أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الفاشو دمقراطية أميركية ستتحطم في بولونيا ايضا















المزيد.....


الفاشو دمقراطية أميركية ستتحطم في بولونيا ايضا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 10 نيسان 2010 تحطمت قرب مطار سمولنسك في روسيا طائرة من نوع تو 154 بسبب الضباب الكثيف وانعدام الرؤية. وقتل في الحادث المروع جميع ركاب الطائرة الـ96، ومن ضمنهم رئيس الجمهورية البولونية حينذاك ليخ كاتشينسكي وزوجته وقائد الجيش البولوني ورئيس البنك المركزي. وكان كاتشينسكي يقوم بزيارة رسمية الى روسيا على رأس وفد كبير، سياسي ـ مالي ـ عسكري، لاقوا جميعا حتفهم. وقد اثارت حينذاك بعض الأطراف الشكوك بأن الحادث كان مفتعلا. الا ان التحقيقات الدقيقة المشتركة التي أجرتها كل من روسيا وبولونيا لم تثبت اي شبهة في هذا الاتجاه. ولكن بصرف النظر عن تلك التحقيقات، فإن مصرع ليخ كاتشينسكي ومعاونيه شكل صدمة للتيار السياسي البولوني الذي كان يمثله وكان يطمح الى تحسين العلاقات مع روسيا، التي كانت تتميز بالتوتر والعداء في البعدين التاريخي والمعاصر، حيث اضطلعت بولونيا، منذ أيام الإمبراطورية الرومانية المقدسة، بدور "المركز" السلافي الكاثوليكي التابع لروما، والمعادي بشدة لـ"المركز" السلافي والعالمي المسيحي الشرقي الرئيسي، الذي مثلته ولا تزال تمثله روسيا، بوجه روما والعالم الغربي باسره، كما بوجه المغول والتتار والعثمانيين الذين شوهوا وجه الإسلام باغتصاب تمثيله.
حملة عنصرية معادية لروسيا
وبعد مصرع كاتشينسكي وكبار ضباط الجيش البولوني الذين كانوا معه، والذين كانوا من المؤيدين بشدة للتقارب مع موسكو، تصاعدت في بولونيا بشكل مفتعل حملة معادية لروسيا، على أساس سياسي ـ عنصري، وجدت اصداءها في الاعلام والأوساط السياسية والبرلمان، وارتفعت اصوات تطالب بتحويل بولونيا الى قاعدة رئيسية لحلف الناتو بمواجهة روسيا، كما طرحت في الحكومة والبرلمان مسألة موضعة عناصر أساسية من نظام الدرع الصاروخية الأميركية (ولا سيما الرادارات المتطورة)، على الأراضي البولونية، المحاذية للحدود الروسية، والتي من شأنها كشف انطلاق الصواريخ الباليستية الستراتيجية الروسية، ردا على أي هجوم نووي محتمل ضد روسيا، وتدمير تلك اصواريخ منذ بداية انطلاقها، مما يحرم روسيا من حق الرد على العدوان والدفاع المشروع عن النفس.
روسيا لا تتهاون في مسألة الامن القومي
وقد اعتبرت روسيا ذلك عدوانا سافرا وتهديدا خطيرا لامنها القومي، لانه يجعلها عرضة للهجمات النووية في ظروف يتم فيها مسبقا شل قدراتها الدفاعية. وقد حذرت روسيا بولونيا من مغبة السير في هذا الطريق الذي يهدد وجود بولونيا من أساسه على الخريطة. واتجهت فورا للرد على هذا العدوان البولوني ـ الأميركي ـ الناتوي والغربي العام بطريقتين:
"نزهة" للاسكندر
أولا ـ حركت روسيا قدراتها العسكرية الهجومية، البرية والجوية والبحرية، وخصوصا صواريخ إسكندر المرعبة قصيرة المدى (التي تغطي فعاليتها كل الأراضي البولونية، والتي تضرب أهدافها قبل ان تكون صفارات انذار الدرع الصاروخية الاميركية قد التقطت أنفاسها) وحشدتها ونشرتها في جيب منطقة كالينينغراد في غربي روسيا، والواقعة بين بولونيا وليتوانيا وبحر البلطيق.
الكوكب الأرض في قبضة الكرملين
وثانيا ـ صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا لن تنجر الى نوع جديد من سباق التسلح العقيم الذي يقوم على قاعدة الفعل ورد الفعل، بل ستكون لها سياستها ومخططاتها الدفاعية الخاصة بمعزل عن تصرفات الخصم. وكان هذا يعني عدم العمل على بناء نظام درع صاروخية مضاد للدرع الصاروخية الأميركية والناتوية. ولكن في الوقت ذاته عملت روسيا على بناء وتطوير نظام خاص للرقابة والتحكم الجوية والفضائية سمي "النظام الفضائي الموحد"، وبالتعبير الغربي “single space system”، (SSS) وهو يشمل الكوكب الأرضي بمجمله جوا وفضاء. وحسب رأي الخبراء يمكن بدقة عالية الافتراض ان نظام (SSS) يمثل الان اهم مكون لنظام الدفاع الجوي والفضائي لروسيا. وبالإضافة الى الانذار المبكر عن الهجمات الصاروخية، تدخل ضمن مهماته: مراقبة المدى الجوي والفضائي وتتبع مختلف الأهداف: الطائرات، الهيليكوبترات، الطائرات بدون طيار، الصواريخ المجنحة والباليستية لمختلف المديات، متابعة الأقمار الاصطناعية والنفايات الفضائية التي تمثل خطرا، توفير المعلومات عن أنظمة الدرع الصاروخية والدفاعات الجوية، ومراقبة التجارب الصاروخية على أراضي الدول الأجنبية. كما يمكن لنظام (SSS) ان يعمل كاقمار اصطناعية خاصة للاتصالات لصالح وزارة الدفاع الروسية. ويعني ذلك عمليا ان الدرع الصاروخية الاميركية والناتوية والإسرائيلية كلها، قد أصبحت قيمتها العسكرية في منزلة الصفر. كما يعني ان الكوكب الأرضي وفضاءه اصبحا بمجملهما في قبضة الرقابة الكاملة للكرملين 24-24 ساعة، وان الحركة الستراتيجية والتاكتيكية لجميع الجيوش المعادية او التي يمكن ان تصبح معادية لروسيا اصبحت "تحت السيطرة" والتهديف، ومعرضة للابادة التامة، في أي مواجهة شاملة مع روسيا. وتعمل روسيا على تطوير هذا النظام باستمرار.
روسيا لا تطمح الى الهيمنة العالمية
ولكن هذه الميزة الستراتيجية الكونية لا تدفع روسيا لاستغلال وضعها التفوقي لاجل فرض الهيمنة العالمية والاحادية القطبية، بل على العكس فإن دبلوماسية الدولة الروسية، بوصفها دولة ذات تقاليد تاريخية مسيحية شرقية، تعمل بحمية وإخلاص لاجل المحافظة على السلام العالمي والتآخي والتعاون بين الشعوب وعلى "محللة" النزاعات (أي حصرها في الاطار المحلي والإقليمي) والعمل على إيجاد الحلول السلمية لها.
"اقتلوا الروس!"
والحملة او الحملات المعادية لروسيا والمسيحية الشرقية في بولونيا هي "مزيج اعلامي عصري مركب"، من جهة أولى، من مصلحة الامبريالية الأميركية والصهيونية العالمية في كسر شوكة روسيا، بوصفها العقبة الرئيسية الكأداء في وجه الهيمنة الغربية تاريخيا، والأميركية ـ الصهيونية في عصرنا، على الكرة الأرضية، ومن جهة ثانية، من التراث "الثقافي" العنصري المعادي للروس وللسلافيين وللمسيحية الشرقية، منذ عهد الامبراطورية الرومانية المقدسة، الى محاكم التفتيش والاستبداد البابوي والصليبية الشرقية والصليبية الشمالية في العصور الوسطى، الى الإمبراطورية العثمانية التي كانت ألعوبة بيد اليهود والبابوية، الى غزوات نابوليون وهتلر، الى حلف الناتو في أيامنا الراهنة. وكانت الحملات المعادية لروسيا على الدوام وهي حتى اليوم تتلخص بكلمتين: "اقتلوا الروس!".
البراغماتية الروسية
واستنادا الى تقاليدها التاريخية المسيحية الشرقية، الإنسانية والاممية، ونظرا الى المصالح الحقيقية للشعبين الروسي والبولوني، فإن الدولة الروسية تعاملت مع الحملات المعادية لروسيا وللروس في بولونيا بترفع وتسامح، وتعاملت مع بولونيا بكل موضوعية وواقعية وبراغماتية. وقد انعكس ذلك بشكل خاص على العلاقات التجارية الوثيقة بين البلدين. اذ بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وبولونيا سنة 2008 (قبل انفجار الازمة المالية والاقتصادية العالمية) (27, 243,7) اكثر من 27 مليار دولار أميركي. وتعرض للانخفاض في السنوات الأولى التالية بسبب الازمة المالية من جهة، وانخفاض أسعار الطاقة من جهة ثانية. ولكنه عاد الى الارتفاع الى (27،365،2) مليار دولار سنة 2012، والى (27،916،5) مليار دولار سنة 2013. وهذا يعني زيادة 2% عن سنة 2008 قبل اندلاع الازمة المالية. ولادراك اهمية هذا الرقم نقول انه يمثل حوالى 28% من قيمة التبادل التجاري بين روسيا والصين ذاتها الذي اصبح الان يبلغ 100 مليار دولار.
ومع ان نسبة الصادرات البولونية الى روسيا قد تنامت، الا ان فارق الميزان التجاري بين روسيا وبولونيا، لصالح روسيا، بلغ سنة 2012 ما يساوي 11,2 مليار دولار. في مقابل 12,4 مليار دولار فارق الميزان التجاري بين اميركا وبولونيا، لصالح اميركا.
وعلينا ان نلاحظ هنا:
أولا ـ ان روسيا هي سوق رئيسي قريب للسلع الصناعية والزراعية البولونية. وتقدم روسيا تسهيلات كبيرة لدخول وتسويق السلع البولونية في أراضيها.
بولونيا تعتمد كليا على الغاز الروسي
وثانيا ـ ان الفارق في الميزان التجاري بين البلدين لصالح روسيا يعود بمجمله الى تصدير الغاز الروسي الى بولونيا. وهذه مسألة جوهرية جدا، بل ومصيرية بالنسبة لبولونيا، التي تعتمد كليا تقريبا على حاجتها الصناعية والاستهلاكية الاهلية من الغاز، على الغاز الروسي، الذي يدخل اليها ترانزيت عبر أوكرانيا. وبالرغم من كل حملات التشنيع التي تتدنى الى مستوى السفالة والحقارة الخاصة بالعنصريين والفاشست (اشباه الدواعش) في جميع انحاء العالم، فإن روسيا لم تحاول يوما ان تستغل مسألة التزويد بالغاز للابتزاز السياسي او العسكري او الاقتصادي لبولونيا. بل اكثر من ذلك: بعد الانقلاب المسلح ضد الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وانتخاب بيوتر بوروشينكو في ظروف الانقلاب والحرب الاهلية رئيسا جديدا، صوت البرلمان الاوكراني لصالح تخصيص ميزانيات إضافية للجيش والعناصر الفاشستية المجمعة في ما يسمى "الحرس الوطني"، لمتابعة الحرب على شعبهم الخاص في شرق وجنوب أوكرانيا، كما تلقوا المزيد من المساعدات من المخابرات الأميركية والناتو والاتحاد الأوروبي للغاية نفسها.
للصبر حدود
ولكن أوكرانيا، التي تنفق المليارات على المجموعات الفاشستية والجيش الموالي للانقلاب والحرب الاهلية، كانت لا تدفع ثمن الغاز الروسي الذي تستهلكه. وكان الرئيس بوتين قد دعا بوروشينكو ان يطلب من أصدقائه الغربيين، الذين أتوا به الى الرئاسة للوقوف بوجه روسيا، مساعدة أوكرانيا على دفع اثمان الغاز. ولكن شيئا من ذك لم يحدث. وكأنه المطلوب من روسيا ليس فقط ان تعض على جراحها وتنظر كيف يتم قتل المواطنين الاوكرانيين من اصل روسي بدم بارد، بل عليها أيضا ان تساهم هي نفسها في الحملة الصليبية تحت شعار "اقتلوا الروس"، وتدفع هي ثمن القنابل والصواريخ التي يقتل بها الناس الذين لا ذنب لهم سوى انهم روس او ناطقون باللغة الروسية. وتجاه هذا الوضع الخارج على أي منطق سياسي وانساني واقتصادي واخلاقي، اضطرت شركة "غازبروم" الروسية لوقف ضخ كمية الغاز المخصصة لاوكرانيا في شهر حزيران الماضي بعد ان بلغت ديون فاتورة الغاز لأوكرانيا اكثر من أربعة مليارات دولار. وكان من الواضح ان أوكرانيا ستقضي شتاء جهنميا بدون الغاز الروسي.
روسيا تتسامح أيضا وايضا
ولكن بولونيا اخذت المبادرة لإنقاذ أوكرانيا من هذه الورطة، فبدأت تزود أوكرانيا بحاجتها من الغاز الروسي بواسطة الانابيب ذات الضخ التعاكسي، وذلك من الكميات التي تصل بولونيا من روسيا وتدخل في حسابها. لا شك ان روسيا تضمن بذلك حصولها من بولونيا على اثمان كميات الغاز التي تضخ من جديد، ولكن ذلك يعني أيضا "تنويم" الديون السابقة المتراكمة على أوكرانيا والتي تبلغ المليارات. وفي رأي جميع الخبراء ان روسيا لا تشكو من نقص المشترين للغاز، وكان بإمكانها وقف الضخ الى بولونيا أيضا وتوجيه الغاز نحو بلدان أوروبية أخرى او نحو الشرق، ولا سيما نحو السوق الصينية النهمة. ولكن روسيا غضت النظر عن هذه المبادرة البولونية تسهيلا للدور الذي اخذت تضطلع به الحكومة البولونية، الى جانب المانيا وفرنسا وروسيا، لحلحلة الازمة في أوكرانيا والمساعي لانجاح وقف اطلاق النار وإيجاد حلول سلمية للنزاع الناشب.
الفاشستية عميلة اميركا ترفع رأسها
ولكن وكما يقول المثل العربي القديم "يرضى القتيل، وليس يرضى القاتل"، فإن البؤر الفاشستية، المرتبطة بالمخابرات الأميركية والموساد وحلف الناتو، والتي كانت وراء الانقلاب واشعال الحرب الاهلية في أوكرانيا، يوجد لها "اخواتها" أيضا في بولونيا، بشخص من يمكن ان نسميهم "الدواعش الكاثوليك"، والذين هم منظمون تنظيما عسكريا شديدا ومسلحون بقوة وممولون بدون حساب، ويسندون ظهرهم الى الناتو والمخابرات الأميركية والموساد.
وهذه البؤر تكن حقدا تاريخيا اسود على روسيا خاصة والمسيحية الشرقية عامة، وهي ليست راضية عن اية علاقات ذا طابع إيجابي بين روسيا وبولونيا، وان كانت لمصلحة بولونيا وعلى حساب روسيا، ولم تكن راضية عن اضطلاع الحكومة البولونية الموالية للغرب، بأي دور "معتدل" و"تسووي" و"وسيط" في الازمة الأوكرانية، وهي ـ أي هذه البؤر ـ تدفع باتجاه "تطوير" الازمة الأوكرانية الى حرب إقليمية معادية للروس ولروسيا، حرب تدخل فيها بولونيا وغيرها، كمقدمة لتدخل حلف الناتو والقوات الأميركية.
يعاقبون روسيا لانها دعمت استقلال بولونيا
وفي 11 تشرين الثاني، وبمناسبة ما يسمى "يوم استقلال بولونيا"، نظم الفاشست البولونيون ما سموه "مسيرة الاستقلال"، وشارك في المظاهرة حسب تقديرات الشرطة 30 الف متظاهر، وحسب تقديرات المنظمين 100 الف. وخلال سير المظاهرة كانت تنضم اليها مجموعات من الشبان الملثمين والذين يرتدون البسة شبه موحدة، سماهم البعض "النينجا"، كانوا يتجمعون في مجموعات متفرقة في مختلف الشوارع التي كان من المقرر ان تسير فيها المظاهرة. وكان هؤلاء الملثمين كلما رأوا مجموعة من الشرطة الذين يحمون المؤسسات العامة، يبادرون الى رمي الشرطة بالحجارة وبلاط الشوارع والمفرقعات الشديدة وقنابل المولوتوف. وكانت الشرطة ترد عليهم بخراطيم المياه والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع. وقد وقع حوالى 50 جريحا نصفهم من رجال الشرطة، واعتقل حوالى 270 شخصا. واتجه قسم من المظاهرة نحو السفارة الروسية التي لم يكن يحرسها سوى 10 شرطيين، واحرقوا بعض حاويات القمامة قرب سور السفارة وكشك حراسة للشرطة والقوا المفرقعات الشديدة وزجاجات المولوتوف باتجاه السفارة قبل ان تتدخل الشرطة وتعتقل ثلاثة منهم وتفرقهم.
وتعود ذكرى استقلال بولونيا الى تشرين الثاني 1918 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث كانت بولونيا غير موجودة على الخريطة كدولة لمدة 123 سنة، اذ كان قد تم تقاسمها في 1795 بين ثلاث دول هي الإمبراطورية الروسية وبروسيا (المانيا) والنمسا، ولكن بعد انتصار الثورة الروسية سنة 1917، فإن السلطة السوفياتية الناشئة هي التي ضغطت باتجاه تحرير الأراضي البولونية وإعادة توحيدها وإعادة وضع بولونيا على الخريطة كدولة مستقلة. ولكن الدولة البولونية الحديثة حينذاك، وانطلاقا من ميولها "الغربية ـ الكاثوليكية"، رفضت الانضمام الى الاتحاد السوفياتي، وانضمت الى الجيوش الأجنبية التي هاجمت بلاد السوفيات بقيادة ونستون تشرشل (ما غيرو) لاعادة القيصرية او فرض الرأسمالية على روسيا والاتحاد السوفياتي. ولكن التدخل الخارجي فشل، وشن الجيش الأحمر هجوما كاسحا على الجيش البولوني ودحره ووصلت طلائع الجيش الأحمر بقيادة المارشال الأسطوري توخاتشيفسكي (الذي اعدمه الخائن ستالين سنة 1937) الى نهر الفستولا، في قلب فرصوفيا، وكان ينتظر الأوامر لاجتياز النهر واحتلال فرصوفيا كلها وضم بولونيا الى الاتحاد السوفياتي، ولكن القيادة السوفياتية بزعامة لينين قررت الامتناع عن ضم بولونيا، او أي بلد اخر، بالقوة الى الاتحاد السوفياتي. وصدرت الأوامر الى الجنرال الشاب توخاتشيفسكي (الذي كان يوصف بأنه: مرعب أوروبا) بالانسحاب. وحافظت بولونيا على استقلالها الرث، كما حصلت عليه، بفضل الثورة الروسية والسلطة السوفياتية. ولكن "الفاشست ـ الكاثوليك" البولونيين ينسون او يتناسون التاريخ الوطني لبولونيا (و"عذرهم" الوحيد انهم بولونيون ومسيحيون، بمقدار ما هم الدواعش عرب ومسلمون، وبمقدار ما هم أنطوان لحد واحمد الأسير وسمير جعجع وخالد الضاهر لبنانيون ومسيحيون ومسلمون).
مقدمات التحضير لانقلاب فاشستي
ويقول شهود عيان ان المتظاهرين لم يكونوا يرفعون اية يافطات، ولم يكونوا يهتفون بأية شعارات، بل كان كل ما يريدونه، بالإضافة الى المحاولة الفاشلة لاحراق السفارة الروسية، استفزاز الشرطة ودفعها الى استخدام القوة وايقاع ضحايا في صفوف المتظاهرين، من اجل تبرير استخدام السلاح المهيأ سلفا لدى المجموعات الفاشستية المنظمة، تمهيدا لتحقيق انقلاب فاشستي في بولونيا، تماما كما جرى في أوكرانيا.
علم النصر سيرتفع فوق انقاض البيت الابيض
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو:
ما الذي يمكن ان يستفيده الفاشست الاوكرانيون والبولونيون وامثالهم من الدول الصغيرة والمتوسطة، اذا ما استلموا السلطة واستفزوا روسيا وافتعلوا الحرب معها؟
ان القاعديين والدواعش في أفغانستان واليمن والعراق وبلاد الشام ومصر وغيرها، يأملون في ان ترضى بهم اميركا وأوروبا والصهيونية العالمية كي يصبحوا هم حكام "الشرق الأوسط الكبير"، فيحكمونه بالحديد والنار وقطع الرؤوس وربما يسترجعون استعمال الخازوق التركي، ويضمنون في هذا الشرق الاوسط "سلام القبور" كما تريد اميركا، مقابل ان يصبحوا هم الملوك والامراء والشيوخ الجدد للافيون والهيرويين والنفط والغاز والممرات التجارية الدولية بكل ما تدره من الاف مليارات الدولارات.
اما الفاشست والدواعش الاقزام في أوكرانيا وبولونيا وجورجيا والشيشان وكوسوفو وامثالها، فماذا يأملون من تحدي روسيا واستفزازها وهم يدركون تماما انهم لا يتحملون "فركة كعب" من "الدب الروسي"؟
في رأينا المتواضع ان الجواب المنطقي الوحيد على هذا السؤال هو: ان هؤلاء العملاء الذين ينبحون على الدب الروسي يضطلعون بدور مزدوج، فهم:
أولا ـ يضطلعون بدور أداة استفزاز، بيد السي آي ايه والموساد والناتو وأميركا، للضغط على روسيا وابتزازها ومحاولة فرض التنازلات عليها، في سوق النفط والغاز، وفي القضية الفلسطينية، والحرب السورية، وأميركا اللاتينية الخ الخ
وثانيا ـ انهم، وكما يقول الشاعر العظيم محمد مهدي الجواهري، "يوغلون في الرقص اكثر مما ينفخ الزمار"، آملين باستفزازاتهم ان يجروا الناتو والاتحاد الأوروبي وأميركا الى حرب عالمية ضد روسيا. وهم يتوهمون ان الهزيمة ستحل بروسيا، وتبدأ حينذاك عملية نهب عالمية لخيراتها غير المحدودة، ويكون هؤلاء العملاء جزءا من هذه العملية وتكون لهم مغانمهم.
ولكن يغيب عن بصر وبصيرة هؤلاء الفاشست ان روسيا لا تعرف الهزيمة، ولا زالت تحتفظ بعلم النصر (العلم الأحمر) الذي رفع فوق الرايخستاغ في برلين في النهاية المعروفة للحرب العالمية الثانية. وفي كل الاستعراضات التي يقوم بها الجيش الروسي في الساحة الحمراء بموسكو يسير في المقدمة علمان: العلم الروسي، وعلم النصر (العلم الأحمر بالمطرقة والمنجل).
وفي حال أي صدام شامل مع روسيا، فإن روسيا لن تكون البادئة بالعدوان، وفي الوقت ذاته لن تنتظر ان تتلقى الضربة الأولى كما جرى في الحرب العالمية الثانية، بل ستكون الضربة القاضية الأولى لروسيا (وهو ما تسمح لها به التكنولوجيا المعاصرة والعزم على تحقيق النصر)، وجميع الدول المعتدية وحلفاؤها ستتحول الى قاع صفصف، وسيرفع علم النصر "العلم الأحمر" فوق انقاض البيت الأبيض الأميركي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل





"النينجا" الفاشستية






الحرائق في وسط فرصوفيا

مشعلو الحرائق

الشرطة ممنوعة من اطلاق الرصاص

محاولة احراق السفارة الروسي

الحرائق... من لزوميات التحضير للانقلاب الفاشستي

يرفعون قبضاتهم ولكنهم يخشون الكشف عن وجوههم البشعة



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-
- روسيا تستعد لحرب كونية شاملة
- طاعون -التحول الدمقراطي الغربي- في بلغاريا
- الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من مو ...
- روسيا ستحطم التحدي الغربي في اوكرانيا
- الحرب الاقتصادية الروسية ضد الكتلة الغربية
- اوروبا ستدفع ثمن العنصرية الغربية ضد روسيا
- حرب البدا ئل وسقوط الائتلاف الحاكم في اوكرانيا
- الناتو بمواجهة روسيا: نمر من كرتون
- تيوس الناتو تتنطح للصخرة الروسية
- الفاشودمقراطية الاميركية تنتحر سياسيا وعسكريا في اوكرانيا
- روسيا تهز العصا لليابان ايضا
- روسيا تنتصر على ازمة الانهيار الدمغرافي
- المحور الروسي الصيني
- الفاشستية الاوكرانية تكشف عن وجهها الوحشي
- سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في ا ...
- انتهت خرافة القطب الاميركي الاوحد
- اوكرانيا تتجه بسرعة نحو الحرب الاهلية
- المحور الروسي الصيني العتيد يشق طريقه على الساحة الدولية
- المنتصرون على النازية الهتلرية كابح حازم للعدوانية الفاشية ا ...


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الفاشو دمقراطية أميركية ستتحطم في بولونيا ايضا