أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علم الدين بدرية - قصيدة النثر بين العرض والنقض














المزيد.....

قصيدة النثر بين العرض والنقض


علم الدين بدرية

الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 23:17
المحور: الادب والفن
    


أثير في السنوات الأخيرة الكثير من الجدل وصدرت الكثير من الأبحاث والمقالات النقديّة حول ماهيّة قصيدة النثر وموقعها في الأدب العربي الحديث وأُؤكد أهميّة طرح مثل هذه المواضيع والأبحاث رغم التجنّي والتحجّر اللغوي الذي ينضح في السواد الأعظم منها ، بحيث كان البعض منها معاديا مناوئًا للتجديد في الحركة الشعريّة لا يقبل التغيير والتحوّل في الإبداع الفنّي بمختلف أشكاله وأساليبه الذي لا يتم بعيدًا عن جدل الحياة ومتطلباتها .
في معرض ردّي أستطيع القول أنني على يقين من أن المعادين والمناوئين للحركة الشعريّة الحديثة لن يتخلوا عن أية طريقة للنيل منها ومهاجمتها كلما أتيحت لهم فرصة ذلك ، وقد يؤدي موقفهم المتحجّر والمتعصّب والمغالي هذا إلى انتكاسة لغوية وانحرافٍ يعزّز القصيدة العاميّة بأشكالها المتطورة ، ويدفع بها إلى التبوء بسبب عجز الفصحى عن إيصال المفهوم الأدبي والتعبير اللغوي إلى العامة ، بسبب التحجر اللغوي وحماية القوالب التي سجنت المضامين والمواهب في أطر لا فكاك منها ، وأدت إلى نوع من التقوقع الأدبي الذي لا يلائم معطيات الثقافة العربية المتطّورة والمعاصرة ، فثراء الواقع المعاصر وتنوعه والتقدم السريع ، يجعل من المستحيل أن تبقى أشكال التعبير الأدبي والفني محافظة على سماتها التقليديّة ، لأن ذلك منافٍ لطبيعة الحياة ، وهنا يأتي السؤال المتجدد حول طبيعة العلاقة الجدليّة بين الشكل والمضمون وأيهما يخلق الآخر ...وتبقى الإجابة على ذلك طبعًا .. أن المضمون هو الذي يخلق الشكل ، والشكل هو الذي يجد المضمون .. وتغيّر المضمون الشعري كان سببًا كافيًا في تغيير الشكل من خلال تغيير عناصره الإيقاعيّة واللغويّة .
إن هذه المماحكات الفكريّة وشجب كلّ تجديد والاكتفاء في القوالب الشعريّة الجاهزة والموروثة ، واعتبارها الأوعيّة السرمديّة القادرة على الانتقال عبر الأزمان ، سيؤدي حتماً إلى مزيد من الانتكاسات اللغويّة الجديدة ، والانحراف بها عن مسارها الصحيح وفق مبدأ التطور ، حيث يولد الجديد ولادة طبيعية في إطار قابل لاستيعاب كلّ التحولات الثقافيّة والاجتماعية .
إن قصيدة النثر الحديثة ، هي كفكر الإنسان المعاصر ووجدانه مفتوحة كلّ يوم على الجديد ، وخالية من القيود والحواجز التي تحوّلت إلى نظريات ثابتة وملزمة تسجن الإبداع وتخنق حرية طلاقة النتاج الأدبي ..
نحن نعيش بلبلة نقديّة مهّدت وساعدت على نكوص وتراجع الشعر العربي ، وعلى تغذية وتأجيج نار الصراع القائم بين الجديد والقديم ، فهذا العجز عن تصور الشعر في إطاره التاريخي ، وعدم إدراك حركة التغيير المرافقة له ، أدّت وتؤدي إلى الانفصام والتباعد في فهم مضامين التجديد ، فالشعر الحقيقي لم يخضع للتقاليد الموروثة خضوعاً تاماً وشاملاً ، وإذا بحثنا بجديّة نجد شعر كل قرن يتميّز عن شعر القرن الذي سبقه إن لم يكن في الإيقاع ففي الصور والمكوّنات الدلاليّة ، وإن لم يكن في المستوى الوظيفي ففي المستوى اللغوي ، لقد تصدّع القالب الشعري منذ وقت طويل واستطاعت حركة الشعر الحديث أن تهزّ جمود الثبات والاجترار الشعري الموروث فنيًّا وموضوعيًّا ، فقدمت عطاءها التطوري وتصورها العصري ، من حيث الرؤية الفرديّة والجماعيّة ، لقد تجاوزت القالب الشعري التقليدي بجموده واستقراريّته المطلقة ، لتخلق واقعًا جديدًا متطورًا في القصيدة العربيّة ، دون أن يفقدها ذلك جماليّة التعبير وقيمة الأداء العالية ... ورغم كل هذا أعود وأؤكد أن نزعة التجديد في الشعر العربي الحديث لا تتناقض مع الشعر العربي القديم بنماذجه وأصوله الكلاسيكيّة ضمن قوالبها التقليديّة .. وهي موجودة بحركة تطور مستمرّة وشاملة ، تستكمل عملية بنائها الاجتماعي ،وتشكّل جزءًا هامًا من موقف ثقافي عام ، وإن الافتتان غير الواعي بالماضي وميزاته وقوالبه الثابتة ، والدعوة المستمرّة إلى تكريس الماضي في مواجهة الإبداع هو الإثم الأكبر الذي يرتكبه دعاة التحجّر الفكري في حق المثقف العربي وعصره ، ومن هنا تسقط الحيثيات المرتدية أثواب العلميّة حينًا وأثواب التفلسف والمغالاة حينًا آخر والتي ترفض واقع الحداثة الشعريّة ، وترى به تناقضًا مع التعبير التقليدي للإبداع الفنّي والأدبي في المجتمع العربي .
قصيدة الشعر الحديث تقوم أساسًا على بنية إيقاعيّة خاصة ، ترتبط بحالة شعوريّة معيّنة لشاعر بذاته ، فتعكس صورة جديدة منسّقة تنسيقًا خاصًا بها ، وهذا الأساس مغاير تمام المغايرة للأساس الجمالي المتعارف عليه قديمًا ، وهو لا يعني بالضرورة أي عداء اتجاه الشعر التقليدي الذي له أسلوبه وروعته الخاصة . فالشعر الحديث يعبّر عن وجهة نظر جماليّة أخرى وله أيضًا روعته الخاصة به ، يخوض تجربة جماليّة شاملة عصريّة تتمثل في حركة التّجدد الأخيرة ، وهو بفلسفته هذه يختلف جوهريًا عن الفلسفة القديمة بحيث لا يختار نماذج ومبادئ خارجيّة مفروضة ، بل يصنع لنفسه جماليات خاصة تنبع من صميم العمل الفني ، سواء ما يتعلق بالشكل والمضمون متأثرًا بحساسيّة العصر وذوقه ونبضه ... لقد قالوا الكثير عن هذا الشعر بين الإيجابي والسلبي ، واختلطت أصوات الإدعاء بأصوات الأصالة ، وأصبح من واجب الناقد المعاصر أن يطّور أساليبه النقديّة في مواجهة العصر ، وأن يلتمس المعايير الملائمة لكل جديد ، لا أن يُعيد اجترار مناهج تحليليّة أكل عليها الدهر وشرب ..!!



#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هَمَسَاتٌ قَلِقَةٌ
- صدى المراثي
- خطوات أعرابيٌّ فوق جسد الصحراء
- صمت
- أَنْتِ فَجْرِي
- قالت وقال ( 4 )
- من وحي شامبالا
- رسائل مسائيّة
- هُنَا وهُنَاك
- شجون
- قالت وقال ( ٣ )
- يوميّات شتائيّة
- يوميات شتائيّة ( 2 )
- تساؤلات وصلاة
- إليكِ في البعد الآخر
- قالت وقال ( 2 )
- لا تبكي سوريا
- رثاء شهيد
- ** مَوْجٌ وَحَنِيْن **
- قالت وقال


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علم الدين بدرية - قصيدة النثر بين العرض والنقض