أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (5)















المزيد.....


تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (5)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4633 - 2014 / 11 / 14 - 20:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فى القرآن آيات عديدة أرّختْ للمواقف التى تعرّض لها (نبى) العرب محمد ، مثل آية ((عبس وتولى أنْ جاءه الأعمى)) فأخرج الترمذى والحاكم عن عائشة قالت : نزلتْ هذه الآية فى ابن أم مكتوم ، فقد أتى رسول الله فجعل يقول له : يا رسول الله أرشدنى ، وكان عند الرسول رجل من (عظماء المُـشركين) فجعل رسول الله يعرض عنه ويُقبل على الآخر (أى أعرض عن الأعمى وأقبل على (العظيم من المشركين) فقال له الأعمى : أترى بما أقول بأسًا ؟ فقال لا. فنزلت الآية. وأخرج أبو يعلى مثله عن أنس (تفسير وبيان القرآن الكريم مع أسباب النزول للسيوطى- إعداد محمد حسن الحمصى- ماجستير فى الشريعة من جامعة الأزهر- ص462) وإذا كان محمد قد أعرض عن الأعمى وهو على قيد الحياة؟ فما مصيره بعد الموت ؟ أجابتْ عن هذا السؤال آية أخرى نصها ((ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا)) (الإسراء/72) وفى سبيل الدفاع عن هذا الموقف من الإنسان الأعمى ، لجأ المفسرون إلى الحيلة الشائعة لديهم وهى الابتعاد عن المعنى الحقيقى (المادى والمباشر) واللجوء إلى معنى رمزى أو معنوى فقالوا أنّ المقصود هو ((من كان فى هذه الدنيا أعمى عن (الحق) فهو فى الآخرة أعمى)) (تفسير الجلاليْن : جلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطى- مطابع الشمرلى- بتصريح من مشيخة الأزهر- ومراقبة البحوث والثقافة الإسلامية برقم 330 بتاريخ 15/7/79) فى تفسيرهما لسوة الإسراء. فإذا كان الإنسان (أعمى عن الحق فى الدنيا) فكيف يكون (أعمى عن الحق) فى الآخرة ، خاصة وقد صدر عليه الحكم مُسبقــًا وأنه فى الآخرة (أضل سبيلا) وطالما الأمر كذلك فإنّ مصيره نار جهنم ، فأى حق (عمى عنه) وهو يكتوى بالنار؟ ذلك سؤال لم يخطر على ذهن مفسرى القرآن وبالتالى لم ولن يخطر على ذهن أى أصولى فى عصرنا البائس . ويزداد الأمر وضوحا مع آية ((قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون)) (الأنعام/50) ويرى المفسرون أنّ الأعمى هو (الكافر) وأنّ المُبصر هو (المؤمن) ومن بين هؤلاء المفسرين الجلاليْن فى تفسيرهما لسورة الأنعام . ويستمر نفس الموقف ونفس النظرة فى آية أخرى شملتْ ((الأعمى والأصم)) وفرّقتْ بينهما وبين ((البصير والسميع)) وختمتها بسؤال ((هل يستويان)) (هود/24) وفى كتب التفسير فإنّ الأعمى والأصم مثل (الكافر) والبصير والسميع مثل (المؤمن) (تفسير الجلاليْن لسورة هود – نموذجًا) وتكرّر الموقف فى آية ((قل هل يستوى الأعمى والبصير)) (الرعد/16) ولأنّ القرآن حريص على التكرار جاءتْ آية ((وما يستوى الأعمى والبصير)) (فاطر/19) وتكرّرتْ (وبنفس الكلمات) فى سورة غافر/58. وفى شرحهما للآية الأخيرة كتب الجلالان ((ولكن أكثر الناس أى كفار مكة لا يعلمون ذلك فهـُـم كالأعمى)) (تفسير الجلاليْن لسورة غافر) وهكذا يوجد الترادف الدائم بين (العمى) والمصطلح غير العلمى (كافر) كما أنّ المُـفسرين تغاضوا عن تلك البديهية المذكورة فى سبب نزول آية (عبس وتولى أنْ جاءه الأعمى) (عبس/1) التى نزلتْ فى رجل أعمى بالفعل وليس بالمجاز (ابن أم مكتوم) والذى أعرض محمد عنه. فلماذا أعرض عنه؟ وما علاقة ذلك بأنّ (الأعمى) = (الكافر) كما قال المفسرون؟
وعن أسباب نزول آية ((لمن شاء منكم أنْ يستقيم)) (التكوير/28) أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن سليمان بن موسى قال : لما نزلتْ (لمن شاء منكم أنْ يستقيم) قال أبو جهل : ذاك إلينا ، إنْ شئنا استقمنا وإنْ شئنا لم نستقم فأنزل الله (وما تشاءون إلاّ أنْ يشاء الله رب العالمين) (التكوير/29) وأخرج ابن أبى حاتم عن طريق عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبى هريرة مثله. وأخرج ابن المنذر عن طريق سليمان عن القاسم بن مخيمرة مثله (عن كتاب تفسير القرآن وأسباب النزول للسيوطى – مصدر سابق- ص463) أى أنّ تلك الآية نزلتْ تؤرخ لواقعة مُحدّدة حدثتْ بالفعل ردًا على قول أبى جهل ((إنْ شئنا استقمنا وإنْ شئنا لم نستقم))
وتتوالى الأحداث (الوقعية) مثال ذلك عند معرفة أسباب نزول سورة الليل : أخرج ابن أبى حاتم وغيره عن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال : أنّ رجلا كانت له نخلة فرعها فى دار رجل فقير ذى عيال ، فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار صعد إلى النخلة ليأخذ منها الثمرة فربما تقع ثمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل من نخلته فيأخذ الثمرة من أيديهم ، وإنْ وجدها فى فم أحدهم ((أدخل إصبعه حتى يُخرج الثمرة من فيه "= فمه")) فشكا ذلك الرجل إلى النبى فقال : اذهب (ثم) لقى النبى صاحب النخلة فقال له : اعطنى نخلتك التى فرعها فى دار فلان ولك بها نخلة فى الجنة.. إلخ (عن كتاب تفسير القرآن وأسباب النزول للسيوطى- مصدر سابق- مع التلخيص- من ص466- 468) وهكذا كانت الميتافيزيقا لحل مشاكل الواقع (نخلة فى الجنة مقابل تنازل الرجل عن نخلته الواقعية) وسورة الليل نصّتْ على ((وأما من بخل واستغنى)) فما مصير البخلاء ((فأنذرتهم نارًا تلظى)) وينجو منها ((الذى يؤتى ماله يتزكى)) (الآيات من 8- 18) وتلك الآيات تجعل العقل الحر يتساءل : هل يكون مصير الإنسان البخيل نار جهنم يتلظى فيها؟ فإذا كان مصير (القاتل) و(الكافر) ب (الله) الخ نار جهنم فكيف ولماذا يكون مصر (البخيل) نفس مصيرهم؟ الاستنتاج الثانى للعقل الحر هو التعرف على ذلك المجتمع الرعوى وعقلية ونفسية أهله ، الذين لا يتورعون عن وضع الإصبع فى فم طفل فقير بغرض إخراج ثمرة من فمه ، ولعلّ هذا يُفسر أنهم كانوا يأكلون الجراد قبل غزواتهم ، وهو ما اعترف به عبد الله بن أوفى الذى قال ((غزوتُ مع رسول الله ست غزوات نأكل الجراد)) (رواه سفيان بن عيينة ورواه الثورى عن ابن أبى يعفور قال سبع غزوات – المصدر: أسد الغابة فى معرفة الصحابة- عز الدين ابن الأثير- كتاب الشعب بمصر- عام 1970- ج3- ص182) وقالت عائشة ((ما شبعنا من طعام قط إلاّ بعد فتح خيبر)) (المستشار محمد سعيد العشماوى- الخلافة الإسلامية- سينا للنشر- عام 90- ص139)
وعن أسباب نزول آية ((ليلة القدر خير من ألف شهر)) (القدر/3) أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : فى بنى إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يُصبح ثم يُجاهد العدو بالنهار حتى يُمسى فعمل ذلك ألف شهر فأزل الله الآية (عن كتاب تفسير القرآن وأسباب النزول للسيوطى – مصدر سابق – ص476) وإذا كانت تلك الآية- وغيرها كثير كما سبق توضيحه- تدل على واقعة مادية (حكاية الرجل من بنى إسرائيل الذى يقوم الليل (فى التعبد) كما قال مجاهد) وأنّ عمله يساوى ألف شهر، فجاءتْ الآية لتـُعيد صياغة نفس المعنى ، مما يعنى أنّ القرآن نزل مُـنجمًا أى مُـتفرقــًا وفق كل حالة كما كتب كثيرون من الفقهاء، ومع ذلك فإنّ الجلاليْن خالفا ضمرهما وكتبا ((إنـّا أنزلناه أى القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا)) (تفسير الجلاليْن لسورة القدر) حتى السيوطى الذى ذكر العديد من الآيات ومدى ارتباطها بالواقع وأسباب نزولها ، خالف هو أيضًا ضميره وكتب ((أنزلنا القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ)) (مصدر سابق- ص480) بينما المتفق عليه (وفق الكتابة العلمية) أنّ القرآن ((نزل مُـنجمًا فى بضع وعشرين سنة على حسب الحوادث والمناسبات ، وأغلبه نزل فى مكة وضواحيها (85 سورة) ويُسمى المكى ، ونزل الباقى فى المدينة وضواحيها (29 سورة) ويُسمى المدنى)) (الموسوعة العربية الميسرة- ط 1 – عام 1965- ص1373) وكيف يكون القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ ، بينما تم جمعه فى عهد عثمان بن عفان الذى أحرق سبعة مصاحف ، وكيف يكون قد نزل جملة واحدة بينما كان محمد يُملى على أتباعه الآيات وكانوا يكتبونها – على عادة العرب – على الجلود والخشب والعظام والأحجار والجريد وكل منها تـُسمى صحيفة وبعد وقعة اليمامة التى مات فيها كثيرون من حفظة القرآن ، ندب أبو بكر- بناءً على اقتراح عمر- زيد بن ثابت لجمع القرآن كتابة ، إذْ كان أحد كتــُاب الوحى ومن أوثق الحفاظ ، وبقيتْ هذه الصحف مرتبة تحت رعاية أبى بكر وعمر من بعده، ثم أودعتْ بيت حفصة بنت عمر بعد موت أبيها. ولما اتسعتْ الفتوح (الغزوات) وتفرّق المسلمون فى الأمصار وأخذوا يقرأون القرآن بقراءات مختلفة ، جمع عثمان الصحابة واستشارهم فى تجميع القرآن فى مصحف واحد فأقروه على ذلك ، وندب لهم جماعة من الحفاظ على رأسهم زيد بن ثابت ، وعوّلوا على الصحف المودعة لدى حفصة واستنسخوا منها عدة مصاحف وبعثوا إلى كل قطر بمصحف سُمى باسم قطره ، فقيل : المصحف البصرى ، والكوفى ، والشامى ، والمكى والمدنى وسُمى المصحف الذى احتفظ به عثمان (المصحف الإمام) وثار خلاف قديم حول أنه (أى القرآن) قديم أو حادث فى القرنيْن الثالث والرابع للهجرة ، وهو ما يُسمى بمحنة خلق القرآن)) (المصدر السابق- ص1374)
وكتب السجستانى عن الصحف التى كانت لدى حفصة ((فأرسل إليها عثمان فأبتْ (رفضت) أنْ تدفعها إليه حتى عاهدها ليردها إليها ، فبعثتْ بها إليه فنسخها عثمان فى هذه المصاحف ثم ردّها إليها فلم تزل عندها حتى أرسل مروان فأخذها وحرقها)) (كتاب المصاحف – تأليف أبى بكر عبد الله السجستانى – دار الكتب العلمية- بيروت – لبنان- عام 1985- ص16) ومما يؤكد أنّ القرآن كان مُـتفرقــًا ، الواقعة التى حكاها عبد الله بن محمد بن خلاد قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا مبارك عن الحسين أنّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل كانت مع فلان فقـُتل يوم اليمامة. فتلك آية (مفقودة) فماذا كان بها ؟ والدليل الثانى أنّ عمر بن الخطاب أراد أنْ يجمع القرآن فقام فى الناس وقال : من كان تلقى من رسول الله شيئـًا من القرآن فليأتنا به. وكان هو وعثمان لا يقبلان شيئـًا من أحد حتى يشهد عليه شاهدان ، فجاء خزيم بن ثابت وقال : إنى قد رأيتكم تركتم (آية) لم تكتبوهما. قالوا وما هى ؟ قال فذكر الآية رقم 128 من سورة التوبة. والأكثر إثارة للدهشة أنّ عثمان سأل : فأين ترى أنْ نجعلها؟ قال : اختم بها آخر ما نزل من القرآن فختمتْ بها براءة (المصدر السابق- ص16، 17) أى أنّ البشر هم الذين تولوا ترتيب آيات سور القرآن. وعن فلان عن فلان قال على بن أبى طالب حين حرق عثمان المصاحف : ((لو لم يصنعه هو لصنعته)) أى أنّ على كان مثل عثمان فى حرق المصاحف التى لم يرض عنها . وعن فلان عن فلان عن مصعب بن سعد قال : ((أدركتُ الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك وقال : لم ينكر ذلك منهم أحد)) (ص19)

وعن أسباب نزول سورة قريش ، أخرج الحاكم وغيره عن أم هانىء بنت أبى طالب قالت : قال رسول الله فضــّــل الله قريشـًا بسبع خصال وفيه نزلتْ سورة لم يذكر فيها أحدًا غيرهم)) (السيوطى - مصدر سابق- ص480) ثم يجيىء حديث (نبوى) ليؤكد نفس المعنى إذْ قال محمد ((ولا تكون العرب كفؤًا لقريش والموالى لا يكونون كفؤًا للعرب)) (شمس الدين السرخسى فى المبسوط – المجلد 3 ص24) وقال عثمان للجنة التى شكلها ((ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم حتى إذا نسخوا الصحف فى المصاحف بعث عثمان إلى كل أفق بمصحف من تلك المصاحف التى نسخوا وأمر بسوى ذلك فى صحيفة أو مصحف أنْ يُحرق وقال غيره يُخرق . وقال الزهرى : حدثنى خارجه بن زيد أنّ زيد بن ثابت قال : فــُــقدتْ آية من سورة الأحزاب كنتُ أسمع رسول الله يقرأها فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت وألحقتها فى سورتها . واختلفوا فى كلمة (التابوت) وكلمة (التابوه) فقال القرشيون (التابوت) فرُفع اختلافهم إلى عثمان فقال اكتبوها التابوت فإنها بلسان قريش)) (السجستانى ص26) أى أننا إزاء اجتهاد بشرى بحت حول الاتفاق على كلمة وردتْ فى القرآن . ولذلك أمر عثمان بحرق المصاحف التى فى العراق بالنار (ص27) وقال ابن شهاب أخبرنى أنس بن مالك الأنصارى أنه اجتمع لغزوة أذربيجان وأرمينيه أهل الشام وأهل العراق قال : فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. فركب حذيفة بن اليمان إلى عثمان وقال له : إنّ الناس قد اختلفوا فى القرآن ففزع لذلك عثمان فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحيفة التى كان أبو بكر أمر زيدًا بجمعها فنسخ منها مصاحف ، فلما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف ليحرقها وخشى أنْ يُخالف بعض الكتاب بعضًا فمنعته إياه. فلما ماتتْ حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر ليرسلنّ بها فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها عبد الله بن عمر إلى مروان وحرقها مخافة أنْ يكون فى شىء من ذلك اختلاف لما نسخ عثمان . ووصل الأمر لدرجة أنْ ((كفر بعضهم بقراءة بعض)) وقال مالك بن أبى عامر ((كنتُ فيمن أملى عليهم فربما اختلفوا فى الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها عن الرسول ولعله أنْ يكون غائبًا أو فى بعض البوادى فيكتبون ما قبلها وما بعدها ويدعون موضعها حتى يجيىء أو يُرسل إليه. فلما فرغ من المصحف كتب إلى أهل الأمصار أنى قد صنعتُ كذا ومحوتُ ما عندى فامحوا ما عندكم)) (السجستانى- 29) وهذا تأكيد جديد على التدخل البشرى فى كتابة القرآن . وفى واقعة بالغة الدلالة كتب السجستانى ((حدثنا أبو الربيع قال : أخبرنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث أنّ بكيرًا حدثه أنّ ناسًا كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال : فإنى أكفر بهذه ففشا ذلك فى الناس واختلفوا فى القرآن فكلم عثمان فى ذلك فأمر بجمع المصاحف وأحرقها)) (30)
والأكثر دلالة على (بشرية) كتابة القرآن ما ذكره السجستانى ((حدثنا عبد الله حدثنا عمرو بن عبد الله الأودى حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال : سألتُ عائشة عن لحن القرآن (إنْ هذا لساحران) وعن قوله (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) وعن قوله (والذين هادوا والصابئون) فقالت يا ابن أختى هذا عمل الكـُـتاب أخطأوا فى الكتاب)) (43)
وخاطب أبو موسى الأشعرى بعضهم فقال لهم ((ما وجدتم فى مصحفى هذا من زيادة فلا تنقصوها وما وجدتم من نقصان فاكتبوه)) وقال رجل من أهل الشام : مصحفنا ومصحف أهل البصرة أحفظ من مصحف أهل الكوفة. وعن فلان عن فلان : سمعنا خالد بن أياس بن صخر بن أبى الجهم يذكر أنه قرأ مصحف عثمان فوجد فيه مما يُخالف مصاحف أهل المدينة فى إثنى عشر حرفـًا)) (ذكرها السجستانى بالتفصيل فى ص46) وكتب ((حدثنا عبد الله حدثنا اسحاق بن وهب حدثنا يزيد قال : أخبرنا حماد عن أبى جمرة قال : أتيتُ إبراهيم بمصحف مكتوب فيه سورة كذا وآية كذا قال إبراهيم : امح هذا فإنّ ابن مسعود كان يكره هذا ويقول : لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه)) وكتب ((حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا أبو بكر قال قلتُ لأبى رزين : أكتب فى مصحفى خاتمة سورة كذا وكذا قال أخشى أنْ ينشأ نشوءٌ يحسبون أنه نزل من السماء)) (السجستانى – ص154)
وجاء فى مصحف عبد الله بن مسعود ((إنّ الله لا يظلم مثقال نملة)) بينما هى فى مصحف عثمان ((إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة)) (النساء/40) وعن آية ((واركعى واسجدى فى الساجدين)) بينما هى مصحف عثمان ((واسجدى واركعى مع الراكعين)) (آل عمران/43) وآية ((من بقلها وقثائها وثومها)) بينما هى فى المصحف الحالى ((وفومها)) (البقرة/61) وعن آية ((ليس عليكم جناح أنْ تبتغوا فضلا من ربكم)) (البقرة/198) بينما هى فى مصحف ابن مسعود ((فى مواسم الحج فابتغوا فضلا حينئذ)) وعن ابن عباس قال قراءتى قراءة زيد وأنا آخذ من قراءة ابن مسعود وهذا أحدها ((من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها)) بينما هى فى المصحف الحالى ((وفومها)) (البقرة/61) وتلك الآية كانت تتكلم عن موسى (نبى العبرانيين) الذى سأل عن الطعام وطلب من (الرب) التصرف ، فكان الحل نهب خير مصر المشهورة بالبقول والثوم والعسل والبصل . كذلك تلا البعض آية ((والعصر إنّ الإنسان لفى خسر. وإنه فيه إلى آخر الدهر)) وأنها من قراءة ابن مسعود بينما فى المصحف الحالى لا توجد عبارة (وإنه فيه إلى آخر الدهر) وآية ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)) (البقرة/238) كما وردتْ فى مصحف عثمان، أضافت عائشة فى مصحفها (وصلاة العصر) وهاتان الكلمتان غير موجودتيْن فى المصحف الحالى. وكتب السجستانى ((حدثنا محمد بن معمر. حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال : أخبرنى ابن أبى حميد قال أخبرتنى حميدة قالت : أوصتْ لنا عائشة بمتاعها فكان فى مصحفها (إنّ الله وملائكته يصلون على النبى والذين يَصلون الصفوف الأول) (لسجستانى فى الفصل الذى خصّصه عن مصحف عائشة- ص94، 95) بينما تلك الآية الورادة فى سورة الأحزاب/ 56 ليس فيها ما أضافته عائشة (والذين يَصلون الصفوف الأول) والأدق – لغويًا (الصفوف الأولى أو الصف الأول) وعن الاختلافات العديدة بين مصحف ابن مسعود ومصحف عثمان أورد السجستانى العديد من الأمثلة التى شغلت الصفحات من 64- 82) مما يتعذر نقل تلك الصفحات خشية التكرار، ولعلّ ذلك كان أحد أسباب الموقف العدائى الذى أخذه عثمان ضد ابن مسعود لدرجة منعه من المشاركة فى اللجنة التى جمعتْ وكتبتْ مصحف عثـمان ، خاصة أنّ ابن مسعود كتب ((إنّ الدين عند الله الحنيفية)) (السجستانى- ص70) بينما هى فى المصحف الحالى ((إنّ الدين عند الله الإسلام)) (آل عمران/19)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (4)
- تفسير القرآن وأسباب النزول
- لماذا يكره الأصوليون باب أسباب النزول ؟ (2)
- لماذا يكره الأصوليون باب أسباب النزول ؟
- بشأن منح جائزة ابن رشد للغنوشى
- العلاقة بين الإرهاب والغزو والنهب
- الأصولى وتوقف النمو العقلى
- بشر يحاكمون الحيوانات والحشرات (3)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (2)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (1)
- دراما حياة ومقتل عثمان بن عفان
- الجمل وصفين وبحور الدم
- القرآن والأحاديث والسيرة والغزو
- هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)
- أحاديث (نبى) العرب محمد (2)
- قراءة فى أحاديث (نبى) العرب محمد (1)
- مغزى تعدد أسماء الآلهة
- الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا
- العلاقة بين الواقعى والغرائبى فى (ماكينة الأحلام)
- حنان الشيخ وروايتها البديعة مسك الغزال


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (5)