أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا مناع - عن جدتي والشتاء وبراءة الذمه














المزيد.....

عن جدتي والشتاء وبراءة الذمه


عطا مناع

الحوار المتمدن-العدد: 4636 - 2014 / 11 / 17 - 15:27
المحور: حقوق الانسان
    


بقلم – عطا مناع
أتذكر أن جدتي كانت تؤنبني كثيراً لأنني أتناول طعامي بيدي "الشمال"، وكانت تحاول إقناعي أن الشيطان يؤكل معي وأنني سأدخل النار، وقد حاولت مراراً أن كون من أهل اليمين ففشلت لصعوبة استخدام اليد اليمني في الأكل واستسلمت لحقيقة أنني من أهل النار.
لا اعرف ما علاقة جدتي ببراءة ألذمه، فهي فلاحه بسيطه هُجرت من قريتنا زكريا وثقافتها مقتصره على الاهتمام بالدجاج بهدف الحصول على بعض البيض الذي لم يسلم منا، حيث كنا ننتظر الدجاجه حتى تبيض لننقض على ألبيضه ونستمتع بتناولها وهذا هو حالنا مع حكومتنا.
أتذكر تلك الأيام ببعض الحنين، واجزم أن جدتي كانت تعرف أنني واحد من الذين كانوا يسرقون البيض ولكنها كانت تمرر لنا هفواتنا لتعاطفها مع أحفادها الحفاة الجوعي، وكانت قد يئست من محاولتها بإقناعي أن أكل بيدي اليمين، وأنا بصراحه لم يكن يهمني بأي يد أكل نظراً لاستمتاعي بتناول رأس الدجاج "العتاقي".
للشتاء وجدتي طعم لا زال مذاقه يدفعني للحنين لتلك الأيام الصعبة بالرغم من الفقر المدقع الذي عشته كباقي أبناء جيلي، وأحاول وأنا استحضر جدتي أن اشطب من ذاكرتي الكثير من الذكريات التي اكرهها مثل الحمام الجماعي في الحاره وعتمة المخيم حيث لا كهرباء ولا ماء.
ماتت جدتي وبقي المخيم والشتاء والدجاجة وحكايات قريتنا، ولم أكن في تلك الأيام بتفكيري الطفو لي قد فهمت معادله الدجاجة والجدة، وكنت اعتقد أنني أحقق انجازاً عندما تكون البيضة بين يدي، ولم أدرك أن العلا قه بيني وبين الدجاجة والبيضة ذات طابع جدلي، وأنهم حولوا المخيم "لمزرعة دجاج" يبيض لهم العمالة السوداء والفدائيين.
نعم: نحن من وجهه نظر أصحاب الطرابيش مجرد" مزرعة دجاج" وجدت لخدمتهم، والرفض يعني السكين، وسكين أصحاب الطرابيش غارقة في الديماغوجا التي ترتدي الزي الوطني، مرة يقولون لك المصلحة الوطنية العليا، وأخرى يتمترسون خلف القانون، وآخر الصيحات براءة ألذمه.
الله يرحم أيامك يا جدتي ويرحم أيام دجاجاتك، لم تكترثي يوماً سوى لتوفير قوت يومك ويومنا، وكان بالنسبة لك توفير ما يسد الرمق بمثابة الحرب التي تخوضيها كل صباح، لم يعرف قاموسك المصطلحات ألاقتصاديه التي تتحدث عن علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ودعه يعمل دعه يمر ولا ثقافة اللعب بالبيضة والحجر، وكنت تطبقي مفهوم العدالة الاجتماعية كوسيلة لصيرورة الحياة الصعبة، ولم تلقي بالاً للقطاع الخاص ولم تستفيدي يوماً من القطاع العام، وكانت الحياة بالنسبة لك أيام بتمر لعل وعسى أن ينصفك الله على ما عانيت ومثيلاتك من اللاجئات اللواتي دفعن ثمن العهر العربي وأصحاب الطرابيش.
في المخيم يستوطن الشتاء الروح الفاقدة لهويتها، وغياب ألهويه بالقطع يعني فقدان البوصلة، يختلف المختلفون وتتبخر الهويه ويسقط الماضي في الهاويه لتنقض علينا المفاهيم ألمستحدثه، تلك نتيجة طبيعيه لغياب الهويه حيث تكالب المصالح وتقاطعها من لا زال يتعامل معنا "كمزرعة دجاج" وعلى أكثر تقدير مواطنين من الدرجة العاشرة لا حقوق لهم، وغياب ألهويه والحقوق فتح الباب واسعاً أمام حكومة التكنوقراط التي يقودها الحمد الله لإعلان التحالف صراحة مع رأس المال.
إن سبب المتاهه التي نعيش فقداننا لهويتنا وقبولنا التعامل معنا كتجمعات عشوائيه و"مزارع" إنعاش اقتصادي للقوى المناهضة لحقوقنا بالقول والفعل، ولذلك تفتقت عقليتهم ليخرجوا علينا بقانون براءة ألذمه وبنا يستر من قرارات قادمه.
وحتى نستعيد هويتنا ونتخلص من الشتاء الذي أتي على الروح قبل الجسد، علينا أن نخرج ونطالب بحقوقنا ووقف عمليه الاستغلال والاستنزاف لنا كلاجئين في المخيمات، ورفع الصوت في وجه الحكومه لتعرف أن ألقصه بالنسبة لنا مش رمانه.
ملاحظه: لإنصاف اللاجئين الذي عاشوا سنوات اللجوء الأولى في الخمسينيات، لقد قاوموا من اجل الحفاظ على هويتهم ومنهم من دفع الثمن الكبير مما شكل لنا تراث قيمي وفكري وكفاحي من اجل انتزاع حقوقنا الطبقية قبل الوطنية.



#عطا_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى محمد عبد النبي اللحام: حط في الخرج
- بيان صادر عن الشهيد الحي محمد أبو عكر
- الحرب العالميه على غزه
- المقاومه انتصرت: خلي السلاح صاحي
- في منزل الدكتور عبد الستار قاسم
- المطلوب محكمة جرائم حرب فلسطينيه
- فلسطين : انتفاضه بقرار رئاسي
- عيد بطعم الدم
- فلسطين : جدليه ألمقاومه والسلطه
- إلى حاكم مصر أم الدنيا
- في بيتنا داعش
- نضال أبو عكر: الفولاذ سقيناه
- رأس السلطه يفقد السيطره
- اتتفاضه من طراز جديد
- فلسطين : إضراب الأسرى والانفضاض الجماهيري
- ذكرى النكبه وفن الدجل
- حدث في منتجع الميغا لاند فلسطين
- حرامي عن حرامي بيفرق
- التطبيع: ما بين المثلية والمفعول به
- انشقي يا ارض


المزيد.....




- بريطانيا.. قصة آخر إعدام بتهمة اللواط
- الاحتلال يشن حملة اقتحامات واعتقالات في الضفة
- فرنسا -تصعّد اللهجة- بشأن اعتقال الكاتب صنصال في الجزائر
- بدء عودة النازحين مع سريان وقف إطلاق النار في لبنان
- الأونروا: المساعدات التي يسمح الاحتلال بمرورها لغزة لا تشكل ...
- الكاتب بوعلام صنصال والجزائر: قصة اعتقال بخلفيات سياسية!
- مشاهد خاصة لـRT لعودة النازحين إلى ضاحية بيروت الجنوبية
- مقررو الأمم المتحدة يدعون إلى امتثال كامل لمذكرة اعتقال نتني ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل تعرقل إيصال المساعدات للمحاصرين بشمال ...
- اعتقال المئات وإخلاء وسط إسلام آباد من أنصار عمران خان بعد م ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا مناع - عن جدتي والشتاء وبراءة الذمه