منطق حول قصة الخلق

كمال بالمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4635 - 2014 / 11 / 16 - 16:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

جمـــيعنا يعرف قصة الخلق التــــي تقول بها الأديـــان السمواية الثلاثة : اليهودية و المسيحية و الإسلام ... و هي قريبة جداً من بعضها البعض و الفروق بينها بســيطة ... الله خلق آدم و حواء .. آدم و حواء في الجنة .. يغريهما الشيطان فيأكلون من الشجرة المحرمة ... إلخ .
فهم هذه القصة بشكل منطقي هو أمر صعب و يدخل فيه الكثير من الإيمانيات و الغيــبيات المتعارضة مع بعضها البعض ... و أخشى أن أقول المتناقضة ... تقول بعض الأراء أن قصة الخلق في الديانات السماوية ما هي إلا إقتباس و تطوير لقصـص بداية الخلق لدى أمم سابقة و حضارات سابقة و خصوصا حضـــارات ما بين النهرين لكني لن اتطرق لهذا كله ... بل سأتطرف للقصة حسب النصوص الإسلامية فقط [ القرآن فقط ] و سأطرح بعض التساؤلات التي أتمنى أن تكون منطقية بالنسبة لكم ... و للعلم فإشكالات هذه القصة هي متقاربة جدا في كل الديانات ...


الاية : [وإِذ قال ربك للملائكة إِني جاعل في الأرض خليفة قالوا أَتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِح بحمدك ونقدِس لك قال إِني أَعلم ما لا تعلَمون ]

في البداية الله يخبر الملائكة أنه سيخلق مخلوق جديد على الأرض و نرى أن الملائكة أعترضت على هذا الأمر و هذا يطرح العديد من التساؤلات ...

1- كيف علمت الملائكة و استـــنبطت أمر ذلك الخليفة و أنه قد يفسد و يسفك الدماء ... كيف عرفت طبيعة ذلك المخلوق ... و لماذا لا يكون ذلك المخلوق مثل الملائكة مثلا ؟! على أي أساس بنت الملائكة إستنتاجها هذا؟!
2- لماذا الله يشاور الملائكة أصلا و لماذا تعترض الملائكة ... أليس في هذا إعتراض على إرادة الله ؟!
3- الله هنا يقر أنه خلق أدم ليكون خليفة في الأرض ... فلماذا إذا تم تعريضه لكل ذلك الإختبار في الجنة ...؟ لماذا لم يخلقه مباشرة على الأرض ... ما دامت النتيجة محسومة سلفا ..؟!
إختبار لا طائل منه .!

الاية :

[وإِذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إِلاَ إِبلِيس أَبى واستكبر وكان من الكافرين]

الله هنا يخبر الملائكة أن يسجدوا لآدم .. لفظ الملائكة هنا كان يشمل ابليس ... و لدي سؤال بسيط :
1- هل كان ابليس ملاك ؟ .. فالله هنا عده مع الملائكة و لم يقل الملائكة على حده و ابليس على حده .. و حتى الإستثناء عند إستخدما كلمة ( إلا ) يدل على أنه كان مشمول بلفظ الملائكة ...؟!
2- لو كان ابليس ملاك فهذا يعني أنه خلق من نور مثل الملائكة ... فلماذا فيما بعد يتفاخر ابليس أنه خلق من نار ؟
3- في موضع آخر من القرآن يقول الله أن ابليس من الجن ... [ و إذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ] .! فهل ابليس ملاك أم جني ؟!

الاية :

[قال ما منعك أَلا تسجد إِذ أَمرتك قال أنا خير منه خلَقتني من نار وخلَقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أَن تتكبر فيها فاخرج إِنك من الصاغرين قال أنظرني إِلى يوم يبعثون قال إِنك من الْمنظرين قال فبما أَغويتني لأَقعدن لهم صراطك المستقيم ]
نلاحظ هنا أن ابليس رفض أن يسجد لآدم و لذلك طرده الله من الجنة و توعد ابليس بأن يغوي جميع الناس فيما بعد و ذلك لأن الله أغواه ...!

1- لماذا الله يغوي ابليس من الأساس ..؟ ... الأمر أصبح معقد و كأن الله يريد لذلك أن يحصل أقصد بــ ( كل ذلك ) أي تبعات هذه القصة ....؟!
2- نرى أن الله طرد ابليس من الجنة بقوله [ فاهبط منها فما يكون لك أَن تتكبر فيها فاخرج إِنك من الصاغرين ] ... لماذا كانت عقوبة ابليس الطرد ..؟! ... لماذا لا يقضي عليه ببساطة ؟! فابليس أسوء من تلك الأقوام التي لم يتوانى الله عن إهلاكها .. ابليس أسوء لأنه شاهد كل شيء و مع
ذلك كفر ... فلماذا كانت العقوبة لطيفة إلى هذا الحد ...؟! ... هل الله كان يريد لكل هذه المسرحية أن تحدث ...!؟ القضاء على ابليس كان كفيل بإنهاء كل شيء ببساطة ؟!


الاية

[ويا آدم اسكن أَنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدِي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إِلا أَن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدبن وقاسمهما إِني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما أَلم أَنهكما عن تلكما الشجرة وأَقل لكما إِن الشيطان لكما عدو مبين ]

نرى هنا أنه بعد أن طرد ابليس من الجنة فإن الله أسكن آدم و حواء فيها و حذرهما من أي يقربا تلك الشجرة و لكن الشيطان وسوس لهما و اكلا منها ...!؟
1- لماذا يضع الله لأدم و حواء هذا النوع من الإختبار من الأساس .. ما هدفه ... ؟!
2- كيف دخل ابليس من جديد إلى الجنة ليغويهما .؟! .... ألم يطرده الله منها .؟! هل دخل بدون علم الله ... و المفترض أن الله بكل شيء عليم ... ام أنه علم بذلك و سمح به ... و هذا يجعلني اتساءل : ما الهدف من كل هذه المسرحية ؟!


[قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون]


نرى هنا أن الله بعد أن تاب على آدم و حواء أنزلهم على الأرض و تنتهي القصة .! نرى فيما بعد أن الله يحذر الناس عن ما فعله آدم و حواء بسبب الشيطان :


الاية
[يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون]


و للأسف هذه القصة لم تكن لتتم لولا رغبة الله في المقام الأول ....... فكيف نوفق .؟! عندما نعلم أن الله في الأساس خلق آدم و حواء ليسكنوا الأرض ... يجعلني هذا أتسآل لماذا عرضهم لكل هذا الإختبار العبثي إذا.؟! الآن بكل وضوح نرى أن آدم لم يكن سوى كالدمية يتحرك في تلك القصة و ذلك لتنتهي بالشكل الذي يريده الله ... و أن آدم لم يكن له أي دور .. فالله قرر من قبل خلقه أنه سينزل للأرض ... دور آدم و حواء في القصة : صفر ..! فلو لم يأكل آدم مثلا من تلك الشجرة لما كان نزل على الأرض و هذا يخالف بداية القصة التي تقول أن آدم خلق من أجل الأرض ... و هنا نتوصل أن الأكل من الشجرة كان بأمر و رغبة الله .... ! للأسف لا يوجد تفسير آخر .!!!!! آدم و حواء لم يخطيئا و لم يكونا ضحية للشيطان .. بل ضحية لقصة معروفة نهايتها قبل أن تبدأ .! كما تلاحظون كم غير بسيط من التناقضات في القصة ...! طرحت هذه الأسئلة و أنا لا أقصد منها التقليل من الرواية الدينية ... لكن فضلت أن أمرر القصة على المنطق ...

#كمال_بالمقدم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات