أن تشرع الأبواب والنوافذ لطرد الهواء الفاسد واستقبال الهواء النقي ( النظيف ) . لأن استمرار الإغلاق والانغلاق قد أصابها هي قبل غيرها بالتسمم وفقدان الاتجاه والتخبط . - لاننكر أن الواقع يؤكد هذا التوجه لدى رأس السلطة والذي رأينا فيه منذ خطاب القسم وجهاً حضارياً حداثياً يعتمد العلم والمنطق ويملك الطاقة التي تؤهله للانطلاق في الميدان على رحابته ليقود النقلة الحضارية المطلوبة للمجتمع والوطن وتدارك تلك الفجوة الهائلة بيننا وبين أمم الأرض المتطورة وربما حلمنا بتجربة تشبه تجربة ماليزيا العلمانية الديمقراطيه بل وربما ذهبنا في أحلامنا أبعد من ذلك لكن ماالذي عرقل هذه الاندفاعة من وجهة نظرنا أو حسب مفاهيمنا كمواطنين أو على الأقل هكذا لمسنا وفهمنا ؟! لأننا وبعد ما أوصلنا الفساد الى ماوصلنا اليه صرنا بحاجة الى الوقائع الحسية الملموسة وصرنا نستعجل تطبيق المراسيم التي صدرت تباعاً لكننا اكتشفنا أن كل شيء قد تمكن الفاسدين من تحويله الى مجرد وهم بعد أن أحيلت هذه المراسيم لإصدار التعليمات التنفيذية ( وقد أقر السيد الرئيس بذلك أمام مجلس الشعب ) فإذا بها تفرغ تماماً من مضامينها , أو تحرف عن وجهتها ليصاب الشارع بالصدمة تلو الصدمة وتسيطر عليه مجدداً حالة اليأس ومع ذلك يتمادى المسؤولين بالكذب فيتحدثون من قلب العتمة التي يصطنعوها عن الشفافية وعن العمل للتغيير المنشود والأسوأ من ذلك كله أن كل المرتكبين واللصوص وناهبي المال العام والذين أثروا في غفلة عن الوطن وفي ظل ظروف كانت ملائمة عندما كان الوطن كله في حالة صراع مع القوى الظلامية المتخلفة وفي ظل اجتياح لبنان والحرب الأهلية اللبنانية وفي ظل التوجه للتخلص من احتلال جنوب لبنان , هؤلاء تصدروا الواجهات ورفعوا الصور الكبيرة والشعارات التي تتحدث عن الولاء المنافق والكاذب والحقيقة أنهم لايوالون سوى مصالحهم الشخصية , ليظهروا وكأنهم هم من يقود عملية التحول الحضاري والشارع بدءاً من أصغر مواطن سناً فيه يعرفهم ويعرف حقيقتهم وإنهم عارون أمامه حتى من ورقة التوت تستر عوراتهم . كل هؤلاء وكل الفاسدين أصبحوا بقدرة قادر من مكافحي الفساد وأنهم حماة ( التطوير والتحديث ) . من هنا ازداد الفساد قحةً وعهراً بعد أن وفروا التغطية لأزلامهم وشركائهم وأصبحت التبريرات تلو التبريرات تطلق في الشارع , فأحد الأصنام وقف أمام أجهزة الإعلام ليقول رداً على سؤال عن خطة مكافحة الفساد . نافياً وجود فساد وأن هناك فساد في أمريكا وفرنسا وكافة دول العالم ..الخ . وكان الأحرى بالسائل أن يفهم منه كيف أصبح مالكاً لمزارع وفيللات وشاليهات ؟ . أمثال هذا أطلق الشارة الخضراء للفاسدين كي يستمروا بوقاحة أكبر . مع ذلك فإننا لاننكر وبعيداً عن العبارات المتشنجة الصادرة عن ردود أفعال قد تكون صبيانية في بعض الأحيان أن السيد الرئيس الشاب يقود حملة تطهير ولكنها غير كافية على الاطلاق لأن هناك الكثير من الجوانب يجري التعتيم عليها وعدم وضعه بصورتها على مايبدو وخاصة ( القضاء ) حيث أس المصائب والبلاء . فالقضاء لاتكفيه بعض الاجراءات التي أطاحت بعدد من كبار مسؤوليه , كما لايكفي وضع إنسان شريف على رأسه بل أن الأهم من ذلك كله النزول الى جزئياته وتفاصيله , ونعني دور العدل في المحافظات التي تحتوي على كل شيء في غالبيتها ( إلا العدل ) .! وهنا نتساءل وكان من واجب أحزاب المعارضة الوطنية أن تطرح ذلك لو تسنى لها البدء بالحوار كونها من هموم الشارع الأساسية ولغته المطلوبة : - هل يعلم السيد الرئيس بعذابات الفقراء والشرفاء في دور العدل هذه والتي ترتكب فيها يومياً المجازر بحقوق المواطنين ممن لايملكون الدعم ولا يملكون القدرة على الاستجابة لابتزاز المسؤولين والمدراء وبعض القضاة وقسم لايستهان به من المحامين . - هل يعلم السيد الرئيس أن عدد لابأس به من المحامين هم أبناء وأقرباء القضاة ومع ذلك يمارسون أعمالهم في نفس المحاكم وهذا غير جائز قانوناً فنحن لانتعامل مع ملائكة !. وإن من أكبر الجرائم بحق العدالة كانت تعيين القضاة في محافظاتهم الأمر الذي جعلهم عرضة للضغوط العائلية والعشائرية وحتى الطائفية في ظل التعامل معهم كموظفين عاديين برواتب لاتسمن ولاتغني . وكان الأولى أن يهيأ لهم السكن المناسب أينما حلوا وعلى حساب وزارة العدل , وتوفير السيارات والرواتب الغير محدودة وكافة وسائل الرفاهية والعلاج في مشافي لائقة وخاصة وعلى حساب وزارة العدل أيضاً , ولو توفر لهم كل ذلك فهل كان من الممكن أن يتهاونوا بواجباتهم ويبحثوا عن الإثراء الغير مشروع . لانعتقد ذلك , خاصة وان توفير كل ذلك لايؤثر في ميزانية الدولة لقلة أعدادهم - سنداً لما سبق هل وضع السيد الرئيس بحجم الفساد الهائل في القضاء وكيف تهدر الحقوق ويداس القانون وأن هناك قسماً لابأس به من القضاة لم يعد هناك أي أمل في إصلاحهم لأنهم فقدوا الحد الأدنى من الضمير والرحمة والإنسانية مقابل المكاسب الغير مشروعة والمتاجرة بالحقوق وعلى الأخص في محاكم البداية والاستئناف في المحافظات , ويبقى المواطن يعيش على أمل الوصول الى النقض حيث يستعيد ماخسره ولكن بعد رحلة عذاب طويلة ومؤلمة الى الحد الذي تكون فيه قاتلة . وعلى سبيل المثال لاالحصر ( ان القانون المدني والبينات يؤكد على أن كل مبلغ يتجاوز المائة ليرة يتوجب إثباته خطياً ) مع ذلك ومع هذا الوضوح فان من كان قادراً على تقديم الرشوى يكون قادراً في الوصول الى قرار حكم بأي مبلغ يشاء دون أي بينة خطية . - وهل يعلم السيد الرئيس أن أي من أصحاب النفوذ ومن يملكون القدرة على الدفع يستطيع توقيف من يشاء ومتى يشاء والمدة التي يشاء بمجرد ورقة مكتوبة تحمل طوابعاً بقيمة بضعة ليرات وإسلاف رسم ادعاء بمبلغ عشرون ليرة سورية وبدون أي دليل مرفق أو بدليل ملفق ويثبت فيما بعد أنه ملفق ليقبله رئيس النيابة ويحيله الى الشرطة ليتعرض الخصم الى رحلة اذلال مابين أقسام الشرطة وانتهاء بقضاة التحقيق قد تتراوح مابين يومان الى أسبوع . وفي بعض الحالات أكثر من ذلك . وحسب إمكانيات المدعي الكاذب !!!!! . مع ذلك وعندما تتأكد البراءة لايهتم أحد بإعادة الاعتبار أو الاعتذار ويكتفون بعبارة ( لانستطيع أن نفعل لك شيئاً أو هيك القانون ) والحقيقة أنه لاشيء من ذلك في كتب القانون وأنها مجرد إجراءات متفق عليها بشكل منحرف وفي أفضل الحالات عندما يتقدم المعتدى عليه المظلوم بدعوى افتراء يفاجأ بالنتيجة وربما بعد سنوات أنه ليس كل ادعاء يمكن إثباته وبالتالي يخرج المعتدي بريئاً . باسم الشعب ..؟؟ هكذا يلقن صاحب النفوذ درساً لخصمه .. لتتنامى الأحقاد داخل المجتمع وتكمن تحت الرماد في انتظار من ينفخ فيها من قوى خارجية أو معادية .؟ باختصار أن من يملك يحكم !! حتى ولو كان هذا الذي يملك فاقداً للشرف والقيم والأخلاق وكل المواصفات الانسانية , فالمهم أنه يملك وقادر على تلبية مطالب هؤلاء المنحرفين ؟؟ - اسألوا عن سلوكيات الكثير من المحامين وكيف يشكلون عصابات ابتزاز وكيف يتاجرون بحقوق موكليهم ويبيعونها للخصوم وكيف أن النقابة تحميهم بدلاً من محاسبتهم وأن المواطن يقف عارياً أمام مايتمتعون به من حصانة تعادل حصانة القاضي لذلك فانه مهما فعل المحامي لايحق للمواطن أن يثور ويعترض , خاصة وأنه من أدبيات النقابة لايحق لمحام أن يتوكل بمواجهة زميل له لتبقى شكوى المواطن تعالج داخل النقابة وهكذا ينجو المحامي الذي يفرط بحقوق موكله ويبتزه من العقاب والمساءلة . - والأسوأ من ذلك كله أن المحامي الناجح فعلاً هو من لايتعامل مع نصوص القانون واجتهاداته في أغلب الأحيان , لكن الناجح من يتقن السمسرة ومفاتيح بعض القضاة المنحرفين الذين يصيغون قراراتهم في مكاتب هؤلاء المحامين . - والسؤال الأخير هو : لماذا يرفض غالبية المحامين توقيع عقود مع موكيلهم تبين فيها مبالغ الأتعاب المتفق عليها ومدد التقاضي ..الخ مع أن ذلك من صلب قانون النقابة مع ذلك فان بعض فروع النقابة لاتدقق في هذه الأمور وتذهب أبعد من ذلك عندما تتخذ دور الدفاع عن المحامي ؟؟؟ !!!!!! . هدا جزء من مفردات لغة الشارع المطلوبة وعلى المعارضة الوطنية أن تتقنها كما أنه يتوجب على النظام الإصغاء اليها بانتباه ليعود الشارع من غربته التي دفعت به اليها قوى الفساد التي تشحنه يومياً بممارساتها المنحرفة والضالة بالأحقاد وإغراقه في حالة اليأس والإحباط تزيدها حدة قوى الخارج المعادية والقوى الظلامية المتخلفة التي تتصيد كل من يحمل ردة فعل تعود بأساسها الى ممارسات الفساد لتعيد فبركتها في دهنه بأبعاد وامتدادات خطرة على سلامة المجتمع والوطن . والى اللقاء مع أجزاء أخرى .
#خليل_صارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واقع القوى السياسية على الساحة السورية وخطاب الشارع 2
-
واقع القوى السياسية على الساحة السورية وخطاب الشارع
-
النظام السياسي العربي - الجزء الثالث
-
النظام الساسي العربي (الموروث و المرتكزات ) الجزء الثاني
-
النظام الساسي العربي (الموروث و المرتكزات ) الجزء الأول
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|