|
الدولة الفلسطينية حقيقة... و لكن...1
اكرم هواس
الحوار المتمدن-العدد: 4634 - 2014 / 11 / 15 - 20:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدولة الفلسطينية حقيقة... و لكن...1
اخيرا... الدولة الفلسطينية ستعلن خلال فترة لن تكون طويلة رغم المعارضة الإسرائيلية و الامريكية الرسمية ( الا اذا....و هذه مرتبطة ب "لكن" التي سنعود اليها لاحقا ).... نحن لا نتحدث عن اعتراف السويد الرسمي و البريطاني السياسي و إنما هناك مؤشرات اكثر أهمية بهذا الاتجاه... اهم تلك المؤشرات هو الرأي العام الاوروبي و تناول الصحافة لهذه القضية التي كانت منذ وقت قريب مجرد اوهام ... بل ربما كانت تعبر من المحرمات شعبيا و من الممنوعات سياسيا و اعلاميا.... و الذين كانوا يتحدثون عنها كانوا يعتبرون "خياليين" و في بعض الأحيان "متعصبين" او حتى "ارهابيين"...
الان اصبح الجميع يتحدث عن ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ... بل ان اسم فلسطين اصبح متداولا بشكل "طبيعي" في كثير من وسائل الاعلام كما يتم ذكر اسم اية دولة اخرى.... و الملاحظة المهمة هنا هي ان اغلب وسائل الاعلام تشترك في ذلك حتى الكثير من الصحف و محطات الإذاعة و التلفزيون التابعة للمجموعات اليمينية التي كانت حتى وقت تعتبر ذكر اسم فلسطين اعتداء على دولة مستقلة هي اسرائيل ...
و قبل ان نصل الى "لكن" الاستدراكية لابد ان نستعرض مؤشرات اخرى تصب ايضا في مصلحة اعلان الدولة الفلسطينية ألخصها في ملاحظات...
اولا... منذ الانتفاضة الاولى نهاية ثمانيات القرن الماضي فان خطان تطوريان كانا يسابقان بعضهما البعض داخل الأوساط الشعبية و السياسية و الإعلامية و ذلك اعتمادا على الصور الحية للمستوى العالي للعنف المستخدم من قبل القوات الاسرائيلة ضد قاذفي الحجارة من الشباب الفلسطيني...
هذا الخطان هما زيادة التعاطف مع الفلسطينيين بسبب مظلوميتهم امام القوة الإسرائيلية الهائلة من جهة و من جهة ثانية زيادة المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية التي تأتي من مصدر واحد و هو المستوطنات المبنية في الضفة الغربية او غزة... بكلام اخر... تم ربط هذه المنتجات بقضية عامة يتفق الجميع عليها في أوروبا ( على الاقل بصورة رسمية و شعبية) و هي ضرورة مكافحة عمالة الأطفال او عمالة السجناء و المناطق المستعمرة .... هذا يعني ان هذه المنتجات تم اعتبارها منتجات قسرية اي ان الفلسطينيين الذين في المستوطنات هم مجبرين على العمل بشكل تعسفي و ليس على أساس اداء وظيفي يتوافق مع القوانين و يضمن الحقوق...
ثانيا... تأثير ثنائية "الدولة" و "الثورة" او منهجي "السلم" و "العنف" في طبيعة النضال الفلسطيني بعد اتفاقيات أوسلو .... هذه الثنائية أعطت ديناميكية عالية للعمل الفلسطيني الذي انتقل من احادية البعد الى متعدد الأبعاد Multi-Dimensional بحيث انها من جهة ابقت على النضال المسلح ... بل تم تقويتها بشكل كبير بفعل الاستثمار العسكري و السياسي الإيراني ... و من جهة اخرى أضيفت ابعاد اخرى منها العمل السياسي المقبول دوليا و الدور المتنامي لمنظمات المجتمع المدني دون ان يشعر بالحرج او يُتهم بالارهاب ... كما فتح الباب لتدفق الاموال و المساعدات الاقتصادية باعتراف دولي... ( للتذكير كنت قد اشرت الى أهمية هذه الثنائية في مقال سابق بتاريخ 19-3-2012 و هو ..الثورات العربية... و الحرب الباردة الجديدة....4 )...
ثالثا... توسيع ثغرة المواجهة مع الهيمنة الامريكية الغربية بفعل عوامل متعددة ابرزها عودة روسيا الى حلبة الصراع و تقوية مكانة الصين الاقتصادية مقابل تفاقم أزمات الغرب الاقتصادية و تفكك الأواصر القديمة بين أركانها و بروز مجموعة البريكس BRICs و استمرار ايران في النمو و التطور رغم العقوبات الغربية و الدولية المتصاعدة...
هنا لابد من توضيح نقطتين.... تتعلقان بمفهوم " ثغرة المواجهة" و "أهمية دور ايران".... و لنبدأ بالمفهوم الاول ... ما اعنيه بثغرة المواجهة هو إشارة الى الحالة التي نشأت مع بدايات الاستعمار الغربي لبقية العالم .... هذه الحالة التي تطورت بشكل دائمي و بفعل التطور التكنولوجي و العسكري والتي رسختها مجموعة كبيرة و مستدامة من الإجراءات القانونية و السياسية التي أدت مع سقوط الاتحاد السوفيتي الى الاطباق التام ... او الهيمنة التامة... للقوى الغربية برئاسة الولايات المتحدة على شؤون العالم ...
طبعا كانت هناك دوما ثغرات في جدار هذا الاطباق للهيمنة الغربية و لعل وجود الاتحاد السوفيتي لم يشكل أبداً قوة معادلة للغرب... و إنما كان يشكل ثغرة في الهيمنة الغربية ... و عندما قررت القوى الغربية ردمها فإنها فعلت ذلك و نجحت بصورة لم يتصورها ... لكن الهيمنة الغربية تعرضت الى التآكل الذاتي مما فتح ثغرات هنا و هناك دخلت منها الصين و الهند و البرازيل و ايران و غيرها ... و شيئا فشيئا توسعت هذه الثغرات البسيطة و تحولت الى ثغرة متفاعلة بفعل التعاون و التعاضد بين هذه القوى المتحدية للهيمنة الغربية اقتصاديا و سياسيا... طبعا رغم تطور إمكانيات هذه القوى الا انها لم تشكل بعد بديلا حقيقيا للهيمنة الغربية.... و لذلك نتحدث عن توسيع رقعة تأثيرها على صنع القرار الدولي و ليس عن دور حاسم لها في العلاقات الدولية....
الان.... أهمية دور ايران لا تكمن فقط في انها تشكل نقطة لتلاقي القوى الاخرى و خاصة الصين و روسيا و البرازيل و فنزويلا و غيرها... و إنما ايضا لان ايران هي الدولة الشرق-الاوسطية الوحيدة في مجموعة المتحدين للهيمنة الغربية بشكل واضح و بنفس طويل و انتاج اليات للتحدي لم يعهدها الغرب كثيرا... و اذا أضفنا الى القدرات الإيرانية السياسية على المستوى الدولي دخولها المباشر الى ساحة النضال الفلسطيني عسكريا و سياسيا... خاصة ان ايران لها مشروع سياسي اقتصادي اجتماعي تتطوره باستمرار و تدافع عنه بدون تراجع ( طبعا هناك انقادات كثيرة لهذا المشروع و ربما سنكتب عنه مقالة خاصة) ... فلابد إذن ان يكون لهذا الدور و المشروع الإيراني تأثيرا كبيرا في مستحصلات العمل الفلسطيني.
هناك عوامل اخرى تلعب ايضا دورا في هذه القضية و أهمها تتعلق بالتطور السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي داخل المجتمع الفلسطيني و منها ظهور الطبقة المخملية و شبكات المصالح الاقتصادية مع أطراف متناقضة محليا و دوليا و كذلك طبقة البيروقراطية المؤسساتية و الشباب المتاثرين بتيار الشباب العالمي البوست مودرنيتي Post-modernity الساعي الى الرخاء و غير المنتمي او المعولم Globalized عموما (موضوع طويل)... اما سياسيا فالامر لا يتعلق فقط في الصراع المفتوح بين اتجاهي "الدولة" و ا"الثورة" و لكن ايضا داخل كل طرف و كذلك تطور العلاقة مع المحيط و خاصة في سوريا و مصر و مشكلة التواصل الجغرافي-السياسي بين الضفة و غزة و دخول قوى اخرى و خاصة دول الخليج و تركيا مما دفعت كلها باتجاه استقلال فلسطين... و لكن...
في المقالة التالية سنناقش الاستدراك و قضيتي "لكن" و "الا اذا"... الذين ربما يلعبان الدور الأساسي في اعلان قيام الدولة الفلسطينية ... حبي للجميع..
#اكرم_هواس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عولمة داعش...3
-
رسالة الى صديقتي العاشقة..
-
كوباني...أيقونة في زمن التيه...؟؟...
-
عولمة داعش....2
-
عولمة داعش....1
-
المالكي ....غورباجوف العراق...؟؟؟..
-
غزة... مرة اخرى... و استراتيجية تأمين الطاقة...
-
داعش ... و متاهة الفكر...1
-
مريم السودانية....شهيدة ...الاختيار...؟؟؟!!!
-
بوتين... و .. - وا معتصماه-... اوكرانيا..
-
التغيير... حلم كاذب...؟؟..!!!..
-
الفيليون و مفهوم الجينوسايد القانوني...
-
جينوسايد قانوني ...؟؟!!..
-
المرأة و اشكالية إلانا السياسية....
-
دولة المنتصرين...1
-
العسكر و الديمقراطية...
-
السلطان والانتخابات ... لعبة دموية..؟؟!!..
-
مانديلا ... و الدرس الواقعي..
-
الشعب يريد بناء الوطن...
-
حوار.. لحظة وداع..
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|