عبدالله مطلق القحطاني
باحث ومؤرخ وكاتب
(Abduallh Mtlq Alqhtani)
الحوار المتمدن-العدد: 4641 - 2014 / 11 / 23 - 20:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرا ما نرى ونقرأ اتهاما من البعض للإيمان المسيحي بأنه إيمان سهل وليس به أدنى إرهاق من تعبد أو نسك أو ترتيل وترانيم ؛ وأن المؤمنين المسيحيين غير مكلفين بأمور وشعائر عظام تذكر مقارنة بما في الإسلام ؛ والحقيقة أن يصدر مثل هذا الاتهام من بعض السلفيين فأمر نفهم علله جيدا وندرك بواعثه ؛ لكن أن يصدر ممن يصف نفسه بالباحث المختص في العقائد وعلم الأديان المقارن فنستغربه ونشكك بمزاعم قائله بشأن تحصيله العلمي والاكاديمي والبحثي في التخصص الذي نسب نفسه إليه ؛ الإسلام قائم على عبادات ظاهرية في الغالب ؛ وهذه العبادة الظاهرية وبحسب النصوص الإسلامية كافية للشهادة للمسلم بالإيمان ؛ كحديث إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فأشهدوا له بالإيمان ؛ فارتياد المسجد بشكل دائم مدعاة للشهادة لصاحب الارتياد المستمر بالإيمان ؛ وقس على ذلك ؛ ونلاحظ أيضا أن العبادات والشعائر التعبدية الإسلامية يغلب عليها أنها جسدية ؛ بمعنى بذل الجهد البدني في سبيل تحقيقها وإنجازها ؛ بل إن أداء العبادات جماعة أمر لابد منه !! ؛ وحديث هممت أن أدعو بالصلاة ثم آمر أحدهم أن يؤمهم ثم آتي قوما لا يصلون جماعة في المسجد وأحرقن عليهم بيوتهم لهو أوضح دليل على أهمية أداء العبادات المفروضة كالصلاة مثلا بشكل علني وظاهري وبجماعة ؛ ولهذا تتفق تشريعات الحدود والعقوبات التعزيرية الإسلامية مع نسق تشريع العبادات وعلانيتها والحرص على أدائها جماعة فتكتمل الشهادة إياها بالإيمان !! ؛ وهذا يتسق أيضا على أن الإسلام دين ودنيا ؛ قوامه الجسد وسمته العلانية ؛ وعلى النقيض من ذلك بالمطلق الإيمان المسيحي ؛ فقوامه الروح وسمته الخفاء في الإيمان والعلاقة الشخصية بين الخالق والمخلوق ؛ والأمر الملفت للنظر أن الإيمان المسيحي ركنه الأعظم المغفرة ؛ فالمحبة والمسامحة ثم العطاء بفرح ؛ والعجيب أن المغفرة يدور حولها الإيمان المسيحي كله وبها ينهض وبجناحي المحبة والعطاء ؛ والأعجب أن محبة العدو ومباركة اللاعن والاحسان للمسيئ مقدمة على محبة القريب ؛ لهذا اتسم الإيمان المسيحي بالحض على التمثل بالآب السماوي من حيث كمال محبته ومغفرته وقداسته ؛ بل إن المغفرة بحد ذاتها موجودة ابتداءا لفظا ونطقا بالصلاة الربانية المعروفة لتأكيدها على الدوام وأن مغفرة الآب مرتبطة بمغفرة المؤمن ابتداءا ؛ وفي الإيمان المسيحي لا نجد نصا واحدا يحبث صفة علانية واحدة لعبادة تفعل علانية ؛ بل يعد هذا من سلوك المرائين الذين استوفوا أجورهم به ؛ والمغفرة للمسيئ ومحبته والاحسان إليه بل والصلاة من أجله ومن أجل بركته ليس سهلا على النفس البشرية ألبتة بل يحتاج لإرادة قوية وعزم وصدق إيمان حقيقي ؛ إيمان قائم بالروح وعليها وبتطهير النفس والقلب من كل ضغينة ودنس ؛ وهنا يتضح لنا جليا اتسام الإيمان المسيحي بالمغفرة والمحبة كركنين عظيمين له ؛ وبهذا يتبين لنا أن الإيمان المسيحي قائم على بناء الروح وتهذيب النفس بالروحانيات وما يوصل إليها خلاف الإسلام .
#عبدالله_مطلق_القحطاني (هاشتاغ)
Abduallh_Mtlq_Alqhtani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟