|
وأخيرا شرب المستوطنون من بحر - غزّة -
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 1301 - 2005 / 8 / 29 - 10:53
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تحققت نبوءة الرئيس الراحل ياسر عرفات المتمثلة في مقولته الشهيرة التي كان يرددها في معظم المناسبات " سنواصل النضال حتى تحرير كل شبر من أرضنا وسنعمل من أجل تحقيق سلام الشجعان ومن لا يعجبه ذلك فليشرب من بحر غزّة " وكان يقصد بذلك على الأغلب أصحاب السياسة العنصرية المعادية للسلام في الجانب الاسرائلي وقطعان المستوطنين الأكثر تطرفا وعدوانية , فقد - بلع - أكثر من ثمانية آلاف مستوطن الطعم على مضض وذاقوا مجبرين ليس فقط مياه بحر غزّة الشديدة الملوحة ورياحها الساخنة بل مرارة الخيبة والخذلان وصدمة الاصطدام بواقع جديد غير مألوف في تاريخ الدولة العبرية . مهما تزايدت الشكوك حول النيات الاسرائيلية وتجمعت الدلائل والسوابق القديمة والجديدة على النهج العنصري المتشدد لحكومة – شارون – تجاه الحقوق الفلسطينية التاريخية والجغرافية والسياسية ومسألة ضم وقضم الاراضي فان الحدث يبقى كبيرا من نوع الأحداث الاسترتيجية في تاريخ النضال الفلسطيني الحديث لأن الأمر يتعلق – بتحرر – ما يقارب الخمسين بالماءة من أراضي قطاع غزة الصالحة للاستثمار الزراعي العالي الجودة وعودتها الى ادارة السلطة الوطنية بعد ما يقارب أربعة عقود من الاحتلال والمصادرة وفي الوقت ذاته تطور بارز في عملية الحراك السياسي في فلسطين واختراق للجمود السائد في عملية السلام وما جر ذلك من أزمات وخلق من مصاعب حتى في طريق المصالحة الوطنية الداخلية وأفسح المجال لمزيد من التوترات وأعمال العنف والارهاب من هنا وهناك ليشكل بالاخير خطرا داهما على كل العملية السياسية وفرص السلام الفلسطيني – الاسرائيلي بما في ذلك تكبيل مساعي الوساطة الخارجية من أمريكية وأوروبية اضافة الى هيئة الأمم المتحدة . خطوة استكمال حرية القطاع تتوافق مع سمات المرحلة الراهنة للنضال الفلسطيني من أجل انتزاع حق تقرير المصير خاصة بعد اختيار القيادة الفلسطينية الشرعية في منظمة التحرير والمجلس الوطني وفيما بعد السلطة الوطنية طريق الحوار والحل السياسي والبرامج المرحلية والتي تجسدت كنهج في اتفاقية – أوسلو – بعد أن مهّد لها مؤتمر – مدريد – التصالحي بين العرب واسرائيل باشراف وضمانات دولية معروفة وهي ثمرة نهج الاعتدال والعقلانية التي تسلكها القيادة السياسية الشرعية المنتخبة ورئيسها السيد محمود عباس – أبو مازن - . من حق الشعب الفلسطيني وقواه السياسية وسلطته الوطنية الاحتفاء بهذا الحدث الذي أعاد اليهم جزء أساسيا وهاما من حقوقهم – وليس كلها - ومن منطلق الحرص والصداقة أقول من واجبهم أيضا التعامل مع الموضوع في حدود القانون والنظام والحفاظ على هذه المكتسبات وتجييرها للصالح العام لأنها بالاساس من أملاك الدولة والشعب وتقوم السلطة بالنيابة في الائتمان عليها خاصة وأن ابناء الشعب الفلسطيني يمتلكون من المهارات والكفاءات الكفيلة بمواصلة استثمار تلك المساحات وتشغيلها وانتاجها وتحويل فوائدها الى االمداخيل القومية بدعم – الوسطاء – الدوليين وضمانات الدول المانحة واللجنة الرباعية , هذا هو باعتقادنا الأمر الجوهري أما محاولات البعض وخاصة من جماعات - الاسلام السياسي – في اجراء حسابات أخرى انطلاقا من النظرة الفئوية الضيقة وتمشيا مع الخطابات الحماسية والبحث عن – حصص – ومواقع نفوذ على حساب الالتزامات الوطنية وهيبة السلطة والقانون فلا شك أنها تهدف الى نسف العملية السياسية من الأساس وضرب فكرة الاستقلال الفلسطيني في الصميم وسرقة انتصار الشعب وسلطته الوطنية بتناغم واضح وفاضح مع متطرفي الجانب الاسرائيلي من جماعات – اليهودية السياسية – لأن ما حدث وبصريح العبارة يتنافى مع نهج الطرفين بل ويمهد لعزلهما أكثر في المستقبل القريب فكرا وسلوكا وخطابا وأجندة . لا يختلف اثنان حول فضل الكفاح الوطني الفلسطيني المتواصل منذ أكثر من نصف قرن في تحقيق أي انجاز راهنا ومستقبلا بما فيها اخلاء مستوطنات غزة وعودة الحق الى أصحابه كما لا يجوز تجاهل نجاح ادارة القيادة الفلسطينية للعملية السياسية في الفترة الأخيرة وكذلك العوامل الداخلية الاسرائيلية الضاغطة باتجاه الحل السلمي وتأثير التطورات الايجابية على الصعيد الاقليمي في مجال حصول التغييرات الديموقراطية في العراق ولبنان وترشح دول أخرى للالتحاق وتوجه المنطقة بشكل عام نحو التغيير والاصلاح وآفاق السياسة الدولية التي تشير ملامحها الى المزيد من الاستقرار في المستقبل والتوافق حول مواجهة الارهاب والانظمة الاستبدادية وتحقيق الحريات والديموقراطية للشعوب والجماعات وتعزيز سبل التنمية واضافة الى كل ذلك فان المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية كانت تحديا منذ قيامها للشرعية الدولية وانتهاكا صارخا للحق والعدل ومبادىء حق الشعوب وحقوق الانسان وازالتها شكلت عودة الى الشرعية التي لن تنتهي مهما تقادمت السنون كما جسّدت سابقة في عصرنا الراهن تستحق التقدير والوقوف عندها مليا لأنها سلطت الأضواء من جديد على قيم وقدسية الشرعية تاريخية كانت أم جغرافية أم قومية وأولوية وأحقية العودة الى الأصول فبعد أربعة عقود من الاحتلال وما شاهدته من تغيير التركيب الديموغرافي وتغيير أسماء المناطق والمواقع من اصلها العربي الى العبرية تعود المنطقة الى أحضان شعبها وسلطتها بقضها وقضيضها وعناوينها وأسمائها الحقيقية ومن واجب المجتمع الدولي تعزيز هذه السابقة وتعميمها وتطبيقها في كل بقعة تعرضت الى الاحتلال الاستيطاني واجراءات تغيير الطابع الأصلي الديموغرافي . شرور المستوطنات الاسرائيلية أصابت الشعب الكردي وألحقت الأذى بقضيته القومية ونضاله فقد كانت اسرائيل سبّاقة في الشرق الأوسط في مجال التخطيط وتوفير المستلزمات المادية والعسكرية والبشرية لتهجير شعب من السكان الأصليين والاحلال محله في أطر ما أسمتها - بالكيبوتزات – أو – المزارع التعاونية – والجمعيات السكنية والعمل التطوعي لبنائها بدوافع قومية – عنصرية ودينية متزمتة وذلك على قاعدة التعاون الكامل بين الدولة والمنظمات شبه العسكرية المسلحة , ويعود فضل ! الأسبقية لفكر حزب البعث وتيارات قومية شوفينية في سورية والعراق في تلقف التجربة الاسرائيلية – الرائدة – في مجال اقتلاع السكان الاصليين من موطن الآباء والأجداد ولم يخف القائد والوزير والمنظّرالبعثي – محمد طلب هلال – حماسه في تطبيق التجربة الاسرائيلية على كرد سوريا في وثيقته الشهيرة السرية المرفوعة الى قيادة حزب البعث والتي أنتجت مخطط الحزام العربي والاحصاء الاستثنائي لكرد الجزيرة وتهجير وحرمان عشرات الآلاف من حق المواطنة وبناء – 33 – مستوطنة لعرب من خارج المحافظة في قلب المنطقة الكردية تم تسليحهم وتمويلهم ورعايتهم ( المستوطنات الاسرائلية في غزة تبلغ 22 ) كما أن البعث العراقي سار على المنوال نفسه بتهجير مئات الآلاف من الكرد والقوميات الأخرى من كركوك وسنجار ومناطق أخرى وجلب ما يماثله من العرب للحلول محلهم وذلك بعد الاستفادة من تجربة اسرائيل في بناء – الكيبوتزات – الاستيطانية على حساب السكان الاصليين . أهمية هذا الحدث لا تعفي الأطراف المعنية وخاصة الوسطاء الدوليين من ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر من مغبة حدوث نوع من الارتداد من الجانب الاسرائيلي أو التعويض عن مستوطنات غزة في الضفة الغربية وفي الوقت الذي تبحث فيه الاوساط الاسرائيلية عن ذريعة للتحلل من الالتزامات تجاه المجتمع الدولي فان السلطة الوطنية الفلسطينية منوطة باستخدام – سلاح الذكاء – حسب تعبير الكاتب والوزير السابق الصديق – نبيل عمرو - بمضاعفة استعداداتها للقيام بما يلزم من أجل تجيير النتائج لصالح الشعب الفلسطيني ومستقبل أجياله ونجاح عملية السلام . مرة أخرى نقول هنيئا للشعب الفلسطيني الصديق في استعادة جزء آخر من أراضيه وأنه لن يضيع حق وراءه مطالب مهما طال الزمن .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- طلاق فوري أو زواج كاثوليكي -
-
عودة الى- ثلاثيّ- زمن الردة
-
ماذا يجري في كردستان ايران ؟
-
في ذكراه السنوية الاربعين ماذا عن صرخة كونفرانس آب المدوية أ
...
-
كيف السبيل لمواجهة ارهاب جماعات - الاسلام السياسي - في كردست
...
-
موقع الارهاب في خارطة الصراع ( 2 ) الارهاب كرديا : - شيخ زان
...
-
موقع الارهاب في خارطة الصراع-1
-
رسالة مفتوحة الى - نخبة المجددين الكرد السوريين -
-
قراة في مقال ( نبذةتعريف ) - للمجلس الوطني للحقيقة والعدالة
...
-
جورج حاوي ذلك القائد الطليعي المتواضع
-
رئاسة اقليم كردستان العراق ( 3 ) ردود فعل واصداء
-
رئاسة اقليم كردستان العراق ( 2 ) خطاب القسم او البرنامج السي
...
-
رئاسة اقليم كردستان العراق ( 1 ) خصوصية مميزة وشرعية كاملة
-
مؤتمر البعث ... اصلاح .. ام - اصلاحية -
-
شهداء التغيير الديموقراطي من - قامشلو - الى - بيروت -
-
تتويج رئيس اقليم كردستان انتصار للعراق الجديد
-
من قتل الخزنوي ولماذا ؟
-
متابعة : - رؤية جماعة الاخوان المسلمين للقضية الكردية في سور
...
-
رسالة تهنئة لقيادة حزب آزادي
-
مجرد اقتراح ...
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|