أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد الامارة - التوافق الديني..ونقيضه















المزيد.....

التوافق الديني..ونقيضه


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول علماء النفس ان الصحة النفسية هي جماع بين التكيف والتطور وبين التقبل والرفض وبعبارة اخرى الجمع بين الاضداد في اطار واحد،وهي بحق تجمع قدرة الفرد على التوافق والتكيف معاً،وهنا لابد من الاشارة الى ان عملية التوافق بمعناها الاشمل انما هي اسلوب الفرد،وان هذا الاسلوب يشترك في تكوينه البيئة وعملية التطبيع الاجتماعي وعليه فأن عملية التوافق تتسم بالمرونة مع الظروف المتغيرة اي ان هناك ادراك لطبيعة العلاقة الدينامية المستمرة التي تغشى الفرد والبيئة.وبما ان الدين اي دين كان سماوياً او فلسفة هي في الحقيقة دعوة الى التوافق مع الذات اولا ثم التوافق مع الآخرثانياً،وفي ذلك يقول السيد محمد الحسيني الشيرازي من الضروري فهم روابط الحياة فأن الله سبحانه وتعالى جعل الحياة ذات روابط خاصة،فالانسان تربطه مع المجتمع روابط خاصة ومع نفسه روابط خاصة ايضا ومع افراد اسرته روابط هي الاخرى خاصة وكذلك تربطه في العمل روابط خاصة لكونه يعد مصدرا لمعيشته ويحقق ذاته به ، فهو يتوافق من خلال هذه الروابط بطرق متفاوتة وربما كانت الرابطة الدينية هي احدى الروابط للبشرمنذ فجر التاريخ،هذه الرابطة استطاعت ان تحسن سلوك البعض من البشر وخصوصا المعتدلين منهم وربما استطاعت ان تقلل في دواخلهم نزعة العدوان ونحن اذ نرى بان للدين دوراً كبيراً في تهذيب سلوك البشر على مر العصور وبنفس الوقت ساعد في تأجيج نزعة التعصب من اجل رفعة الدين كما يعتقد البعض وخصوصا لدى دعاة التوجهات المتطرفة ،فأحيانا تخلق الرابطة الدينية لدى الافراد توافقا ناجحا مع انفسهم ومع الناس الذين يتعاملون معهم،فالدين عبر التاريخ يدخل في تكوين منظومة التركيب النفسي للانسان،اما في جانبه المتطرف يكون مسرحا للتعبير عن صراعات داخلية عنيفة والامثلة كثيرة في ذلك خصوصاً في اجتياح موجة التدين الوسواسي الجديد لدى الشباب اصحاب الاتجاهات المتطرفة في الدين الاسلامي رغم ان علماء التحليل النفسي يرون ان هذا الاتجاه من التطرف هو نوعاً من العدوان الموجه نحو مصدر السلطة(الاب اصلا)،فالتعصب او الحماس الديني الزائد عن العقلانية هي محاولة دفاعية لكي يلوذ الفرد بها من الاحساس بالذنب الناجم عن دفعاتهم المكبوتة واولها الجنسية،اي بمعنى ادق ان هذا التطرف – التعصب انما هو عرض لسوء التوافق مع الذات وهو المدخل الواسع لابواب المرض النفسي،بينما الايمان الصادق المعتدل يحقق التوافق مع الذات ومع الاخرين،الاخرين القرباء والغرباء،الاخرين(الزوجة،الابناء،صلة الرحم)والغرباء(الاخرين من الاديان الاخرى والمذاهب المختلفة)حتى وان كانوا على خلاف في العقيدة او التطبيق.
ان للدين دور كبير وتأثير عظيم على سلوك الناس وعلى امزجتهم وعلى تعاملهم،فهو يحافظ على التوازن النفسي رغم ان به الكثير من الاختلافات في التفاسير والتأويلات والفهم من جوانب متعددة ومن اتجاهات تصل حد التناحر في الدين الواحد او المذهب الواحد وهو ينبع من تعدد الرؤى والاتجاهات النظرية في التفسير واحيانا تنبع من عقول البعض ،فيرى المتطرف او المتعصب النص الديني من وجهة نظر دينية استنادا الى المقولة النفسية الشهيرة التالية: نحن نرى ما نراه،لاننا نريد ان نراه،وليس الذي يجب ان نراه.فالطرح هنا جانب الحقيقة كثيرا وابتعد عن النص الوارد في الكتاب الذي انزل،بينما نلاحظ في سلوك المؤمن الصادق اكثر ميلا الى الاعتدال يرى في الدين عقيدة لتنظيم المعاملات الحياتية بين الناس ويترك في نفوس الاخرين الاثر العميق في تكامل الشخصية وهو اميل الى الاتزان منه الى تفريق او صنع الهوة بين ما يفكر به البعض من الناس وما ورد في النصوص الكتابية في الاديان.
الدين بتوافقه يضفي حالة من الامن النفسي على نفوس البعض من الناس اذا حقق الفرد التوافق الديني الصادق مع نفسه ومع الاخرين ويكون بذلك انعكاس للنظرة الداخلية لما يدور داخل الفرد في مسعاه للعبادة لا رغبة منه في الجنة المأمولة او خوفا من نار الآخرة فحسب وانما سعياً لهما معا لاضفاء الراحة النفسية وحسما لهذا الصراع في ايجاد السكينة في التمثل للامر الرباني دون شكوك او وساوس او ارهاصات بها من التطرف اكثر من حجم الايمان المفترض بلوغه،لذا فأن التوافق الديني يعتمد بنحو اساس على حسم الصراع من خلال الايمان بالعقائد التي تكون من مجموعة الاصول والمرتكزات التي يؤمن بها معتنقوا هذا الدين او ذاك والتي لابد ان ينسجم ايمانهم بما يقدمه لهم الدين من دليل قاطع وبرهان جلي تنطلق من المسلمات العقلية التي يؤمن بها جميع الناس ليتسنى لهم الاقتناع بان الدين جاء لجمع شمل الناس على فكر متوازن معتدل يميل نحو التوافق لا نقيضه المتمثل في سوء التوافق وازاء ذلك نقول ان لاهمية العقيدة المتسامحة المعتدلة الداعية الى التوافق والتي تنبع مركزيتها من ايمان الفرد الصادق بدينه،اياً كان كتابيا ام فلسفة تحولت الى تعاليم ،فالعقيدة التي لايجد فيها الفرد الملاذ الامين والتي تقوي فيه نزعات الترابط بينه وبين غيره وتكون المحرك النفسي الخلقي نحو التسامي في السلوك وتفريغ الانفعالات المكبوتة بشكل مقبول فأنها ستجعل من اتباعها قتلة،مرضى عقول،مضطربين في شخصياتهم لهذا فأن التوافق في المعتقد الديني ضرورة نفسية وضرورة خلقية وضرورة اجتماعية وعليه فأن الدين الذي يحقق للانسان العيش في زحمة ضغوط الحياة ومواجهتها وايجاد الاساليب المناسبة لكل الحلول لها، يعد بذلك احد بناة ركائز حسن التوافق، اما اذا فشل الانسان في فهم الدين بسماحته وتعاليمه وتمسك بجوانب معينة واختزل الدين كله في احد تعاليمه كما يفعل مرضى التدين الوسواسي الجدد فأنه بذلك أؤسئ توافقه واضطربت أنفسهم واصبحوا مركزاً للقلق والاغتراب حتى تتردى احوالهم ويضعف لديهم الوازع الانساني المتمثل في سماحة الدين وينشط لديهم الوازع الحيواني في التعامل مع الواقع النفسي اولا ومع الواقع الحياتي اليومي.
ان للتوافق الديني قوة سلطان الفكر كما هو الحال عند بعض المتصوفة فيعيد للاغلبية اتزانها النفسي في لحظات التوحد مع الذات ومع الخالق،فالمتصوفة استحسنت معرفة الطرق الموصلة الى التوافق مع النفس ومع الاخرين عبر معرفة كيفية استخدام اساليب التعامل الصحيحة وبوساطتها سيحدث الذوبان الغريزي لتنتهي الذاتية او الوعي الدنيوي بانفصال الذات عن الموضوع المادي،انه التوافق النفسي الذي ينعكس على السلوك وعلى الانفعال وعلى التفكير وهو برمته توافق ديني اولا واخيرا،ويدعو هذا النوع من التوافق المؤمن الحقيقي الصادق الى المحبة التي نجدها في كل الاديان والتي تتناقض مع وجود مظاهر الكره والبغض والنميمة والعدوانية التي تتمثل في سوء التوافق النفسي-الديني.



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوافق والصحة النفسية
- الضغوط النفسية ونتائجها المرضية
- الحاجة للآخر ..ضرورة!!
- القلق وقرحة المعدة
- الطفل بين القبول والرفض والرفض في الاسرة
- الطفولة والتلقائية
- تحرير المرأة وتحرير المجانين
- لغز القلق
- اٍعرف المسالمة، ترفض العنف
- التفاؤل والتشاؤم بين الصحة ونقيضها
- التعصب والتصلب في الرأي وعلاقتهما بالمرض النفسي
- هل تخفي شخصياتنا افعالنا ام العكس؟
- مهارة اللاعنف..مهارة الالفة والصداقة
- التكامل النفسي بين الواقعية والمثالية
- نحن واضطرابات العصر(الاضطرابات النفسجسمية)سيكوسوماتيك
- تفجير النفس بين التعصب والاكتئاب
- الصراع النفسي ..ديالكتيك الهم الانساني
- هل يتراجع العراقيون عن قيم التسامح والمودة!!
- الشخصية السلبية Passive
- الهذيان والهلاوس في المرض العقلي..حقيقة ام وهم؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد الامارة - التوافق الديني..ونقيضه