|
مستعمرت الفساد
بقلم : كامل حسن الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 4631 - 2014 / 11 / 12 - 11:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مستعمرات الفساد كامل حسن الدليمي شكل الحكومة في الأنظمة الديمقراطية لا يحتاج لإيضاح " مؤسسات قائمة، ونظام مستتب، ودستور انتقيت مواده من قبل فقهاء ، وقوانين وضعها مختصون ،فصل تام وحقيقي للسلطات، عقوبات صارمة لكل المتجاوزين ..." ولاشك في مصداقية النوايا لمن سن السنن وشرع القوانين لو كان ذلك الشخص مواطنا يتمتع بالروح الوطنية ، يقدم مصالح الوطن على مصالح ذاتية ضيقة تحقق مكسبا لحزبه أو طائفته على حساب بقية الشركاء في الوطن . ومتى شاع الفساد وتفشت الرشا في مجتمع ما فان الأمر يستدعي المراجعة والتصحيح والكشف عن حلقات الوهن ونقاط الخلل، بدءً من فقرات الدستور وانتهاءً بآليات تطبيقها التي يجب ان تكون عادلة يشعر من خلالها الجميع بالعدل والمساواة . ونظامنا هنا في العراق أسس من خلال الدستور لمستعمرات من الفساد والانحطاط والتردي وخلق مشاكل يعد الخلاص منها أمرا في غاية الصعوبة ومن بين ابرز مستعمرات الفساد التي شرعت رسميا " مجالس المحافظات " تلك الحلقة الملحقة بالنظام العام دون أن يكون لها دور ولا أهمية ولا فاعليه على كل المستويات ،بل هي حجر عثرة في طريق التقدم والبناء وتنفيذ الخطط المركزية أو المحلية ،فخمسة مستشارين علميين وطنين ومحافظ لكل مدينة يتمتع بقيم الشرف والنزاهة كإبن ميسان هي الضامن لنجاح أي مشروع يصب في خدمة المواطن بلا مماحكات سياسية ولا اعتراضات ولا مساومات ولا "شيلني وأشيلك" مجالس قامت على أساس المحاصصة الحزبية أو العشائرية أو الطائفية هي عبارة عن معطلات لحركة التنمية في المدن وبؤر للفساد ونهب المال العام وبطريقة مفضوحة ومسندة دستوريا إلا ما رحم ربي، ولم تثبت إلى اليوم أنها فاعلة متفاعلة مع الحكومة والقواعد الجماهيرية التي لم تكن صاحبة الدور الأكبر في غرسها كوباء في جسد الحكومة فأعضاء مجالس المحافظات ليس جميعهم يمثلون الشعب واجزم على أن الكثير منهم لا يعرف "كوعه من بوعه" وجد نفسه في هذه المكانة المرموقة " مال وحاشية وجاه وسفريات إلى خارج البلاد من أموالنا وقيان وجواري وخمور مستوردة ..." كل هذه المميزات لأنه منتميا لحزب ما تاجر كثيرا بالمال العراقي وبالدم العراقي فيما بعد من خلال توظيف الأموال المنهوبة توظيفا إرهابيا يمكنه من تصفية الخصوم والمناوئين ويخلي الساعة من أي معارض ، نعم هكذا عملت معظم الأحزاب والتي لا يهمها من الأمر سوى تثبيت أقدامها سلطويا والحصول على رأس المال الذي يجعل من أعضائها أباطرة جدد . وهنا يصبح التفكير بإلغائها ضرورة حتمية لما صنعت من معاضل في طريق الرقي بالمجتمع فكريا واجتماعيا واقتصاديا ( نشرت الفكر التجهيلي القصدي ، سلبت معالم الدولة المدنية وشوهت صورتها ، أسست لإمبراطوريات ماليه تمكن أشخاص عاطلين معطلين من تولي مناصب وظيفية ليسوا أهلا لها ،أثقلت ميزانية الدولة بالتخصيصات غير المبررة ... ) وعلى هذا فإنها تحولت إلى مراكز لتصدير الفساد وألغت دور الحكومة المركزية في معظم الأحيان وتمادت كثيرا في الطلبات التي تصب في خدمة توجهاتها ولا تقدم للمواطن شيئا يذكر . ثم هناك أمر آخر من قال أن النظام الانتخابي بالضرورة يجلب الشخص المناسب أما كان من الأجدى النظر للقواعد الشعبية ومدى وعيها وثقافتها الديمقراطية كيف يمكن أن نبدأ من القمة وإذا كانت نقطة البداية قمة الهرم أليس هو الانحدار بعينه " شعب عاش عقود على أنظمة سياسية شمولية ، يحسن التصفيق والمراوغة وتبجيل المسؤول ، محروم من حرية التعبير عن الرأي ، مقموع في نفسه ، مشرذم الى كانتونات مختلفة ووو" ويقفز بشكل مفاجيء الى تطبيق ديمقراطي كنظام عالمي لم يحصل مطلقا ان اطلع على مفرداته وكيفية التعامل معه ، من دكتاتوية مفرطة الى ديمقراطية مترهلة مشوهه مستنسخة استنساخا ضبابيا لا يمكن ان يكون النجاح حليف مثل هذه التجارب وان الضمانة الأكيدة هي التدرج العلمي المحسوب على أسس الفقه الاجتماعي والوعي الجمعي والارتقاء هونا هونا ، وصولا إلى المثالي عندها يمكن القول أن هذا المجتمع يسير نحو مستقبل واعد للمواطن دور فيه لصناعة القرار . لقد سلب بناء المستعمرات نور وجه الدولة وعطل المشاريع التنموية الفعالة ، تأتي التخصيصات المالية ولا أحد يعلم الى اين تذهب لامشاريع اعمارية ولامواطن مرفه ولاهم يحزنون " عمرات الى ييت الله الحرام ، وسفرات ترفيفية للمسؤول وحاشيته ، ومقاولات وعقود من تحت الاغطية السميكة ،ووجبات طعام بملايين الدنانير كل يوم ، وخطوط طوارئ للكهرباء وكارتات عدد من النقالات للسيد واسرته ، وأجور خرافية للمطبلين والمزمرين من إعلاميي الصدفة وصور مفبركة مرة المسؤول في الشارع يمسك بمجرفة ومرة يلبس بدلة المرقط ويمسك بندقية أليه كلاشنكوف في باحة حديقته ومرة ... وكل ذلك ولا شيء ظاهر على الأرض ، كل تلك الأبواب هدر للمال العام وسرقة مشرعنة وساد في نهاية الأمر مفهوم جديد مفاده أن المخصص من الأموال هو عبارة عن وصولات تسلم للجهات الرقابية فقط لاأحد يسأل عن صحة هذه الفواتير في الوقت الذي نجد فيه الـ "دبل فاليوم يرتقي " حتى يكاد يناطح الغيم والطريق المؤدي للمسؤول يرصف ويبلط ، مرآب كبير يحيط بالبيت ولو كان هذا البيت في جزيرة "الواق واق" كل هذا إسراف وتبذير واستهزاء بمقدرات الإنسان ومستقبله الأمر الذي يقود الى أمنية المواطن بعودة الديكتاتورية على القبول بهذه الأوضاع المأساوية ، وعلينا ان نسلم لحقيقة ان الحلقات الحكومية كلما تعددت قاد ذلك لضعف او انعدام الخدمة المتحققة وتظهر لعبة "جر الحبل" بأمر مفروض . اللهم خلصنا من مستعمرات الفساد ومهندسيها وساكنيها ومتع اللهم العراقي بثروته المسلوبة انك مولانا فانصرنا على المبذرين والفاسدين وكل المطففين يارب العالمين .
#بقلم_:_كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|