عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4641 - 2014 / 11 / 23 - 22:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أشتمال فكر الأمة على قضية حتمية التطور وإيمانها بأن الحياة حركة وأن الحركة جوهرها تلبية التوافق الطبيعي بين الإنسان ووجوده وما يدفعه للتجديد الدائم يمنع عن هذا الفكر خصلتين مذمومتين , الأولى الجمود والتحجر والثاني الترهل والتكرش , مثلا الفكر العربي في قسمه الكبير مترهل ومتكرش ثقيل الحركة لا يمكنه أن يتوافق مع حركة الوجود النشيطة بسبب ما حمل وما تحمل من غث وسمين ورديء وحشو وتكرار وشرح المشروح كأنه فيل يراد منه أن يكون طائرا في سماء المعرفة , لذا فكلما كان الفكر حيويا رشيقا نشطا قادرا على الأستجابة والتحدي كلما كان عصرانيا حداثيا مستجيب لوجوده وقادر على تلبية حاجات الإنسان وتطلعاته في التجديد.
لذا فواجب الفكر اليوم وخاصة الفكر اليساري منه وصاحب النظرية التي تؤمن بالتحولات سواء أكانت التحولات العاصفة الجذرية أو التحولات الطبيعية أن يبسط للعالم فكرة الترشيق الفكري ومحاولة عدم الوقوع في أزمة عصفت بفواصل فكر المجتمع والأمة وهي فكرة التكرار المر والمرير وأجترار المواضيع والتي تعبر حسب وجهة نظري عن عدم قدرة هذا الفكر على الإبداع والتسامي وفشله في أكتشاف طرق ومناهج قادرة على أنتاج أنواع وأصناف أكثر قدرة وملائمة من الينبوع العقلي لتضاف كرافد حقيقي لإرث الإنسانية .
وظيفة الفكر والمفكرين اليوم العبور بالمجتمع من واقع قال أبي عن أبيه إلى واقع أرى وأفكر وأسمع ,إلى بناء عالم يميل للرؤية أكثر من ميله لتبادل الآراء فيما كان , لإرتشاف الممكن والمعقول والأكثر قدرة على التكيف من شاطئ المستقبل بدل النظر إلى بحيرة الماضي وإن كانت جميلة ,وهذا لا يدعو أيضا إلى نكران التراث والماضي بمنتجه الفكري وإنما فقط البحث بين دفائنه عن الجواهر وترك ما بقى أسير زمنه وحاله ,لا نحتاج مثلا اليوم إلى أراء الفقهاء المختلفين في قضية حسمت لصالح رأي بقدر ما يهمنا من الحال هو العلة التي جعلت الرأي الراجح هو الحاسم والأسباب التي أدت لهذا النجاح وميكانيكية هذا الفرز والتفوق.
العالم اليوم ليس مشغولا بدفن الفضلات التاريخية المتعفنة والميتة والمتحجرة بقدر ما مشغول ببناء منظومة للقادمين الجدد الذين سوف يشغلون بفكرهم وأفكارهم المساحة الشاغرة من الفكر الخلاق المستقبلي الذي يحتاج إلى دقة المهارة وشدة الذكاء والتفوق على الذات , إنه عالم الأحلام الفكرية المنطلقة بكل قوة وتسارع نحو عالم لا حدود له ولا يمكن التوقع بالمدى الذي سيصله عالم يرسم حدوه خارج الأفاق وربما خارج واقعنا المحدود بحدو العقل المحبوس بنظرية الممكن والمعقول والذي لم يعد يفرق بين الحلم والخيال والواقع والأقتراض .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟