|
الإعدام جريمة باسم العدالة
عصام سباط
الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 09:39
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
"على الحداد أن يعلن مرتين، لحظة الجريمة ولحظة الإعدام" ففي كلتا الحالتين يتم اغتيال العدالة – وليد صليبي
مقدمة:
في إطار متابعتي لأحد البرامج الوثائقية على إحدى الفضائيات، لفت انتباهي برنامج عن "الثورة" الرومانية التي أطاحت بالديكتاتور تشاوشسكو. ورغم كل الإجرام والتعسّف اللذين سادا عهده، إلاّ أنني صُدمت وصُدم الجميع بعملية الإعدام التي نُفِّذت به وبزوجته العجوز. ولم يسعني إلاّ التعاطف معهما، والقول إنهما ضحية بين أيدي مجرمين.
وكيف لا نتعاطف، ونحن نرى عجوزين أعزلين يواجهان فريق إعدام من الجيش مدججاً بالسلاح! وكيف لا نُصدم بعد أن عرفنا أن جثة تشاوشسكو وُجد فيها أكثر من 100 رصاصة!
وكم من تعاطفٍ مماثل لقيه محكومون أومعدومون آخرون... إنها النفس البشرية التي تنفر من القسوة وتتضامن مع الضعيف. إنها النفس البشرية التي استنكرت إعدامات حدثت باستفزازٍ شنيع إن بأساليبها أو بتوقيتها. إنها النفس البشرية التي مهما قست، نجد فيها الخير والحب والعدل والرحمة. إنها النفس البشرية التي عرفت العفو عند المقدرة واقتنعت بأن تكون مظلومة خيراً من أن تكون ظالمة...
هذا الظلم الذي ما زلنا نشعر به ونشاهده ونتعرّض له، هو ما دفعني إلى التصدّي له بكل ما أوتيت من قوة، ولا قوة إلاّ للحق. فمن تعذيب واضطهاد إلى قمع وتعسف، ومن قهر باسم العدالة إلى قتل باسم القانون... وهكذا، أضحت حقوق الإنسان في عصرنا منقوصة بشكل فاضح، وكرامته رهن غرف التعذيب، وحريته مصادَرَة.. وفي أول قائمة الانتهاكات تلك، إلغاء أرقى قيمة وأول حق في الكون: الحياة.
إنها الحياة التي يتم الاعتداء عليها بأسماء برّاقة. باسم القانون نقتل لنمنع القتل، ونظلم لنمنع الظلم، ونعتدي لنمنع الاعتداء... وفي الإعدام، نسرق الحياة ببساطة. السارقون يسرقون ممّا يملكه سواهم ويُعاقَبون في النهاية. أما الذين يَعدمون، فيسرقون ما يملكه الله. الحياة.
انطلاقاً من واجبنا بالقضاء على الظلم، واقتداءً بالكثير من المناضلين الذين آلوا على أنفسهم محاربة الاضطهاد والعنف، ارتأيت أن أبحث وأكتب عن الإعدام علّي أنجح في تسليط بعض الضوء على هذا الموضوع الشائك، فأسهم في إقناع البعض في نبذ الإعدام واعتباره جريمة كل عصر.
هناك أحرار في كل بلد رفضوا الظلم وناضلوا دون كلل لإيقاف هذا العار. من جهتي، أشارككم هذا النضال وعبر هذه الندوة، مركّزاً بحثي على بلدي لبنان الذي نطمح بأن يكون مثالاً للحرية والعدالة والديمقراطية.
لا شكّ في أننا إذ نلغي عقوبة الإعدام نحاول أن نعطي الأمل لأشخاص قد يكونون عليلين بحاجة للعلاج، أو أبرياء قنصتهم العدالة عن خطأ، أو أشخاصاً حسبناهم لفترة خونة وإذا بهم أبطال، أو أفعالاً حسبناها أفظع الجرائم فإذا بنا نعتبرها بعد حين واقعة أقل من عادية...
ودورنا الرئيس في كل ذلك يكون في معالجة الأسباب التي أدّت إلى مثل تلك الانحرافات والأخطاء، وليس اتباع الحل الأسهل بقتل الحلقة الأضعف. فالإعدام ليس إلاّ الطريقة الأسرع لإخفاء المشاكل والقصور، لكنه إخفاء مؤقت. ففي ظل الإعدام، ستبقى نار المشكلة كامنة تحت رماد إشكاليات المجتمع.
مع التقدير لإقامة هذه الندوة حول الإعدام في المنطقة العربية، أحمل إليكم من لبنان (مع زملاء آخرين) 10 سنوات من النضال المتواصل والرياديّ لإلغاء عقوبة الإعدام، الذي بادر إليه ونسّق حملته الوطنية مؤسِّسا "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية" التي انتدبتني للمشاركة في هذه الندوة، الدكتورة أوغاريت يونان، والدكتور وليد صلَيبي. ويسعدنا أن تكون خطوتكم هذه مدماكاً إضافياً في محاولات سابقة سعينا إليها بطلب من منظمات حقوق إنسان عربية حليفة أرادت الاستنارة بتجربتنا في لبنان، إضافةً إلى الهدف المتمثل في تكوين مجموعة عربية فاعلة تعمل معاً من أجل إلغاء الإعدام في بلداننا العربية جميعها.
فبالتوفيق.
ونحن مستعدّون دوماً للدعم والمساندة ونقل خبراتنا الفكرية والحقوقية والميدانية إلى أي بلدٍ عربي آخر.
في بحثي هذا، قوانين وإحصاءات وحجج من دراسات عالمية ومحلية وأيضاً أفكار لحملة ميدانية تؤثر وتحقق إنجازات... وفي البحث قسمان، وفي كل منهما فصلان:
القسم الأول: الإعدام في لبنان تشريعاً وممارسة.
القسم الثاني: نحو إلغاء العقوبة.
القسم الأول: الإعدام في لبنان تشريعاً و ممارسة
الفصل الأول: الإعدام في التشريع
منذ الاستقلال عام 1943، لَحَظ التشريع اللبناني حكم الإعدام في قوانينه كافة.
§ في قانون العقوبات المدني، أقرت المادة 37 منه([1]) أن العقوبات الجنائية الـعادية هي:
- الإعدام
- الأشغال الشاقة المؤبدة
- الاعتقال
في حين حدّدت المادة 43 منه بعض الضمانات الشكلية كاستطلاع لجنة العفو وموافقة رئيس الدولة ومنع تنفيذ حكم الإعدام بالحوامل أو أيام الآحاد والأعياد الوطنية والدينية... ولكن مهما حاولنا تجميل القبح، يبقى قبحاً. مثالٌ على ذلك فكرة الحرب، حيث يرى الدكتور وليد صلَيبي([2]) كيف أن الحرب وإن جُمِّلت بمفاهيم وحجج "مثالية" تبقى هي هي، الحرب، حتّى ولو حملت تسميات من مثل: الحرب الدفاعية، الحرب الوقائية، الحرب الإلهية، الحرب الحقوق إنسانية...
في القسم العام من قانون العقوبات وتحديداً في حالات الجرائم الخائبة أو محاولة القتل غير الناجحة، وإن كان القانون قد سمح بإبدال الإعدام بالأشغال الشاقة إلاّ إنه لم يفرض هذا الأمر. فمثلاً في جريمة القتل الفاشلة، سمح القانون بإبدال الإعدام لكنه لم يلزم بهذا التبديل([3]). والكارثة أنه حتى في الحالات التي لا تستوجب الإعدام سمح القانون بتطبيق الإعدام بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة في حال وجود أسباب مشددة([4]).
أما أبرز الحالات التي عاقب عليها قانون العقوبات بالإعدام فهي: القتل. وأساساً، لم يعاقب القانون اللبناني على القتل إلاّ إذا حدث في حالات محدّدة. فالقتل قصداً بحسب المادة 547 يعاقب عليه بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة وفي ظروف مشددة أخرى بالأشغال الشاقة المؤبدة.([5]) نعدّد هنا حالات القتل التي يُعاقب عليها بالإعدام:([6])
- عمداً (هناك فرق بين العمد والقصد، فالعمد هو المبيّت مسبقاً).
- تمهيداً لجناية أو جنحة أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها.
- على أحد أصول المجرم.
- في حال إقدام المجرم على أعمال التعذيب.
- على موظف.
- على إنسان بسبب انتمائه الطائفي أو ثأراً.
- باستعمال المواد المتفجرة.
- من أجل التهرّب من جناية.
في حالة القتل عمداً؛ أي كما يقال في مصر مع سبق الترصّد، تكون العقوبة الإعدام. أي عندما يكون الفاعل قد قرّر قتل الشخص مسبقاً. عرّف القانون المصري في المادة 231 عقوبات مصري "سبق الإصرار" بأنه: "القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين."
وقد عرّفت محكمة التمييز "العمد" بأنه: "هو تصميم مسبق على ارتكاب الجريمة وإعداد العدة لها وتنفيذها بهدوء وروية وتفكير بصورة هادئة دون أي حديث أو مشادة أو أي أمر آخر.([7]) وأن العمد أو سبق الإصرار يتألف من عنصرين عنصر الروّية والتفكير وعنصر الزمن." "فجوهر سبق الإصرار إذن هو الحالة الذهنية التي تقوم في نفس الجاني قبل الإقدام على التنفيذ من تصميم عليها بعد تفكير هادئ مطمئن."([8])
لو تأملنا هذا الكلام، ترانا نتساءل: أي فعل قتل يُطلَق عليه عن سبق إصرار وترصّد، عن عمد، عن تصميم مسبق، عن إعداد العدّة بهدوء وتفكير بصورة هادية دون أي حديث أو مشادة !؟ إنها الصفات التي تنطبق تماماً على جريمة القتل الكبرى: الإعدام. فالإعدام يدبّر بهدوء وبتخطيط، "هو الجريمة النموذجية التي تنطبق عليها صفة: عن سابق تصور وتصميم"([9]) على حدّ قول د. صلَيبي.
إضافةً إلى الحالات الواسعة والمتنوّعة التي ذكرناها، شمل القانون حالات أخرى واردة في المادتين 547 و548 عقوبات التي لا يُعاقب أصلاً على أساسها القاتل بالإعدام. فقد صدر مثلاً قانون 1959 بناء على اقتراح من النائب الراحل العميد ريمون إدّه، قضى بإعدام القاتل لأي سبب كان وأُطلق عليه قانون "القاتل يُقتَل". والخلفية كانت آنذاك، أن تُكرَّس هيبة الدولة بعد أحداث 1958 والفتنة الطائفية، عبر "تعليق المشانق"... والذي حصل فعلياً: إعدام شخص واحد ممّن شاركوا في النزاع الداخلي الطائفي والملقّب بـِ "التكميل"، في حين ازدادت الجرائم العادية بعد صدور القانون ولم تتنبّه السلطات إلى عدم جدوى الإعدام! لاحقاً أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، أُوقف العمل بموجبه، ثمّ أعيد العمل به أو بالأحرى صدر قانون مطابق له عام 1994 وهو القانون 302/94 الذي أوقف تطبيق المواد 547 و 548 عقوبات وأوجب إعدام القاتل مهما كان السبب ومنع الأخذ بالأسباب التخفيفية؛ أي أنه ألغى دور القاضي عملياً وحوّله مجرّد "آلة".
إلاّ أنه، ولحسن الحظ، أُلغي هذا القانون سنة 2001 بفضل جهود "الحملة الوطنية لإلغاء الإعدام"، وإن كانت المادة 549 ما زالت تنص على الإعدام في الحالات الأخرى (وهي معظم حالات القتل).
كما أن قانون العقوبات نصّ على تطبيق الإعدام في حالات أخرى، ومنها:
الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي([10])
حيث عاقب القانون بالإعدام، اللبناني الذي يحمل السلاح على لبنان/ واللبناني الذي يتصل بدولة أجنبية ليدفعها إلى العدوان على لبنان إذا أفضى فعله إلى نتيجة/ واللبناني الذي في زمن الحرب يلحق الضرر بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات وكل ما هو معدّ للجيش.
نلاحظ هنا أن القانون أوجب الإعدام في حالات وإن كانت مدانة وطنياً، رغم أنها لم تلحق ضرراً جسدياً بحياة أحد.
الجمعيات غير المشروعة([11])
هنا أنزل القانون عقوبة الإعدام بالعصابات التي تسلب الناس في حالة إقدامها على قتل أحد الأشخاص أو إنزالهم بالمجني عليهم التعذيب والأعمال البربرية. وهنا إذا افترضنا أنه في حالة القتل تلحَق هذه المادة بالمادة 549، إلاّ أننا نستغرب ونستهجن إيقاع الإعدام لمجرد القيام بأعمال بربرية.
بالإضافة إلى ذلك أوجب قانون العقوبات الإعدام في بعض حالات الجنايات التي تشكّل خطراً شاملاً، والاعتداء على سلامة الطرق والمواصلات، وأخذ مال الغير، إلاّ أنه في جميع هذه الجرائم، ربط عقوبة الإعدام فقط في موت أحد الناس؛ أي في تسبب أحد الأفعال الآنفة بموت أحد الناس. وهذا ما يقرّبها من الفقرة المتعلقة بالقتل.
رغم كثرة الجرائم التي توجب الإعدام في قانون العقوبات اللبناني، فالصدمة الأكبر هي في عقوبات الإعدام الواردة في قانون العقوبات العسكري، حيث يعدَم: • لعسكري الفار إلى العدو في زمن الحرب والذي أعدّ أو حمل مؤامرة([12])
• العسكري الذي يجعل نفسه غير صالح للخدمة أمام العدو وذلك للهروب من واجباته العسكرية([13])
• القائد الذي يستسلم للعدو([14])
• كل عسكري يحمل السلاح على لبنان أو يحرض على الفرار أو يحرض على وقف القتال والاستسلام([15])
• والعسكري الذي يعدّ مؤامرة أو يتجسس أو يسرق جريحاً إذا أوقع به أعمال عنف
• والعسكري الذي يرفض الطاعة في زمن الحرب أو يخالف التعليمات العسكرية
• ومَن يتسبب بفقد سفينة أو طائرة
• والأسير السابق الذي يرفع السلاح بوجه لبنان([16])
• وقائد السفينة الذي يغادر السفينة عند غرقها قبل آخر بحريّ فيها وأي بحار يستسلم للعدو.([17])
هنا أيضاً، ومع التأكيد على ضرورة معاقبة هذه الأفعال، نتذكّر دوماً أن هناك الكثير من العقوبات الرادعة بدلاً من الإعدام.
أما قانون أصول المحاكمات الجزائية في لبنان، فقد بيّن طرق طلب العفو حيث أناط العفو بمجلس القضاء الأعلى وبرئيس الجمهورية. ولا ينفَّذ حكم الإعدام إلاّ بموافقة رئيس الجمهورية وبموجب مرسوم، ما يقودنا إلى ضرورة توقيع المرسوم من قبل رئيس الحكومة وبالتالي موافقته.
قانون أصول المحاكمات الجزائية كرّر ما سبق وورد في قانون العقوبات المدني من منع تنفيذ الإعدام أيام الآحاد والأعياد ومنع إعدام الحوامل. كما حدد من يحق لهم حضور تنفيذ الإعدام من هيئات قضائية وأمنية وطبية ودينية ([18]) وأوجب على القاضي أن يسأل المحكوم عليه ما إذا كان لديه ما يقوله وما يطلبه قبل تنفيذ الإعدام ويدوّن ذلك في محضر خاص([19]). أي، يُنظم محضر بإنفاذ الإعدام وتعلّق نسخة من هذا المحضر لمدة 24 ساعة في مكان التنفيذ.([20]) وبخلاف المحضر المشار إليه هنا، يُحظّر على الصحف نشر أي شيء يتعلق بتنفيذ الإعدام.([21])
تلك كانت جردة قانونية عبر التشريع اللبناني المدني والعسكري، حيث نلاحظ اتساع طيف الجرائم التي يُعاقَب عليها بالإعدام، وحيث يصحّ القول بأنه تشريعٌ مُفعمٌ بعقوبة القتل... وحيث يصحّ أن نقول مع الأديب والمفكّر الفرنسي ألبير كامو(Albert CAMUS): " لن يكون هناك سلامٌ اجتماعي دائم، لا في قلوب الأفراد ولا في أخلاق المجتمع، ما لم يوضع الموت خارج القانون."
إنما الحق قوة من قوة الديّان أمضى من كلّ أبيضٍ هنديّ([22])
الفصل الثاني: ممارسة الإعدام في لبنان
لم يعتبر اللبنانيون من أحداث الحرب العالمية الأولى رغم تكرار سردها وتدريسها في المدارس، ورغم كل الكتب والروايات التي وُضعت عنها (مثل "الرغيف" لتوفيق يوسف عواد) والأفلام التي شخّصتها (مثل "سفر بَرْلِك" للأخوين رحباني)...
نعم لم يعتبر اللبنانيون، فتأثير الحرب العالمية الأولى على لبنان يمكن اختصاره بنقطتين:
- المجاعة
- المشانق التي نصبها جمال باشا وأعدم بها العشرات
نعم، ما فتئ اللبنانيون ينتقدون مشانق جمال باشا حتى الآن، لكنهم أجازوا لأنفسهم الشنق وطبّقوه منذ الاستقلال وحتى اليوم !
وطبقاً للإحصاءات([23])، نعرض عليكم سيرة الإعدامات في لبنان كالآتي:
- «نُفِّذ رسمياً في لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم 52 إعداماً. يُضاف إليها إعدام الشاب حسين عواضة (16 عاماً) في بعلبك عام 1994 أي بعد الحرب وعودة الدولة، وذلك على يد "حزب الله" الذي لجأت إليه العائلات لإنزال الحكم الشرعي بالقاتل.
تبقى الإحصاءات ربّما غير كاملة بسبب صعوبة وأحياناً استحالة الحصول على مصادر وافية كلياً وذات صدقية. كما أن هناك أحكاماً أكثر بكثير صدرت بالإعدام، إلاّ أنها لم تنفَّذ لأسباب شتّى.
- نفّذت الدولة إعداماً واحداً خلال الحرب! (1983) في حديقة عامة في بيروت (الصنائع) بحقّ ابراهيم طرّاف.
- جميع الذين أعدموا في لبنان هم من الرجال، رغم صدور أحكام إعدام بحق نساء !
- 11 شخصاً من المعدومين هم من غير اللبنانيين (سوريا، فلسطين، مصر، قيد الدرس...)
- أكثر من نصف الذين أُعدموا لا يتجاوزون الـ 27 من عمرهم؛ أي أن الحياة كانت ما تزال أمامهم.
- حوالي نصف الذين أعدموا متأهلون ولهم أولاد.
- الجرائم التي أُعدموا بسببها كانت: 20 بسبب الفقر (سرقة، فدية مالية، خلاف على شركة، إلخ.). 8 كبت وعلاقات عاطفية مأزومة (اغتصاب، قتل بسبب الخيانة العاطفية، عدم تحمّل فسخ العلاقة، إلخ.). 4 ثأر (بيئة عشائرية، عادات عنفية، إلخ.). 3 طائفية (الفتنة الطائفية 1958، عنصر ميليشيوي من رواسب الحرب). 17 أسباب سياسية (من أبرز الإعدامات السياسية التي حدثت في لبنان: إعدام أنطون سعادة زعيم ومؤسّس "الحزب السوري القومي الاجتماعي" وستّة من رفاقه سنة 1947. زعامات مناطقية، التعامل مع إسرائيل، اغتيال الشيخ نزار الحلبي رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية).
- 99% من الذين أُعدموا كانوا من الفقراء.
* نلاحظ هنا، أننا لو قضينا على الفقر وعالجنا الاضطرابات النفسية ومنحنا قدراً أكبر من الحريات السياسية والديمقراطية، لخفّت الجرائم وربّما انتفت بانتفاء مسبّباتها؛ أي جذورها الأساسية.
- بالنسبة لطريقة الإعدام: 35 شنقاً و17 رمياً بالرصاص.
- بالنسبة للحقبات السياسية، نورد عدد الذين أُعدموا في عهد كل رئيس جمهورية منذ الاستقلال: بشارة الخوري 19، كميل شمعون 6، فؤاد شهاب 4، شارل حلو 0، سليمان فرنجية 4، الياس سركيس 0، أمين الجميل 1، الياس الهراوي 14، إميل لحود 3.
- أما رؤساء الحكومات الذين وقّعوا أيضاً مراسيم الإعدام فهم بحسب التسلسل الزمني: جبرايل المر، رياض الصلح، حسين العويني، عبدالله اليافي، سامي الصلح، صائب سلام، رشيد كرامي، شفيق الوزان، رفيق الحريري.
* هنا، لا بدّ من أن نذكر أن الدكتور سليم الحص هو رئيس الحكومة الوحيد في تاريخ لبنان الذي امتنع رسمياً وعلناً عن توقيع مرسوم إعدام (أيار 2000). وقد أثار موقفه جدلاً كبيراً آنذاك... »
والخطير في موضوع الإعدام هو الانتقائية التي تنفَّذ فيها الأحكام في لبنان. فمنذ عام 1998 وحتى 2004 لم يُنفَّذ أي حكم بالإعدام رغم صدور العشرات منها. وفي عام 2004 (وربّما لأسباب سياسية كما بات معلوماً)، صدر مرسوم بتنفيذ ثلاثة أحكام بالإعدام ونُفِّذت فعلياً وبسرعة قياسية ! فكيف نتصوّر بالتالي وجود عدالة ومساواة بين الناس، في ظلّ وجود مثل هذه الاستنسابية !؟ في لبنان اليوم العديد ممّن ينتظرون تنفيذ الإعدام. وهنا، نورد إحصاءات جمعتها "جمعية عدل ورحمة" الناشطة في السجون والعضو في "الحملة الوطنية لإلغاء الإعدام في لبنان"، عن المحكومين بالإعدام في سجن رومية المركزي في لبنان، عام 2006:
لقد انخفض عدد المحكومين بالإعدام في سجن رومية من 64 شخصاً إلى 42. وذلك على سبيل المثال، بعد إقدام الدولة اللبنانية على تنفيذ حكم الإعدام بحقّ 3 أشخاص سنة 2004، وبعد نقل 3 أشخاص إلى سجون أخرى، وأيضاً بعد تخفيض الأحكام بحقّ 16 سجيناً وذلك نتيجة التمييز وصدور قرار مجلس القضاء الأعلى. والأهمّ من ذلك كلّه، إعلان براءة 2 منهم وتخلية سبيل 1 محكوم آخر !! أما الباقون في السجن وعددهم 42، فقد جمعنا عنهم المعلومات التالية:
- تتراوح أعمارهم بين 18 و 67 سنة.
- بينهم 27 لبنانياً، و10 سوريّين، وشخص واحد من بنغلادش، وشخص واحد من تركيا.
- بينهم 21 شخصاً متزوّجاً ومجموع عدد أولادهم 75، و20 عازباً، وشخص واحد مطلّق.
- مستواهم العلمي: 3 لم يدخلوا مدرسة، 23 لم يكملوا المرحلة الابتدائية، 11 لم يكملوا المرحلة المتوسطة، 8 لم يكملوا المرحلة الثانوية، 6 جامعيين و 2 مهنيين.
- الدوافع المباشرة لارتكاب الجريمة: 21 منهم أثناء مشاجرة فردية، 15 بدافع السرقة، 6 مخدرات.
- بينهم: 5 أشخاص مدمنين على المخدرات وشخص واحد معاق جسدياً.
- وضعهم الطبّي والنفسي: معظمهم يعاني من اضطرابات عصبيّة ونفسيّة كبيرة تصعب معالجتها بسبب القلق اليومي والخوف من حبل المشنقة...
- ماذا كانوا يعملون قبل سجنهم ؟ العدد الأكبر كان متعطلاً عن العمل، أو كان يعمل عند الطلب وبالأجرة اليومية أو سائق سيّارة.
- في معدّل الزيارات التي يتلقّونها: 16 شخصاً ليس لهم من يزورهم على الإطلاق، 12 يواجهون زواراً في المناسبات الكبيرة، 9 يواجهون كلّ شهر و 4 يواجهون كلّ أسبوعين.
- هناك ما لا يقلّ عن نصف المحكومين بالإعدام قد دخلوا في حالة توبة ورجوع إلى الذات لا يمكن وصفها، وهم مستعدّون أن يقضوا ما تبقى من حياتهم يعملون لقاء أجرٍ يُقدّم لأهل الضحية.
من المشاهد والآثار اللافتة حول الإعدام في لبنان، نورد ما يلي للعبرة بشكل أساسي
- ليس كل أهالي ضحايا الجرائم يشتهون ويطلبون الإعدام: مثلاً، عائلة شوقي عون عنصر قوى الأمن الداخلي الذي قُتِل في البقاع لم تطلب الإعدام لقاتله عام 1994، بل شعرت بالتعاطف مع أولاد القاتل وحمّلت مسؤولية الحادث للمجتمع والظروف الاقتصادية الصعبة ولآثار الحرب.
- عقب معاودة تنفيذ الإعدام بكثرة بعد عام 1994، وتصوير وسائل الإعلام للضحايا أثناء وبعد شنقهم، ما أحدث صدمة وضجة كبيرة لدى الرأي العام، شرع الصغار يقلّدون عملية الشنق ويتخذونها لعبة.. الأمر الذي كاد يودي بوقوع أكثر من ضحية في أكثر من منطقة. وقد صدر إثره قرار منعت الصحافة بموجبه من نشر صور ضحايا الإعدام.
- أما عن طرق تنفيذ الإعدام، حيث قد لا يموت المحكوم فوراً فيلجأ الجلاد إلى جذبه من قدميه (!!!)، نورد هنا من أرشيف صحيفة "النهار" عن إعدام عادل ابراهيم حلاوي في صيدا – جنوب لبنان 1971:
"وتمكن حلاوي من الوقوف أخيراً وسار بخطوات بطيئة. وقبل أن يصل إلى الجلاد، كبلوا يديه وراء ظهره واقترب منه الجلاد بثوب الإعدام الأبيض فألبسه إياه وسار به رجال الأمن حتى سلّم المشنقة. وتوقف ثم ركع وصلّى. ثم اقتيد فلم يستطع صعود أدراج السلّم فارتمى عليه وبكى. عندئذ هرع إليه رجال الأمن وانتشلوه وأصعدوه. ولفّ له الجلاد الحبل حول رقبته. وتقدم أحد رجال الأمن وحاول أن يزيل لوح الخشب الموضوع تحت قدمي المحكوم لكي يسقط فيتم الشنق، إلاّ أنه لم يفلح. فعاود الكرّة فلم يفلح أيضاً. وكرر المحاولة مرتين ضاغطاً بكل قوته، فالتوى لوح الخشب وسقط حلاوي. في الدقيقة الأولى، بقي حلاوي ينتفض وهو متأرجح، فتقدم منه الجلاد وتعمشق به من قدمه وشد، فسمعت طقة رقبته، فظن الجلاد أنه توفي، لكن سرعان ما عادت قدما حلاوي إلى التحرك ورفعهما قليلاً. عندئذ عاد الجلاد وشده من قدميه بمزيد من القوة. وسكن حلاوي لحظة، ثم عاد إلى التحرك وسط ذهول الحاضرين، فكرر الجلاد شده ثلاث دقائق حتى أسلم الروح..."([24])
فأي قسوة أكثر من ذلك؟ وأين هو قانون الإنسانية والعدل؟
"العين بالعين.. والبشرية تصبح بأسرها عمياء"
غاندي
القسم الثاني: نحو إلغاء العقوبة
الفصل الأول: «الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان»
إن النظام الديمقراطي السائد في لبنان وحرية الرأي والتعبير والوعي الثقافي كانت لها أكبر الأثر على صعيد المثقفين اللبنانيين وعلى صعيد مؤسسات المجتمع المدني في التصدي لعقوبة الإعدام بجميع الطرق اللاعنفية المتاحة.
فمع إعادة العمل بقانون "القاتل يقتل" عام 1994 ومع إعادة تنفيذ هذه العقوبة بكثافة بين 1994 و1998 (14 إعداماً)، انتفض العديد من الأحرار والمناضلين الذين اعتبروا الحياة قيمة مقدسة لا تعادلها قيمة أخرى وبأنهم لا يسكتون عن جريمة تُرتكب أمامهم وباسمهم... فقامت حملات استنكار قبل وعقب تنفيذ كل حكم من أحكام الإعدام. إلى أن انطلقت مبادرة "الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان" التي أتت فكرتها من الدكتورة أوغاريت يونان والدكتور وليد صليبي سنة 1997. وهما من روّاد اللاعنف وحقوق الإنسان في لبنان والمنطقة ومن أبرز المناضلين بوجه الطائفية والعنف، حيث أسّسا معاً أكثر من حملة وجمعية مدنية منذ أكثر من 20 سنة بينها "حركة حقوق الناس" و"الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية" ومشروع "بيوت اللاعنف واللاطائفية والديمقراطية".
وقد صدر للدكتور صلَيبي مؤلّفان هامّان في موضوع الإعدام هما: "عقوبة الإعدام تقتل" 1997، "عقوبة الإعدام في التداول العام" 2002.
هنا أجد من الأهمية بمكان أن أتحدث باختصار عن الكتاب الأخير لأهميته في توعية المواطن وإقناعه بنبذ عقوبة الإعدام وإبدالها بما يؤنْسِن العقوبة. إذ إن إلغاء عقوبة الإعدام من النصوص القانوية لا يكفي، كما لا يكفي أن يكون المثقف الناشط مقتنعاً بذلك وحده بل يجب أن يقتنع كل مواطن بذلك. لذا كان هذا الكتاب الذي فنّد كل سبب يدعو للإعدام عبر 20 سؤالاً وجواباً مبسطاً وعميقاً في آن جُمعت ممّا يتداوله الناس بكل فئاتهم عن الإعدام. أنتقي منه الأفكار التالية:
1. عقوبة الإعدام ليست رادعة للجريمة. فقد أثبتت أبحاث عالمية موثوقة أُجريت على عشرات البلدان أنه عندما تكون عقوبة الإعدام منخفضة يتبعها انخفاض في نسبة الجريمة، وأن للإعدام مفعولاً عكسياً إذ يزيد الجريمة ولا يردعها.
2. عقوبة الإعدام غير ضرورية لحفظ الأمن والاستقرار، فالجرائم بحسب تلك الإحصاءات تزداد بعد الحروب مثلاً والاضطرابات الأمنية، وبالتالي جريمة الإعدام هي التي تهدد الأمن.
3. الإعدام ليس عبرة أو أمثولة. فحتى اللجنة التي وضعت قانون العقوبات اللبناني أشارت إلى أن طريقة التنفيذ في الساحات العامة بقصد الرهبة والعبرة تعطي نتائج عكسية. وليس من المنطق أن ننفذ جريمة لنمنع جريمة افتراضية.
4. عندما ننبذ الإعدام لا نكون طرفاً مع القاتل بل ندافع أيضاً عن الضحية الأولى. ولكن مع الإعدام تصبح لدينا ضحيتان. فالإعدام كما قال أحدهم "من الأعمال الأكثر جبناً. إذ أن دولة بأمّها وأبيها وبكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وأدواتها الأمنية والعسكرية تجتمع لتسوق فرداً أعزل نحو المسلخ."
5. "وماذا إذا لا سمح الله قُتِل أحد أقاربك؟" رأينا في الإعدام يبقى هو هو.
6. "من الممكن الإبقاء على حياة مجرم قتل ببرودة أعصاب وعن سابق تصور وتصميم؟" إذا طبقنا عليه عقوبة الإعدام نكون قد نزلنا إلى دركه، وإعدامنا له هو بامتياز وبصورة نموذجية قتل عن سابق تصميم وتصوّر وبرودة أعصاب.
7. حتى في حالة مرتكب الجرم الذي نصفه بـِ "الوحشي" حين يقتل طفلاً، فإن الإعدام ليس الحل؛ لأن فعله يدل على مرض، والمرض يجب أن يُعالج.
8. الإعدام لا يوقف الثأر لأن الثأر جريمة. والإعدام هو ثأر تتولاّه الدولة عن الفرد.
9. حتى لو اعتبر بلدنا متخلفاً وبأنه لا يتقبّل إلغاء الإعدام، فهذا لا يجيز تنفيذ الإعدام لأن تنفيذه لن يجعلنا في مصاف الدول المتحضّرة.
10. إذا ألغينا الإعدام فهذا لا يعني أننا نقلّد الغرب فقط، فالدول الـ 112 التي ألغته ليست كلها غربية بالطبع.
11. أما مقولة إن الدول التي ألغت الإعدام عادت إليه أو تسعى إلى ذلك، فهذا لا ينطبق إلاّ على القليل جداً منها (مثلاً الفيليبين. أما غامبيا وغينيا، فبالرغم من العودة إليه في النصوص فهي لم تنفذ أي حكم إعدام).
12. حتى الخائن لوطنه لا يجوز إعدامه. فكم من شخص حُكم بالإعدام في حقبة وتمّ تقليده الأوسمة في حقبة سياسية أخرى. فالأمور نسبية. وعقوبة الإعدام مسيّسة بامتياز، وهي قامت خاصةً لإلغاء الأخصام السياسيين.
13. إن صحت نظرية أن بعض الناس هم عنيفون بطبعهم بيولوجياً، فهذا يعني أنهم يحتاجون العلاج لا القتل. وأساساً، ما من إنسان عنيف بطبعه، بل التربية والمجتمع يصنعان منه شخصاً عنيفاً.
14. عندما ندافع عن القاتل بوصفه مريضاً أو ضحية لظروفٍ ما، فهذا ليس تبريراً للجريمة؛ لأن القاتل مسؤول بنظرنا، ولكن المجتمع والبيئة مسؤولان أيضاً وبالدرجة الأولى. وبالتالي لا يجوز فرض عقوبة مطلقة كالإعدام على مسؤولية نسبية يتحملّها مرتكب الجرم.
15. حتى المجرم الذي كرر جريمته لا يُعتبر فاقداً إنسانيته بالكامل، بل من الممكن علاجه إذا ما فُهمت ظروف انحرافه. وهذا رأي علماء النفس والجريمة، وهذا ما أثبتته تجارب على مجرمين في بعض الدول.
16. حتى الشريعة الإسلامية، فهي، وإن سمحت بالإعدام، لا تعتبره الحل الأمثل. فالمجرم إذا تاب تسقط عنه العقوبة. والقرآن الكريم تحدّث عن أمرين: إما أن نبقى ضعفاء فنردّ على القتل بالقتل، وإما أن نعفو ونغفر ولنا في هذه الحالة الأجر الأكبر في الحياة والآخرة.
17. والكنيسة، وإن كانت في بعض المراحل قد "غطّت" الإعدام، إلاّ أن الدين المسيحي واضح بعدم جواز القتل: أهم الوصايا العشر "لا تقتل". وجوهر الرسالة المسيحية: المحبة.
18. الخلل في نظام السجون ليس مبرراً للإعدام، كأن نقول مثلاً: لأنه ليست لدينا سجون مؤهلة وصالحة لإعادة تأهيل القاتل فالإعدام ربّما أفضل ! هذا تهرّب من المسؤولية.
19. أما مقولة "رغم كل شيء أنا مصرّ على الإعدام"، فهي تصريح علنيّ بالَقتل أو بالتواطؤ معه بكل إصرار!
20. أما مقولة إلغاء الإعدام بشكل تدريجي وغير متسرّع، فمن الضروري أن تُرفق باتخاذ موقف واضح ضدّ الإعدام والبدء بتطبيق خطوات عملية ثابتة كتجميد التنفيذ ريثما يصدر قانون الإلغاء.
أما على الصعيد الجماعي وهيئات المجتمع المدني، ففي عام 1997 كانت انطلاقة "الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان" كما ذكرنا، التي قامت بعشرات الخطوات والإنجازات، وضمّت العديد من الجمعيات والمؤسسات المعنية بموضوع حقوق الإنسان والأحزاب والنقابات والمنظمات الشبابية... فيما يلي بعض ما قامت به "الحملة":
- عشرات لقاءات التوعية مع الشباب والأطفال والجمعيات في العديد من المناطق وفي المدارس والجامعات ومع المجموعات المتدينة الإسلامية والمسيحية... والتوعية مستمرة.
- توعية داخل المدارس للأطفال في مبادرة أولى من نوعها اختُتمت بتنظيم مؤتمر صحفي لـِ 400 طفل (9-14 سنة) رافضين عقوبة الإعدام، وذلك في نقابة الصحافة في بيروت (31/5/2001)، حيث كانوا هم أصحاب الكلمة مع رسائل إلى الرؤساء وأصحاب القرار كما إلى الأطفال والشباب في كل لبنان.
- توعية في الشارع وحوارات مباشرة وعروض مسرحية ضد الإعدام مع الفرقة العالمية "للمسرح الحي" وطلاب الجامعة اللبنانية، في ساحة التل - طرابلس وعلى رصيف كورنيش المنارة - بيروت.
- أربعة اعتصامات وتحرّكات ميدانية رائدة ولافتة حّركت الرأي العام، بينها: اعتصام الحداد (19/5/1998) باللباس الأسود عند الرابعة فجراً قرب مشنقة إعدام شابين في ساحة عامة في طبرجا، والذي شكّل الانطلاقة الميدانية القوية للحملة. اعتصام "وخز الضمير" أثناء اجتماع أول مجلس وزراء عام 2001 إذ جرى تمثيل مشهد الإعدام أمام المارة تحت شعار "جريمتان لا تصنعان عدالة" وحيث حضر وزير العدل وتسلم ثلاثة ملفات موجهة اليه وإلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة (3/1/2001). "مسيرة الأمل" وهي مسيرة صامتة شاركت فيها مجموعة من الأحزاب والجمعيات والهيئات الدينية انطلقت في 8/2/2001 باللباس الأسود تتقدمها "المشانق والجلادون".. الاعتصام الموسيقي في 25 /7/2001 أثناء انعقاد جلسة عامة لمجلس النواب إذ عزفت فرقة "الموسيقى الفصحى العربية" نشيداً مناهضاً للإعدام احتفاء بتصويت النواب في الوقت نفسه على إلغاء قانون "القاتل يُقتل". واعتصام ليلي مفتوح أمام وقرب سجن رومية احتجاجاً على الإعدامات الثلاثة الأخيرة (19/1/2004).
- حملات إعلامية مكثفة زوّدت الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية بالمعطيات، فقد تمّ إعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية عن مسألة الإعدام ونشرت مقالات متنوعة في الصحف والمجلات.. وأيضاً حملة إعلانية محترفة في التلفزيونات ضد الإعدام.كما أقيمت ندوة متخصصة للإعلاميين لتوعيتهم على الآليات الأفضل لمواكبة هذه القضية (8/6/2001).
- لم تنسَ الحملة أهالي الضحايا وهم أساس الموضوع، فعقدت لقاءات عدة معهم بهدف مواساتهم ولدعوتهم إلى تثبيت مفهوم حقوق الضحية ومحاولة الغفران لا الثأر، وأيضاً لحثهم على رفض الإعدام الذي لا يقدّم لهم سوى "جثة إضافية". وقد أعلنت ابنة أحد ضحايا الجريمة في مؤتمر صحفي نظمّته الحملة أنها ضد الإعدام وأنها وأمها وجدتها كنّ ضد أن يعدم قاتل والدها إلاّ أنه أُعدم وأطفاله باتوا مثلها أيتاماً. وبالمقابل، قامت بنشاط تجاه أهالي المحكومين بالإعدام دعماً لحقهم في الحياة وفي محاكمة عادلة وأيضاً لحثّهم على تحمّل المسؤولية وليس فقط رفض العقوبة.
- على الصعيد القانوني، توجّهت الحملة إلى القضاة المؤيدين لإلغاء القانون 302/94: اثنان منهم رفضا لاحقاً تطبيق هذا القانون وأعلنا ذلك في الصحف في خطوة جريئة وغير مسبوقة. كما وزعت دراسات قانونية على النواب بالإضافة إلى لقاءات تشاورية مع نقابة المحامين، حيث انضمت لجنة حقوق الإنسان والحريات في نقابة بيروت وفي نقابة طرابلس إلى الحملة لإلغاء هذا القانون.
- وكرّست الحملة جهداً خاصاً لتكوين ضغط مدني دائم على السياسيين من وزراء ورؤساء ونواب وخصوصاً اللجنة النيابية لحقوق الإنسان ولجنة الإدارة والعدل، والتشاور المتواصل واللقاءات مع رئيس هيئة تحديث القوانين في المجلس النيابي وأيضاً وزير العدل.. وقد أجري استطلاع رأي أول من نوعه في لبنان مع أعضاء المجلس النيابي الـ 128 عام 2001 وكانت النتيجة: 74% مع إلغاء فوري أو تدريجي لعقوبة الإعدام.
- بالإضافة إلى لقاء ممثّلي الاتحاد الأوروبي المتفاعلين مع القضية وتسليمهم ملفاً عن الإعدام في لبنان وعن الحملة.
- على صعيد القوى المدنية، نجحت الحملة بتكتيل أول قوة مدنية مناهضة للإعدام في تاريخ لبنان التي تخطّت اليوم الـ 62 هيئة وحزباً من كل لبنان.
- كما أطلق مثقفون وحقوقيون وأحزاب وشخصيات موقفاً علنياً رافضاً للإعدام (بين الأحزاب: الحزب التقدمي الاشتراكي، الحزب الشيوعي، حزب الوطنيين الأحرار، حزب الحركة اللبنانية...).
- أيضاً شاركت الحملة في المؤتمر العالمي الأول ضد الإعدام في ستراسبورغ فرنسا في حزيران 2001. وانضمت إلى "التحالف الدولي المناهض للإعدام" عام 2002 وشاركت في المؤتمر العالمي الثاني الذي نظم عام 2004 في مونتريال – كندا والمؤتمر الثالث الذي عُقد في باريس 2007. أيضاً دأبت على التفاعل مع منظمة العفو الدولية منذ العام 1998 التي استفادت جداً من الحملة وتضامنت معها.
في رأينا، هذه الخطوات المثيرة للاهتمام والإعجاب يجب أن تبقى مستمرة بالوتيرة نفسها والحماسة نفسها، لأنها لا بدّ من أن تثمر في النهاية. وبالفعل، بدأت ملامح نجاح الحملة بالظهور ولن يمرّ وقت طويل حتى يصبح الإعدام في لبنان في خبر كان.
أبرز المنجزات المحققة في لبنان في السنوات الأخيرة نستعرضها في الفصل الثاني من هذا القسم.
« فيما قد يُستخدم كل من العنف واللاعنف في مواجهة طغيان الآخرين، وحده اللاعنف يستطيع مواجهة طغيان الذات.» ([25])
الفصل الثاني: المنجزات المحقّقة
أفضت "الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان" إلى تحقيق عدد من الإنجازات الهامّة. والأهمّ، التغيير الملموس في الرأي العام اللبناني لناحية البحث عن بدائل أكثر إنسانية للعقوبة. لن يتبدّل المتشبّثون بالإعدام هكذا فوراً وبشكل كلّي، لكن البداية تكون باقتناعهم بضرورة تثبيت أنواع أخرى من العقوبة وبأن الإعدام لم ولن يجدي نفعاً لأحد.
نستعيد هنا أبرز المنجزات العملية، بالتدرج الزمني:
امتناع دولة الرئيس سليم الحص عن توقيع مرسوم الإعدام
بالرغم من صدور أحكام بالإعدام فإن تنفيذها لا يتمّ إلاّ بمرسوم موقع من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. وفي عام 2000 وفي معرض تنفيذ حكم بالإعدام بحق شخصين، كانت المفاجأة عبر الخطوة الجريئة التي اتخذها الرئيس سليم الحص بامتناعه عن التوقيع على مرسوم الإعدام.
وظل الرئيس الحص ثابتاً في موقفه بالرغم من جميع الضغوطات، من احتجاجات عامة إلى خلافات سياسية إلى انتقادات في الصحف... وبالفعل، لم يُنفذ حكم الإعدام وما زال المحكومان حتى الآن حييّن مسجونين بالطبع.
ويقول الرئيس الحص في ذلك: " كنت دوماً ولا أزال من معارضي عقوبة الإعدام، وذلك لجملة اعتبارات منها أن الله هو الذي يهب الحياة ولا يجوز لأحد من بني البشر أن ينتزعها، فالله وحده يستردها... لقد شغلت موقع رئاسة الحكومة في لبنان خمس مرات، على فترات متقطعة امتدت في مجموعها نحو تسع سنوات، لم أوقّع خلالها مرسوماً بإعدام أحد. طرح أمامي للتوقيع مرسوم بإعدام محكومين اثنين في عهد آخر حكومة ترأستها وتحديداً في عام 2000، فرفضت التوقيع فلم ينفذ حكماً بالإعدام. تعرّضت في حينه إلى حملة سياسية محورها أن الإحجام عن توقيع مرسوم بالإعدام هو عملياً بمثابة العفو الخاص عن المحكوم. وهذا من اختصاص رئيس الجمهورية وليس من صلاحيات رئيس الوزراء، فأنا في ذلك إنما تعدّيت على صلاحيات رئيس البلاد. فكان ردّي على هذه المقولة التي لا تخلو من السذاجة، لا شيء يحملني على توقيع قرار أنا لست مقتنعاً بمضمونه وإلاّ فلا معنى للتوقيع."([26])
في رأينا مثل هذا الكلام عار من الصحة؛ لأن العفو الخاص الصادر عن رئيس الجمهورية له مفعول مطلق ودائم لا يمكن إلغاؤه من قبل رئيس جمهورية آخر، أما امتناع رئيس الوزراء عن التوقيع فلا يعطي ضمانة للمحكوم؛ لأن التوقيع لاحقاً في حال تغيير الحكومة وقيام رئيس آخر بالتوقيع ممكن دوماً.
وقد بات الرئيس الحص مشاركاً فاعلاً في "الحملة" خاصةً بعد أن خرج من السلطة نهائياً كما يقول.
إلغاء القانون 302/94
سبق أن أشرنا إلى هذا القانون الذي ساوى بين كل أشكال القتل واعتبر أن كل قاتل يقتل سواء قتل في حالة عصبية دون وعي او قتل بناء على تفكير مسبق (عمداً). وفي مضمون القانون 1994:
"المادة 1: خلافاً لأحكام المادة 198 من قانون العقوبات، يقضي بعقوبة الإعدام إذا حصل القتل بدافع سياسي أو كان له طابع سياسي.
المادة 2: تعلّق مؤقتاً أحكام المادتين 547 و 548 من قانون العقوبات وتنزل عقوبة الإعدام بمن يقتل إنساناً قصداً.
المادة 3: لا يجوز منح فاعل الجريمة المنصوص عليها في المادتين السابقتين وفي المادة 549 من قانون العقوبات الأسباب المخففة."
طبعاً، لا حاجة إلى التعبير كم هو جائر هذا القانون. أساساً، قانون العقوبات اللبناني كان بحدّ ذاته في منتهى القسوة في موضوع الإعدام كما ذكرنا في القسم الأول، وبدلاً من أن نلغي الإعدام ونلطف من قساوته، إذا بنا نصدر قانوناً يزيده شراسة، ويفرض على القاضي التحول إلى آلة تنفيذية حيث لم يعد له دور في تقدير أسباب الجريمة ودوافعها وتحليل نفسية الجاني والظروف المحيطة به. لقد تم اختصار كل هذا بعبارة "القاتل يقتل".
ومع الحملات المتتالية والاعتصامات والحوارات، حصل إلغاء القانون 302/94 وذلك عام 2001 مما أعاد العمل بالمواد 198 و547 و548 من قانون العقوبات. أي أعاد الحرية الكاملة للقضاء في منح الظروف التخفيفية. وقد أعطى هذا الإنجاز (إلغاء قانون 302/94) دعماً كبيراً "للحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان"، إذ إنه كان أول إنجاز ملموس لنضالها، وكان تأكيداً على بدء التغيير في الرأي العام السياسي والشعبي وعلى اقتراب موعد تجميد ومن ثم إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان.
تجميد أحكام الإعدام
لم يحدث أي إعدام في لبنان منذ 1998 وحتى 2004 حين تم إعدام ثلاثة أشخاص (19/1/2004). ومن سنة 2004 حتى الآن لم يحدث أي إعدام. عام 2002 أعلن وزير العدل في مؤتمر صحفي عن تجميد التنفيذ رسمياً والنيّة إلى تثبيت ذلك. كما أيّد العديد من النواب هذه الخطوة. إلاّ أن الأمر لم يتثبّت رمياً للأسف.
والتجميد له العديد من الدلالات، لا سيما لجهة النيّة بالاقتراب الفعلي أو السير نحو الإلغاء التام للعقوبة. فمعظم الدول التي ألغت عقوبة الإعدام مرّت بمرحلتين إجمالاً: مرحلة التجميد ومرحلة الإلغاء. ففرنسا حدث فيها آخر إعدام (1977) والإلغاء (1981)، هنغاريا: آخر إعدام (1988) والإلغاء (1990)، وكذلك ناميبيا... وهناك دول جمدت الإعدام لفترة طويلة قبل أن تلغيه: أوستراليا جمدت عام 1967 وألغت عام 1985، والدانمارك جمدت عام 1950 وألغت عام 1978...([27])
وفي كل الأحوال هذا التجميد الحاصل كأمر واقع في لبنان (moratorium de facto) يعطي أملاً بإمكانية اتخاذ مجلس النواب قراره التاريخي بإصدار القانون الذي سيؤدي إلى التجميد تمهيداً للإلغاء إلغاءً تاماً.. فنزيل عاراً لحق بديمقراطية لبنان وعدالته ونثبته في مصاف الدول الراقية إنسانياً. وهذا من المهام الأساسية الواقعة على عاتق "الحملة الوطنية" بالطبع تحصيناً لمسيرتها ولإنجازاتها.
مشاريع قوانين لإلغاء الإعدام موقّعة من نواب في البرلمان
نتيجة الضغوط المتواصلة من قبل "الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان"، وأيضاً بعض الضغط الرسمي من هيئات دولية وفي طليعتها الاتحاد الأوروبي، تقدم سبعة نواب لبنانيين في 30/6/2004 بمشروع قانون يرمي إلى إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة غير القابلة أو الخاضعة لأي تخفيض أو سبب تخفيفي. والنواب هم: نائلة معوض، ونبيل دو فريج، ومروان فارس، وصلاح حنين، ومصباح الأحدب، وباسم السبع، وهنري الحلو. وهم من كتل نيابية وسياسية مختلفة، وقد أعلنوا أن "الحملة" الممثّلة لشرائح واسعة من المجتمع اللبناني في كل المناطق هي التي حرّكت مسيرة الإلغاء وأنهم تأثروا بها.
حذف هذا القانون عقوبة الإعدام الواردة مع تعداد العقوبات في المادة 37 من قانون العقوبات اللبناني، ونص على استبدال عقوبة الإعدام أينما وردت بـِ الأشغال الشاقة المؤبدة غير القابلة أو الخاضعة لأي تخفيض أو سبب تخفيفي. ومما جاء في الأسباب الموجبة: "إن تطبيق عقوبة الإعدام خلال قرون عديدة لم يمنع وقوع الجرائم المستنكرة أو يخفف من حدوثها... كما يعلّمنا التاريخ أن أكثر الدول تمسكاً بعقوبة الإعدام هي الدول التي تحكمها أنظمة شمولية وديكتاتورية. والجميع يعرف ويعترف بأن ملفات المحاكم مليئة بالحالات التي تثبت عدم عصمة القضاء.. كما شدد المشرع اللبناني، بعد انتهاء الأعمال الحربية في مطلع التسعينات، العقوبات وإنزال عقوبة الإعدام بمن يقتل إنساناً قصداً (القانون رقم 302 تاريخ 21/3/1994) ومنع على القاضي الأخذ بالأسباب التخفيفية، ورغم ذلك لم تتدنَّ نسبة القتل فعاد المشرع وألغى القانون 302/94. وقد نشطت في السنوات الأخيرة هيئات عديدة في المجتمع المدني اللبناني مطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام..."
اقتراح النواب ما يزال في أدراج المجلس النيابي دون أي متابعة.
وكان التطور الأبرز في هذا المجال عام 2006، حيث أعدت "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية" مشروع قانون شامل ومتكامل لإلغاء عقوبة الإعدام نتج عن دراسة معمّقة للقانون اللبناني مع مقارنة واستنارة بقانون فرنسا وكندا، نظمّت حوله ندوة بمشاركة خبراء عالميين، وتداولت بخصوصه مع هيئة التنسيق في "الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان" التي تبنته، ومن ثم وقّع عليه عشرة نواب، وكان من المقرر تقديمه إلى المجلس النيابي في خريف 2006 مع بدء الدورة العادية بالإضافة إلى عرضه على الحكومة اللبنانية ووزارة العدل لإقناعهما به (الموعد كان في تموز/ يوليو 2006 لكن اندلاع الحرب أدّى إلى تأجيله وما زلنا بانتظار استقرار الوضع السياسي في لبنان لإقراره).
الخاتمة
إنه نضال شاق وطويل في سبيل حرية الإنسان وكرامته. تمّ تحقيق الكثير، لكن ينتظرنا الكثير أيضاً. مهما كان، لا بدّ لنا من محو وصمة القتل والموت من عدالتنا التي لحقت بنا من عهد الاستقلال حتى اليوم.
هم 52 شخصاً (تقريباً)، بينهم المريض وبينهم المغلوب على أمره، وقد يكون بينهم أبرياء... هم ضحايا إذن. قتلهم إجرام القانون وإجرام العدالة. قُتلوا بأعصاب باردة وعمداً وبسبق التصور والتصميم.
تجميد العقوبة وعدم تنفيذها ضروريان، ولكن غير كافيين. واقتراح قانون بديل لإقراره في مجلس النواب لا يعني أن نستريح أو أن نستكين. ما يرضينا صدور القانون وتطبيقه.
وأكثر من ذلك، إذا ألغيت عقوبة الإعدام من النصوص ومن التطبيق، ينبغي أن نلغيها أساساً من أذهان الناس. كما أن تحقيق العدالة التي تحترم حقوق الإنسان وكرامته طريق طويل علينا سلوكها في لبنان. فنحن ما يزال لدينا العمل على: منع التعذيب والضرب وسائر المعاملات المهينة لكرامة النفس البشرية تحت أي ظرف ولأي سبب، وإصلاح نظام السجون التي هي في لبنان مأساة بحدّ ذاتها مع أولوية إلحاق إدارة السجون بوزارة العدل بدلاً من وزارة الداخلية كما هي الحال اليوم، والتطبيق الكامل والحرفي لقانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر في آب 2001 وخصوصاً لجهة ضمانات المدعى عليهم والمهل، وتقليص صلاحيات المحاكم العسكرية في لبنان (حيث لها صلاحيات واسعة جداً وهي تصدر أحكامها من غير تعليل)...
هذه الخطوات يجب أن تترجم عبر تحركات واحتجاجات، كي نصل في القريب العاجل إلى اللحاق بمصاف الدول المتطورة على صعيد حقوق الإنسان.
ليس التطور بالتكنولوجيا، ليس التطور بانعدام القيم، بل التطور الحامل قيمة الإنسان والداعي دوماً إلى تكريس هذه القيمة في القانون والممارسة معاً.
([1]) قانون العقوبات اللبناني
([2]) د. وليد صلَيبي، نعم للمقاومة لا للعنف، "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية"، 2005، ص 10
([3]) قانون العقوبات اللبناني المادة 200 و 201
([4]) قانون العقوبات اللبناني المادة 257
([5]) قانون العقوبات اللبناني المادة 548
([6]) قانون العقوبات اللبناني المادة 549
([7]) محكمة التمييز في لبنان قرار 106 تاريخ 24 /2/1966 موسوعة الاجتهادات الجزائية للدكتور سمير عالية ص 106 بند 1913.
([8]) د.علي عبد القادر القهوجي – قانون العقوبات – القسم الخاص – منشورات الحلبي بيروت – ص 264.
([9]) وليد صليبي – عقوبة الإعدام في التداول العام – حركة حقوق الناس – ص23.
([10]) قانون العقوبات اللبناني المواد 273 و 274 و 276.
([11]) قانون العقوبات اللبناني المادة 336.
([12]) قانون القضاء العسكري مادة 112.
([13]) قانون القضاء العسكري مادة 120.
([14]) قانون القضاء العسكري مادة 121.
([15]) قانون القضاء العسكري المادتان 123 و 124.
([16]) قانون القضاء العسكري المواد من 125 وحتى 168.
([17]) قانون القضاء العسكري مادة 168 و 171.
([18]) قانون أصول المحاكمات الجزائية مادة 421.
([19]) قانون أصول المحاكمات الجزائية مادة 422.
([20]) قانون أصول المحاكمات الجزائية مادة 423.
([21]) قانون أصول المحاكمات الجزائية مادة 424.
([22]) حافظ إبراهيم.
([23]) د. أوغاريت يونان، بحث إحصائي وسوسيولوجي عن الإعدامات في لبنان منذ الاستقلال 1943- 2004، بيروت.
المحامي جوزف حداد، "خارطة طريق نحو نظام عقابي أكثر إنسانية في لبنان"، بحث في إطار "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية"، 2005.
([24]) صحيفة النهار 27/6/1971
([25]) وليد صلَيبي من كتابه "نعم للمقاومة لا للعنف"، 2005
([26]) كلمة دولة الرئيس الدكتور سليم الحص التي ألقاها في 24/2/2006 في ورشة العمل المتخصصة " نحو إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان" التي عقدتها في بيروت "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية" لإطلاق البحث الحقوقي والاقتراح البديل عن الإعدام..
([27]) د. وليد صلَيبي، عقوبة الإعدام في التداول العام، "حركة حقوق الناس"، 2001، ص 52 و 53
أ. عصام سباط
#عصام_سباط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|